الحسن البصري

طباعة

المكتبة الإسلامية > تراجم الأعلام > عرض الترجمة

الحسن البصري (4) هو الحسن بن أبي الحسن يسار ، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت الأنصاري ، ويُقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي ، قاله عبد السلام ابى مطهر ، عن غاضرة بن قرهد العَوْفي ، ثم قال : وكانت أُمُّ الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية ، ويقال : كان مولى جميل بن قُطْبَة .

ويسار أبوه من سبي ميسان سكن المدينة وأُعْتِق ، وتزوج بها في خلافة عمر ، فوُلِد له بها الحسن -رحمة الله عليه- لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه خيرة ، ثم نشأ الحسن بوادي القرى ، وحضر الجمعة مع عثمان ، وسمعه يخطب ، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة .

قال حجاج بن نصير : سُبِيَتْ أم الحسن البصري من ميسان وهي حامل به ، وولدته بالمدينة .

وقال سويد بن سعيد : حدثني أبو كَرِب ، قال : كان الحسن وابن سيرين مَوْلَيَيْن لعبد الله بن رواحة ، وقدما البصرة مع أنس .

قلت : القولان شاذَّان .

قال محمد بن سلام : حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له، قال : كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة، فيبكي وهو طفل، فتسكته أم سلمة بثديها وتخرجه إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صغير ، وكانت أمه منقطعة إليها ، فكانوا يدعون له ، فأخرجَتْهُ إلى عمر فدعا له، وقال : اللهم فَقِّهْهُ في الدين وحَبِّبْهُ إلى الناس .

قلت : إسنادها مرسل .

يونس ، عن الحسن ، عن أمه ، أنها كانت ترضع لأم سلمة .

قال المدائني : قال الحسن : كان أبي وأمي لرجل من بني النجار ، فتزوج امرأة من بني سلمة ، فساق أبي وأمي في مهرها فأعتقتنا السلمية .

يونس ، عن الحسن ، قال لي الحجاج : ما أَدَ ُاَحسن ؟ قلت : سنتان من خلافة عمر

وكان سيد أهل زمانه علما وعملا . قال معتمر بن سليمان : كان أبي يقول : الحسن شيخ أهل البصرة .

ورُويَ أن ثدي أم سلمة درَّ عليه ورضعها غير مرة .

رأى عثمان ، وطلحة ، والكبار .

وروى عن عمران بن حصين ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وسمرة بن جندب ، وأبي بكرة الثقفي ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وجندب البجلي ، وابن عباس ، وعمرو بن تغلب ، ومعقل بن يسار ، والأسود بن سريع ، وأنس ، وخلق من الصحابة .

وقرأ القرآن على حِطان بن عبد الله الرقاشي ، وروى عن خلق من التابعين .

وعنه أيوب وشيبان النحوي ، ويونس بن عبيد ، وابن عون ، وحميد الطويل ، وثابت البناني ، ومالك بن دينار ، وهشام بن حسان ، وجرير بن حازم ، والربيع بن صبيح ، ويزيد بن إبراهيم التُّستري ، ومبارك بن فضالة ، وأبان بن يزيد العطار ، وقرة بن خالد ، وحزم القطعي ، وسلام بن مسكين ، وشميط بن عجلان ، وصالح أبو عامر الخزاز ، وعباد بن راشد ، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان ، ومعاوية بن عبد الكريم الضالّ وواصل أبو حرة الرقاشي ، وهشام بن زياد ، وشبيب بن شيبة ، وأشعث بن براز ، وأشعث بن جابر الحداني ، وأشعث بن عبد الملك الحمراني ، وأشعث بن سوار ، وأبو الأشهب ، وأمم سواهم .

