الصفحة الرئيسيةالمحتوى

الحسابات الانتخابية في الولايات المتحدة الأميركية!

د. جيمس زغبي

ضربت الأخبار المتناقلة عن أن حملة ماكين الرئاسية قد انسحبت من ولاية ميتشيجان وأوقفت إعلاناتها التليفزيونية ونقلت طاقم موظفيها وألغت الفعاليات الدعائية من الولاية وهزت العالم السياسي داخل الولايات المتحدة بقوة خلال الأسبوع الماضي. وقد توصل المخططون الاستراتيجيون في حملة ماكين الرئاسية إلى نهاية مفادها أنهم لن يحققوا الفوز في هذه الولاية، لذا قرروا إعادة تركيز طاقاتهم ومواردهم في مكان آخر.

وعلى الرغم من الحقيقة القائلة بأن حملات الرئاسة الديمقراطية كانت قد فازت بأصوات الناخبين في ولاية ميتشيجان خلال الانتخابات الأربعة الماضية، اعتقد المسؤولون عن حملة ماكين الانتخابية بأن مرشحهم يمكن أن يتنافس هناك خلال انتخابات العام الحالي. ولكن مع حلول ميتشيجان ضمن أكثر الولايات تأثراً بفعل التراجع الاقتصادي، تظهر استطلاعات الرأي في الوقت الحالي تقدم المرشح الديمقراطي باراك أوباما بمقدار 7 نقاط في هذه الولاية.

وفي ظل بعد ولاية ميتشيجان من الناحية الجغرافية، تواجه حملة ماكين الانتخابية طريقاً صعباً بشكل متزايد أمامها، وإليكم أسباب هذا القول:

حتى وقتنا هذا، يمتلك العديد من القادة في شتى أنحاء العالم فهماً للطريقة الفريدة التي يختار بها الأميركيون رؤساءهم. وبالنسبة للأشخاص الذين لا يفهمون هذه الطريقة، فإن ما يلي ذلك هو مجرد صورة لهذه العملية. وانتخابات الرئاسة الأميركية ليست منافسة وطنية تحسم بـ "أغلبية محدودة". وبدلاً من ذلك، نحن نمتلك 51 حدثا انتخابيا منفصلا (واحدا في كل خمسين ولاية ومقاطعة كولومبيا). وكل ولاية مكلفة بعدد من "الناخبين" على أن يكون العدد الدقيق لهؤلاء الناخبين في كل ولاية مساوياً لعدد أعضاء الكونجرس (وهو العدد الذي يحدد وفقاً لتعداد سكان كل ولاية) وعدد أعضاء مجلس الشيوخ (عضوان لكل ولاية). وبهذا يكون العدد الإجمالي للناخبين هو 538، وهو ما يعادل (العدد الإجمالي لأعضاء الكونجرس وهو 435 عضوا) إضافة إلى 100 سيناتور (وهو العدد الإجمالي لأعضاء مجلس الشيوخ) إلى جانب ثلاثة مقاعد (تمنح إلى مقاطعة كولومبيا).

ولا يعني الفوز في التصويت الوطني الإجمالي، الفوز بانتخابات الرئاسة والوصول إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، كما اكتشف آل جور في عام 2000. ومن أجل الفوز بانتخابات الرئاسة، يتعين على المرشح الفوز بالانتخابات في عدد كافٍ من الولايات لتجميع 270 صوتا من أصوات الناخبين إجمالاً (وهو ما يعني أكثر من نصف العدد الإجمالي لكل الناخبين).

وبالنظر إلى جمهور الناخبين الأميركيين، كانت المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قريبة جداً. وفي عام 2000، على سبيل المثال، فاز الرئيس جورج دبليو بوش بعدد كافٍ من الولايات مكنه من جمع 271 صوتاً انتخابياً مقارنة بالأصوات التي حصل عليها آل جور والبالغ عددها 267 صوتاً. وفي عام 2004، تفوق بوش على جون كيري بعدد ضئيل من الأصوات الانتخابية؛ حيث حصل بوش على 283 صوتاً مقارنة بعدد 255 صوتا حصل عليهم كيري.

