جواهر حلب

 

 

 

 

خير الدين الأسدي {1318- 1391هـ / 1900- 1971م}

 

 .

.

صقر المؤرخين ونسر العلماء في اختصاصه , وهب حياته لوضع رموز النطق للهجة الحلبية .

بحاثة لغوي انقطع إلى العلم , فزهد في الحياة والزواج , حتى بلغ ما أنجزه من مطبوع ومخطوط  حداً يكاد يكون معجزاً .

إنه أول من نادى بنظرية الصرف المقارن بين اللغة العربية وأخواتها اللغات العربية القديمة كالكنعانية وغيرها , وألف في تطبيق هذه النظرية كتاباً يتناول فيه (فعلي العدم والوجود) (أيس وليس) .

إنه من أوائل الذين كتبوا الشعر المنثور وله في ذلك كتاب يضم خواطر روحية قريبة من الشعر الصوفي بعنوان (أغاني القبة) .

كان داره متحفاً ومعرضاً للفنون الجميلة بما فيها من لوحات وتحف أثرية وفنية.

موسوعته بلغت بعد طباعتها سبعة مجلدات , ولم يتخل عنها , حتى في أحلك ظروف حياته الصحية والمعيشية .

.

ولد محمد خير الدين الأسدي عام 1900 في حلب , بحي الجلوم لأبوين حلبيين كان والده عمر أرسلان , وأمه أسماء شماع , وكان والده رجل علم وزهد , وقد غير كنيته إلى أسدي تعصباً لعروبته , لأن (أرسلان) تركية تعني أسداً , وكانت أمه من عامة الناس , رأسها محشو بالأمثال والخرافات وقصص الجان.

نشأ الأسدي في بيت غير متجانس , تحكمه الخلافات , ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة (شمس المعارف) ثم انتقل إلى المدرسة العثمانية , التي كان والده يعلم فيها .

انخرط في سلك التعليم عام 1920 , وكان مضطراً للعمل كمعلم حتى آخر يوم من حياته وذلك لضيق ذات يده , ولم يكن ينفق من أجل سياحته بل من أجل البحث والمعرفة .

ظهرت موسوعته , وهي بعنوان موسوعة حلب المقارنة عام 1981 .

.

خير الدين الأسدي: كان به ميل إلى المسرح والتمثيل , ففي عام 1923 أخرج لطلابه مسرحية (استقلال أمريكا) وفي ليلة العرض انفجرت كمية من البارود في يده اليسرى , مما أدى إلى بتر كفه , فأمضى حياته يعاني من مشقة العيش والكتابة بيد واحدة .

كان شديد الولع بالآثار , كما ضمت خزائنه مجموعة من الصور الأثرية الفريدة يربو عددها على أربعين ألف صفحة , ولذلك كان من أبز العاملين على تنشيط النهضة الأثرية في حلب حتى انتخب عام 1950 أميناً للسر في جمعية العاديات , وكان يجيد اللغات التركية والسريانية ويلم بالفرنسية , وبلاغات أخرى .

.

آثاره ومطبوعاته: 1- البيان والبديع 1936 , 2- عروج أبي العلاء 1940 , 3- قواعد الكتابة العربية , 4- الجانب اللغوي من الكلمة 1951 , 5- أغاني القبة , 6- يا ليل , 7- أحياء حلب وأسواقها 1957 .

.

مؤلفاته المخطوطة: 1- الله , 2- أيس وليس , 3- الألف , 4- الموسوعة في النحو , 5- تاريخ القلم العربي .

هذا فضلاً عن العديد من المقالات اللغوية والأدبية , التي نشرت في بعض المجالات , وله أحاديث أذيعت من إذاعة حلب .

الموسوعة (موسوعة حلب المقارنة): كان للأسدي فضل الريادة في وضع رموز نطق لهذه اللهجة الحلبية , وهي لا تعدو أن تكون رديفاً للحركات المعروفة في الفصحى , جمع المؤلف كل ما يتصل بلهجة حلب المحلية , وما تشتمل عليه من تشبيهات واستعارات وكنايات ومجازات , ووسائل تعبير أخرى , كما ضمت كل ما يمت إلى أهل حلب من معتقدات وخرافات وحكايات وما يدور على ألسنتهم من أشعار وأناشيد وأغنيات , ثم ما كانت عليه ملابسهم ومطابخهم , وما كان حول حلب من بواد وقرى , ولم يغفل ذكر أحيائها وبعض الأسر المعروفة فيها , إلى جانب ما يطالع القارئ من نوادر أهل حلب وأهازيجهم وعاداتهم وأمثالهم وحكمهم مما كان شائعاً وما يزال , كل ذلك معروض بأسلوب العالم المحقق والباحث المجرب , فلا عجب إذا علمنا أن الموسوعة قد نالت من عمر المؤلف أكثر من خمسين عاماً , والموسوعة هي كتاب كبير جداً وعمل لا مثيل له في العالم .

اشتد به المرض , فاستقر في مشفى المبرة (دار العجزة) حيث توفي عام 1971 ودفن دون أي مراسم تذكر , في مقبرة الصالحين فمنحه القائد حافظ الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى , تأكيداً على أصالة ما قدمه الأسدي للوطن ولحلب , وأمر بأن يطلق اسمه على أكبر وأطول شارع في مدينة حلب وأن تسمى مدرسة بحلب باسمه .

يضم متحف معهد التراث بحلب تمثالاً لرأس الأسدي اقترح نقله إلى الحديقة العامة .

 

 

 

المصدر : موسوعة مئة أوائل من حلب