وقد روى بالإرسال عن طائفة : كعلي ، وأم سلمة ولم يسمع منهما ، ولا من أبي موسى ، ولا من ابن سريع ، ولا من عبد الله بن عمرو ، ولا من عمرو بن تغلب ، ولا من عمران ، ولا من أبي برزة ، ولا من أسامة بن زيد ، ولا من ابن عباس ، ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة ، ولا من أبي بكرة ، ولا من أبي هريرة ، ولا من جابر ، ولا من أبي سعيد . قاله يحيى بن معين .

وقال البخاري : لم يعرف للحسن سماع من دَغْفَل .

وقال غيره : لم يسمع من سلمة بن المُحَبِّق ، ولا من العباس ، ولا من أبي .

قال يعقوب بن شيبة : قلت لابن المديني : يقال عن الحسن : أخذت بحجزه سبعين بدريا ، فقال : هذا باطل ، أحصيت أهل بدر الذين يروى عنهم فلم يبلغوا خمسين ، منهم من المهاجرين أربعة وعشرون .

وقال شعيب بن الحبحاب ، عنه : رأيت عثمان يصب عليه من إبريق .

وقال يحيى القطان : أحاديثه عن سمرة ، سمعنا أنها كتاب .

قلت : قد صح سماعه في حديث العقيقة وفي حديث النهي عن المثلة من سمرة .

وقال قتادة : ما شافه الحسن بدريا بحديث .

قال يحيى القطان في أحاديث سمرة رواية الحسن : سمعنا أنها من كتاب معن القزاز .

حدثنا محمد بن عمرو : سمعت الحسن يقول : سمعت أبا هريرة يقول : الوضوء مما غيرت النار . فقال الحسن : لا أدعه أبدا .

مسلم : حدثنا أبو هلال ، سمعت الحسن يقول : كان موسى نبي الله -عليه السلام- لا يغتسل إلا مستترا . فقال له ابن بريدة : ممن سمعت هذا ؟ قال : من أبي هريرة .

قال يونس وعلي بن جدعان : لم يسمع الحسن من أبي هريرة .

همام ، عن قتادة ، عن الحسن : سمعت عثمان -رضي الله عنه- يقول في خطبته ، أراه قال : اقتلوا الكلاب والحمام .

شعيب بن الحبحاب ، عن الحسن : شهدت عثمان جمعا تباعا يأمر بذبح الحمام وقتل الكلاب .

عفان : حدثنا مبارك بن فضالة ، وآخر عن الحسن بمثله .

بهز بن أسد : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : رأيت عثمان نائما في المسجد ، حتى جاءه المؤذن فقام ، فرأيت أثر الحصى على جنبه .

حماد بن زيد ، عن أيوب : سمعت الحسن يقول : خرج علينا عثمان ، فكان بينهم تخليط ، فتراموا بالحصباء .

وعن أبي موسى ، عن الحسن ، قال : شهدت عثمان يوم الجمعة قام يخطب ، فقام إليه رجل فقال : أنشدك كتاب الله . فقال عثمان : اجلس ، أما لكتاب الله منشد غيرك ! قال : فجلس ثم قام ، أو قام رجل غيره فقال مثل مقالته ، فقال له : اجلس ، أما لكتاب الله منشد غيرك ، فأبى أن يجلس ، فبعث إليه الشرط ليجلسوه ، فقام الناس فحالوا بينهم وبينه ، ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل : ما أكاد أرى السماء من البطحاء ، فنزل عن منبره ودخل داره ، ولم يُصَلِّ الجمعة يومئذ .

مسلم : حدثنا أبو عقيل ، حدثنا الحسن ، قال : خرج عثمان فقام يخطب ، فذكر بعض حديث أبي موسى .

سليم بن أخضر ، عن ابن عون : أنبأنا الحسن ، قال : كان عثمان يوما يخطب ، فقام رجل فقال : إنا نسألك كتاب الله . ثم ذكر نحوه ، فحصبوه ، فحصبوا الذين حصبوه ، ثم تحاصب القوم والله ، فأنزل الشيخ يهادي بين رجلين ، ما كاد أن يقيم عنقه حتى أدخل الدار ، فقال : لو جئتم بأم المؤمنين عسى أن يكفوا عنه . قال : فجاءوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان ، فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفَّة فلما جاءوا بها إلى الدار ، صرفوا وجه البغلة حتى ردوها .