ومع وضع كل ما سبق ذكره في الخلفية، ركزت الاستراتيجيات الانتخابية للحملتين الانتخابيتين الكبيرتين على تأمين الانتصارات في الولايات "الآمنة" التابعة لأحزابهم، مع السعي للتعدي على الولايات التي حقق الحزب الآخر الفوز بها في الانتخابات الماضية، والتي تبدو في الوقت الحالي على أنها قابلة للتنافس.

وفي اختزال سياسي بسيط، يطلق على الولايات الجمهورية الآمنة (مثل تكساس وساوث كارولينا وإيداهو) اسم الولايات "الحمراء"؛ بينما يطلق على الولايات الديمقراطية الامنة مثل (كاليفورنيا وماساشوستس ونيويورك) اسم الولايات "الزرقاء".

ويمكن أن يتم تصنيف كافة الولايات الأميركية بهذه الطريقة. وبناء عليه، فإن الولايات التي تشهد منافسات ساخنة يطلق عليها اسم الولايات "الأرجوانية" أو "ساحة الحرب". وفي الانتخابات الأخيرة، كانت الولايات التي اعتبرت بمثابة ساحات حرب تقليدية هي ولايات ميتشيجان وويسكونسين وأوهايو وفلوريدا ونيوهامبشاير وبنسلفانيا. وفي الجولتين الماضيتين من انتخابات الرئاسة الأميركية، حقق الديمقراطيون الفوز في ولايات ميتشيجان وويسكونسين وبنسلفانيا، بينما حقق الجمهوريون الفوز في ولايتي اوهايو وفلوريداً.

لذا، عندما بدأ الجمهوريون في تحديد استراتيجيتهم للعام الحالي، خططوا للاحتفاظ بكل الولايات التي حقق الرئيس بوش الفوز بها في انتخابات عامي 2000 و2004 واقتناص إحدى الولايات الأخرى المصنفة ضمن ولايات "ساحة الحرب" من الديمقراطيين (وهي إما ميتشيجان أو بنسلفانيا).

ولكن استطلاعات الرأي التي جرت داخل كل هذه الولايات تشير في الوقت الحالي إلى المشاكل الموجودة في المعسكر الجمهوري. ولا يخسر ماكين في ميتشيجان بمقدار 7 نقاط فحسب، ولكنه يخسر بمعدل يزيد على 10 نقاط في ولايات بنسلفانيا وويسكونسين ونيوهامبشاير. والشيء الذي يثير موجة كبيرة من القلق بالنسبة للجمهوريين هو أن ماكين متراجع أيضاً بمعدل 5 نقاط في كل من ولايتي أوهايو وفلوريدا.

وما زاد الطين بلة بالنسبة لحملة ماكين الحقيقة القائلة بأن أوباما يبدو أيضاً مؤهلاً لتحقيق الفوز في بعض الولايات التقليدية "الحمراء" مثل ولاية فيرجينيا وكلورادو ونيو مكسيكو، حيث يتفوق الديمقراطيون بهوامش تتراوح ما بين أربع إلى سبع نقاط.

ويبدو أن هناك العديد من العوامل التي تلعب في صالح أوباما. ومن الواضح أن الأزمة الاقتصادية تعتبر قضية أساسية تؤثر على الناخبين، ولكن هناك عوامل أخرى تحكم العملية الانتخابية. وقد نجحت حملة ماكين في المجهود الواسع الذي بذلته من أجل تسجيل الناخبين، وهو الأمر الذي ساهم في زيادة أعداد الناخبين الأميركيين من ذوي الأصول اللاتينية والأفريقية إضافة إلى الناخبين الشبان بشكل مثير. وقد استخدام معسكر أوباما الأموال بحكمة، ليس فقط في تشبيع سوق الإعلام برسالة مرشحيهم، ولكن أيضاً من خلال توظيف مئات الآلاف من المتطوعين لتسجيل الناخبين والإعداد ليوم الانتخابات الموسع ومجهود "المشاركة في الانتخابات".

