حوار مع السيد كبرئيل موشي كورية عضو المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية

نص الحوار الشامل الذي اجراه موقع اللقاء الديمقراطي السوري
مع السيد كبرئيل موشي كورية
عضو المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية

????? ?????? ???? ?????ولد كبرئيل موشي كورية سنة 1962م. في مدينة القامشلي شمال سوريا. مهنته - مهندس زراعي، نشاطه السياسي – عضو المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية، وبنفس الوقت هو أديب وكاتب عضو في رابطة نصيبين للأدباء والكتاب السريان

التقت "نشرة اللقاء" بالأستاذ كورية، ولم نوفر جهدا لإمطاره بالأسئلة، وصبر مشكورا ورد على أسئلتنا بصراحته وشجاعته المعهودة، والتي نأمل ألا تكون سببا لإبعاده عمن يحب ومكان إقامته ليبقى دائما صريحا وحرا طليقا فإلى تفاصيل الحوار:
كان لبنان ساحة صراع تصفية حسابات خارجية.
مفهوم الانتصار في الذهنية العربية والإسلامية يستند لمعايير لا مثيل لها لدى الشعوب الأخرى، فكثيراً ما تم تصوير الهزائم على أنها انتصارات لمجرد بقاء القائد أو الأمين العام حياً وباقياً في منصبه.
أي دور إقليمي نتوخى والمواطن السوري محروم من الحرية ووضعه المعاشي متردي، ويبحث عن فرص للعمل في لبنان والأردن واليمن وهي دول مواردها أقل من سوريا بكثير.
إن فتح جبهة الجولان في مثل هذه الظروف يعني انتحاراً وهزيمة . التهرب من الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا، الغاية منه ذريعة لاستمرار المقاومة.
الدعوات لفتح جبهة الجولان تفتقر إلى المنطق والحكمة،
معظم التنظيمات الإسلامية في المنطقة، عندها قدرة هائلة على الحشد والتعبئة وراء شعارات دينية براقة لكن لا تصلح أن تكون برنامجاً للحكم.
نجحت المعارضة بالتعاون مع المنظمة الآثورية الديمقراطية والأحزاب الكردية في تخفيف التوتر والاحتقان الناجم عن أحداث القامشلي 2004 من خلال إرساء قاعدة للتفاهم والحوار بين مختلف المكونات الوطنية أثمرت نتائج إيجابية لا حقاً.
الهدف هو عملية التغيير الديمقراطي السلمي ورفض التغيير الآتي من الخارج على ظهر الدبابات.
أن استمرار النظام بسياساته الراهنة سيؤدي إلى دفع البلاد نحو المجهول
نحن ننظر إلى سوريا على أنها وطن نهائي لجميع أبنائها، بينما الأخوان يعتبرونها ولاية من ولايات الأمة الإسلامية
إن الشعب هو الذي يحدد من هو البديل الأنسب للحكم من خلال صناديق الانتخاب.
ما يجمع المعارضة هو أكثر بكثير مما يفرقها، ويأتي في مقدمة ذلك الرغبة في تحقيق الانتقال الديمقراطي وبناء وطن عصري ومزدهر لكل أبنائه.
المعارضة ما زالت نخبوية وعجزت عن تكوين قاعدة شعبية بسبب التضييق من قبل السلطة، إضافة لافتقارها للشخصيات الكارزمية.
بعض شخصيات المعارضة بالرغم من عدم إتاحة الفرصة أمامها للتعبير عن نفسها فهي معروفة للرأي العام أكثر من العديد من الوزراء ورؤساء أحزاب الجبهة وأعضاء القيادة القطرية.
فإن الكثير من السوريين هم معارضون لكنهم آثروا الصمت مخافة التبعات والمساءلة.
الملاحظ أن هذا المحور اقتصر المحور على الملف الكردي وتحاشى أي ذكر للأقليات القومية الأخرى في سوريا خصوصاً الشعب الآشوري (السرياني).
إن استمرار التجاهل لوجود الشعب الآشوري (السرياني) من قبل بعض أحزاب ورموز المعارضة بالرغم من التنبيه المتكرر يثير في الحقيقة أكثر من علامة استفهام.
في مقابلتكم الأخيرة مع السيد حسن عبد العظيم نجد أنه أتى على ذكر جميع القوى المنضوية في إعلان دمشق ثلاث مرات ولم يأتِ على ذكر المنظمة الآثورية الديمقراطية ولو مرة واحدة
إيجاد حل عادل لمسألة الأقليات على المستوى الوطني وليس وفق المقياس العددي لهذه الأقلية أو تلك.
المجلس الوطني الكردستاني ليس بديلاً عن إعلان دمشق ومن حق الأكراد اختيار الأطر المناسبة لحركتهم، ولكن حسب معلوماتي فإن هذا المجلس لم يحظَ بإجماع الحركة الكردية وهناك انقسام حوله.
الفساد هو إحدى السمات الملازمة للأنظمة الشمولية، ولا تتم مكافحته بطريقة انتقائية واستعراضية،
فتح ملفات عبد الحليم خدام وأبنائه مطلوب وضروري، لكن يجب فتح بقية الملفات.
مكافحة الفساد في الحقيقة هو عمل كيدي وعقابي لمن ضعف ولاؤه أو تجاوز حدوده، وإنذار لآخرين كي يثبتوا ولاءهم.
لا أحد يتجرأ على اتهام مسؤول ما بالفساد، فكلنا رأينا كيف عوقب ولوحق النائب البرلماني رياض سيف لمجرد اقترابه من ملف الخلوي.
لا معنى لصدور قانون أحزاب إذا لم يلغَ الاحتكار السياسي ويسمح بالتعددية الحزبية وتداول السلطة،
الهدف من قانون الأحزاب تكريس لصيغة الجبهة الوطنية التقدمية من خلال ضم بعض المنتظرين لدخول هذه اللجنة كتعبير عن التعددية التي يتحدث عنها النظام. لذل فإن أي حديث عن انتخابات تعددية رئاسية يعتبر مضيعة للوقت وفي غير مكانه.
إن الحديث عن ترشح مسيحي للرئاسة يعتبر نوعاً من الفانتازيا الساخرة والمؤلمة في آن واحد.
الكاتب الأرمني فاهان كيراكوس عندما رشح نفسه العام الماضي للرئاسة على صفحات الانترنيت (بالتأكيد لم يكن جدياً في ترشيحه) فكان أن تم نقل عمله من القامشلي إلى الرقة عقاباً له على تجرؤه هذا.
إن المسيحي حتى لو كان بعثياً وحتى لو توشّح بالعروبة فإن عروبته أيضاً ستظل منقوصة لأنه ببساطة ليس مسلماً،
المادة الثالثة من الدستور تنص للأسف على أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، ندرك تماماً أنه في ظل الديمقراطية العددية أن فرص المسيحي أو الكردي هي أقل من الآخرين بالوصول ليس إلى منصب رئيس الجمهورية فقط وإنما أي منصب آخر. إذاً فما معنى وجود المادة الثالثة في الدستور والتي تجرح مشاعر المسحيين وتنتقص من مواطنيتهم.
نؤكد على ضرورة إلغاء المادة الثامنة من الدستور لأنها تكرس الاحتكار، وإلغاء المادة الثالثة من الدستور التي تميز بين المواطنين على أساس ديني.
نؤيد إقامة نظام ديمقراطي علماني يوفر فرصاً متكافئة لجميع المواطنين.

**************************************

نص الحوار:

القسم الأول:

س1: يتخوف بعض الأكراد وحتى العرب من أن لكم أهداف خفية تتمثل بإعادة الوجه الآرامي لسوريا فهل هذا ممكناً؟
ج1 :
هذه المخاوف تبدو غير جدية، وتنطوي على قدر كبير من الافتعال وعدم الواقعية، ومن المثير للاستغراب أن يشطح الخيال بالبعض لطرح مثل هذه الوساوس المثيرة للسخرية. وإذا كان ثمة مبرر للخوف من قبل طرف ما، فهو الطرف الآشوري السرياني (المسيحي) الذي عانى الأمرّين من عمليات التعريب المستمرة، ومؤخراً برزت أصوات (وإن كانت قليلة) تدعو للتكريد كردّ انفعالي على حملات التعريب التي طالت الأكراد أنفسهم. ليطمئن الجميع فنحن لا نملك أجندة خفية تتضمن أهدافاً تتعارض مع طموحات شركائنا في الوطن، ولا نملك جيوشاً جرارة لتنفيذها، كما لسنا رقماً في حسابات الدول الكبرى مثل غيرنا. وكل ما نطالب به هو الحفاظ على وجودنا في وطننا الذي لم نعرف وطناً غيره، وأن نصون ثقافتنا ولغتنا السريانية التي هي وريثة الآرامية، وأن يتم ضمان حقوقنا القومية دستورياً في إطار وحدة الدولة والمجتمع، وبظل هوية وطنية سورية جامعة، ومنفتحة قادرة على استيعاب كل الحقب التاريخية والحضارية التي مرت على سوريا وشكلت شخصيتها، وكانت الآرامية واحدة من أهمها وأخصبها. هوية وطنية قادرة على احتضان كل المكونات والثقافات والديانات التي تعيش في سوريا اليوم عربية وآشورية (سريانية) وكردية وأرمنية وغيرها، مسلمين ومسيحيين ويزيد ويهود على أساس الشراكة الكاملة في الوطن، ودون تمييز أو إقصاء لأحد.

س2: ما الفرق بين الجزية التي دفعتموها في وقت مضى لبيت المال، والضريبة التي قد تدفعونها فيما لو تسلّم التيار الإسلامي الحكم في سوريا؟
ج2 :
لقد عاش المسيحيون في المشرق العربي كرعايا في ظل الدولة الإسلامية، وباستثناء بعض الفترات، فقد تعرضوا للظلم والقهر، وكانت الأداة الرئيسية لممارسة ذلك هي الجزية كوسيلة لملء بيت المال، أو دفعهم للتخلي عن دينهم واعتناق الإسلام، وبلغ الاضطهاد ذروته في أواخر عهد السلطنة العثمانية باعتبارها آخر نموذج للخلافة الإسلامية، إذ اقترفت الحكومة الاتحادية أثناء الحرب العالمية الأولى إبادة جماعية بحق المسيحيين الكفار من الأرمن والآشوريين (السريان) واليونانيين، وسقط من أبناء شعبنا الآشوري (السرياني) ما يزيد على نصف مليون إنسان وهجّر وشرّد الباقي. لكن بالرغم من المظالم التي لحقت بالمسيحيين على مدى قرون طويلة، وبقاء بعض حقوقهم المدنية منتقصة في بعض الدول الناشئة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فإن الوجود المسيحي بقي مستمراً بأعداد معقولة في دول المشرق. بيد أنه في العقود الأخيرة شهد انحساراً كبيراً بسبب قيام نظم حكم إسلامية، وتنامي التيارات الأصولية المتطرفة والتكفيرية. ففي إيران ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية هاجر أكثر من 200 ألف إنسان من شعبنا ولم يبقَ سوى 30 ألف يعيشون في ظروف صعبة، وفي فلسطين مهد المسيح انحسر الوجود المسيحي لحدوده الدنيا لوقوعه ضحية الصراع بين الأصوليتين اليهودي والإسلامية. وفي العراق فإن التقارير تشير إلى مغادرة أكثر من نصف مليون من المسيحيين بسبب أعمال القتل والخطف والسلب، وتفجير الكنائس التي ترتكبها ميليشيات التنظيمات التكفيرية بشكل منهجي ومدروس. ولم يبقَ سوى 600 ألف مسيحي جلّهم من شعبنا والقسم الأكبر منهم هجّر من مدنه وقراه. وإذا استمر التهجير بهذه الوتيرة سنجد في المستقبل القريب بلداناً نظيفة وخالية من الوجود المسيحي كما خلت من الوجود اليهودي. أما في سوريا فهناك مخاوف حقيقية من انتشار التيار الأصولي التكفيري والذي يشكل خطراً حتى على الإسلام المستنير والمعتدل، وتتعزز يوماً بعد يوم مظاهر أسلمة المجتمع برعاية من النظام نفسه. وعلى العموم فنحن لا نثق بأية دولة دينية مهما كان شكلها، ويشاطرنا في هذا الكثير من مكونات المجتمع السوري، إذ ليس من المعقول استبدال الاحتكار القومي أو الحزبي باحتكار ديني. ونعتقد أن ما يناسب سوريا هو قيام نظام ديمقراطي علماني يقر بالتنوع القومي والديني والثقافي القائم في المجتمع.

س3: هناك دعوات وأصوات لطرد العلويين من دمشق وإعادتهم إلى الجبال، فما مدى إمكانية تعليب المسيحيين في علب سردين وإرسالهم إلى أوربا؟ وللعلم هذا ليس مطلب الاخوان المسلمين، بل من يقول أنه غير ذلك، فبماذا تصفون وتفسرون هذه الأصوات وهل يمكن اعتبارها ظاهرة؟
ج3 :
إن من يطلق مثل هذه الدعوات هو مجرد من الإحساس الوطني ويجهل تاريخ سوريا القائم على التسامح والتعايش والتآخي بين المكونات الوطنية، ويهدف من وراء دعوته هذه دفع البلاد نحو الفتنة، وتمزيق النسيج الوطني الذي نعتبره خطاً أحمر يجب عدم المساس به أيّاً كانت المبررات. فالعلويون هم جزء عزيز وأساسي وفاعل من نسيجنا الوطني، وساهموا مع غيرهم في تحقيق الاستقلال وبناء الوطن. ودمشق هي عاصمة البلاد وليست مطوّبة باسم هذا الطرف أو ذاك ومن حق العلوي والسني والمسيحي والعربي والكردي والآشوري والأرمني أن يكون في دمشق والسويداء وحلب واللاذقية والجزيرة وفي كل مدينة أو قرية سورية. إننا نؤكد على ضرورة الإنماء المتوازن لكل المحافظات السورية، والحفاظ على خصوصياتها الثقافية والقومية والدينية دون إجراء تحولات ديمغرافية قسرية كما جرى في مسألة الحزام العربي في الجزيرة لأسباب شوفينية محض، وتضرر منه الأكراد والآشوريين (السريان) والكثير من العرب. إننا لا نتطلع إلى العيش في غيتوات أو منعزلات تحوطها الجدران القومية والدينية والطائفية، بل نطمح إلى بناء مجتمع عصري منفتح يتفاعل فيه الجميع مع الجميع بما يعزز الانصهار الوطني وصولاً لوحدة وطنية حقيقية. وأعتقد أن مثل هذه الدعوات تستمد أسبابها من طبيعة النظام الشمولي الذي عمّق الانقسامات العمودية والأفقية في صفوف المجتمع ضماناً لاستمراره، وبعضها ناجم عن كبت الحريات، وضيق فسحة المشاركة في الحياة العامة، كل هذا خلق حالة من التوتر والاحتقان، تلقى متنفساً بمثل هذه الدعوات التي يجب الوقوف بوجهها من قبل الجميع لأنها لن تجرّ سوى الخراب على البلاد. أما هجرة المسيحيين أو تهجيرهم فقد بدأت منذ قيام دولة الوحدة بين سوريا ومصر عندما أغلقت مدارسهم وفرض قيود كبيرة عليهم خصوصاً في الجزيرة التي هاجر منها حوالي 250 ألف نسمة من أبناء شعبنا منذ ذلك الوقت إلى اليوم. ولا استغرب دعوات تهجير المسيحيين المستندة لخلفية دينية متطرفة تستمد فتواها من فكر بن لادن والظواهري والزرقاوي، وهي تنظر للوجود المسيحي كامتداد للغرب الصليبي الكافر. وما يثير القلق أن هذا التيار التكفيري الظلامي في ازدياد وتوسع. من هنا فإن مسؤولية الحفاظ على الوجود المسيحي لا تقع على عاتق المسيحيين وحدهم بل ينبغي على الحكومة والمعارضة تحمل مسؤولياتهم، في تعزيز الوجود المسيحي واحتضانه، ومنع أية تجاوزات تقع على المسيحيين قد تدفع بهم إلى العزوف والانكفاء أو إلى الهجرة، والضمانة لتحقيق ذلك هو قيام نظام ديمقراطي علماني.

