يومية سياسية تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر - حلب
طباعةحفظ


جرمانوس فرحات حلب 1670 - 1733

حلب
ثقافة
الأحد21-12-2008
مازن يوسف صباغ

عاشت الثقافة واللغة العربية عصرها الذهبي مع تأسيس الدولة العربية الإسلامية في عهديها الأموي وبداية العهد العباسي، حيث أصبحت اللغة العربية لغة العالم القديم العلمية والأدبية والفلسفية التي يمر عبرها مجموع المعارف والأفكار الإنسانية

من الحضارة الكلاسيكية الإغريقية غربا والحضارة الهندية والفارسية شرقاً، والترجمة الواسعة من السريانية واليونانية إلى اللغة العربية. لكن هذا الحال تبدل في العصر العباسي الثاني، حيث أدى تسلم العناصر غير العربية زمام الحكم في الدولة الإسلامية المركزية وتشكل دويلات مختلطة وضعيفة وغير عربية في أطراف العالم الإسلامي إلى تراجع أهمية اللغة العربية عالمياً.‏

ثم جاء بعد ذلك الغزو المغولي وما حمله من تدمير للمؤسسات الثقافية القائمة في المنطقة، وقيام النهضة الأوروبية ابتداء من إيطاليا واسترجاع دور اللغة اللاتينية كلغة للعلم بدلاً من العربية وبداية تشكل حركة استعادة للغة الفارسية الأم في الهضبة الإيرانية كوسيلة للتعبير ولغة التأليف والتي بدأها الفردوسي في كتابه ـ الملحمة «الشاه نامة» لينتهي الدور العالمي الذي كانت تلعبه اللغة العربية وليبقى لها دورها القداسي باعتبارها لغة القرآن الكريم، وباتت تبرز لغات محلية ولهجات محكية في الدول (المدن) الصغيرة.‏

ومع بداية القرن التاسع عشر الميلادي كانت هناك بوادر نهضة عربية ثقافية ما لبثت في نهاية القرن أن تحولت إلى نهضة سياسية وتغذية بالهوية القومية للأمة العربية، وكان الحامل الأساسي لحركة النهضة العربية هذه هو الاهتمام باللغة العربية ومحاولة إحيائها وإخراجها من حالة الكسل والتراخي، فظهرت شخصيات من أمثال بطرس البستاني واليازجي الكبير وفرح أنطون وفرنسيس مراش وقسطاكي الحمصي الحلبي .. وغيرهم في بلاد الشام، ورفاعة رافع الطهطاوي ومحمود سامي البارودي وجمال الدين الأفغاني ويعقوب صروف والشيخ محمد عبده وشبلي الشميل.. وغيرهم في مصر وكثر من أعلام ورواد النهضة.‏

لكن بذور حركة النهضة هذه يمكن تتبع آثارها في أعمال المطران جرمانوس فرحات مطران الطائفة المارونية في مدينة حلب منذ بدايات القرن الثامن عشر. ولد «جبرائيل بن فرحات مطر» في مدينة حلب السورية عام 1670م، ويعود بأصله إلى قرية حصرون في لبنان. درس علوم اللاهوت وأتقن اللغات العربية والسريانية واللاتينية والإيطالية. ترهب سنة 1693م ودُعي باسم (جرمانوس) وأقام في دير بقرب إهدن ـ قضاء زغرتا (شمال لبنان).‏

رحل إلى أوروبا وتابع دراسته فيها لعدة سنوات. رسم مطراناً للطائفة المارونية في حلب سنة 1725م. قام بتأليف عدد من الكتب هي:‏

1- بحث المطالب: وهو كتاب في النحو وقواعد التصريف والاشتقاق في اللغة العربية (مطبوع).‏

2- الأجوبة الجلية في الأصول النحوية: وهو بحث في أصول النحو والصرف للغة العربية (مطبوع).‏

3- إحكام باب الإعراب: وهو الكتاب المعروف أيضاً باسم باب الإعراب، وتناول فيه قواعد إعراب المفردات والجمل (مطبوع).‏

4- المثلثات الدرية: وألفه على نمط مثلثات قطرب (مطبوع).‏

5- بلوغ الأرب: وهو كتاب عن الأدب العربي (مخطوط).‏

6- ديوان شعر: مؤلف من 375 قصيدة وأكثر من ستة آلاف بيت من الشعر (مطبوع). كما توجد مخطوطات من تأليف جرمانوس فرحات موجودة بخط يده في مكتبة حاضرة الفاتيكان في مدينة روما الإيطالية. كانت للمطران جرمانوس فرحات اليد الطولى في إدخال اللغة العربية في الأدبيات والطقوس الدينية المتبعة لدى الكنيسة المارونية، وصارت الصلوات والقداديس تقام باللغتين السريانية وشقيقتها اللغة العربية في مراسم القداس الماروني.‏

- وأطلق فرحات حركة تلاوة للأناشيد والتراتيل الدينية باللغة العربية، كما قام بتأليف أناشيد وتراتيل دينية جديدة باللغة العربية.‏

- توفي في العام 1733 عن (63) عاماً قضاها في التحصيل العلمي والكتابة والتأليف والنشر والترجمة من أمهات اللغات إلى اللغة العربية.‏

- كرمته حلب وأقيم تمثال للمطران جرمانوس فرحات في العام 1934 في وسط مدينة حلب.‏

- ذكره المطران «يوسف أنيس أبي عاد» مطران الموارنة بحلب في كلمته عن أعلام الموارنة في سورية أمام العماد ميشال عون في موقع «براد» حيث قبر «مار مارون» مؤسس الطائفة المارونية وشفيعها.‏

إضافة تعليق
اسم صاحب التعليق:
البريد الإلكتروني لصاحب التعليق:
نص التعليق:
 

E - mail: jamahir@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية