مولد جزيرة جديدة قبالة ساحل باكستان بعد زلزال بلوشستان

آخر تحديث:  الخميس، 26 سبتمبر/ أيلول، 2013، 15:55 GMT

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتفاجأ فيها السكان ببروز تلة في عرض البحر.

لم تمض بالكاد نصف ساعة على تعرض بلدة غوادار الساحلية الباكستانية مرة أخرى لزلزال عنيف الثلاثاء حتى صدم السكان عندما ظهرت أمامهم جزيرة جديدة في عرض البحر على بعد ما يربو على كيلومتر واحد من الساحل.

تلقى أحد الصحفيين المحليين، ويدعى باهرام بالوتش، ذلك الخبر عبر رسالة قصيرة إلى هاتفه من أحد أصدقائه.

وقال بالوتش: "جاء نص الرسالة يقول لي إن تلة ظهرت أمام منزلي".

وتابع بالوتش: "هرعت إلى خارج المنزل لأجد أمرا في غاية الدهشة. فقد كان بمقدروي أن أرى على المدى البعيد ذلك الجسم الرمادي اللون الذي يأخذ شكل قبة، ويبدو أشبه بحوت هائل يسبح قريبا من سطح البحر. وكان المئات متجمعين ليشاهدوا ذلك المنظر الذي يجدون صعوبة في تصديقه".

هرع السكان إلى خارج منازلهم ليروا تلك التلة الوليدة في عرض البحر.

وفي اليوم التالي، توجه بالوتش وبعض أصدقائه إلى تلك الجزيرة ليقفوا على طبيعتها ويأخذوا بعض الصور.

وقال بالوتش: "تأخذ هذه الجزيرة شكلا بيضاويا، ويترواح طولها بين 250 إلى 300 قدم، بينما يصل عرضها ما بين 60 إلى 70 قدما فوق سطح الماء".

وكان سطح تلك الجزيرة غير مستوٍ وأغلبه موحل، وكانت تعلو بعض أجزائه أتربة ناعمة وأخرى خشنة، بينما كان أحد أجزاء تلك الجزيرة صخريا، وهو الجزء الذي وصل إليه بالوتش وأصدقاؤه.

وأضاف بالوتش: "وجدنا أسماكا نافقة على سطح تلك الجزيرة، بينما كان باستطاعتنا سماع صفير الغاز المنبعث من أحد جوانبها".

الجزيرة الجديدة تولدت بسبب الأنشطة غير العادية للصفائح تحت القشرة الأرضية.

وعلى الرغم من أنهم لم يكونوا يشمون رائحة الغاز، فإنهم وضعوا عود ثقاب في إحدى الفتحات التي يتسرب منها الغاز وأشعلوا فيها النار.

وقال: "تمكنا في النهاية من إخماد النار بعد جهد كبير، حتى إن المياه لم تتمكن من ذلك. ولم نستطع ذلك إلا بعد أن سكبنا دلاءً من المياه عليها".

تلة قديمة

وانتشرت قصة هذه التلة الجديدة بين سكان بلدة غوادار لتذكرهم بظهور تلة أخرى منذ 60 أو 70 عاما، حيث يتذكر كبار السن في البلدة أنهم أطلقوا عليها في ذلك الوقت اسم "تلة الزلزلة"، ويرون أن الهزة الأرضية التي وقعت الثلاثاء قد أعادت الحديث عن هذه التلة القديمة.

ولا تعتبر القصة التي يروونها غير صحيحة في كامل أجزائها، فالتلة التي ظهرت عام 1945 لم تظهر قريبا من بلدة غوادار، بل كانت تبعد 100 كيلومتر إلى جهة الشرق منها، إلا أنها ظهرت على نفس الشريط الساحلي الذي يعرف باسم ساحل مكران.

غطت الجزيرة طبقة طينية كثيفة.

