،وكان يقول : بايعوا مولانا هشاما، فإن اليزيد لن يخوض وادي أم الربيع(1) ،بمعنى أنه سوف لا يستقيم له الأمر لاحقا ،وستؤول سلطته إلى الزوال، ولن يستطيع القدوم لمراكش بعد ذلك أبدا
وتفيدنا المصادر على أن السلطان المولى اليزيد بعث لأهل مراكش يهددهم، نظرا لإعراضهم عنه ومبايعتهم لأخيه المولى هشام،الشيء الذي دفع أهل هذه المدينة للرضوخ لأمره وإخراج أخيه المولى هشام بعيدا عن حاضرة مراكش،ولم يقف الأمر عند هذا الحد ،بل أقدموا على قتل الفقيه المرابط الحاج بلا بن عزوز المراكشي،ومثلوا به ،وجددوا بيعة السلطان المولى اليزيد، وبعثوا له بها على الفور بتاريخ 18 شعبان عام 1204هـ ــ 179م
ولا يفوتنا التنبيه على أن السلطان المولى اليزيد كان قد بعث في نفس الوقت رسالة لأخيه المولى هشام قال له في مضمنها : إن أتيتني فعليك الأمان ، وأنا أحسن معك، وأعملك في أي أرض تريد،وقد امتثل المولى هشام لاقتراح أخيه،وكان حينها مستحرما بضريح الولية الصالحة للا عزيزة بناحية مراكش
وكان السلطان المولى يزيد قد دخل مدينة مكناس في متم شهر شعبان من السنة ذاتها ،وبها تلقى بيعة كثير من القبائل المغربية التي لم تكن بايعته من قبل، ثم اتجه بعد أسبوعين من هذا التاريخ نحو مدينة فاس ،فدخلها يوم السبت 14 رمضان المعظم عام 1204هـ ــ 179م ، وبنى بها منزله قريبا من باب أبي الجنود،وأغدق الأموال الكثيرة على أعيان رعيته بهذه المدينة، وكان الجود شجية من شجاياه، عرف به منذ السنوات الأولى من بلوغه، الشيء الذي أكسبه عطف الكثير من علماء وأعيان هذه المدينة ،وقد تصدر لمدحه غير واحد من أدبائها ، لعل من أبرزهم العلامة الأديب قاسم بن عبد الله العابد الحسني ،حيث مدحه بقصيدة دالية جميلة افتتحها بقوله :
ولما رأيت الشمس قد عم نفعها * وأبصارها بين الأنام مديد
سألتها هل في جنة الخلد أنشئت * ونور سناها من هناك يزيد
فقالت أما تدري بأنني خادم * لنجل إمام المسلمين يزيد
__________
(1) ــــ أم الربيع : أحد أكبر أنهار المغرب ، ينبع من جبال الأطلس الكبير ،ويصب في المحيط الأطلسي بمدينة أزمور ،غير بعيد عن مدينة الجديدة ،يزيد طوله على 160 كلم ،ويصل عدد عيونه إلى 47 عينا ،منها المالحة ، ومنها الحلوة