وقد خلق كل هذا وجوداً فعالاً لأوباما في الولايات التي كان يأمل الجمهوريون في تحقيق الفوز بها، والولايات التي كان الجمهوريون يحتاجون للفوز بها. لذا، عندما انسحبت حملة ماكين من ولاية ميتشيجان، كانت هذه هي أول إشارة على حدوث انسحاب هجومي، لأن الجمهوريين يحاولون إنقاذ الانتصارات في الولايات "الحمراء" المعرضة للخطر في الوقت الحالي. وهناك إشارة أخيرة وهي أن العملية الانتخابية معقدة بكل تأكيد، مع عدم وجود عجز في منتقدي هذه العملية.

ولكن ثمة عبقرية أيضاً في هذا النظام. وإذا كانت الولايات المتحدة تمتلك انتخابات رئاسية يمكن تحقيق الفوز فيها بأغلبية محدودة، ينفق مسؤولو الحملات الانتخابية كل طاقاتهم ومواردهم على الإعلانات الوطنية. ويقضي هؤلاء المسؤولون معظم أوقاتهم في الولايات التي تمتلك أكبر عدد من السكان.

ولكن بسبب الحسابات والحدود التي يتطلبها الفوز في هذا النظام، يجب أن يتم تطوير استراتيجيات معقدة لتحقيق الفوز في الولايات الصغيرة والتعددية، مع ضرورة وجود توجهات فريدة مخصصة للمنافسة في الولايات المختلفة مثل نيوهامبشاير وبنسلفانيا وفيرجينيا ونيو مكسيكو.

وسوف تكون النتيجة هي ظهور عملية رائعة جداً تستحق المشاهدة.

عن صحيفة الوطن العمانية
13/10/2008


تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش :       الاثنين , 13 - 10 - 2008 الساعة : 7:46 صباحاً
توقيت مكة المكرمة :  الاثنين , 13 - 10 - 2008 الساعة : 10:46 صباحاً
عدد القراءات : 157 تمت الطباعة : 2 تم الإرسال : 0
 التعليقــات : 0 تعليق

 

 
  أضف تعليقك على الموضوع :
تلتزم "محيط" بنشر كافة التعليقات التي ترد من القراء ، ماعدا تلك التي تسيء للأديان والمقدسات أو تتضمن تحقيرا أو تجريحا في الشخصيات العامة أو تحمل ألفاظا خادشة للحياء والذوق العام
 *الاسم 
البريد الالكترونى   
الدولة 
*عنوان التعليق 
*نص التعليق 
العلامة (*) تعنى ان الحقل مطلوب
         

العالم من الداخل
أبواب محيط
أخبـار
اقتصاد
رياضــة
مــــــرأة
سيــارات
ديـــــــــن
ثقافـــــــة
فـــــــــــن
كمبيوتر واتصالات
علوم وتكنولوجيا
عالم الكتاب
سياحة
حــــوادث
خدمات محيط
فرصة عمل
البورصات
مناقصات
دليل الفضائيات
اسعار العملات
مواقيت الصلاة
طقس اليوم
مشاركات القراء
العالم بين يديك
أبواب متميزة

الإنتخابات الامريكية
حصاد اليوم
ملفات
حوارات
استراحة
أوتار القلوب
كعب عالى
شيف محيط
شخصيات لا تنسى
شعر وشعراء

من نحن | إعلن معنا | إتصل بنا | شروط الخدمة | حقوق النشر
 

POWERED BY ARABIA-INFORM.COM
حقوق النشر والطبع © 2002 لأرابيا انفورم احدى شركات المجموعة المتحدة للبرمجيات. جميع الحقوق محفوظة
Copyright © 2002 Arabia Inform . ( Almotahida group ). All rights reserved