ومن خلال امتداده لما يقرب من 700 كيلومتر من الشرق إلى الغرب، يشتهر شريط مكران الساحلي بنشاط زلزالي كبير، كما يعتبر موطنا للعديد من التلال التي تسمى بالبراكين الطينية التي تعلوها فوهات ينبعث منها غاز الميثان.

وتقع تلك البراكين في باطن الأرض منذ فترة طويلة، إلا أن المياه كانت عادة ما تغمر التشكيلات المشابهة التي كانت تظهر في عرض البحر.

وينظر علماء الجيولوجيا إلى تلك الظاهرة على أنها جزء من عملية الانجراف القاري المستمرة، أو انجراف كتلة من اليابسة عبر المحيطات الذي نجم عنه اصطدام شبه القارة الهندية بكتلة أوراسيا وظهور الصدوع في القشرة الأرضية التي يمر بعضها من خلال ساحل مكران.

تنشيط الغاز

وقال رشيد تابريز، المدير العام للمعهد القومي لعلوم المحيطات الباكستاني الذي يقع في مدينة كراتشي الساحلية الباكستانية، إن الطاقة المنبعثة من التحركات الزلزالية لتلك الصدوع تعمل على تنشيط الغازات القابلة للاشتعال في قاع البحر.

وقال موضحا: "توجد في قاع البحر قريبا من ساحل مكران كميات كبيرة من هيدرات الغاز، أو الغاز المتجمد الذي يضم كميات كبيرة من غاز الميثان".

وأضاف: "تعاني تلك المخزونات من الضغط تحت طبقة من الرواسب في قاع البحر يتراوح سمكها ما بين 300 إلى 800 متر".

وتابع تابريز بأنه مع تحرك الطبقات بطول الصدع تصدر عنها حرارة، لينطلق الغاز من خلال الشقوق في القشرة الأرضية، وهو ما يعمل على دفع هذا الجزء من قاع البحر ليطفو إلى السطح.

قد يؤدي هبوط الضغط تحت الجزيرة إلى اختفائها بعد فترة.

ويقول تابريز إن هذه الجزيرة هي رابع جزيرة تظهر في المنطقة منذ عام 1945، وهي الثالثة خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة.

وظهرت جزر في عام 1999 وعام 2010 على بعد كيلو متر واحد من ساحل أورمارا، قريبا من دلتا نهر الهانغول.

ويقول تابريز إن نشاط الزلازل في قاع البحر من المنطقة الساحلية أدى بالغازات لأن تحدث فتحات أنبوبية الشكل في باطن الأرض، وهو ما أدى بدوره إلى تشكل بعض البراكين الطينية في المنطقة، كبركان تشاندرا غاب.

ومع أن تلك البراكين الطينية التي تنبعث من باطن الأرض كانت مستقرة بطول شريط مكران الساحلي لقرون، فإن هذه الجزر التي تظهر في عرض البحر بالكاد ما تبقى طافية لأكثر من أشهر قليلة.

وقال تابريز: "يرجع السبب في ذلك إلى أنه ومع مرور الوقت، تنخفض قوة الضغط التي تعمل على دفع ذلك الجزء من قاع البحر إلى سطحه، وهو ما يؤدي بتلك الجزر لأن تهبط مرة أخرى".

وتابع قائلا: "كما أن الطبقة الطينية ذات الرمال الناعمة التي تغطي تلك الجزيرة وتطفو قادمة من قاع البحر سرعان ما تتآكل نتيجة لحركة البحر".

اقرأ أيضا

موضوعات ذات صلة

BBC © 2013 البي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية

يمكن مشاهدة هذه الصفحة بافضل صورة ممكنة من خلال متصفح يحتوي على امكانية CSS. وعلى الرغم من انه يمكنك مشاهدة محتوى هذه الصفحة باستخدام المتصفح الحالي، لكنك لن تتمكن من مطالعة كل ما بها من صور. من فضلك حاول تحديث برنامج التصفح الذي تستخدمه او اضافة خاصية CSS اذا كان هذا باستطاعتك