العشوائيات في مدينة اللاذقية.. أحياء مخالفة تبحث عن تنظيم حديث متطور بعد عقود من الإهمال وعدم الاكتراث؟

العشوائيات في مدينة اللاذقية.. أحياء مخالفة تبحث عن تنظيم حديث متطور بعد عقود من الإهمال وعدم الاكتراث؟
plain text طباعة أرسل إلى صديق
نيوز سنتر

لا نزال نسمع من كثير من مسؤولينا التنفيذيين في مواقع القرار الوزاري وغير الوزاري كثيراً من الكلام والأقوال والشروحات النظرية التي لا طائل عملياً منها حولأهمية تنظيم أو إعادة تأهيل مناطق وأحياء مدينة اللاذقية العشوائية التي يبلغ عددها هنا حوالي ثمانية أحياء منتشرة على طول وعرض هذه المدينة من حي الرمل الفلسطيني وحي السكنتوري جنوباً حتى أحياء الدعاتير شمالاً.

ويمكن القول أن الكتلة البشرية الأكبر في المدينة تتركز في تلك الأحياء الفقيرة نسبياً التي يعمل سكانها في وظائف تابعة للدولة أو للقطاع الخاص، أو في كثير من المهن الحرة كالسباكة أو الكهرباء أو التبليط أو التلييس أو صيد السمك وغيرها.. وهناك قسم كبير منهم عاطل عن العمل لا شغل له سوى الجلوس في القهاوي أو في البيوت بانتظار الرحمة والفرج..

ومن المعروف أن الإنسان العاطل عن العمل يشكل عبئاً وضغطاً على أسرته وعلى مجتمعه وعلى دولته أيضاً.. ولابد من إيجاد حل ناجع وفعال لمشكلته وإدماجه في العمل ليس من أجل أن يحصل ويكسب أموالاً تعيله على معيشته وتأمين احتياجاته فقط، وإنما من أجل إشغال وقته ليشعر بقيمته الذاتية الحقوقية العملية كفرد منتج ومؤثر في تطور مجتمعه ووطنه، وصاحب دور معين حقيقي فيه على كل المستويات والأصعدة..

نعود لمناطق العشوائيات لنقول بأننا لم نسمع حتى الآن من مسؤولينا هنا في المحافظة أو حتى هناك في الوزارات المعنية سوى الكلام المعسول الجميل المنمق الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، والذي يستخدمون فيه تعابير وألفاظ من قبيل (سوف-سنعمل-أكدنا على-هناك ضرورة ملحة-..الخ)، وينطبق عليهم المثل أو القول المصري المعروف "اسمع كلامك يعجبني، أشوف عمايلك أستعجب".. خاصةً على مستوى عدم معالجة ملف تنظيم وتأهيل مناطق السكن غير النظامي.. إلا في المؤتمرات والندوات والمنابر الخطابية و"مواسم الحكي".. وما أكثرها عندنا!!..

فمن جهة تتصاعد في تلك الندوات تعابير ومصطلحات من قبيل أننا في حاجة ملحة إلى إصلاحات جذرية تطال كافة الجوانب المتعلقة بملف الإسكان والمخالفات في شكل مباشر أو غير مباشر.. أو من قبيل أننا يجب (دققوا هنا على هذه الكلمة الطنانة) أن نعمل ليلاً نهاراً لخدمة المواطن والصالح العام!!..

ومن جهة ثانية يتحدثون بأن بعض المخالفات ناجم عن ملكية الأراضي، وبعضها الآخر ناجم عن عدم الامتثال لأنظمة استخدام أو ما يسمى بـ "تخطيط الأراضي".

ومن جهة ثالثة يتحدثون عن وجود ما يسمى بالفجوة التنظيمية المرتبطة بعدم وجود أراضٍ (مقاسم) معدة للبناء (المزودة بالخدمات) ضمن المخططات التنظيمية المصدقة أو قصور التنظيم الموجود عن استيعاب النمو السكاني والعمراني في الفترات السابقة.. (لا أدري ما الذي يمنعهم عن سد تلك الثغرة أو الفجوة!!)..

ومن جهة أخرى يقول كثير من الخبراء والمراقبين والمسؤولين أن أزمة العشوائيات تنبع من وجود فساد كبير في البلديات المعنية التي يتقاضى بعض وربما كثير من المعنيين بمسؤوليات ملاحقة ومنع المخالفات والتعديات، الرشاوي والأموال للسكوت والتغاضي عن بناء شقق سكنية (منازل أو ما يشبه المنازل في بعض الأحياء) تصلح لتسكين الكثير من الأسر المتزايد عددها وعديدها في المناطق العشوائية المذكورة..

وفي النهاية ماذا هناك؟ هل حلت هذه المشكلة المتفاقمة؟ بالطبع لم تحل إلا على الورق وعلى طاولات المؤتمرات.. فهناك مزيد من الاجتماعات وورش العمل والوعود الرنانة والتسويفات المضجرة والمملة، والكلام الإنشائي الممجوج.. وهناك أيضاً مدينة هي اللاذقية، يقال عنها أنها مدينة سياحية ولكنها في الواقع ليس لها أي اسم أو وجود أو دور أو حتى مكانة ما فعالة أو أي حضور نوعي مؤثر على خريطة السياحية العربية والدولية كمل يجب أن تكون في واقعها خاصة وأنها تمتلك مقومات وأسس نظرية تؤهلها لتحظى بالمكانة الأهم على شط المتوسط الشرقي..

ومن باب المقارنة فقط، نضرب دائماً المثل التركي الذي يحضرنا باعتبار أن تركيا لها نفس الشط الساحلي، ولكن الفرق كبير جداً بيننا وبينهم.. قارنوا فقط بين بعض المدن التركية القريبة من حدودنا الشمالية، مثل أضنة أو غازي عنتاب ولن نقول أنقرة أو اسطنبول، لتجدوا الفرق في درجة ونوعية التنظيم العمراني وضبط المخالفات.. ولاحظوا حتى الفرق مثلاً بين مدينة مرسين السياحية الساحلية مثلاً وبين مدينة اللاذقية، على مستوى الخدمات السياحية وعلى مستوى عديد وأعداد السائحين الذين يزورونها (من سوريا!!) قبل أي دولة أخرى.. حيث أصبح السائح الحلبي أو الشامي يذهب لمرسين أو غير مرسين لقضاء إجازة محددة، بما يعني أننا بتنا نخسر حتى سائحنا المحلي.. فما بالك بالسائح الأجنبي!!..

وهذه المقارنة لا تأتي من باب عقدة الإنبهار بالأتراك وبتجربتهم الرائدة في الاقتصاد والإعمار والتنمية الاقتصادية وغيرها، ولكنها تأتي من زاوية التأكيد على دراسة تجارب الآخرين أخذ العبر والدروس منهم والاستفادة من تجاربهم المهمة المتراكمة على أكثر من صعيد اجتماعي وإسكاني واقتصادي.. ولا ندري إلى متى سننتظر العمل النوعي والمنتج والواضح للعيان البارز أمام الناس؟!!..







المركز السوري للأخبار والدراسات



أضف تعليق