انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا

2013/02/07

هيومن رايتش ووتش في تقريرها السنوي :

المرحلة الانتقالية

ثم حُل المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي حكم ليبيا أثناء وبعد نزاع 2011 الذي أدى إلى خلع معمر القذافي، وذلك مع إجراء انتخابات المؤتمر الوطني العام في 7 يوليو 2012. رأى أغلب المراقبين الدوليين الانتخابات نزيهة إلى حد بعيد، رغم بعض أعمال العنف والاعتداءات على مراكز الاقتراع. كان انتقال السلطة إلى المؤتمر البالغ عدد أعضائه 200 عضو خطوة أولى نحو الحُكم الديمقراطي. للمؤتمر الوطني العام سلطة تشكيل حكومة وتحضير قانون الانتخابات وعقد انتخابات جديدة. كان في البداية مكلفاً بتشكيل هيئة لصياغة الدستور، لكن المجلس الانتقالي سحب هذه السلطة قبل الانتخابات مباشرة في محاولة لتخفيف التوتر بين شرقى وغربي ليبيا. تخضع آلية صياغة الدستور حالياً للمراجعة.

بدأ عمل أول حكومة ليبية منتخبة وسط حالة من التوتر بسبب استبعاد أربعة وزراء مقترحين على يد الهيئة العليا لتطبيق معايير النزاهة والوطنية لأنهم لم يستوفوا معايير محددة سلفاً لشغل المناصب العامة.

الأمن والميليشيات

رغم عدة خطوات إيجابية، فقد بذلت السلطات الانتقالية جهوداً مضنية لإنشاء قوة جيش وقوة شرطة فاعلة يمكنها تطبيق والحفاظ على القانون والنظام. رفضت العديد من الجماعات المسلحة التي تشكلت لقتال القذافي أن تنزع أسلحتها، وقامت بشغل الفراغ الأمني. تعاونت بعض الجماعات مع الحكومة ووفرت خدمات أمنية. هناك مجموعات أخرى عملت دون تصريح من الدولة، وثبت عدم قدرة الدولة على مواجهة هذه الجماعات جيدة التسليح.

أسهم إخفاق السلطات في تسريح الجماعات المسلحة في تصعيد العنف في منطقة جبل نفوسة، شمال غربى ليبيا، وفي البلدات الجنوبية، في الكفرة وسبها وفي بلدات سرت وبني وليد. حتى أكتوبر/كانت هناك جملة من القوات الحكومية والميليشيات من مصراتة تحيط بـ بني وليد وتفرض حصاراً جزئياً، للمطالبة بالقبض على أشخاص مطلوبين مشتبه بوجودهم في البلدة.

انتشرت قوات الجيش الليبي في الجنوب إثر مصادمات قبلية بين العرب والتبو بسبب الاختلاف حول السيطرة على الحدود وحقوق الأراضي وطرق التهريب. ومع انتشار قوات الجيش في أماكن كثيرة، أصبحت تتعامل أحياناً بصفتها وسيطاً لتسوية النزاعات في عدة مناطق وبين القبائل.

ظلت قوات الشرطة ضعيفة، واعتمدت إلى حد بعيد في ضمان القانون والنظام على اللجنة الأمنية العليا، وهي هيئة شبه رسمية قوامها مقاتلون سابقون ضد القذافي تتعاون مع وزارة الداخلية. وأسهم غياب معايير التدقيق والمحاسبة في اللجنة الأمنية العليا وتواضع مستوى التدريب فيها، أسهما في ارتكاب أعضائها لانتهاكات ومخالفات.

الاحتجاز التعسفي والتعذيب والموت رهن الاحتجاز

حتى أكتوبر كان هناك نحو 8 آلاف شخص رهن الاحتجاز. تم احتجاز أغلبهم لأكثر من عام دون اتهامات أو كفالة إجراءات التقاضي السليمة، بما في ذلك المراجعة القضائية للاحتجاز وإتاحة مقابلة محامين. تحتجز وزارة العدل نحو 3 آلاف شخص وتحتجز وزارة الدفاع أو لجنة الأمن العليا نحو ألفين. البقية محتجزون بصفة غير قانونية طرف مختلف الجماعات المسلحة.