حريث بن السائب : حدثنا الحسن ، قال : كنت أدخل بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي وأنا غلام محتلم يومئذ .

ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : قال الحسن : كنت يوم قتل عثمان ابن أربع عشرة سنة ، ثم قال الحسن : لولا النسيان كان العلم كثيرا .

حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن الحسن ، قال : دخلت على عثمان بن أبي العاص .

جرير بن حازم : حدثنا الحسن ، حدثنا عمرو بن تغلب مرفوعا : تقاتلون قوما ينتعلون الشعر .

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أنبأنا موسى بن عبد القادر ، أنبأنا سعيد بن البناء ، أنبأنا أبو القاسم بن البسري ، أنبأنا أبو طاهر المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا مبارك بن فضالة ، حدثنا الحسن ، عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة ، يسند ظهره إليها ; فلما كثر الناس ، قال : ابنوا لي منبرا له عتبتان . فلما قام على المنبر يخطب حنَّت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وأنا في المسجد ، فسمعت الخشبة تحن حنين الواله ، فما زالت تحنّ حتى نزل إليها ، فاحتضنها فسكنت .

وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال : يا عباد الله ، الخشبة تحن إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شوقا إليه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه .

هذا حديث حسن غريب ما وقع لي من رواية الحسن أعلى منه سوى حديث آخر سأسوقه.

أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني ، أنبأنا الفتح بن عبد الله بن محمد الكاتب ، أنبأنا الأرموي ومحمد الطرائفي ، وأبو غالب بن الداية ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، أنبأنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا مبارك بن فضالة ، حدثنا الحسن في هذه الآية : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ . قال : هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه .

أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن الحباب الكاتب ، أنبأنا علي بن مختار ، أنبأنا أبو طاهر السلفي ، أنبأنا القاسم بن الفضل ، وأنبأنا إسماعيل بن الفراء ، أنبأنا أبو محمد بن قدامة ، أخبرتنا شهدة الإبرية وتجني الوهبانية قالتا : أخبرنا طراد الزينبي قال : حدثنا هلال بن محمد الحفار ، أنبأنا الحسين بن يحيى القطان ، حدثنا أبو الأشعث ، حدثنا حزم القطعي ، سمعت الحسن يقول : بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : رحم الله عبدا تكلم فغنم ، أو سكت فسلم .

وبه ، حدثنا حزم ، قال : رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى ، فجاء عطاء وطاوس ومجاهد ، وعمرو بن شعيب ، فجلسوا إليه .

هذا أعلى ما يقع لنا عن الحسن البصري رحمه الله .

قال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : لم يسمع الحسن من أبي هريرة . قيل له : ففي بعض الحديث : حدثنا أبو هريرة . قال : ليس بشيء .

موسى بن إسماعيل : حدثنا ربيعة بن كلثوم ، عن الحسن ، قال : نبأنا أبو هريرة ، قال : عهد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا : الغسل يوم الجمعة ، والوتر قبل أن أنام ، وصيام ثلاثة من كل شهر ربيعة صدوق ، خرَّج له مسلم .

الوليد بن مسلم ، عن سالم الخياط : سمعت الحسن وابن سيرين يقولان : سمعنا أبا هريرة ، فذكر حديثا .

سالم واهٍ ، والحسن مع جلالته فهو مدلس ، ومراسيله ليست بذاك ، ولم يطلب الحديث في صباه ، وكان كثير الجهاد ، وصار كاتبا لأمير خراسان الربيع بن زياد .

وقال سليمان التيمي : كان الحسن يغزو ، وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ثم جاء الحسن فكان يفتي .

