الجمعـة 07 ذو الحجـة 1429 هـ 5 ديسمبر 2008 العدد 10965
ارسل هذا المقال بالبريد الالكترونى   اطبع هذا المقال  







 

نظيم شعراوي.. الحنين إلى زمن الفن الجميل

لم يكرم بما يليق بمشواره الفني الطويل الممتد لأكثر من خمسين عاما

القاهرة: محمد عبد الرحمن
أقسى تجربة يمكن أن يمر بها فنان كان ملء السمع والبصر لسنوات طويلة، أن يطول غيابه لدرجة أن الكثيرين يتعاملون مع اسمه وكأنه رحل عن حياتنا في صمت، ويصبح على هذا الفنان أن يرفع صوته ويطلق النداءات لكي يثبت عكس ذلك ويؤكد للجميع أنه لازال على قيد الحياة، صحيح غير قادر على ممارسة العمل الفني بسبب تداعيات الشيخوخة لكنه بحاجة لمساعدة تعينه على الحياة الكريمة كونه من الجيل الذي كان يصرف أموال الفن على الفن، ولم يعرف الطريق أبداً للمشروعات التجارية تحت لافتة تأمين سنوات الشيخوخة. الفنان «نظيم شعراوي» هو النموذج الذي يجسد كل الكلمات السابقة، هو أحد وجوه عصر كامل من الفن الجميل، الذين غابوا عندما غابت عنهم الأضواء، ولم تساعده قدراته الصحية على الوقوف أمام الكاميرا منذ عدة سنوات ليظن البعض أنه رحل عن الحياة، بينما هو «حي يرزق»، ولولا النداء الذي أطلقه قبل عامين من خلال برنامج «البيت بيتك» ما تذكر الكثيرون أحوال العديد من الفنانين كبار السن الذين يعيشون على معاش نقابة الممثلين الذي لا يزيد عن بضع مئات من الجنيهات، ومهما كانت مدخراتهم فأنها تقل ولا تزيد بسبب عدم وجود دخل لعدم الإستمرار في العمل الفني.

نداء «نظيم شعراوي» ذكر الكثيرون بأن فناناً بهذا الحجم من العطاء لم يكرم حتى الآن بما يليق بمشواره الفني الطويل الذي بدأ في نهاية الأربعينيات أي منذ خمسين عاماً ويزيد، مشوار «عصامي» بدأ من الصفر من أدوار صغيرة جدا، حتى أصبح قاسماً مشتركاً في 300 فيلم ومسرحية، صحيح أن أدواره مالت كثيرا إلى الشر، لكنه «الشرير الذي يحبه الناس» بسبب «خفة دمه» و«ردود أفعاله»، لم ينل «نظيم شعراوي» البطولة المطلقة، وهي المأساة التي يتعرض لها دائماً الموهوبون عندما يغيبون عن الساحة، فالقاعدة التي نعترض عليها بكل تأكيد تقول أن من حصل على البطولة المطلقة ولو لمرة واحدة يظل نجماً مهما قدم بعد ذلك، أما من يساند الأبطال ويشاركهم النجاح فلا يتمتع بنفس الحقوق طالما اسمه لم يكن الأول ولا مرة على التترات. نظيم شعراوي مشوار طويل مع الفن والمسرح والسينما والتلفزيون، فهو من مواليد عام 1922، أحب السينما والمسرح مثل العديد من أبناء جيله في بداية الأربعينيات، وعندما سمع عن معهد خاص يديره الريجيسير «قاسم وجدي» اشترك به على الفور، ولم يكن معهدا بالمعنى العلمي، ولكن محاضرات يلقيها كبار الممثلين في ذلك الوقت ومن بينهم «حسين رياض»، وبعد المحاضرات كان «وجدي» يصطحب الطلاب لأداء ادوار تمثيلية، لتأتيه الفرصة الأولى في دور «طيار» في فيلم «فتاة من فلسطين» عام 1948 وأول أجر حصل عليه كان خمسة جنيهات، ثم توالت الأدوار الصغيرة بعد ذلك، لكنه أحس بالحاجة لمزيد من الدراسة، فدخل المعهد العالي للتمثيل مع زملائه في ذلك الوقت «برلنتي عبد الحميد» و«سناء جميل» و«محمد رضا» و«حسن عبد السلام» وتخرج فيه عام 1953 وقدم بعد ذلك أفلام «الوحش» و«ريا وسكينة» ثم عرف طريقه للمسرح القومي لكنه لم يستمر به طويلا، لينضم إلى فرقة «يوسف وهبي» ويقدم معه أعمالا تحولات بعد ذلك إلى علامات مسرحية مثل «كرسي الإعتراف» و«راسبوتين» و«الأخرس» وهي أعمال يحزن «نظيم شعراوي» من عدم عرضها تلفزيونياً كونها تتضمن فناً جميلاً يذكره بالزمن الذي أراد أن يعيش فيه دائماً.