تتباين ظروف الاحتجاز في مختلف منشآت الاحتجاز الخاصة بالميليشيات، إذ أفاد السجناء في بعض المنشآت بالتعرض للتعذيب المتكرر ووفاة البعض رهن الاحتجاز. يبدو أن الأوضاع في المنشآت التي تديرها الدولة قد تحسنت، رغم استمرار ظهور حالات من الانتهاكات والوفيات رهن الاحتجاز أحياناً.

غير الليبيين – لا سيما الأفارقة من جنوب الصحراء، وهم بالأساس عمالة وافدة – معرضون للانتهاكات أكثر من غيرهم، ويواجهون المضايقات والاعتقالات والمعاملة السيئة رهن الاحتجاز والعمل الجبري وعدم القدرة على الوصول بشكل منتظم إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

الإخفاق في التحقيق في وقائع القتل

يبدو أن هذا العام شهد عدة اغتيالات، لا سيما لأعضاء سابقين في أجهزة مخابرات وأمن القذافي. وقت كتابة هذه السطور، كان نحو 15 مسؤولاً أمنياً سابقاً قد قُتلوا فيما يبدو هجمات بقصد الاغتيال في بنغازي. لم تعلن السلطات عن أية تحقيقات في وقائع القتل هذه، أو القبض على أي مشتبهي.

النظام القضائي والعدالة الانتقالية

ما زال النظام القضائي ضعيفاً، لا سيما في مدى قدرته على مطاردة المجرمين المنتمين إلى ميليشيات معارضة للقذافي. كما أن التهديدات والاعتداءات البدنية على رجال النيابة والقضاة تزيد من عرقلة سيادة القانون.

في 2 مايو أصدر المجلس الوطني الانتقالي القانون رقم 38، الذي يمنح الحصانة لمن ارتكب جرائم إن كانت هذه التصرفات “بهدف إنجاح الثورة أو حمايتها” في مواجهة القذافي.

وقت كتابة هذه السطور، لم يكن أحد متهماً أو مقبوضاً عليه بسبب الإعدام الظاهر لـ 53 شخصاً من مساندي القذافي في سرت، في أكتوبر 2011، أو على ما يبدو أنه إعدام معمر القذافي ونجله المعتصم شكل المجلس الانتقالي لجنة للتحقيق في وفاة القذافي ولم تعلن اللجنة عن أية نتائج.

على النقيض، بدأت السلطات القضائية في إجراءاتها ضد عدد من المسؤولين من عهد القذافي، اشتكى مسؤولون مقبوض عليهم من أنهم لم تتح لهم مقابلة محامين ولم يعَّرفوا بالتهم المنسوبة إليهم.

أصيب أبو زيد دوردة – رئيس الوزراء الأسبق والرئيس الأسبق للمخابرات – بعد أن قفز من بناية من طابقين أثناء احتجازه على يد ميليشيا. قال دوردة إنه قفز لتفادي التعرض للانتهاكات.

العدل الدولي والمحكمة الجنائية الدولية

ما زال كل من سيف الإسلام نجل معمر القذافي ورئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي – كلاهما محتجز في ليبيا – مازالا خاضعين لمذكرات توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية جراء دور كل منهما في الهجمات على المدنيين، ومنهم المتظاهرون السلميون، في طرابلس وبنغازي ومصراتة ومدن وبلدات ليبية أخرى بعد اندلاع الاحتجاجات المعارضة للحكومة شرقي ليبيا في 15 فبراير..تقول ليبيا إن سيف الإسلام القذافي خاضع لتحقيقات داخلية في تهم فساد وانتهاكات من فترة الحرب، وإن السنوسي يخضع للتحقيق بتهمة ارتكاب جرائم خطيرة قبل وأثناء النزاع، بما في ذلك الاشتباه في تورطه في قتل 1200 سجين في سجن أبو سليم بطرابلس في عام 1996. سيف الإسلام القذافي محتجز على يد ميليشيا في الزنتان، والسنوسي خاضع لسيطرة الدولة الكاملة بعد تسليمه من موريتانيا إلى ليبيا في سبتمبر طعنت الحكومة الليبية على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر القضية الخاصة بسيف الإسلام القذافي، وإجراءات الطعن جارية لم يتم الفصل فيها. وفي انتظار نتائج الطعن، صرّح قضاة المحكمة الجنائية الدولية لليبيا بتأجيل تسليم سيف الإسلام إلى المحكمة في لاهاي. إلا أنه حتى كتابة هذه السطور ما زالت ليبيا مُلتزمة بتسليم السنوسي إلى المحكمة بموجب قرار مجلس الأمن 1970..في الفترة من 7 يونيو إلى 2 يوليو، قامت ميليشيا الزنتان التي تحتجز سيف الإسلام القذافي تعسفاً، باحتجاز عاملين في المحكمة الجنائية الدولية كانوا قد سافروا إلى ليبيا للقاء سيف الإسلام في زيارة بتصريح من قضاة المحكمة الجنائية الدولية وافقت عليها السلطات الليبية.