قال محمد بن سعد كان الحسن -رحمه الله- جامعا ، عالما ، رفيعا ، فقيها ، ثقة ، حجة ، مأمونا ، عابدا ، ناسكا ، كثير العلم ، فصيحا ، جميلا ، وسيما . وما أرسله فليس بحجة .

الأصمعي عن أبيه ، قال : ما رأيت زندا أعرض من زند الحسن البصري ، كان عرضه شبرا .

قلت : كان رجلا تام الشكل ، مليح الصورة بهيا ، وكان من الشجعان الموصوفين .

ضمرة بن ربيعة ، عن الأصبغ بن زيد : سمع العوام بن حوشب ، قال : ما أشبه الحسن إلا بنبي .

وعن أبي بردة ، قال : ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- منه .

حميد بن هلال : قال لنا أبو قتادة : الزموا هذا الشيخ ؛ فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر منه - يعني الحسن .

وعن أنس بن مالك ، قال : سلوا الحسن ؛ فإنه حفظ ونسينا .

وقال مطر الوراق : لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة ، فهو يخبر عما عاين .

مجالد ، عن الشعبي قال : ما رأيت الذي كان أسود من الحسن .

عن أمة الحكم ، قالت : كان الحسن يجيء إلى حطان الرقاشي ، فما رأيت شابا قط كان أحسن وجها منه .

وعن جرثومة قال : رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة .

أبو هلال : رأيت الحسن يغير بالصفرة .

وقال عارم : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : رأيت الحسن يصفر لحيته .

وقال قتادة : ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه ، غير أنه إذا أشكل عليه شيء ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله ، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن .

قال أيوب السختياني : كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له .

وقال معاذ بن معاذ : قلت للأشعث : قد لقيت عطاء وعندك مسائل ، أفلا سألته ؟ ! قال : ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني .

وقال أبو هلال : كنت عند قتادة ، فجاء الخبر . بموت الحسن ، فقلت : لقد كان غمس في العلم غمسة . قال قتادة : بل نبت فيه وتحقَّبه وتشرَّبه ، والله لا يبغضه إلا حروري .

محمد بن سلام الجمحي ، عن همام ، عن قتادة ، قال : يقال : ما خلت الأرض قط من سبعة رهط ، بهم يسقون ، وبهم يدفع عنهم ، وإني لأرجو أن يكون الحسن أحد السبعة .

قال قتادة : ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن .

وقال حميد ويونس : ما رأينا أحدا أكمل مروءة من الحسن .

وعن علي بن زيد ، قال : سمعت من ابن المسيب ، وعروة ، والقاسم وغيرهم ، ما رأيت مثل الحسن ، ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه .

حماد بن زيد ، عن حجاج بن أرطاة : سألت عطاء . عن القراءة على الجنازة ; قال : ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها . قلت : إن الحسن يقول : يقرأ عليها قال عطاء : عليك بذاك ، ذاك إمام ضخم يُقتدَى به .

وقال يونس بن عبيد : أما أنا فإني لم أرَ أحدا أقرب قولا من فعل من الحسن .

أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، قال : اختلفت إلى الحسن عشر سنين أو ما شاء الله ، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك .

مسلم بن إبراهيم : حدثنا سلام بن مسكين : رأيت على الحسن قباء مثل الذهب يتألق .

وقال ابن علية : عن يونس : كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة ، وطيلسانا كرديا ، وعمامة سوداء ، وفي الصيف إزار كتان ، وقميصا وبردا حبرة .

وروى حوشب ، عن الحسن ، قال : المؤمن يداري دينه بالثياب .

يونس ، عن الحسن ، أنه كان من رءوس العلماء في الفتن والدماء والفروج .

وقال عوف : ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن .

حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم ، قال : قام الحسن من الجامع ، فاتبعه ناس ، فالتفت إليهم وقال : إن خفق النعال حول الرجال قلما يلبث الحمقى .

