|
جنود أمميون أثناء دورية في أبيي (رويترز-أرشيف) |
أدانت الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة سيطرة الجيش السوداني على مدينة أبيي الحدودية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، واعتبرت ذلك "انتهاكا خطيرا وغير مبرر" لـاتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب. أما حكومة جنوب السودان فقد اعتبرت ما سمته احتلال الجيش السوداني لأبيي غير مشروع.
فقد دعا مجلس الأمن الدولي جيش شمال السودان إلى الانسحاب من المواقع التي سيطر عليها في أبيي، وقال -في بيان قرأه سفير فرنسا في المجلس- إن المجلس يدين أيضا مهاجمة القوات الجنوبية لقافلة للأمم المتحدة في أبيي يوم الخميس.
من جهتها اعتبرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة أن التصعيد في الموقف في أبيي بالغ الخطورة.
من جهته أدان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ العمليات العسكرية الأخيرة في أبيي، ويعتبر ذلك "انتهاكا سافرا لاتفاق السلام" المبرم عام 2005.
ودعا هيغ في بيان إلى وقف فوري للقتال وسحب جميع القوات العسكرية في منطقة أبيي الغنية بالنفط.
أما فرنسا فقد أدانت في بيان لوزارة الخارجية الأحد سيطرة الجيش السوداني على مدينة أبيي، منددة بما وصفته بالانتهاك الخطير لاتفاق السلام. وقال البيان "إن فرنسا تدين سيطرة القوات المسلحة السودانية على مدينة أبيي وقرار حكومة الخرطوم بحل إدارة المدينة".
وأضافت الوزارة "أن هذه الإجراءات الأحادية تشكل انتهاكا خطيرا لاتفاق السلام الشامل المبرم في 2005.
وكانت الولايات المتحدة أدانت مساء السبت سيطرة الجيش السوداني على أبيي. وأوضح بيان للبيت الأبيض أن واشنطن طلبت من القوات السودانية وقف جميع عملياتها في أبيي فورا والانسحاب من المنطقة.
كما حذر البيت الأبيض من أن رفض القوات السودانية الانسحاب من هذه المنطقة الإستراتيجية قد يلحق ضررا بعملية تطبيع العلاقات بين السودان والولايات المتحدة. وندد البيان أيضا بحل الرئيس السوداني مجلس منطقة أبيي بموجب مرسوم جمهوري.
|
الجيش السوداني يسيطر حاليا على أبيي (رويترز-أرشيف) |
موقف الخرطوم
وكان وزير الدولة السوداني لشؤون الرئاسة أمين حسن عمر أعلن في وقت سابق اليوم أن الجيش سيطر على منطقة أبيي ويعمل على إخلائها من الجماعات المسلحة التي وصفها بغير الشرعية، وأنه سيبقى في أبيي لحين التوصل إلى ترتيبات جديدة.
وأكد أن الجيش السوداني لم يتحرك إلا بعد أن نشر جيش الجنوب قوات بشكل غير مشروع في المنطقة المتنازع عليها في انتهاكات متكررة لاتفاقية السلام الشامل الموقعة عام 2005.
لكنه قال إن الحكومة السودانية ملتزمة باتفاق السلام غير أن الجنوب يريد أن يفرض بالقوة حلا من جانب واحد. وأضاف أن أبيي كانت جزءا من الشمال حتى الموافقة على إجراء استفتاء يحدد الطرف صاحب السيادة على المنطقة وفقا لاتفاقية عام 2005.
وكانت الأمم المتحدة قالت في وقت سابق إن الخرطوم نشرت 15 دبابة في أبيي.
قلق جنوبي
وفي المقابل قال الجيش الشعبي لتحرير السودان -وهو جيش الجنوب- إنه سحب قواته بالكامل من أبيي بعد أن سيطرت القوات الشمالية عليها، لكنه أعرب عن قلقه بشأن بقية قواته والمدنيين الذين يفرون من الإقليم.
وقال المتحدث باسم الجيش الشعبي فيليب أقوير "ندعو الأمم المتحدة إلى حماية المدنيين، نحن قلقون بشأن قواتنا، الاتصالات ضعيفة ولا يمكننا الوصول إليهم". وأضاف "الناس فروا لأن الشماليين أدخلوا فرقة كاملة وقصفوا القرى بالدبابات".
وتصاعد التوتر بين الجانبين بعد أن اتهم الشمال الجيش الشعبي لتحرير السودان بمهاجمة قوات سودانية يصحبها جنود من قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في دوكورا إلى الشمال من أبيي مساء يوم الخميس.
ونفى جيش الجنوب مسؤوليته عن الهجوم الذي قالت الأمم المتحدة إنه وقع على قافلة من القوات الشمالية مع جنود من الأمم المتحدة في إطار اتفاق بين الجانبين يقضي بسحب قواتهما بالكامل من أبيي.
ويدعم الشمال قبائل المسيرية العربية التي ترعى ماشيتها في أبيي، بينما يدعم الجنوب قبيلة دنكا نقوك الجنوبية والتي تعيش في المنطقة طوال العام.
|
فيليب أقوير (يسار) دعا الأمم المتحدة لحماية المدنيين في أبيي (الفرنسية) |
وفد أممي
ويتزامن توتر الوضع في أبيي مع وصول وفد من مجلس الأمن الدولي إلى الخرطوم لبحث أزمة أبيي، وتنفيذ ما تبقى من اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب.
ونقل مراسل الجزيرة في الخرطوم عن وزير الدولة السوداني لشؤون الرئاسة أن الحكومة السودانية أبلغت الوفد الأممي بأن الجيش السوداني لن ينسحب من أبيي حتى يتم التوصل إلى اتفاق تلتزم به كل الأطراف وخاصة الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في الجنوب.
ومن المقرر أن يكون الوفد قد بدأ مباحثاته الأحد مع مسؤولي الحكومة السودانية، ثم يزور جنوب السودان للاجتماع بحكومة الجنوب.
ويبحث الوفد علاقة الأمم المتحدة مع الحكومة السودانية وحكومة الجنوب. كما يبحث أزمة أبيي التي تجددت بوقوع معارك بين جيشي الشمال والجنوب في اليومين الماضيين وسبل الوصول إلى حل لها.
وتأتي زيارة الوفد في إطار انتهاء مهمة المنظمة الدولية بالسودان في التاسع من يوليو/تموز المقبل، وفق ما هو مقرر في اتفاقية السلام الشامل، وهو الموعد الذي سينفصل فيه الجنوب رسميا عن الشمال.