س4: ما هو سبب ما نسمع من تعارض أو عدم توافق بين المطلب الآشوري والكردي في الجزيرة حول الأولويات التاريخية والمطالب السياسية؟
ج4-
ما يميز شعوب هذه المنطقة هو أنها تتصارع إمّا حول الماضي أو حول الآخرة، وفي الحالتين ثمة إرادة لاحتكار كل شيء لهذا الطرف أو ذاك. وهذا الأمر يبرز بشكل واضح لدى الشعوب الضعيفة (أو الأقليات) المحرومة من حقوقها، فتهرب إلى التاريخ تثبيتاً لحق يدعم مشروعها وتطلعاتها. ولكل طرف حقائقه ومعطياته التاريخية، لكن هذه الحقائق في كثير من الأحيان لا قيمة لها وتتهاوى أمام حقائق ومعطيات الواقع الراهن. وببساطة فإن للآشوريين (السريان) والأكراد قراءتين مختلفتين للتاريخ، وهذا طبيعي باعتبار أن منطقة الجزيرة عريقة في قدمها وعاشت عليها شعوب كثيرة قبل مجيء العرب.

فالآشوريين (السريان) يعتبرون أن أجدادهم الآشوريين والبابليين والآراميين كانوا من أقدم شعوبها والأكراد أيضاً يعتبرون أن الميتانيين والميديين والحوريين الذين هم أجدادهم هم من الشعوب التي سكنت المنطقة منذ القدم. إن هذه الحقيقة هي ملك التاريخ ولا ينكرها أحد، لكنها لا تبرر إنكار أصالة هذا الشعب أو ذاك، ولا تبرر تغيير تسميتها من قبل فريق من الأكراد طالما هناك قناعة وإرادة بالعيش كشركاء في وطن واحد خصوصاً وأن مجتمع الجزيرة يختزل صورة التنوع القائم في سوريا قومياً ودينياً وثقافياً

على العموم فإن قضايا التاريخ لا يمكنها أن تلغي الواقع المعاش أو الاشتراك في تفاصيل الحياة اليومية التي تبرهن يوماً بعد يوم أن هناك إرادة لدى الشعبين ببناء علاقة أخوية قوية ومستقرة بالشراكة مع باقي المكونات الوطنية. علاقة تتجه نحو المستقبل وبعيداً عن الماضي وتداعياته، والسبيل إلى ذلك هو الحوار والانفتاح والمصارحة حول كل ما يخدم قيم العيش المشترك ويعزز التلاحم الوطني. أما ما يخص المطالب السياسية فلا يوجد تعارض إذ ندعم مطالبهم حول نيل حقوقهم القومية المشروعة كما يدعمون مطالبنا القومية في الإطار الوطني الذي تحدثنا عنه سابقاً والذي لا يتحقق إلا من خلال حلّ ديمقراطي عادل للمسألة القومية في سوريا.

س5: هل تعتقدون أن الحكم الذاتي للأكراد أو الفيدرالية كما يسعى بعض الأكراد لتحقيقه، يضر بشكل أو بآخر بالشعب الآشوري وعموم المسيحيين في الجزيرة؟
ج5 :
قلنا أن الجزيرة هي مجتمع قائم على التنوع، وهناك تداخل وتشابك بين كل المكونات. وأعتقد أن هذا الطرح سابق لأوانه، ويمكن أن يثير مشاكل أكثر مما يستجلب حلولاً، لا سيما وأن حلّ مسألة الأقليات لم تأخذ بعد مداها من الحوار والنقاش على المستوى الوطني. وعندما يحصل توافق بين جميع الشركاء في الوطن على صيغة ما، فلا أعتقد أن أحداً سيتضرر منها وبينهم شعبنا.

س6: يزعم بعض الأكراد أن السريان كانوا دائماً ذراع السلطة في منطقة الجزيرة، فهل يعزى لهذا انعدام الثقة على مر العقود؟
ج6 :
ذكرت في البداية أن الآشوريين (السريان) استجابوا لعملية التعريب أكثر من غيرهم بسبب التقارب اللغوي وعوامل أخرى. والبعض من هؤلاء زايد في العروبة خصوصاً بعد استيلاء حزب البعث على الحكم عام 1963، إذ انخرط الكثيرين في صفوفه وربطوا أنفسهم بعجلة الامتيازات والمصالح التي وفرها لمنتسبيه، وهؤلاء أساءوا لشعبنا أكثر مما أساءوا للأكراد تأكيداً لولائهم وتعزيزاً لنفوذهم. لكن ذلك لم يقتصر على شعبنا فقط، فهناك الكثير من الأكراد وغيرهم سلكوا نفس المسلك مع بني قومهم ومع غيرهم. بالمقابل هناك الكثير من الشيوعيين السريان دافعوا عن القضية الكردية أكثر مما دافعوا عن قضيتهم. لهذا فإن هذه المقولة ليست صحيحة ولم تلعب أي دور في بناء الثقة أو زعزعتها بين الشعبين.

س7: ما هي حقيقة الوجود العددي للكلدو آشوريين السريان في سوريا، وما سبب انقراضهم؟
ج7 :
لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد شعبنا في سوريا، لكن تقديراتنا تشير إلى أن العدد يتراوح ما بين (400 ـ 500) ألف نسمة يتبعون الكنائس التالية:

1 ـ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية.
2 ـ الكنيسة السريانية الكاثوليكية.
3 ـ الكنيسة الشرقية الآشورية.
4 ـ الكنيسة الكلدانية.
5 ـ كنيسة المشرق القديمة.
6 ـ الكنيسة السريانية المارونية.

وغالبيتهم ما زالوا يحتفظون باللغة السريانية والبعض فقد خصائصه اللغوية وتعرّب، طبعاً يستثنى من ذلك طائفتا الروم الأرثوذكس والكاثوليك الذين كان يطلق عليهم فيما مضى اسم السريان الملكيين ومعظمهم تعرّب وهم يشكلون القسم الأكبر من مسيحيي سوريا الذين تبلغ نسبتهم حوالي 12% من مجموع السكان.

