responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : ناصر مكارم شيرازى    الجزء : 1  صفحة : 466

العملية والتوصّل إلى معرفة الفروع الدينية بحاجة إلى الإحاطة بعلوم كثيرة، كمقدّمة لتحصيل العلم بالأحكام حيث يقوم المجتهد بتحصيلها والتدبّر فيها والعمل على الاستفادة منها في مقام الممارسة ليتمكّن بالتالي من استنباط الأحكام الشرعية: (انظر: مقالة العلوم المقدّمة للاجتهاد) في هذا الكتاب.

وبديهيّ أنّ معرفة هذه العلوم والإحاطة بها وبالتالي تحصيل ملكة الاستنباط، ليس بالأمر اليسير الذي يتمكّن كلّ شخص تحصيله، لأنّه من جهة لا يملك جميع الناس القدرة والباعث على التوغّل في هذا الميدان، ومن جهة أخرى إذا أراد الجميع (في صورة القدرة) أن يتحرّكوا على مستوى تحصيل هذه العلوم، فإنّ الأمور الاجتماعية الأخرى للمجتمع البشريّ ستتعرّض للخطر، ومثل هذا الأمر، يعني الضرورة في مسألة تقليد المجتهدين وعلماء الدين؛ بمثابة حلّ لهذه المشكلة.

يقول الغزالي: «إنّ الإجماع منعقد على أنّ العاميّ مكلّف بالأحكام، وتكليفه طلب رتبة الاجتهاد محال، لأنّه يؤدّي أن ينقطع الحرث والنسل، وتعطيل الحرف والصنائع ويؤدّي إلى خراب الدنيا لو اشتغل الناس بجملتهم بطلب العلم. النتيجة (لابدّ لطائفة من الناس الاشتغال بطلب العلم) إذا استحال هذا لم يبق إلّاسؤال العلماء» [1].

إنّ أكثر العلماء الإمامية وأهل السنّة [2] ذهبوا إلى جواز أو لزوم التقليد [3] في فروع الدين، ولم ينكر ذلك سوى عدّة قليلة من العلماء.

أدلّة التقليد في فروع الدين‌

وقد استدلّ الفقهاء والأصوليّون من أهل السنّة والإمامية على جواز أو لزوم التقليد بعدّة أدلّة، أهمّها ما يلي:

1. الدليل العقلي‌

نظراً إلى أنّ كلّ مسلم مكلّف بأداء الواجبات الشرعية وامتثال الأوامر الإلهيّة، وبالتالي يحتاج إلى معرفة الأحكام العملية من الواجبات للعمل بها ومعرفة المحرّمات لاجتنابها، ومن جهة أخرى فإنّ كلّ شخص لا يمتلك القدرة على استيعاب وتعلّم جميع الأحكام على مستوى الاجتهاد ومعرفة التفاصيل من موقع العمق والدقّة، فعلى هذا الأساس يحكم العقل في هذه الصورة بضرورة الرجوع إلى الخبراء والمتخصّصين في العلوم الدينية.

يقول الفخر الرازي: «إنّ العاميّ إذا نزلت به حادثة من الفروع فإمّا أن لا يكون مأموراً فيها بشي‌ء، وهو باطل بالإجماع، لأنّا نلزمه إلى قول العلماء، والخصم يلزمه الرجوع إلى الاستدلال، وإمّا أن يكون مأموراً فيها بشي‌ء، ذلك إمّا بالاستدلال أو التقليد، والاستدلال باطل لأنّه إمّا أن يكون هو التمسّك بالبراءة الأصلية (البراءة قبل التكليف وقبل الشرع) أو التمسّك بالأدلة


[1]. المستصفى، ج 2، ص 389.

[2]. انظر: المستصفى، ج 2، ص 389؛ المحصول في علم الأصول‌للفخر الرازي، ج 2، ص 458؛ الإحكام في الأصول الأحكام، ج 4، ص 450؛ المهذب في علم أصول الفقه المقارن، ج 5، ص 2392؛ الموسوعة الفقهية الكويتية، ج 13، ص 160؛ كفاية الأصول، ص 472؛ موسوعة آية اللَّه الخوئي، ج 48، ص 538؛ أنوار الاصول، ج 3، ص 593.

[3]. إنّ التعبير بالجواز أو الضرورة ناشى‌ء من أنّ الجواز يقع في مقابل حرمةالتقليد في فروع الدين، ولكن بما أنّ الناس مكلّفون بالعمل بالفروع الدينية وأنّ الكثير منهم غير مجتهد، ففي مقام العمل توجد ضرورة الرجوع إلى المجتهدين.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : ناصر مكارم شيرازى    الجزء : 1  صفحة : 466
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست