الموسوعة الشاملة
www.islamport.com


    الكتاب : موسوعة البحوث والمقالات العلمية
    جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة
    حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث
    علي بن نايف الشحود

وإنما لم ينقل عن الأولين مثل هذا الإتساع مال بيت المال في زمانهم بخلاف زماننا فإنه لو لم يفعل الإمام ذلك النظام، بطلت شوكة الإمام، وصارت ديارنا عرضة لاستيلاء الكفار(56).
2- يقول الإمام القرطبي: واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة، فإنه يجب صرف المال إليها(57)، وقال الإمام مالك: يجب على الناس فداء أسراهم وأن استغرق ذلك أموالهم(58).
ج- الشافعية يقرون شرعية الضرائب على الأغنياء إذا احتاج الإمام من أجل مصلحة عامة وفي ذلك:
1- يقول الإمام الغزالي: إذا خلت الأيدي من الأموال، ولم يكن من مال المصالح ما يفي بخراجات العسكر، ولو تفرق العسكر، واشتغلوا بالكسب لخيف دخول العدو ديار المسلمين، أو خيف ثوران الفتنة من أهل العرامة في بلا الإسلام، جاز للإمام أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند(59).
2- ويقول الرملي: ومن فروض الكفاية دفع ضرر المسلمين، ككسوة عارٍ، وإطعام جائع، إذا لم يندفع بزكاة أو بيت مال. على القادرين وهم من عنده زيادة على كفاية سنة لهم ولمموليهم(60).
3- وفتوى الشيخ عز الدين بن عبد السلام للملك المظفر قطز في فرض الضرائب على الناس لأجل الإستعداد والتجهيز لقتال التتار:
إنه إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على العالم قتالهم وجاز لكم أن تأخذو من الرعية ما تستعينون به على جهادكم بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء وأن تبيعوا ما لكم من الحوائص(61) المذهبة، والآلات النفيسة، ويقتصر كل الجند على مركوبه وسلاحه، ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ الأموال من العامة مع بقايا في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا(62) .
وما حدث في الأندلس عندما أراد أمير المسلمين يوسف بن تاشفين أن يفرض الضرائب ويجهز الجيش للدفاع عن البلاد الإسلامية فأفتاه العلماء بجواز فرض الضرائب إذا حلف بحضرة أهل العلم أن ليس في بيت المال شيء من المال(63).
د- أما فقهاء الحنابلة فقد أجازوا فرضيتها وسموها الكلف السلطانية واعتبروها من الجهاد بالمال، وفي ذلك يقول ابن تيمية في الفتاوى إذ يعتبر أن الكلف السلطانية أو ما يأخذه السلطان من أموال الأغنياء يعد من قبيل الجهاد بالمال فيقول: وإذا طلب منهم شيء يؤخذ على أموالهم ورؤوسهم، مثل الكلف السلطانية التي توضع عليهم كلهم، إما على عدد رؤوسهم، أو على عدد دوابهم، أو على أكثر من الخراج الواجب بالشرع، أو تؤخذ منهم الكلف التي أحدثت في غير الأجناس الشرعية، كما يوضع على المتابعين للطعام والثياب والدواب والفاكهة، وغير ذلك، يؤخذ منهم إذا باعوا، ويؤخذ تارة من البائعين، وتارة من المشترين(64).
هـ- يرى ابن حزم الظاهري كذلك جواز فرض الضرائب العامة إن كان هناك مصلحة وضرورة فيقول: فرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات، ولا فيء سائر المسلمين بهم. فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه، ومن اللبس للشتاء والصيف لمثل ذلك، وبمسكن يكنهم من المطر، والصيف، والشتاء، وعيون المارة(65).
المستند الشرعي لرأي هذا الفريق
استدل الفقهاء على موقفهم القائل بجواز بجواز فرض الضرائب في أموال الناس غير الزكاة بأدلة من الكتاب والسنة، والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم ومن المعقول وإليك البيان:
أ- استدلالهم بالقرآن الكريم:
استدل هذا الفريق بقول الله عز وجل: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام والصلاة وآتى الزكاة، والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا، وأولئك هم المتقون)(66).
وجه الاستدلال في الآية الكريم أن الله تعالى نص على إيتاء الزكاة كما نص على إيتاء المال لذوي القربى واليتامى والمساكين، مما يدل على أن المراد بإيتاء المال في الآية غير الزكاة، وأن في المال حقًا سوى الزكاة.
يقول الفخر الرازي: واختلفوا في المراد من هذا الإيتاء فقال قوم: إنها الزكاة وهذا ضعيف، وذلك لأنه تعالى عطف الزكاة عليه بقوله: (وأقام الصلاة وآتي الزكاة) ومن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يتغايرا، فثبت أن المراد به غير الزكاة.. وإن كان غير الزكاة إلا أنه من الواجبات(67).

(/6)

الصفحة السابقة   //   الصفحة التالية