وروى حوشب عن الحسن ، قال : يا ابن آدم ، والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ، ليطولن في الدنيا حزنك ، وليشتدن في الدنيا خوفك ، وليكثرن في الدنيا بكاؤك .

وقال إبراهيم بن عيسى اليشكري : ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن ؛ ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة .

الثوري ، عن عمران القصير ، قال : سألت الحسن عن شيء قلت : إن الفقهاء يقولون كذا وكذا . فقال : وهل رأيت فقيها بعينك ؟! إنما الفقيه الزاهد في الدنيا ، البصير بدينه المُداوِم على عبادة ربه .

عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثنا محمد بن ذكوان ، حدثنا خالد بن صفوان ، قال : لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال : يا خالد ، أخبرني عن حسن أهل البصرة ؟ قلت : أصلحك الله ، أخبرك عنه بعلم ، أنا جاره إلى جنبه ، وجليسه في مجلسه ، وأعلم من قبلي به : أشبه الناس سريرة بعلانية ، وأشبهه قولا بفعل ، إن قعد على أمر قام به ، وإن قام على أمر قعد عليه ، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به ، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له ، رأيته مستغنيا عن الناس ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، قال : حسبك ، كيف يضل قوم هذا فيهم .

هشام بن حسان : سمعت الحسن يحلف بالله ، ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله .

وقال حزم بن أبي حزم : سمعت الحسن يقول : بئس الرفيقان ، الدينار والدرهم ؛ لا ينفعانك حتى يفارقاك .

وقال أبو زرعة الرازي : كل شيء قال الحسن : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث .

روح بن عبادة : حدثنا حجاج الأسود ، قال : تمنى رجل فقال : ليتني بزهد الحسن ، وورع ابن سيرين ، وعبادة عامر بن عبد قيس ، وفقه سعيد بن المسيب ، وذكر مطرف بن الشخير بشيء . قال : فنظروا في ذلك ، فوجدوه كله كاملا في الحسن .

عيسى بن يونس ، عن الفضيل أبي محمد : سمعت الحسن يقول : أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة ، جمعت القرآن ، أنظر إلى طلحة بن عبيد الله . الفضيل : لا يعرف .

يعقوب الفسوي : سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول : حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة .

وقال حماد بن سلمة : أنبأنا علي بن زيد ، قال : رأيت سعيد بن المسيب ، وعروة ، والقاسم في آخرين ; ما رأيت مثل الحسن .

وقال جرير بن حازم ، عن حميد بن هلال ، قال لنا أبو قتادة : ما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن .

ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : دخلنا على الحسن وهو نائم ، وعند رأسه سلة ، فجذبناها فإذا خبز وفاكهة ، فجعلنا نأكل ، فانتبه فرآنا ، فسره ، فتبسم وهو يقرأ : أَوْ صَدِيقِكُمْ لا جناح عليكم .

حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء .

وقال السري بن يحيى : كان الحسن يصوم البِيض ، وأشهر الحرم ، والاثنين والخميس .

يونس بن عبيد ، عن الحسن ، قال : كنا نعاري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

غالب القطان ، عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : من سرَّه أن ينظر إلى أفقه من رأينا ، فلينظر إلى الحسن .

وقال قتادة : كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام .

روى أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود ، قال : لم يحج الحسن إلا حجتين ، وكان يكون بخراسان ! وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة ، والمهلب بن أبي صفرة ، وكان من الشجعان .

قال هشام بن حسان : كان الحسن أشجع أهل زمانه .

وقال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج .

فضيل بن عياض ، عن رجل ، عن الحسن ، قال : ما حليت الجنة لأمة ما حليت لهذه الأمة ، ثم لا ترى لها عاشقا .

أبو عبيدة الناجي ، عن الحسن ، قال : ابن آدم ، ترك الخطيئة أهون عليك من معالجة التوبة ؛ ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة فأنت في غير معمل .