وهذا الشعب لم ينقرض بل تناقص عددها قياساً إلى باقي المكونات حيث نسبة الزيادة السكانية لديه هي أقل لأسباب دينية وحضارية، يضاف إلى ذلك عوامل أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية دفعت بأعداد كبيرة من أبنائه للهجرة خارج البلاد حيث يوجد ما يوازي هذا العدد أو أكثر في بلدان الاغتراب.

القسم الثاني:

أولا: الحرب في لبنان وانعكاساتها

س1- هل الحرب الدائرة هي على لبنان أم في لبنان؟
ج1-  أعتقد أن الحرب هي على لبنان من ناحية، بهدف منعه من بناء دولة قوية قادرة على امتلاك قرارها، وبسط سيادتها على كامل أراضيها. خصوصاً بعد تحرير القسم الأكبر من أراضيه في الجنوب وانسحاب الجيش السوري، من ناحية ثانية هي حرب في لبنان، باعتباره الساحة الوحيدة التي بقيت مفتوحة على الصراع العربي الإسرائيلي منذ خوض العرب آخر حروبهم التقليدية مع إسرائيل عام 1973. إذ أن الأطراف الإقليمية والدولية بما لها من امتدادات محلية استفادت من ضعف الدولة اللبنانية قبل الحرب الأهلية وبعدها، وجعلت منها ساحة لتصفية هذه الصراعات. واستمرت هذه الوظيفة حتى الحرب الأخيرة، والمحصلة دفع الشعب اللبناني أثماناً باهظة لهذه الحروب والصراعات.

س2- هل يحقق حسن نصر الله ما عجز عنه عبد الناصر ويغرق اليهود في البحر الميت؟
ج2- 
بلا شك لا يمكن التنكر للأداء العسكري لمقاتلي حزب الله وصمودهم البطولي في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية المتفوقة، وتوجيه ضربات موجعة للداخل الإسرائيلي. أما الحديث عن انتصار عسكري حاسم، يعتبر ضرباً من المبالغة والتضليل في ظل عدم تكافؤ القوى الذي يميل بشدة لصالح إسرائيل والقوى العظمى التي تدعمها وتحميها، إضافة إلى أن حزب الله خاض معركته من موقع الدفاع، ومع هذا لم يستطع منع احتلال جزء من الجنوب وتهجير السكان أو تدمير البنى التحتية، أو منع المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين. فمفهوم الانتصار في الذهنية العربية والإسلامية يستند لمعايير لا مثيل لها لدى الشعوب الأخرى، فكثيراً ما تم تصوير الهزائم على أنها انتصارات لمجرد بقاء القائد أو الأمين العام حياً وباقياً في منصبه. وبالنظر للنتائج السياسية التي تمخضت عنها الحرب نجد أن حزب الله قبل بالكثير مما كان يرفضه قبل 12 تموز لا سيما انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، والأهم من ذلك صدور القرار 1701 عن مجلس الأمن، حيث يكبل الدولة اللبنانية وحزب الله بقيود لا تنتهي ومنها إبعاد مقاتلي حزب الله عن الجنوب وإحلال الجيش اللبناني مكانه مدعماً بقوة أضخم من قوات اليونيفيل، ونزع سلاح حزب الله وقطع الإمدادات العسكرية عنه وغيرها من النقاط التي تحد من الفعل المقاوم لهذا الحزب، وتؤمن الحماية الكافية لإسرائيل. بلا شك فإن أي إخلال بتنفيذ بنود هذا القرار (الذي يصب في مصلحة بناء الدولة اللبنانية) قد يستجر جولات جديدة من القتال سيما وأن إسرايل تبعاً للجدل الدائر فيها لم تهضم فشلها العسكري في الحرب الأخيرة التي جاءت عكس توقعاتها.

س3-هل تعتقد أن استجابة سوريا لبعض المطالب الدولية المتعلقة بالملف اللبناني ومحاولة إقرار بعض الإصلاحات سيكون بمثابة صمام أمان أم أن نتائج تحقيق اغتيال الحريري ستقلب الموازين؟
ج3- سوريا تتعرض لضغوط هائلة من الولايات المتحدة وأوربا، وأوقعها هذا في عزلة حتى من محيطها العربي، وقلل كثيراً من نفوذها ودورها الإقليمي خصوصاً بعد احتلال العراق. وأي دور إقليمي إيجابي وفاعل لا يمكن أن ينهض كما كان يجري في السابق عبر الإمساك بأوراق في هذه الدولة أو تلك، وإنما ينطلق من إصلاح وترميم الوضع الداخلي، فأي دور إقليمي نتوخى والمواطن السوري محروم من الحرية ووضعه المعاشي متردي، ويبحث عن فرص للعمل في لبنان والأردن واليمن وهي دول مواردها أقل من سوريا بكثير. وبرأيي فإن الاهتمام ببرامج التنمية والتطور الاقتصادي وقيام نظام ديمقراطي حقيقي سيكسب سوريا احتراماً دولياً وإقليمياً أكثر من ذي قبل. من هنا تبدو الحاجة ماسة لتخفيف الضغوط عبر الاستجابة ليس للمطالب الدولية المتعلقة بالملف اللبناني وإنما الاستجابة لمطالب الشعب اللبناني فيما يتعلق في الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا لتحسين واستمرار العلاقة مع لبنان، على أن يتضافر ذلك مع إصلاحات حقيقة في الداخل السوري تقي البلاد المخاطر التي تتهددها. أما فيما يتعلق بملف اغتيال الحرير لا يمكن استباق نتائج التحقيق ومن غير المستبعد أن يستخدم هذا الملف كورقة ضغط سياسية إضافية على سوريا، علماً أن الموقف الرسمي السوري يؤكد براءة النظام من هذه الجريمة، ويصر على محاسبة كل من يثبت التحقيق تورطه فيها.

س4- ما تفسيرك لعدم فتح جبهة الجولان والتملص من ترسيم الحدود وجنسية شبعا بينما يحارب إسرائيل في جنوب لبنان، أليس الجولان أقرب وأجدى؟
ج4- لا يمكن فتح جبهة الجولان حالياً في ظل اختلال ميزان القوى لصالح إسرائيل، وبسبب عدم قدرة سوريا على خوض حرب نظامية مع إسرائيل بمفردها بعد أن تخلى معظم العرب عن خيار الحرب وتبنيهم لخيار السلام الاسترتيجي بما في ذلك سوريا. إضافة لتوقيع بعض الدول العربية اتفاقات سلام مع إسرائيل أخرجتها كلياً من معادلة الحرب وهي دول محورية كمصر.من هنا فإن فتح جبهة الجولان في مثل هذه الظروف يعني انتحاراً وهزيمة محققة عسكرياً وسياسياً، أما التهرب من الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا، الغاية منه معروفة وهي إبقاء الصراع محدوداً ومحصوراً بالساحة اللبنانية كذريعة لاستمرار المقاومة. أما عن الدعوات لإطلاق مقاومة من الأراضي السورية بهدف تحرير الجولان المحتل، وبالرغم من أن الجولان يحتل مكانة أثيرة لدى كل مواطن سوري، فإني أرى أن هذه الدعوات تفتقر إلى المنطق والحكمة، ولا تراعي المصلحة الوطنية السورية في هذه المرحلة على الأقل. لأن منطق المقاومة يستدعي وجود ميلشيات وجيوش غير نظامية قراراتها لا تخضع للدولة، ويمكن أن تتسبب بالفوضى وفقدان الأمن. عموماً فإن منطق المقاومة لا يستقيم مع منطق الدولة، ويمكن أن تنجح هذه المقاومات وبشكل نسبي في الدول الخاضعة للاحتلال كما يجري في العراق وفلسطين أو في الدول التي تحكمها حكومات ضعيفة غير قادرة على بسط سلطتها على ترابها الوطني كما جرى ويجري في لبنان، وفي كلتا الحالتين وبسبب ضعف الدولة تكون الكلمة العليا للميليشيات التي قد يتم استخدامها من قبل قوى إقليمية ودولية لأغراض قد تتعارض مع المصلحة الوطنية ويمكن لهذه أن تنحرف عن دورها المقاوم وتتحول إلى مجرد آلة إرهابية عمياء كما يحصل في العراق.

س5- ألا تعتقد أن حكومة حماس فشلت سياسياً؟
ج5- لقد استفادت حماس من مشاعر الاستياء والنقمة على ممارسات السلطة الفلسطينية وفسادها لتفوز بالانتخابات دون أن تطرح برنامجاً واضحاً للحكم وهذا حال معظم التنظيمات الإسلامية في المنطقة، إذ تمتلك هذه التنظيمات قدرة هائلة على الحشد والتعبئة وراء شعارات دينية براقة لكن لا تصلح أن تكون برنامجاً للحكم. وباعتقادي فإن حماس فشلت عندما حاولت الجمع ما بين دور الحكومة ودور المقاومة التي ليست حكراً عليها في الساحة الفلسطينية، وعندما تنكرت لخيار السلام والتفاوض والاتفاقات التي توصلت إليها السلطة الفلسطينية والتي تنص على إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وتتضمن أيضاً الاعتراف بإسرائيل. فشلت عندما لم تستجب الفصائل الفلسطينية لدواتها بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وفشلت أيضاً عندما شرعت بحمسنة أجهزة الأمن والشرطة من خلال زج أتباعها في كل مكان فخلق هذا المزيد من التوتر الداخلي. طبعاً هذا السلوك أدى إلى تخلي الكثير من العرب عنها، ومحاصرتها من قبل الأوربيين الذين يميلون أكثر من غيرهم لمساعدة الشعب الفلسطيني، وبالتأكيد فإن حماس لا يمكنها انتظار منحها فرصة لاختبار نفسها في الحكم من قبل إسرائيل أو امريكا اللتان تصنفانها في خانة الإرهاب.

س6- عوّلت المعارضة السورية كثيراً على تقرير براميرتز وتوقع البعض انهيار النظام السوري في هذا الصيف لكن النتائج جاءت خلاف ذلك، فهل المعارضة تقرأ خطأ وما السبب؟!..
ج6-  هذه قراءة خاطئة برأيي لموقف المعرضة الوطنية السورية في الداخل لأنها كثّفت تحركها ليس تزامناً مع تقرير براميرتز وإنما في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق بعد ظهور بوادر حرب أهلية هناك، وهذا التحرك جاء من منطلق حرصها على تجنيب المجتمع السوري تداعيات مماثلة، فعلاً نجحت المعارضة بالتعاون مع المنظمة الآثورية الديمقراطية والأحزاب الكردية في تخفيف التوتر والاحتقان الناجم عن أحداث القامشلي 2004 من خلال إرساء قاعدة للتفاهم والحوار بين مختلف المكونات الوطنية أثمرت نتائج إيجابية لا حقاً. وبعد اغتيال الحرير وتشكيل لجنة التحقيق الدولية، تكثّفت الضغوط على سوريا فكان من الطبيعي أن تتحمل مسؤولياتها الوطن وحسن خياراتها السياسية بالتأكيد على عملية التغيير الديمقراطي السلمي ورفض التغيير الآتي من الخارج على ظهر الدبابات.

ثانياً: ملف النظام السوري ومعارضاته

س1- برأيك ما هو المطلوب من سوريا كسلطة ومعارضة لإحداث التغيير دون إرهاصات تتبعها خسائر كارثية؟
ج1- إن الخيارات تضيق أمام سوريا بفعل الضغوط المتسارعة وأسلوب التعاطي معها، وأعتقد أن استمرار النظام بسياساته الراهنة سيؤدي إلى دفع البلاد نحو المجهول، ولتفادي الوقوع في ذلك لا بد للنظام من أن يستجيب لمطالب المعارضة والمواطنين وهي مطالب وطنية بالمقام الأول حتى وإن تقاطعت بشكل أو بآخر مع بعض مطالب المجتمع الدولي والقوى النافذة فيه. وجميع هذه المطالب تنادي بإجراء تغيير ديمقراطي سلمي وآمن يقي البلاد من الأخطار المحدقة بها، وذلك من خلال طرح برنامج سياسي شامل يأخذ هذه المطالب بعين الاعتبار، على أن يبدأ بدايةً بإجراء تعديلات دستورية تنهي احتكار السلطة ومن ثم إصدار قوانين أحزاب وانتخابات عصرية تقر بالتعدد السياسي والقومي وتفسح المجال بتداول السلطة، ووقف العمل بحالة الطوارئ وإلغاء جميع القوانين والمحاكم الاستثنائية، وقبل هذا وذاك إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي وطي ملف الاعتقال السياسي نهائياً، بهذا فقط يمكن تخفيف الضغوط ونزع فتيل التوتر من المجتمع، عندها يمكن القول أن الأرضية باتت مهيأة لعقد مؤتمر حوار وطني شامل ينطلق من المصلحة الوطنية على كل ما عداها.

س2- أجمعت مختلف فصائل المعارضة على التغيير الديمقراطي السلمي، ما الذي يعيق توحيد ممارساتها ميدانيا وفشلت أغلب محاولات لم الشمل في مؤتمر وطني عام يضم الجميع؟
ج2- لقد دخلت قوى المعارضة السورية بمختلف أطيافها بحوارات واسعة ومعمقة فيما بينها، وقامت بعدة محاولات من أجل توحيد صفوفها وتوجهاتها من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي السلمي، وذلك بدءاً من مؤتمر دير الزور مروراً بالندوة التي حصلت في منتدى الأتاسي وصولاً إلى إعلان دمشق الذي يمثل نقلةً نوعية في مسار العمل الوطني المعارض،إذ ضم الكثير من القوى والشخصيات الوطنية في الداخل والخارج توافقت فيما بينها على أسس ومبادئ ورؤى مشتركة لعملية التغيير الديمقراطي. تابع هذا الائتلاف الوطني الواسع مسيرته بثبات رغم الصعوبات ورغم التحفظات التي جاءت على الوثيقة الأساسية سواء من داخل الإعلان أو خارجه.وقد أنجز مؤخراً هياكله التنظيمية بدءاً من المجلس الوطني وانتهاءً بالأمانة العامة وبقية المكاتب. بالطبع هناك قوى أخرى تؤمن بالتغيير الديمقراطي تعمل جاهدةً لتشكيل أطر تحالفية خاصة بها، وبرأيي فإن هذا يمثل ظاهرة صحية في الحياة السياسية، إذ لا يمكن لأي طرف أن يختزل كل التوجهات الموجودة في المجتمع. لهذا فإني أجد أن إعلان دمشق معني بالانفتاح على هذه القوى بغية تبديد الخلافات وتقريب المسافات وتوحيد الرؤى معها من أجل إنضاج ظروف عقد مؤتمر وطني يشترك فيه الجميع دون استثناء.