بعد «يوسف وهبي» دخل «شعراوي» مرحلة «مسرح فؤاد المهندس» التي زادت من جماهيريته بشدة، وقدم معه أدواراً بارزة منها «الخديوي» في مسرحية «سيدتي الجميلة»، والنصاب في مسرحية «أنا فين وإنتي فين» و«السكرتير الفني».

ويتذكر «شعراوي» أن الممثلة «برلنتي عبد الحميد» كانت المرشحة الأولى للمسرحية الأخيرة لكن مع بطل أخر غير «فؤاد المهندس» وعندما ذهب الدور لفؤاد المهندس إعتذرت هي، ليتم البحث عن ممثلة بديلة ويقع الإختيار على «شويكار». وفي السبعينيات قدم «نظيم شعراوي» مسرحية «شاهد مشفش حاجة». وفي حياة الفنانين أعمال محددة تبرز لأسباب قد لا يكون لها علاقة باداء الممثل نفسه، وهو ما ينطبق على هذه المسرحية، حيث أدى نجاحها الكبير وتكرار عرضها عدة مرات سنويا على مدى ثلاثين عاما، الى التصاق دور القاضي بنظيم شعراوي، ويعتبر البعض الحوار بين «سرحان عبد البصير» و«القاضي» هو أفضل مشاهد المسرحية، لترتبط المسرحية باسم «نظيم شعراوي» ويتذكره الجمهور من خلالها رغم ما قدمه قبلها من أعمال، والمفارقة أن خلافا وقع بينه وبين «عادل إمام» أدى لاعتذار «نظيم» عن الإستمرار، لكن «عادل إمام» تدارك الخطأ لاحقا بترشيحه في فيلمين متتاليين هما «طيور الظلام» في دور المحامي الكبير، ووزير الصحة في «النوم في العسل». على مستوى التلفزيون قدم «شعراوي» العديد من الأعمال كان أخرها مسلسل «الرجل الأخر» مع «نور الشريف» وهو بالمناسبة آخر أعماله الفنية، حيث منعه تقدم السن من الاستمرار في البلاتوهات التي أحبها وأخلص لها سنوات طويلة وحاليا يقضي وقت فراغه في منزله مع زوجته ورفيقة مشواره وأحفاده ولا تربطه صداقات كثيرة مع الوسط الفني ماعدا الفنان «محمد الدفراوي».

ورغم ما يتعرض له من تجاهل لكنه في حواراته الصحفية النادرة يظهر دائما متماسكاً ويقدم الشكر لمن يسأل عنه خصوصا أشرف زكي نقيب الممثلين، ويتذكر نصيحة «حسين رياض» عندما أكد له أن الصحة أهم من الفلوس، وقتها رد نظيم بحماس الشباب «صحتنا حلوة بس مفيش فلوس» لكنه أدرك الأن كما يقول حكمة هذا الرجل.

التعليــقــــات
راشد عبدالرحمن يتيم، «البحرين»، 07/12/2008
الاستاذ الفنان نظيم شعراوي، هو ضحية من مئات الضحايا من الفنانين والمبدعين الذين افنوا حياتهم وشبابهم من اجل الفن وعشاق الفن من الجماهير العربية. وهاهو وامثاله، بعد ان انفقوا الكثير من الجهد والمال من اجل مصر، نرى مصر تتنكر لهم في شيخوختهم وهم يعانون من المرض والحاجة الماسة لرعايتهم ماديا ومعنويا. الا يستحقون ذلك؟؟ تلك هي مشكلة الفنانين العرب من الخليج الى المحيط.
مـبـــارك صــــــــالــح، «تايلاند»، 07/12/2008
هذا هو حال كل فنان يحترم فنه ولا ينزلق في هاوية الاسفاف والتهريج، نظيم شعراوي فنان من الجيل الأصيل الذي نفتقر إليه الآن ويفتقره الجيل الحالي من الفنانين ممن تجاهلوا قيمة وأهمية أمثال نظيم شعراوي.
ريم صلاح، «الاراضى الفلسطينية»، 07/12/2008
كل عام وانت بخير يا فنان. بصماتك في عالم الابداع الفني، ستبقى دائما شاهدا على انك احد عمالقة الشاشة الفضية. تحياتي وتمنياتي لك بالصحة والسعادة.
 
ارسل هذا المقال بالبريد الالكترونى   اطبع هذا المقال  
The Editor
رئيس التحريــر
Editorial
هيئة التحرير
Mail Address
العنوان البريدي
Advertising
الإعــــــلان
Distribution
التــوزيــــع
Subscriptions
الاشتراكات
Corrections
تصويبات
Copyright: 1978 - 2009 © Saudi Research & Publishing Company (SRPC)