مانيفستو - زياد الرحباني

إخواتي أخواتي أيّها الرفاق، يا أيّها القراء الأعزاء والأحبّة المجاهدون والمجاهدات، في الأول من شهر أيلول الحالي، عدتُ لأحجز عموداً مزدوجاً في هذه الصحيفة العزيزة، اللا غبار عليها، وقد تمّ وضعي في الطابق الأول ــ الصفحة الثانية. وكتبتُ يومها، أي قبل أسبوعين بالتمام، عن أسباب عودتي الى المبنى في إطار بيان لا عنوان خاصاً له، بل عنوان العمود نفسه أي: ما العمل؟، كمن يجيبك عن مكان إقامته بإسم العقار لا بعنوان الطابق والجهة؛ والحقيقة أن اسم العقار ورقمه أهمّ من لائحة شاغلي طوابقه، فما يصيب هذا المبنى من هزّات أو مشاريع كوارث، أخطرها الانهيارات وأسفلها الاستملاك، يأتي على عزيمة وهمّة كل قاطنيه رغم تضارب انتماءاتهم ونزعاتهم للتوحيد.

العدد ١٨٠٩

الاحتياط واجب.
إنَّ الاحتياط واجب.
إنَّ استدعاء الاحتياط واجب.
إنَّ الجيش رُبَما يُنهَك وحده في استمرار الفصل بين «التعايش والايمان»، لذا فإنَّ استدعاء الاحتياط واجب.
إنَّ مشاريع تدريب ميليشيات مارونية وسنيَّة وتحريرها هي قيد الانجاز، والجيش رُبَما يُنهَك وحده في استمرار الفصل بين «التعايش والايمان»، لذا فإنَّ استدعاء الاحتياط واجب.
إنَّ خدمة العلم من أهَّم المشاريع التي أنجزتها الدولة اللبنانية بعد مؤتمر الطائف، ...... ملاحظة: إملأ هذا الفراغ حتى جملة: ...الاحتياط واجب. واربح نفسك أولاً ومن ثمَّ ما تبقّى من الوطن والمجتمع.

العدد ١٨٠٨
ماذا تفعل الرأسمالية المُدافعة «علناً» عن النوعية، والمقصود: ماذا فعلت تاريخياً بعلاقتها مع الكميّة؟ إنّ مبدأ رأس المال مبنيٌّ أساساً على المُراكمة ← التراكم. أي: تكبير الكميّة مهما كانت النوعية. إن مفهوم الربح، بكل بساطة، هو = الكمية الكبرى من السلعة أو المال. إن السلع نوعيات، أمّا المال فهل له نوعية؟ - كلاّ. قد يكون له نوع بمعنى «العملة» أي: monnaie. لذا يحرص رأس المال على أن تكون كمية الأرباح، نموذجياً، بكلّ العملات. إن المجال الأسهل لاستيعاب مفهوم الكمية والنوعية، هو باب السلعة والسوق.
العدد ١٨٠٧

أُسٌّ

صحيحٌ أن للبنان تركيبةً اجتماعية فريدة وخصوصيات ليس من السهل أن يجاريه فيها أحد، لذا فهو مميّز جداً عن محيطه من البلدان. لكن، ليس في هذه اللحظة بالذات.
صحيحٌ أنه كائناً مَن كان، الذي «أخذ أمّي صار عمّي»، لكن، ليس في هذه اللحظة بالذات. صحيحٌ أن لبنانَ بمساحته الصغيرة يقرّب البحر والشمسَ من الجبلِ وثلوجه، لكن، مع كل هذه الطرقات المسكّرة والمداخل والمخارج المحوَّلة أو المسدودة، يدور المواطن في الجمّيزة، يدور في عين المريسة فيرى البحر والجبل معاً، لكنه يبقى في مكانه حتى يقرِّب الوطن أيضاً، موعدَ خروجه من موعد عودته، ففي هذه اللحظة بالذات ليس لبنانُ كذلك بل كذلك أيضاً.

العدد ١٨٠٦
الانحطاط يكون الانحطاط في المجتمع أفقياً على الدوام. فسلسلة العلاقات الاجتماعية بين الفعل وردّة الفعل، تأخذ بالانحطاط تباعاً وبشكل متبادل، حتى يتساوى المعدّل العام بفروقٍ لا تُذكر. إن نائباً كذاك ومطربة كهذه يؤثّران على مستوى الطبيب والمهندس وبائع الجرائد. وإن أي ارتفاعٍ ملحوظٍ في مكان ما على السطر الأفقي للانحطاط، يكون ازدهاراً في الانحطاط، يفترض رسمه بإشارةٍ إلى ما دون السطر منطقياً، لكن منطق الانحطاط مقلوب. ما مناسبة هذا الحديث؟ لا شيء، معلومةٌ عن الانحطاط، لِئَلاّ...
العدد ١٨٠٥

