انت هنا الان : شبكة جامعة بابل > موقع الكلية > نظام التعليم الالكتروني > مشاهدة المحاضرة

فلسفة الفن لدى ( هيغل ) .

Share |
الكلية كلية الفنون الجميلة     القسم قسم التربية الفنية     المرحلة 2
أستاذ المادة زهراء هادي كاظم محمود       21/12/2016 19:28:30
أنجز ( هيغل ) صاحب الجدل ( الديالكتيك ) نقله مهمة في الفلسفة ، إذ قام مذهبه على معان ثلاث رئيسة الفكرة ، الطبيعة ، الروح ومرد الثلاثة الفكرة ، فالفكرة هي المطلق ، وتمر بثلاث مراحل هي القضية والنقيض – والمركب القضية والنقيض – والفكرة هي الفكرة الخالصة وهي أساس كل وجود طبيعي وروحي ، وهي تخرج عن ذاتها هذا الخروج عن الذات هو أن يكون الشيء غير نفسه ، وإن الواقع هو عقلي خالص والبحث في الوجود هو البحث في الفكر وقوانينه ، وما يبحثه العقل من قوانين هو في الواقع قوانين الحقيقة الواقعية ، وعلى ذلك فمقولات الفكر هي بعينها مقولات الوجود ، فإذا كان الفكر ديالكتيكي الطابع فما ذلك إلاَّ لأن الوجود نفسه ديالكتيكي .
والمنهج الديالكتيكي هو المنهج الذي يقول بنمو وتطور الفكر ، إذ يجري من القضية إلى نقيضها ثم إلى التأليف بينها أي مركب القضية ، وفي هذا يقول : " إنَّ السير الديالكتيكي ، هو إدراك التعارض في الوحدة أو إدراك الموجب في
السالب " فعمل ( هيجل ) على وضع القوانين التي توجه جدل الوعي وهي قوانين الديالكتيك المشهورة :
قانون وحدة صراع الأضداد .
قانون نفي النفي .
قانون التحول من الكمي إلى الكيفي .
وبنى على ذلك بناء فلسفياً وفكرياً كاملاً ، وصاغ ( هيغل ) من الوعي قوامه العقل المطلق ، فجعل الوعي أشبه بـ( المثال ) أو ( القلق ) ، أي إنه عمل على تجسيد الوعي وجعل له وجوداً موضوعياً قائماً بذاته .
فكان مشروع ( هيغل ) الفلسفي الرئيس أن يأخذ التناقضات والتوترات ويضعها في سياق وحدة عقلانية شاملة ، موجودة في سياقات مختلفة ، دعاها
« الفكرة المطلقة » أو « المعرفة المطلقة » . طبقاً لـ( هيغل ) الخاصية الرئيسة لهذه الوحدة ، إنها تتطور وتتبدى على شكل تناقضات وسلب ، تولد التناقض والإنكار لهما طبيعة حركية في كل مجال من مجالات الحقيقة ، الوعي ، التاريخ ، الفلسفة ، الفن ، الطبيعة ، المجتمع ، وهذه الجدلية هي ما تؤدي إلى تطور أعمق حتى الوصول إلى وحدة عقلانية تتضمن تلك التناقضات كمراحل وأجزاء ثانوية ضمن كل تطوري أشمل ، هذا الكل عقلي لأن العقل وحده القادر على تفهم كل هذه المراحل والأجزاء الثانوية كخطوات في عملية الإدراك ، وهو عقلاني أيضاً لأن النظام التطوري المنطقي الكامن يقبع في أساس وجوهر كل نطاق الواقع والوجود وهو ما يشكل نظام التفكير العقلاني.
وقد ميز ( هيغل ) ثلاثة مفاهيم مبيناً التداخل والانفصال فيها ، الحقيقة ، والوجود ، والوجود الفعلي ، وعبر علاقة معقدة بينها وصل إلى أن المعرفة مرتبطة بمدى إدراكنا للمادة وإن هذا الإدراك متغير بتغير الزمن والتراكم المعرفي ، فنحن نعطي للشيء تعريفه من خلال التصورات التي نملكها بمخزوننا الثقافي وتنطبق عليه ، وأن تلك التصورات لا تشكل الحقيقة النهائية للشيء ، ( هيغل ) هنا يناقش
( أفلاطون ) القائل : " لست أنا الذي يصنف الأشياء ، لأن الفئات نفسها لها وجود مستقل عن ذهني ، فالجانب الحقيقي في موضوعات الحس هو الكليات ، ولكن المصدر الذي من خلاله نعرف الكليات ليس الإحساس وإنما العقل " .