س4- هل انتم مع رؤية الإخوان في التغيير وهو الرقم الأقوى البديل عن النظام بحسب المراقبين ما رهاناتكم على بديل آخر انتم مثلا ؟ وهل ترون نفسكم بديلا جديرا؟
ج4-
هناك بون شاسع بيننا وبين الأخوان المسلمين فنحن ننظر إلى سوريا على أنها وطن نهائي لجميع أبنائها، بينما الأخوان يعتبرونها ولاية من ولايات الأمة الإسلامية، ونحن ندعو لإقامة نظام ديمقراطي علماني ولسنا مع أي شكل من أشكال الدولة الدينية، وباعتقادنا أن مثل هذا النظام قد تجاوزه العصر. وأرى أن الكثير من المراقبين يبالغون في اعتبار أن الإخوان البديل المحتمل الأوحد، فالمجتمع السوري قائم على التنوع القومي والسياسي والديني، وفي مثل هذه الظروف لا يمكن لأي طرف الإدعاء بأنه البديل للنظام، ولا يمكن الحديث عن بديل إلا في ظل حالة ديمقراطية سليمة توفر للجميع فرصاً متكافئة للمشاركة في الحياة السياسية، ومجتمعنا ليس عقيماً إنما هو على قدر كبير من الحيوية وقد يفرز قوى وقيادات جديدة ليس بالضرورة أن تكون من القوى الموجودة حالياً وبالمحصلة فإن الشعب هو الذي يحدد من هو البديل الأنسب للحكم من خلال صناديق الانتخاب.

س5- أين ترون قوة المعارضة وما مقتلها وما أماكن قوتها وماذا يجمعها؟
ج5-
قوة المعارضة تكمن في قدرتها على تقديم النموذج الديمقراطي في برامجها وسلوكياتها والمناقض لنموذج الاستبداد الذي طغى على حياتنا السياسية لعقود طويلة، وتكمن في قدرتها على تنظيم الاختلافات فيما بينها ومع الآخر، وفي قدرتها على استقطاب كل مكونات المجتمع لا سيما الأقليات من خلال استيعاب وتفهّم ومراعاة هواجسها ومخاوفها وإدماجها في النسيج الوطني دون أن يساورها أي إحساس بالغبن والتمييز. إضافة إلى ذلك فإن المعارضة تستمد قوةً من مناقبية وتضحيات وشجاعة رموزها في مقارعة الاستبداد بالكلمة والموقف. وما يجمع المعارضة هو أكثر بكثير مما يفرقها، ويأتي في مقدمة ذلك الرغبة في تحقيق الانتقال الديمقراطي وبناء وطن عصري ومزدهر لكل أبنائه. أما مقتلها فيكمن في الابتعاد عن الهموم الوطنية والانشغال بقضايا غير جوهرية ذات بعد خارجي أحياناً استناداً لذرائع تستخرجها من المخزون الإيديولوجي الذي ساد منطقتنا طويلاً. ومن عوامل الضعف أيضاً الانسياق وراء التطرف والابتعاد عن الواقعية السياسية وكذلك الاستسلام لمحاولات الحصار والعزل المفروض عليها من قبل النظام بهدف منعها من التواصل مع المواطنين، وما يدعو للتفاؤل أن المعارضة تتحلى بالحكمة وما زالت تحاول كسر القيود المفروضة عليها بمختلف الوسائل المتاحة.

س6- يرى بعضهم أن المعارضة مازالت نخبوية ولا تملك قاعدة شعبية وعجزت عن استقطاب الشارع ومتناقضة فيما بينها وتفتقر لوجود برنامج أو برامج حقيقية قابلة للتطبيق، فما سبب المسافة البعيدة بين الشارع والمعارضة وهل يعني أن النظام أقرب للناس من المعارضة؟
ج6- أوافقك القول بأن المعارضة ما زالت نخبوية وعجزت عن تكوين قاعدة شعبية بسبب التضييق والحصار المفروض عليها من قبل السلطة، وبسبب خوف الناس من التعاطي في الشأن العام، إضافة لافتقارها للشخصيات الكارزمية القادرة على اجتذاب الناس. والمسألة ليست بالبرامج، فأي برنامج لا يحظى بفرصة للتطبيق إلا في ظل مناخ ديمقراطي سوي. لكن بالمقابل حال السلطة ليس أفضل من حال المعارضة، إذ أن معظم أحزاب الجبهة لا تمتلك قاعدة شعبية تذكر باستثاء حزب البعث الذي ربط الناس بشبكة مصالح وامتيازات حجبها عن غير البعثيين ومع ذلك لم يفرز قيادات فاعلة ومؤثرة في المجتمع بمعزل عن المنصب الذي تتبؤه، لأن هذه القيادات يتم اختيارها ليس على أساس الكفاءة والمؤهلات وإنما على قاعدة الولاء لإحكام السيطرة على المجتمع. بالتالي لا تستطيع تجاوز الحدود المرسومة لها، ربما هذا يفسر فشل بعض الشخصيات السورية ممن أثبتت جدارة في المنظمات الدولية في التكيف مع متطلبات المنصب الحكومي الذي أسند لها. على العموم فإن بعض شخصيات المعارضة بالرغم من عدم إتاحة الفرصة أمامها للتعبير عن نفسها فهي معروفة للرأي العام أكثر من العديد من الوزراء ورؤساء أحزاب الجبهة وأعضاء القيادة القطرية.

س7- من هو المعارض السوري، وبما يتميز عن غير المعارض أو المحايد؟
ج7- المعارض السوري بالمعنى المعروف والشائع هو كل من ينشط من خلال أحزاب المعارضة والجمعيات غير المرخصة أو يدعمها إضافة إلى الشخصيات المستقلة التي تنشط في مجالات لا تتوافق مع نهج النظام. لكن هناك نماذج أخرى من المعارضين في المجتمع السوري، وبرأيي فإن الإنسان الذي يشعر بالغربة في وطنه هو معارض، والخريج الذي لا يحظى بفرصة عمل هو معارض، والعامل الذي لا يقبض راتبه إلا بعد أشهر هو معارض، والإنسان من أبناء الأقليات الذي يتم تجاهل وجوده ولا يمنح صفة المواطنة الكاملة هو معارض، المواطن الذي لا يلقى معاملة كريمة أثناء مراجعة دوائر الدولة أو يضطر لدفع الرشوة لتسيير أموره هو معارض، السوري المنفي في الخارج ولا يملك حق العودة إلى وطنه هو معارض، المغترب الذي يزور بلده ويصدم بواقعه المتخلف مقارنةً بموطنه الجديد هو معارض. بهذا المعنى فإن الكثير من السوريين هم معارضون لكنهم آثروا الصمت مخافة التبعات والمساءلة.