منذ نشوئها، يحضر احتمالان وحيدان في تفسير تسميتها، وأعني: «القوّات اللبنانية». التفسير الأوّل: أن الاسم المعنوي هذا، تنقصه كلمة ما على الأقل. فتعبير «القوّات اللبنانية» لا يدلّ وحده على شيء، وخاصة إذا حَسُنت النيّات. فهو كالقائل: الجبال اللبنانية، الحدود اللبنانية، العادات والمازات والقوّات اللبنانية. قوّات من أجل ماذا تحديداً؟ القوّات اللبنانية! تشرّفنا بكم. وماذا تفعلون بالضبط؟ ما القصد من هذا التجميع للقوّات اللبنانية؟ إنّ «الحزب التقدّمي الاشتراكي» مثلاً، واضح، فهذا مبدأ وهو: التقدميّة. ومن ثم صعوداً، «تيّار المستقبل» هو الآخر اختار شعاراً له، خارجه الناس من الماضي وداخله كلّ المستقبل المتوهّج بالازدهار والرغد.

العدد ١٨٠٤
في النهاية، نحن الآن في هذه اللحظة، اذا أردنا أن نتداول بما هو حاصل في الشمال، مضطرون للقول إنَّ معارك شديدة مثلاً تتجدد على محور مخيم نهر البارد بين مواقع الجيش و ... من؟ لن يختلف اثنان على أن الطرف الثاني هو: «فتح الإسلام». إن هذه التسمية أو الشعار أصبح بين ليلة وضحاها، موحداً بيننا، بين الأمِّي والذي يتقن العربية. بين الذي يقرأ صحيفة مرة في الربيع ومرة في أواخر الصيف وبين الذي يقرأ يومياً أكثر من صحيفة.
العدد ١٨٠٣
كيف يمكن أن تعمل مع إنسان لا يحمل ساعة يد؟ ولا ساعة حائط طبعاً، فهي كبيرة على اليد. ولا أيّة ساعة اخرى متدلية مثلاً من أُذنه أو ملفوفة حول الرقبة من تصميم «غوتشي»، ولا مثبّتة في مناخيره يخرج الكوكو منها كلّ ساعة؟ في أيّة ساعة يأتي إليك؟ أيّة ساعة يتصل بك ليأتي إليك أو يلغي الموعد؟ وبناءً على ساعة مَن يكون في طريقه اليك؟ وإن وصل، فهل يعرف أية ساعة وصل، وكيف يعرف إن هو وصل على الساعة المُتّفق عليها؟ وإن أتى قبل الساعة المذكورة او بعدها، فكيف تقنعه بأنه أتى باكراً أو تأخّر؟ ما الذي يمنعه من أن يقول لك إن ساعتك غير مضبوطة «تماماً» !!!؟ وبمَ سيُجيبك إن سألته: في أيّة ساعة يعتقد أنه سينتهي من هذا الجدل ومن ثم العمل الذي تكفّل بإنجازه؟
العدد ١٨٠٢
الحاضر- طيب، سؤال: أليسَ ممكناً أن يكون عندكم في المستقبل، أي شيء آخر، غير السنّي أو الماروني؟ المستقبل- (مستغرباً) من قال لكم ذلك؟ نحن عندما نتكلم عن المستقبل نقصد به مستقبل «اللبناني» دون أي تفرقة. الحاضر- بالضبط، وأنا أتكلم عن هذا «اللبناني» المستقبل- نعم الحاضر- هل يمكن أن يكون هذا «اللبناني» شيئاً غير السنّي أو الماروني على سبيل المثال أو عن طريق الخطأ أو الضيافة مثلا؟ أعني من فترة لأخرى، ليس دوماً، طبعاً. أفهم ان يكون سنياً- مارونيا،ً بلا شك، كما الاستقلال، بطبيعة الحال. المستقبل- (مقاطعاً) لا لا، بالعكس هذا ليس صحيحاً. هذه اشاعات عن المستقبل ليس إلاّ، ونحن المستقبل، ونحن ضدّها بالتأكيد. الحاضر- ضد من؟
العدد ١٨٠١
كيف تريد ألّا تكون طبيعة قيادة السيارات أيضاً، على هذه الشاكلة في لبنان؟ كيف تريد أن يكون مجموع اجتهادات قانون السير مختلفاً عن الحالي المدهش؟ لمَ النقّ الدائم يا مخايل؟ ما دمت تشهد يومياً على تفاصيل تكاد تصبح عادية مثل أن يردّ النائب وائل أبو فاعور معلّقاً ومصححاً، على الرئيس نبيه برّي؟ أين الباب وأين الطاقة؟ هل هذه هي الديموقراطية؟ أم هي التقدمية الاشتراكية؟ لا أظنّ، إنّه قانون الغاب، مقلوباً. إنها سنّة الحياة الحيوانية، لكن في خيال الصور المتحركة. كأن يقضي سنجابٌ وحيدٌ على وحيدٍ للقرن لشدّة دهائه ونضاله الديموقراطي.
العدد ١٨٠٠
... لذا يا إخوة، وبعد كل ما مررت عليه من عقائدَ وقناعات، عبر السنين، بعد كل الأخذ والردّ في مواضيع بسيطة جداً في الأساس، إنما سمّوها عن غير رغبة في التحقيق: وجدانية، بعد الشيء وعكسه، بعد الفعل ونقيضه، بعد عهودٍ من السهر المديد، والتأكّد شخصياً من أنواع الفجر على امتداد أشهر السنة، وبعد النهوض باكراً بغية التثبّت من أن الحياة قد تكون عظيمة بهذا الشكل، عدتُ وسلّمت في النهاية: بأنّا للّه وأنّا إليه راجعون. واعترفتُ، وها أنا أكرّر أمامكم أن هذا الاعتراف هو أفضل أنواع المصائر التي يمكن أن نتمنّاها لأنفسنا ولكلّ نفسٍ بشريّة، شريفةً كانت أو دنيئة.
العدد ١٧٩٩