وقد أيد ( هيغل ) لمقولة ( أفلاطون ) هذه بطرحه أن هناك انفصالاً بين الحسي والعقلي ولكنه ليس انفصالاً مطلقاً ، بل علاقة متداخلة ، وأن المعرفة بكليتها ناتجة عن تلك العلاقة المتداخلة بين الحسي والعقلي . ومن هذا الأساس الجدلي نجد أن فكرة الوحدة المطلقة بين الفكر والوجود قد نشأت عند ( هيغل ) وشكلت الأساس الذي أقامت عليه فلسفته .
فقد رأى ( هيغل ) أن الوصول إلى الوعي كما تقول الأديان مستحيل ، لذا نظر إلى الوعي بوصفه نتيجة للتطور السابق لجوهر أولي مطلق لا يشكل وحدة مطلقة للذاتي والموضوعي دون أي تمايز بينهما ، وعليه فالوحدة الأولية التي تشكل الأساس الجوهري للعالم وحدة الوجود والفكر.
وأن الفكر عند ( هيغل ) ليس نشاطاً إنسانياً ذاتياً فحسب ، بل هو أيضاً ماهية موضوعية مستقلة عن الإنسان ومصدر أساس أولي لكل ما هو موجود ، وهذه الوحدة والتمايز بين الوجود والفكر الذي بين موضوع الفكرة والفكرة ذاتها ، هي تعبير ضروري عن ماهية الفكر الذي يعقل ذاته.
ويرى ( هيغل ) أن الفكر يغير وجوده إلى شكل مادة ، طبيعة ، وهي وجود آخر لهذا الفكر القائم موضوعياً والذي يسمه ( هيغل ) بالفكرة المطلقة ، وهكذا أن العقل ليس ملكه بالإنسان ، بل هو الأساس الأولي للعالم ، لذا فإن العالم يتطور وفقاً لقوانين الفكر أو العقل ، وبهذا يكون الفكر أو العقل عند ( هيغل ) هو الجوهر المطلق للطبيعة والإنسان والتاريخ العالمي ، وأن هذا الفكر كماهية جوهرية موجودة لا خارج العالم ، بل في العالم ذاته بوصفه المستوى الداخلي لهذا العالم ، ويتجلى في التنوع الهائل لظواهر الوجود.
كذلك ينظر ( هيغل ) إلى الفكر ( الفكرة المطلقة ) أنه عملية تتطور باستمرار من مرحلة إلى أخرى أرفع منها ، لذا فإن الفكرة المطلقة ليست البداية فحسب ، بل والمحتوى المتطور للعملية الكونية كلها . وبهذا المعنى يمكن فهم المبدأ ( الهيغلي ) القائل بأن المطلق يجب أن يفهم لا كمنطلق لكل ما هو موجود ، بل كنتيجة أيضاً ، أي كمرحلة عليا من تطوره ، وهذه المرحلة العليا من تطور الفكرة " الفكرة المطلقة " كما يسميها ( هيغل ) " الروح المطلق " الإنسانية أو التاريخ الإنساني .
وإن المنطلق الأساسي في منظومة ( هيغل ) الفلسفية هو المطابقة بين الوجود والفكر وإرجاع كافة العمليات إلى عملية التفكير .
وتتمحور فلسفة ( هيغل ) على ثلاثة محاور أساسية المنطق، فلسفة الطبيعة، فلسفة الروح ، فكان المنطق قبل ( هيغل ) علماً عن الصور أو الأشكال الذاتية البشرية للوجود ، لكنه لا ينفي ضرورة وجود مثل هذا العلم ، بل وضع أمام المنطق مهام أوسع وأشمل هي دراسة القانونيات الأكثر شمولية لتطور المعرفة ، وبما أنه يعد الفكر أساس لكل ما هو موجود فإن المنطق عنده يغدو علماً عن ماهية الأشياء كافة لذا فإنه يبين في علم المنطق تحول التغيرات الكمية إلى كيفية ، والعلاقات المتبادلة بين المعقولات الفلسفية وطبيعة العمليات الميكانيكية والكيميائية وغيرها ، فقد أغنى ( هيغل ) المنطق بدراسة مثل هذه المسائل ، لكن منطقه الديالكتيكي رغم أنه مأثرة عظيمة ، إلاَّ أن طرحه لهذا المنطق الديالكتيكي كان طرحاً مثالياً لأنه يطابق بين قوانين الطبيعة وقوانين المنطق أو الفكر .