ثالثا: المحور الكردي والأقليات القومية والدينية

س1- برأيكم ما هي أبعاد الملف الكردي في سوريا، وهل له امتداد قومي أم أنه حالة حقوق إنسان مغيبة؟
ج1- بدايةً ما لفت انتباهي في هذا المحور هو اقتصاره على الملف الكردي فقط بعكس ما يشير العنوان، وهو بلا شك ملف على قدر كبير من الأهمية وطنياً لما له من خصوصية وتشعبات، الملاحظ أن هذا المحور تحاشى أي ذكر للأقليات القومية الأخرى في سوريا خصوصاً الشعب الآشوري (السرياني) الذي يعتبر واحداً من أقدم الشعوب الأصيلة في سوريا والشرق ككل، واستمدت سوريا اسمها من اسمه في مراحل تاريخية سابقة. وهو شعب له سمات قومية وثقافية ولغوية متميزة، وتعرض عبر مسيرته للكثير من الاضطهاد ومحاولات تعريب وحتى الأسلمة. وتنشط في صفوف هذا الشعب المنظمة الآثورية الديمقراطية حيث تحظى بقاعدة عريضة في أوساطه، وتعتبر جزءاً أساسيا من الحراك السياسي المعارض وعضواًُ فاعلاً في إعلان دمشق والهيئات المنبثقة عنه، هذا الإعلان الذي كانت وثيقته الأساسية قد تجاهلت أيضاً وجود هذا الشعب وتحفظت المنظمة حينها على التوقيع عليه، ثم سوي الأمر لاحقاً عبر بيان مشترك ما بين المنظمة واللجنة المؤقتة لإعلان دمشق. إن استمرار التجاهل لوجود شعبنا من قبل بعض أحزاب ورموز المعارضة بالرغم من التنبيه المتكرر يثير في الحقيقة أكثر من علامة استفهام فمثلاً في مقابلتكم الأخيرة مع السيد حسن عبد العظيم نجد أنه أتى على ذكر جميع القوى المنضوية في إعلان دمشق ثلاث مرات ولم يأتِ على ذكر المنظمة الآثورية الديمقراطية ولو مرة واحدة باعتبارها جزءاً من هذا الائتلاف، وهذا يشي بوجود نوع من التعمد ونأمل ألا يكون مقصوداً لأن هذا الأمر لم يعد مقبولاً وبالنتيجة يقلل من مصداقية المعارضة على الأقل في أوساط شعبنا. طبعاً إن الاعتراف بوجود هذا الشعب أو أي شعب آخر ليس منّة نستجديها من أحد، إنما هو حق تكفله شرعة حقوق الإنسان وجميع المواثيق المتعلقة بحقوق الأقليات والشعوب الأصيلة، وسنبقى نناضل مع جميع القوى الوطنية ضد هذا التجاهل ومن أجل إيجاد حل لمسألة الأقليات على المستوى الوطني إيماناً منا بأن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار حل وطني ديمقراطي عادل، وليس وفق المقياس العددي لهذه الأقلية أو تلك.

عذراً لهذه الإطالة وأريد التأكيد على أنني لم أقصد التقليل من أهمية القضية الكردية وإنما أردت تعزيزها أكثر من الناحية المبدئية لإحساسي العميق بها ومعايشتي لها، ولأنها هي أيضاً عانت طويلاً من التجاهل والتهميش في الماضي من قبل النخب الفكرية والسياسية، لكنها فرضت نفسها على المستوى الوطني بفضل نضال القوى السياسية الكردية وتضحيات الشعب الكردي وهي تستحق بلا شك كل الاهتمام والتعاطف من قبل الجميع بالتساوي مع باقي الأقليات.

وبالعودة إلى السؤال أجد أن القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية بامتياز لأنها تمثل قضية شعب له شخصيته وهويته الثقافية ولغته الخاصة وعانى بسبب ذلك الكثير من الظلم والتمييز ومن حقه التمتع بحقوقه القومية السياسية والإدارية والثقافية ضمن إطار وحدة الدولة و المجتمع السوري وتحت إطار هوية وطنية تقر بالتنوع القومي والسياسي والثقافي على أن يتم الاعتراف بهذه الحقوق دستورياً للأكراد ولجميع الأقليات القومية الأخرى.

وفي السياق ذاته لا يمكن تجاهل واقع الامتداد القومي للشعب الكردي لكن هذا لا يسقط البعد الوطني عن الحالة الكردي في سوريا، فمن حق الأكراد التعاطف والتواصل مع إخوتهم في العراق وتركيا وإيران مثلما هو حق للعرب للتواصل والتعاطف مع إخوتهم في كل البلاد العربية كما هو حق لجميع الشعوب التي لها امتدادات في بلدان أخرى شرط أن لا يؤثر ذلك على التماسك المجتمعي وطنياً، وباعتقادي فإن قيام نظم ديمقراطية في المنطقة سيعزز الاستقرار فيها وسيكفل تواصلاً فعالاً وإيجابياً بين جميع المكونات الوطنية مع امتداداتها وسينعكس تحسناً في العلاقات وتقدماً وازدهاراً على كل الدول التي تضم هذه المكونات.

س2- أين انتم من الحراك السياسي في الشارع الكردي السوري، وهل لكم امتداد جماهيري في أوساطهم؟
ج2- نحن نعيش مع الأكراد في نفس المنطقة منذ زمن طويل، ويسود التآخي بيننا وبينهم وكذلك مع سائر شركائنا العرب والأرمن وغيرهم. ولنا علاقات إيجابية مع معظم أحزاب الحركة الكردية وهذه العلاقات تنمو وتتعزز يوماً بعد يوم. وسبق أن اشتركنا معاً في استحقاقات وطنية وانتخابية كانتخابات مجلس الشعب ومجالس المحافظة والنقابات وغيرها. وهناك مشاركة في المناسبات القومية والسياسية والحزبية وتجري لقاءات وحوارات دائمة لتبادل الرأي وتقييم آخر التطورات والأحداث وتعزيز العلاقة فيما بيننا وبقية شركائنا في الوطن. ويجمع إعلان دمشق المنظمة الآثورية مع إطارين سياسيين أساسيين من قوى الشعب الكردي هما التحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الكردية الديمقراطية وقد استطعنا من خلال العلاقات الإيجابية مع معظم الأحزاب الكردية في سوريا أن نقوي العلاقة والثقة بين شعبينا، وتجاوز الكثير من النقاط السلبية التي كانت تعكر هذه العلاقة والتي ورثناها من الماضي من أجل بناء أفضل لحاضرنا ومستقبلنا.

س3- بعض القوى الكردية وقعت على إعلان دمشق والبعض الآخر رفضها بالمطلق واعتبرها نسفا للقضية الكردية وانتم احد الأطراف التي بادرت لمباركته، فهل تعتقدون أنه يتضمن الحل الأمثل لهذه المعضلة، أم أنه يجب إعادة النظر فيما يخص الأكراد؟
ج3-فيما يخص البند المتعلق بالقضية الكردية في إعلان دمشق فقد وافق عليه الجبهة الكردية الديمقراطية والتحالف الديمقراطي الكردي وهما يمثلان الثقل الأساسي في الحركة الكردية السورية، وشاركا في صياغته ولو لم يكن مقبولاً من قبلهم لما وافقا عليه، على كل فإن هذه الصياغة هي نفس الصياغة التي وافقت عليها جميع أحزاب الحركة الكردية في سوريا عندما أصدرت بياناً مشتركاً مع التجمع الوطني الديمقراطي قبل أشهر قليلة من إطلاق إعلان دمشق. ولا أعتبر ما جاء في إعلان دمشق نسفاً للقضية الكردية بل ينظر إليه كتقدم هام في مقاربة هذه المسألة من قبل المعارضة الوطنية. أما إن كان يمثل حلاً امثل فتقدير ذلك يعود للأكراد أنفسهم. ووثيقة إعلان دمشق ليست وثيقة جامدة وهي على قدر كبير من المرونة يمكن تعديلها بتوافق القوى المنضوية في إطارها. أما في فيما يخص المجلس الوطني الكردستاني فليس بديلاً عن إعلان دمشق ومن حق الأكراد اختيار الأطر المناسبة لحركتهم، ولكن حسب معلوماتي فإن هذا المجلس لم يحظَ بإجماع الحركة الكردية وهناك انقسام حوله.