ـــــ 8 آذار: (عربي مَحكي) خِدلَك شَقلِة عا مقابيلي (أي: احملْ معي).
ـــــ 14 آذار: (عربي ـــــ أكثرية) ?Keef yeeni (أي: كيف يعني؟ بلغة 8 آذار أو آذار بمجمله عادة).
ـــــ 8 آذار: (موضحاً) شقلة شقلة!
ـــــ 14 آذر: ?c’est quoi cha’leh (أي: ما هي الشقلة؟)
هنا توقف الحوار. كيف يمكن هذا الحوار البسيط ألاّ يتوقف وبالتالي يستمرّ؟ هنا السؤال. يبدو السؤال بسيطاً وربما سخيفاً، إذ إنّ «الشَقلِة» ليست مهمّة وطنية.

العدد ١٧٩٨

... لهذه الأسباب ولغيرها، كتعاظم دور المنظمات الأهلية «غير الحكومية» واستفحالها، ولاستحالة الركون الى «جماهير» دول عدم الانحياز وأدبياتها، ولأن العالم في النهاية كما في البداية مقسوم على < رقم القسمة المتني> أي (2)، أعود اليوم الى العمود نفسه.
وكان فريق «الأخبار» قبيل صدورها، قد طبع منشوراً بعنوان «شو الأخبار؟» للتعريف بالشؤم الورقي المنتظر وفيه كلمات لجوزف سماحة وإبراهيم الأمين، عصام الجردي، زياد عاصي الرحباني، وخالد صاغية، يُفترض أنه كان يروّج لتعددية الرأي المرتقبة في الصحيفة عند صدورها، وبالتالي: للديمقراطية...

العدد ١٧٩٧

كان مقرّر هلق إنّو ينقال كلمة.. وكلمة شوي.. يعني من بعد ما راجعتها لقيت إنّو ما حدا بيعرف شو فيه عند التاني. يعني عا أساس فيه كذا مناسبة حوالينا بالمنطقة بالشرق الأوسط كلّه وممتدّة عا أفريقيا كمان. وكلّ العالم، من الشخص الأمّي اللي ما بيقرا حرف ولا بيفكّ، يعني مش ممكن يقرا جريدة، إذا تفرّج على تلفزيون عند جاره على الصوَر اللي عم بتصير وإذا سأله: هَي وين؟ بيقلّه: هَي السودان. هَي وين؟ بيقلّه: هَي اليمن. هَي وين؟ أفغانستان. هَي وين؟ ليبيا. طيب وهَي وين؟ هَي سوريا. وهَي وين؟ هَي الصعيد. هَي وين؟ أكيد فيه غزة. طيب وهَي وين؟ هَي طرابلس.

العدد ٢٣٦٦

عندما نقول أو عندما نردِّد ما قاله قبلنا غيرُنا: يا عمّال العالم اتحدوا، لا نكون بأي شكلٍ من الأشكال في موقع التحريض على فعلٍ ما سيّء أو معاد. فلِمَ التسرُّع في الحكم أمام شعور غريزيّ من الهلع يَفترِض سلفاً: أنّ اتحاد عمّال العالم هو من دون أي شكّ وضعٌ مخيفٌ أو خطرٌ أو ربما أخطر أو ربما الله أكبر والعزّة للعرب! خاصةً وأنه ليس هنالك أية إرهاصات أو إشارات تنمّ عن أو تسبق عادةً اتحاد عمّال العالم المفترَض، أو اتحاداً لعمّال العالم وقد اتحدوا. وهي المقولة التاريخية الوحيدة التي لم تحصل ولا مرة في التاريخ.

العدد ٢٢٨٤
لَقِّم المحتوى