فدرس ( هيغل ) في علم المنطق المفاهيم العامة التي تشكلت تاريخياً خلال عملية تطور المعرفة البشرية مثل : الوجود ، العدم ، الصيرورة ، الكمية ، الكيفية ، الضرورة ، الصدفة ، والواقع ، وأكد أن هذه المفاهيم جميعها مرتبطة بعضها ببعض ، فالمفاهيم عنده في حركة مستمرة ، متطورة ، ومتناقضة ، ففي دراسته لمفهوم الكمية والكيفية يبين كيف تؤدي التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية وذلك على شكل قفزة وانقطاع في الاستمرار والانتقال من حالة كيفية إلى أخرى .
فإن الموضوعة القائلة بالتناقضات كمصدر داخلي للحركة أو للتطور ، تشكل أهم ما في تعاليم ( هيغل ) من الماهية ، وهنا يقف ( هيغل ) وبحزم ضد الميتافيزيقا التي تفترض أن لا وجود للتناقض في الأشياء ذاتها وأن هذا التناقض ليس إلاَّ نتيجة للتفكير الخاطئ ، فيقول ( هيغل ) : " التناقض ، ذلك الذي يُسيَّر العالم فعلاً ومن السخف القول بأن التناقض لا يمكن أن يعقل " .
وبنظريته عن التناقض يرتبط بصورة عضوية مفهوم النفي ونفي النفي ، فالتطور يؤدي إلى نفي صورة الظاهرة ، وأن النفي مرحلة حتمية لعملية التطور لا تنفصل عن المضمون الداخلي لهذه العملية ، والنفي عنده ليس نفياً مجرداً أو عدمياً ، إنه نفي ملموس ، بمعنى أنه لا يلغي القديم إلغاءً تاماً ، بل يحتفظ بكل ما في القديم من عناصر حيوية من أجل الوصول إلى مرحلة جديدة أرفع من مراحل التطور .
وبهذا يمكن القول أن الديالكتيك الهيغلي يدعونا إلى النظر للأشياء كافة لا كأشياء جامدة لا تتحرك ، لكن النظر إليها كأشياء سبق أن كانت أشياء أخرى وستكون في المستقبل شيئاً جديداً ، فليس هناك شيء دائم ، وكل شيء في مرحلة انتقال وفي تطور دائم .
أما فلسفته في الطبيعة ، فيعد ( هيغل ) أن الطبيعة ليست إلاَّ مرحلة دنيا من تجلي " الفكرة المطلقة " ووعيها لذاتها ، أما التجسيد الأعلى المماثل للفكرة المطلقة فلا تكسبه إلاَّ في الإنسان ، وفي تطور المجتمع فإنه أيضاً لا يعترف بالتطور الواقعي للمادة العضوية والكائنات الحية التي في رأيه لا يظهر أحدها من الآخر ، فكل منها نتاج للفكرة المطلقة ، وهو بمثاليته هذه ينفي التطور في الطبيعة بغض النظر عن ديالكتيكه .
أما في فلسفة الروح يدرس ( هيغل ) " الفكرة المطلقة " في المرحلة الأخيرة من تطورها بعدما هجرت الطبيعة لتعود إلى ذاتها على شكل " الروح المطلق " ، أي أن الفكرة المطلقة بعد أن نسخت نفيها " الطبيعة " تطورت كوعي ذاتي للبشرية على امتداد التاريخ العالمي ، فإن فلسفة الروح لديه ليست إلاَّ الآراء الفلسفية عن تطور المعرفة الفردية والاجتماعية ، وعن التطور العقلي للبشرية عموماً ، لذا فإن تاريخ البشرية يؤول إلى تاريخ تطورها الروحي .
كما حملت فلسفة ( هيغل ) دلالات اجتماعية واقتصادية وتاريخية وسياسية ، إذ كانت لديه كتابات في النظرية السياسية سبق ( فلسفة الحق ) بعضها نشره في حياته مثل ( نظريات الحق الطبيعي ) وبعضها الآخر ملاحظات كتبها ( هيغل ) لاستخدامها في محاضراته أثناء التدريس ولم تنتشر إلاَّ في القرن العشرين ، إذ تحتوي هذه الأعمال على نقد لنظريات الحق والعقد الاجتماعي الطبيعي جزء لا يتجزأ من فلسفته السياسية.

المادة المعروضة اعلاه هي مدخل الى المحاضرة المرفوعة بواسطة استاذ(ة) المادة . وقد تبدو لك غير متكاملة . حيث يضع استاذ المادة في بعض الاحيان فقط الجزء الاول من المحاضرة من اجل الاطلاع على ما ستقوم بتحميله لاحقا . في نظام التعليم الالكتروني نوفر هذه الخدمة لكي نبقيك على اطلاع حول محتوى الملف الذي ستقوم بتحميله .