النزوح القسري

هناك نحو 35 ألف شخص من بلدة تاورغاء ما زالوا في عداد النازحين في شتى أنحاء ليبيا، وممنوعين من العودة إلى ديارهم. سكان تاورغاء متهمون بالانحياز إلى قوات معمر القذافي أثناء نزاع 2011 وبأنهم ارتكبوا جرائم خطيرة، منها الاغتصاب والتعذيب بحق سكان مصراتة القريبة من تاورغاء. قامت ميليشيات من مصراتة بمضايقة وضرب واعتقال وقتل بعض أهالي تاورغاء أثناء احتجازهم.

هناك جماعات نازحة أخرى، منها سكان طمينة وكراريم، نُسبت إليهم اتهامات بالانحياز إلى جانب قوات القذافي. منعت جماعات مسلحة أبناء قبيلة المشاشية من العودة إلى قراهم في جبل نفوسة بسبب خلافات قبلية وسياسية.

حرية الرأي والتعبير

في مايو أصدر المجلس الانتقالي القانون رقم 37 الذي يجرم جملة من أشكال الخطاب السياسي، بما في ذلك “تمجيد الطاغية [معمر القذافي]” و”ما يشكل مساساً بثورة السابع عشر من فبراير” أو إهانة المؤسسات الليبية. طعنت مجموعة من المحامين على القانون في يونيو وقضت المحكمة العليا بعدم دستورية هذا القانون.

أدت الأجواء الأمنية الهشة إلى عرقلة حرية التعبير، إذ تلقى صحافيون ونشطاء حقوق الإنسان وأعضاء المؤتمر الوطني العام تهديدات من جماعات مسلحة. وأدت عدم قدرة الحكومة على تنفيذ نظام إدارة تأشيرات متماسك إلى تصعيب عملية دخول الإعلام الدولي والمنظمات غير الحكومية الدولية إلى ليبيا.

حرية المعتقد الديني

بدأت الهجمات على المواقع الدينية الخاصة بالأقليات في أكتوبر 2011 واشتدت كثافتها في عام 2012. قام رجال مسلحون من واقع أفكار دينية يعتنقونها بمهاجمة أضرحة صوفية في شتى أنحاء ليبيا، فدمروا عدة مساجد وأضرحة لرموز صوفية هاجمت جماعات مسلحة كنائس في واقعتين على الأقل في طرابلس، في شهري مايو وسبتمبر أخفقت أجهزة الأمن الحكومية في وقف الهجمات ولم تقم بأية اعتقالات تُذكر لمشتبهين.

حقوق المرأة

تعتبر انتخابات 2012 للمؤتمر الوطني العام خطوة إيجابية على مسار المشاركة السياسية للمرأة، فقد تم انتخاب 33 سيدة (من بين 200 مقعد) بعد تبنِّي المجلس الانتقالي لقانون انتخابي يطالب كل حزب بتقديم عدد متساو من المرشحين والمرشحات..يعتبر قانون العقوبات الليبي العنف الجنسي جريمة ضد شرف المرأة” وليس ضدها كفرد تسمح مواد القانون بتقليص عقوبة الرجل الذي يقتل زوجته أو أمه أو ابنته أو شقيقته إذا اشتبه في انخراطها في علاقات جنسية خارج الزواج. لا يحظر القانون تحديداً العنف الأسري ولا توجد ملاجئ يمكن أن تلجأ إليها السيدات ضحايا العنف طوعاً.