سلام بن مسكين ، عن الحسن ، قال : أهينوا الدنيا ؛ فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها .

وقال جعفر بن سليمان : كان الحسن من أشد الناس ، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه .

وقال أبو سعيد بن الأعرابي في "طبقات النساك" : كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ، ويسمعون كلامه ، ويذعنون له بالفقه ، في هذه المعاني خاصة .

وكان عمرو بن عبيد ، وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له ، وكان له مجلس خاص في منزله ، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن ، فإن سأله إنسان غيرها ، تبرم به وقال : إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر.

فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث ، والفقه ، وعلم القرآن ، واللغة ، وسائر العلوم ; وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب ، وكان منهم من يصحبه للحديث ، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان ، ومنهم من يصحبه للبلاغة ، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص ، كعمرو بن عبيد وأبي جهير ، وعبد الواحد بن زيد ، وصالح المري ، وشميط ، وأبي عبيدة الناجي ; وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال - يعني في العبادة .

حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : كذب على الحسن ضربان من الناس : قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن ، وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن . وأنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوفته بالسلطان ، فقال : لا أعود فيه بعد اليوم . فلا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به ، وقد أدركت الحسن -والله- وما يقوله .

قال الحمادان ، عن يونس قال : ما استخفّ الحسن شيء ما استخفه القدر .

حماد بن زيد ، أن أيوب وحميدا خوفا الحسن بالسلطان ، فقال لهما : ولا تريان ذاك ؟ قالا : لا . قال : لا أعود .

قال حماد : لا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به .

وروى أبو معشر ، عن إبراهيم ، أن الحسن تكلم في القدر . رواه مغيرة بن مقسم ، عنه .

وقال سليمان التيمي : رجع الحسن عن قوله في القدر .

حماد بن سلمة ، عن حميد ، سمعت الحسن يقول : خلق الله الشيطان ، وخلق الخير ، وخلق الشر . فقال رجل : قاتلهم الله ، يكذبون على هذا الشيخ .

أبو الأشهب : سمعت الحسن يقول في قوله : وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قال : حيل بينهم وبين الإيمان .

وقال حماد ، عن حميد ، قال : قرأت القرآن كله على الحسن ، ففسره لي أجمع على الإثبات ، فسألته عن قوله : كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ قال : الشرك سلكه الله في قلوبهم .

حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء ، قال : سأل الرجل الحسن فقال : وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ؟ قال : أهل رحمته لا يختلفون ، ولذلك خلقهم ، خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره . فقلت : يا أبا سعيد ، آدم خلق للسماء أم للأرض ؟ قال : للأرض خلق . قلت : أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال : لم يكن بد من أن يأكل منها؛ لأنه خلق للأرض . فقلت : مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ ؟ قال : نعم ، الشياطين لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلى الجحيم .

أبو هلال محمد بن سليم : دخلت على الحسن يوم الجمعة ولم يكن جمع ، فقلت : يا أبا سعيد ، أما جمعت ؟ قال : أردت ذلك ، ولكن منعني قضاء الله .

منصور بن زاذان : سألنا الحسن عن القرآن ، ففسره كله على الإثبات .

ضمرة بن ربيعة ، عن رجاء ، عن ابن عون ، عن الحسن ، قال : من كذب بالقدر فقد كفر .

حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال : لما ولي الحسن القضاء كلمني رجل أن أكلمه في مال يتيم يدفع إليه ويضمه ، فكلمته فقال : أتعرف الرجل ؟ قلت : نعم . قال : فدفعه إليه .

رجاء بن سلمة ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين - وقيل له في الحسن : وما كان ينحل إليه أهل القدر ؟ قال : كانوا يأتون الشيخ بكلام مجمل ، لو فسروه لهم لساءهُم .

ابن أبي عروبة : كلمت مطرا الوراق في بيع المصاحف، فقال : قد كان حبرا الأمة -أو فقيها الأمة- لا يريان به بأسا : الحسن والشعبي .