الأطراف الدولية الرئيسة

لعبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أدواراً مهمة على مدار العام. سعى الاتحاد الأوروبي إلى دعم اتفاقات التعاون فيما يخص المهاجرين مع ليبيا. وسعت الولايات المتحدة من تعاونها في القطاعين الاقتصادي والأمن، لا سيما بعد الهجوم على سفارتها في بنغازي في 11 سبتمبر 2012، والذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي «كريستوفر ستيفنز» وثلاثة من العاملين بالسفارة. استمرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تركيزها على الانتخابات والعدالة الانتقالية..وإلى الآن، أخفق حلف الناتو الذي شن حملة من الغارات الجوية ضد قوات القذافي، في التحقيق على النحو الواجب في مقتل 72 مدنياً على الأقل بسبب غاراته الجوية..أما الدول أعضاء مجلس الأمن التي دعت في البداية لتبني القرار 1970 بإحالة الوضع في ليبيا إلى مجلس الأمن، فقد التزمت الصمت إلى حد بعيد إزاء التزام ليبيا بموجب القرار بالتعاون مع المحكمة.

أعربت لجنة تقصي الحقائق في ليبيا عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة لا سيما على يد الميليشيات المسلحة، وأوصت باستمرار مراقبة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة للوضع، لضمان تنفيذ توصيات اللجنة، غير أن المجلس تبنى قراراً في 23 مارس 2012 في جلسته الـ 19، وأخفق في الإقرار بانتهاكات معينة، أو توضيح جسامة وضخامة الانتهاكات الحقوقية القائمة، أو وضع آلية لضمان مراقبة المجلس لحالة حقوق الإنسان في ليبيا

ليبيا ـ بطء وتيرة الإصلاح يضر بحقوق الإنسان

يجب إعطاء الأولوية للسيطرة على المجموعات المسلحة ووقف انتهاك حقوق المحتجزين وإرساء سيادة القانون

 في مؤتمر صحفي بمناسبة إصدار التقرير العالمي لسنة 2013، إن ليبيا مازالت تعاني من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والوفاة أثناء الاحتجاز بعد مُضيّ قرابة عام ونصف على الإطاحة بـ معمر القذافي.

كما قالت (هيومن رايتس ووتش) إن الحكومة الجديدة في ليبيا قدمت التزامات وتعهدات قوية بكفالة حقوق الإنسان، وعليها الآن اتخاذ خطوات إضافية لإرساء سيادة القانون بعد أكثر من أربعين سنة من الدكتاتورية والقمع. وتتمثل أهم الأولويات في إبعاد جميع المعتقلين عن أيدي المجموعات المسلحة وإخضاعهم لسيطرة الدولة مع إجراء مراجعة قضائية لاحتجازهم، وتشكيل قوات أمن خاضعة للمحاسبة، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها أطراف كثيرة، وذلك بإخضاع جميع من ارتكبوا أخطر الجرائم لمحاكمات وعقوبات.

وقال (جو ستورك)، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في (هيومن رايتس ووتش): “لقد خطت ليبيا خطوات مهمة للأمام طيلة السنة الماضية، بما في ذلك تنظيم انتخابات وتشكيل حكومة جديدة أعلنت التزامها بدعم حقوق الإنسان، ولكن على السلطات أن تلجأ على وجه السرعة للتصدي للتحديات الكبيرة التي ما زالت قائمة، كي تكون ليبيا المستقبل أفضل من ليبيا الماضي، مازال العديد من الليبيين يعانون من انتهاكات ترتكبها الحكومة ومجموعات مسلحة تعمل خارج إطار القانون”.

قامت (هيومن رايتس ووتش) في تقريرها المكون من 665 صفحة، بتقييم التقدم في مجال حقوق الإنسان خلال العام الماضي في أكثر من 90 بلداً، ويشمل هذا تحليلاً لتداعيات الانتفاضات العربية.،قالت (هيومن رايتس ووتش) إن استعداد الحكومات الجديدة لاحترام حقوق الإنسان من شأنه أن يحدد ما إذا كانت الانتفاضات العربية ستتمخض عن ديمقراطية حقيقية أم أنها تعيد ببساطة إفراز السلطوية في ثياب جديدة.

كما قالت (هيومن رايتس ووتش) إن السيطرة على العدد الكبير من المجموعات المسلّحة التي تشكلت سنة 2011 لمواجهة قوات القذافي تُعتبر مهمة ملحة وضرورية، رفضت هذه المجموعات تسليم أسلحتها وتتصرف وكأنها تمثل القانون، وترتكب بعضها جرائم خطيرة، مثل الاعتقالات غير القانونية وأعمال التعذيب..مازالت قوات الأمن الليبية ضعيفة وغير قادرة على فرض السيطرة الشرطية على جزء كبير من البلاد، رغم وجود بعض الجهود الحكومية. فيما تنتشر الفوضى بشكل خاص في الشرق والجنوب، حيث تنشط المجموعات المسلحة وجماعات إجرامية دون محاسبة، وقامت هذه المجموعات بمهاجمة بعثات دبلوماسية أجنبية، وممثلين عن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأهداف أخرى.

تقر الحكومة بأن حوالي 8 آلاف شخص محتجزون في كامل أنحاء ليبيا، وأن حوالي 5600 معتقل منهم في أماكن احتجاز خاضعة بدرجة معينة إلى الجيش ووزارتي الداخلية والعدل، هناك الآلاف غيرهم محتجزون بشكل غير قانوني لدى عدة مجموعات مسلحة، وقالت (هيومن رايتس ووتش) إنه يجب أن يخضع جميع المعتقلين لسيطرة الحكومة، وأن يُسمح لهم بالاتصال بمحامين، مع الإسراع بعرضهم على قضاة.

في 2012، وقعت حالات وفاة في صفوف المعتقلين بمراكز احتجاز تابعة لمجموعات مسلحة وعدة لجان أمنية عليا، تابعة من حيث التسمية إلى وزارة الداخلية. وليس عدد حالات الوفاة معروفاً بشكل دقيق.

وقال (جو ستورك): “على المجموعات المسلحة التي ما زالت تحتجز أفراداً أن تعرف أن سلوكها هذا خرق واضح للقانون الليبي، وأنها يمكن أن تُحاسب عليه، كما أن مجلس الأمن أعطى المحكمة الجنائية الدولية صلاحية الاختصاص القضائي القائم بشأن ليبيا للتحقيق في الجرائم الخطيرة التي ترتكبها جميع الأطراف”.

وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن على الحكومة أن تتحرك فوراً من أجل تشغيل جميع مكاتب النيابة والمحاكم حتى يتم التحقيق بشكل فوري وعادل في جميع الجرائم وملاحقة المتسببين فيها أمام القضاء.

وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن محاسبة عناصر من حكومة القذافي على الجرائم الخطيرة التي ارتكبوها أمر أساس، ولكن لن تتحقق العدالة إلا بتمكين المدعى عليهم من محاكمات عادلة تحترم أفضل الممارسات الدولية.

ويواجه سيف الإسلام القذافي، نجل معمر القذافي، وعبد الله السنوسي، رئيس المخابرات السابق، تهمًا بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية وجهتها لهما المحكمة الجنائية الدولية على صلة بادعاءات بانتهاكات ارتكبوها أثناء نزاع سنة 2011. ويقبع سيف الإسلام القذافي رهن الاعتقال في الزنتان وعبد الله السنوسي في طرابلس، في حين مازالت المحكمة الجنائية تنظر في طلب السلطات الليبية بمحاكمة الأول في ليبيا فيما تعد الحكومة الليبية طلبًا مماثلاً بشأن الثاني.

في نوفمبر، شنت القوات الحكومية وقوات مساندة لها حملة عسكرية دامت شهرًا واحدًا على مسلحين في مدينة بني وليد، متهمين بمساندة القذافي وبإيواء أشخاص مطلوبين. وقامت القوات التي شنت الهجوم بنهب الممتلكات وتدميرها بعد العمليات القتالية، ويُعتقد أنها اعتقلت عدة مئات من السكان الذين ما زالت ملابسات اعتقالهم غير واضحة؛ الأمر الذي يثير مخاوف على سلامتهم..ومازال هناك أكثر من 50 ألف شخص مبعدين بشكل قسري عن مناطق كان من المتصور في الماضي أنها مناطق مساندة لـ القذافي، وخاصة مدينة تاورغاء التي مُنع حوالي 40 ألف شخص من العودة إليها، كما تم استهداف سكان تاورغاء واعتقالهم ومهاجمتهم، خاصة من طرف ميليشيات مدينة مصراتة المجاورة، الذين يتهمون أبناء تاورغاء بارتكاب جرائم خطيرة ضدهم أثناء الحرب، وبصفة إجمالية، مازال يوجد 1300 شخص من تاورغاء رهن الاحتجاز أو مختفين، أو قُتلوا، وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن الانتهاكات التي مورست في حق سكان تاورغاء قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضدّ الإنسانية وربما تتم ملاحقة المتسببين فيها أمام المحكمة الجنائية الدولية.كما قالت (هيومن رايتس ووتش) إن الهجمات التي استهدفت مزارات دينية صوفية على يد مجموعات مسلحة تتحرك بأجندات دينية معلنة يثير تساؤلات حول استعداد الحكومة وقدرتها على حماية حقوق الأقليات الدينية. وفي 2012، دمرت هذه المجموعات بعض المساجد ودنست أضرحة وأتلفت مكتبات، ووقع معظم تلك الأعمال في طرابلس وبنغازي وزليتن، وأحياناً على مرأى من قوات الأمن الحكومية التي عجزت عن التدخل.

وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن على الحكومة الليبية والمؤتمر الوطني العام اتخاذ خطوات عاجلة للشروع في تنفيذ برنامج طموح يتعلق بالإصلاح القضائي، ويجب أن تُرسّخ هذه الإصلاحات حرية التعبير والتجمع، وأن تُدعم حقوق المرأة، وتُلغي التمييز ضدّ الأقليات بما يتناسب مع التزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان، كما يجب أن تكون صياغة الدستور الجديد، وهي من أهم المهام لسنة 2013، شفافة وشاملة، وأن تأخذ في الاعتبار جميع الآراء المتعلقة بالمرأة والأقليات، مثل الأمازيغ والتبو والطوارق.

وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن القرار الصادر عن المحكمة العليا في ليبيا في يونيو/ بإلغاء القانون رقم 37 لأنه غير دستوري، رغم أنه تم تبنيه قبل ذلك بشهر واحد، هو خطوة إيجابية. وكان القانون يُجرّم بعض أشكال التعبير السياسي، بما في ذلك التعبير الذي يُمجّد الطاغية معمر القذافي.

كما قالت (هيومن رايتس ووتش) إن أنشطة هيئة النزاهة والوطنية في ليبيا تعتريها مشاكل بسبب معايير فضفاضة وغامضة،..

وقامت الهيئة التي تُحدد من بإمكانه العمل كمسؤول حكومي أو تقلد منصب عام بإقصاء العشرات من مناصب مختلفة، بينهم 11عضوًا منتخباً من المؤتمر الوطني العام بدعوى وجود صلات غير واضحة كانت تربطهم بإدارة وعائلة القذافي، رغم أن بعض هؤلاء الأفراد طعنوا على قرار الإقصاء أمام المحكمة.

قالت (هيومن رايتس ووتش) إنه يجب أن تعتمد قرارات إقصاء الأشخاص من المناصب العامة والمناصب العليا على معايير محددة بشكل واضح، مع السماح لكل شخص تشمله هذه القرارات بمحاكمة عادلة للطعن في الأدلة الموجهة ضدّه.

يبحث أعضاء المؤتمر الوطني في أمر مشروع جديد لـ “قانون العزل السياسي” لتحديد من بإمكانه تقلد مناصب عامة ومناصب عليا، وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن على المؤتمر الوطني أن يأخذ الوقت الكافي لضمان استيفاء القانون للمعايير الدولية وأن يتسق مع عملية العدالة الانتقالية الليبية بعيدة المدى.كما عبَّرت (هيومن رايتس ووتش) عن قلقها إزاء استمرار امتناع حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن الاعتراف، بمقتل عشرات المدنيين أثناء الغارات الجوية التي شنَّها سنة 2011، ناهيك عن التحقيق فيها، وقامت (هيومن رايتس ووتش) بتوثيق 72 حالة وفاة، ومنها 20 امرأة و24 طفلاً.

وقالت (هيومن رايتس ووتش) إن أصدقاء ليبيا وحلفاءها، وكذلك الدول التي شاركت في حملة حلف شمال الأطلسي ضدّ القذافي، يتقاسمون مسؤولية ثقيلة تتمثل في ضرورة دعم التحول الديمقراطي في ليبيا، بما في ذلك الإسراع في إنشاء منظومة قضائية عادلة تعمل بشكل كامل.

وقال (جو ستورك): “على كل الدول التي تريد دعم ليبيا ألا تفترض أن الديمقراطية ستتوفر بمجرد رحيل القذافي”، وتابع: “بل على النقيض، فالعمل الشاق الآن يتمثل في المساعدة على بناء المؤسسات وتشكيل قوات شرطة خاضعة للمحاسبة وفرض سيادة القانون”.

ليبيا الجديدة


Print Friendly

أضف مشاركة

Our weather forecast is from WP Wunderground