ابن شوذب ، عن مطر ، قال : دخلنا على الحسن نعوده ، فما كان في البيت شيء ؛ لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه .

عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، قال : ولي وهب القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه ، فحدثت به معمرا ، فتبسم وقال : ولي الحسن القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه .

وقال أبو سعيد بن الأعرابي : كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء ، فيتكلم في الخصوص ، حتى نسبته القدرية إلى الجبر ، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر ; كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس عنده ، وتفاوتهم في الأخذ عنه ، وهو بريء من القدر ومن كل بدعة .

قلت : وقد مر إثبات الحسن للأقدار من غير وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه ، فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد .

كما نقل أحمد الأبار في "تاريخه" : حدثنا مؤمل بن إهاب ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : الخير بقدر ، والشر ليس بقدر .

قلت : قد رُمي قتادة بالقدر .

قال غندر ، عن شعبة : رأيت على الحسن عمامة سوداء .

وقال سلام بن مسكين : رأيت على الحسن طيلسانا كأنما يجري فيه الماء ، وخميصة كأنها خَزّ .

وقال ابن عون : كان الحسن يروي بالمعنى .

أيوب : قيل لابن الأشعث : إن سرك أن يُقتَلوا حولك كما قُتِلوا حول جمل عائشة ، فأخرج الحسن . فأرسل إليه ، فأكرهه .

قال سليم بن أخضر : حدثنا ابن عون : قالوا لابن الأشعث : أخرج الحسن ، قال ابن عون : فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء ، فغفلوا عنه ، فألقى نفسه في نهر حتى نجا منهم ، وكاد يهلك يومئذ .

وقال القاسم الحداني : رأيت الحسن قاعدا في أصل منبر ابن الأشعث .

هشام ، عن الحسن ، قال : كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره .

حماد : سمعت ثابتا يقول : لولا أن تصنعوا بى ما صنعتم بالحسن حدثتكم أحاديث مونقة . ثم قال : منعوه القائلة ، منعوه النوم .

حميد الطويل : كان الحسن يقول : اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم ؛ فإنهم سيصحبونك بمثله .

قال أيوب : ما وجدت ريح مرقة طبخت أطيب من ريح قدر الحسن .

وقال أبو هلال : قلما دخلنا على الحسن إلا وقد رأينا قدرا يفوح منها ريح طيبة .

مسلم بن إبراهيم : حدثنا إياس بن أبي تميمة : شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة ، والفرزدق إلى جنبه على بعير ، فقال له الفرزدق : قد استشرفنا الناس ، يقولون : خير الناس وشر الناس ; قال : يا أبا فراس ، كم من أشعث أغبر ، ذي طمرين ، خير مني ، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه ، ما أعددت للموت ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله . قال : إن معها شروطا ، فإياك وقذف المحصنة . قال : هل من توبة ؟ قال : نعم .

ضمرة ، عن أصبغ بن زيد ، قال : مات الحسن وترك كتبا فيها علم .

موسى بن إسماعيل : حدثنا سهل بن الحصين الباهلي ، قال : بعثت إلى عبد الله بن الحسن البصري : ابعث إليّ بكتب أبيك ، فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي : اجمعها لي ، فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها ، فأتيت بها فقال للخادم : اسجر التنور ، ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث بها إلي وأخبرني أنه كان يقول : ارو ما في هذه الصحيفة . ثم لقيته بعد فأخبرني به مشافهة بمثل ما أدى الرسول .

وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين ، قال : وأما الحسن فما رأينا أحدا أطول حزنا منه ; ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة . ثم قال : نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا . وقال : لا أقبل منكم شيئا ; ويحك يا ابن آدم ، هل لك بمحاربة الله -يعني قوة- والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ، ولقد رأيت أقواما يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا، فيقول : لا أجعل هذا كله في بطني ، فيتصدق ببعضه ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه .

قال أيوب السختياني : لو رأيت الحسن لقلت : إنك لم تجالس فقيها قط .

وعن الأعمش ، قال : ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها ، وكان إذا ذُكِرَ الحسن عند أبي جعفر الباقر قال : ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء .

صالح المري ، عن الحسن قال : ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ، ذهب بعضك .

مبارك بن فضالة : سمعت الحسن يقول : فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لُبٍ فرحا .

وروى ثابت عنه ، قال : ضحك المؤمن غفلة من قلبه .

أبو نعيم في "الحلية" حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد ، حدثنا أحمد بن زياد ، حدثنا عصمة بن سليمان الخزاز حدثنا فضيل بن جعفر ، قال : خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال : ما يجلسكم هاهنا ؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء ، أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار ; تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم ، قد فرطحتم نعالكم ، وشمرتم ثيابكم ، وجززتم شعوركم ; فضحتم القراء فضحكم الله ، والله لو زهدتم فيما عندهم ، لرغبوا فيما عندكم ، ولكنكم رغبتم فيما عندهم ، فزهدوا فيكم ، أبعد الله من أبعد .

وعن الحسن ، قال : ابن آدم ، السكين تُحَدّ ، والكبش يُعْلَف ، والتنور يسجر .

ابن المبارك : حدثنا طلحة بن صبيح ، عن الحسن ، قال : المؤمن من علم أن ما قال الله كما قال ، والمؤمن أحسن الناس عملا ، وأشد الناس وَجَلا ، فلو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين ، لا يزداد صلاحا وبرا إلا ازداد فرقا ، والمنافق يقول : سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي ، فيسيء العمل ويتمنى على الله .

الطيالسي في "المسند" الذي سمعناه : حدثنا جسر أبو جعفر ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : من قرأ يس .

رواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن .

خالد بن خداش : حدثنا صالح المري ، عن يونس ، قال : لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع ، فقام إليه ابنه فقال : يا أبت قد غممتنا ، فهل رأيت شيئا ؟ قال : هي نفسي لم أُصَبْ بمثلها .

قال هشام بن حسان : كنا عند محمد عشية يوم الخميس ، فدخل عليه رجل بعد العصر، فقال : مات الحسن . فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام ، فما تكلم حتى غربت الشمس ، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه .

قلت : وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مائة يوم .

قال ابن علية : مات الحسن في رجب سنة عشر ومائة .

وقال عبد الله بن الحسن : إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة .

قلت : مات في أول رجب ، وكانت جنازته مشهودة ، صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة ، فشيعه الخلق ، وازدحموا عليه ، حتى إن صلاة العصر لم تُقَمْ في الجامع .

ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة، فقال : لقد نبهتموني من جنات وعيون ، ومقام كريم .

قلت : اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن ، عن سمرة ، وهي نحو من خمسين حديثا ، فقد ثبت سماعه من سمرة ، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة .

وقال عفان : حدثنا همام ، عن قتادة ، حدثني الحسن ، عن هياج بن عمران البرجمي ، أن غلاما له أَبَق ، فجعل عليه إن قدر عليه أن يقطع يده فلما قدر عليه بعثنى إلى عمران فسألته ، فقال : أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحث في خطبته على الصدقة وينهي عن المثلة فليكفر عن يمينه ، ويتجاوز عن غلامه . قال : وبعثني إلى سمرة، فقال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحث في خطبته على الصدقة وينهي عن المثلة ليكفِّر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه .

قال قائل : إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن : عن فلان ، وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلان المعين ؛ لأن الحسن معروف بالتدليس ، ويدلس عن الضعفاء ، فيبقى في النفس من ذلك ; فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة ، يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة . والله أعلم .

1998-2014 ©Islamweb.net جميع حقوق النشر محفوظة