رابعا: ملف الفساد وحقوق الإنسان

س1- تتكرر مطالب الجميع بفتح ملفات الفساد على ارفع المستويات، وها هي ملفات بعض آل الحكم تكشف، ومنها ملف نائب رئيس الجمهورية وأبنائه، بدأ مجلس الشعب بفضها، ألا تساندونه في الاستمرار قدما، وما هو الملف التالي باعتقادكم؟
ج1- إن الفساد هو إحدى السمات الملازمة للأنظمة الشمولية، ولا تتم مكافحة الفساد بهذه الطريقة الانتقائية والاستعراضية، بل لا بد من توفر أرضية صحيحة لفتح هذا الملف بجدية، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا في ظل مناخ ديمقراطي حقيقي يقوم على تداول السلطة ويتم فيه فصل للسلطات وبتوفر قضاء نزيه وعادل ومستقل وإعلام حر وشفاف وقبل كل شيء وجود سلطة تشريعية ممثلة ببرلمان منتخب من الشعب قادر على محاسبة الحكومة، إضافة لوجود معارضة قوية قادرة على كشف أخطاء الحكومة وتجاوزاتها وإظهارها للرأي العام. بلا شك فإن فتح ملفات عبد الحليم خدام وأبنائه هي مطلوبة وضرورية لكن يجب فتح ملف كل من تلوثت أياديهم بالفساد أو لهم علاقة بالسرقة والنهب وهدر المال العام بغض النظر عن اسمائهم ومناصبهم سواء كانوا في السلطة أو خارجها وهم كثر وفقاً لما يشاع ويروج في الشارع السوري.

س2- ألا تعتقدون أن هذا هو الإصلاح بعينه حين يتكلم عنها النظام وبمنتهى العلنية؟ هل هي بداية الأزمة أم بوابة الانفتاح ؟؟؟ ولماذا ملف الفساد الآن؟ من تحملون تبعاتي التعتيم على هذه الانتهاكات لحجم الأموال المنهوبة والصفقات المشبوهة والفساد المستشري؟
ج2-
ما يثار من ضجيج وصخب حول مكافحة الفساد في الحقيقة لا علاقة له بالإصلاح الموعود، ولا يعدو كونه تنفيساً للرأي العام، لكن في الجوهر هو عمل كيدي وعقابي لمن ضعف ولاؤه أو تجاوز حدوده، وإنذار لآخرين كي يثبتوا ولاءهم. فهل يتجرأ مواطن سوري عادي على اتهام مسؤول ما بالفساد؟ لا أعتقد، فكلنا رأينا كيف عوقب ولوحق الأستاذ رياض سيف وهو عضو في مجلس الشعب لمجرد اقترابه من ملف الخلوي. إن مكافحة الفساد لها آلياتها وشروطها وللأسف فهي غير متوفرة لدينا وغير معمول بها.

س3- منظمات حقوق الإنسان تنتقد الانتهاكات بعلنية، وتم الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين، على ضوء ذلك كيف تقيمون واقع حقوق الإنسان في سوريا؟
ج3-
إن واقع حقوق الإنسان في سوريا ليس مقبولاً وتراجع في السنة الأخيرة عن ذي قبل، وتقع هناك الكثير من الانتهاكات بعضها يطال حتى العاملين في المنظمات الحقوقية التي تتعرض للكثير من المضايقات، ومع ذلك فغن ناشطيها يبدون شجاعة فائقة في الكشف عن هذه الانتهاكات وإيصالها للمنظمات الدولية الحقوقية ويعملون بجد على نشر ثقافة حقوق الإنسان حسب الإمكانات المتوفرة أمامهم. كما لا تزال السجون تعج بالمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وجلهم من الكتاب والمفكرين وقادة الرأي.

خامسا: الانتخابات الرئاسية لعام 2007م.

س1- يقول بعض المراقبين: إنّ المعارضة ليس لها أفق، وإنّ النظام لن يصدر قانون الأحزاب إلا قبل شهر أو بعد شهر من نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد، وبالتالي سيضمن ورقة لمدة سبع سنوات قادمة، وسيصدر قانون الأحزاب الذي يحد من قوتكم، هل من المعقول قيام حزب البعث بإصدار قانون الأحزاب من قبله فقط ؟ ولماذا لم تعترضوا على ذلك؟
ج1- لا معنى لصدور قانون أحزاب إذا لم يلغَ الاحتكار السياسي ويسمح بالتعددية الحزبية وتداول السلطة، يحيلنا هذا إلى ضرورة إلغاء البند الثامن الدستور. من الواضح فإن حزب البعث ليس في وارد التخلي عن هذا البند تبعاً للمعلومات التي رشحت عن المؤتمر القطري العاشر، أو ما أوحت به بصراحة المسودة التي أعدها لقانون الأحزاب التي لاقت اعتراضاً شديداً من جميع قوى المعرضة لأن الهدف منها ليس إطلاق حياة سياسية حزبية وإنما تكريس لصيغة الجبهة الوطنية التقدمية من خلال ضم بعض المنتظرين لدخول هذه الجنة كتعبير عن التعددية التي يتحدث عنها النظام. لذل فإن أي حديث عن انتخابات تعددية رئاسية يعتبر مضيعة للوقت وفي غير مكانه.

س2- ما فائدة التحضير للانتخابات ولم يلغ البند الثامن من الدستور، الذي لا يجيز لغير البعثي رئاسة الدولة؟
ج2-
لم يتطرق أي طرف من أطراف المعارضة إلى فكرة التحضير للانتخابات الرئاسية، وإذا كان ثمة من يحضر فهو حزب البعث إذ ربما تناقش القيادة القطرية (التي تختزل إرادة الشعب تبعاً للدستور) تحديد موعد للاستفتاء أو ربما شكل الاحتفالات التي ستعقب إجراءه.

س3- ما هي إمكانية ترشيح مسيحي أو كردي سوري وفوزه في انتخابات نزيهة حقا؟
ج3-
إن الحديث عن ترشح مسيحي للرئاسة يعتبر نوعاً من الفانتازيا الساخرة والمؤلمة في آن واحد. أقول هذا ويحضر في ذهني الكاتب الأرمني الصديق فاهان كيراكوس عندما رشح نفسه العام الماضي للرئاسة على صفحات الانترنيت (بالتأكيد لم يكن جدياً في ترشيحه) فكان أن تم نقل عمله من القامشلي إلى الرقة عقاباً له على تجرؤه هذا ولم يؤخذ حتى (على قد عقله) بحسب تعبير بعض أهل النظام مع تقديري واحترامي الشديدين للأخ فاهان. أخي الكريم إن المسيحي حتى لو كان بعثياً وحتى لو توشّح بالعروبة فإن عروبته أيضاً ستظل منقوصة لأنه ببساطة ليس مسلماً، فالمادة الثالثة من الدستور تنص للأسف على أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، ندرك تماماً أنه في ظل الديمقراطية العددية أن فرص المسيحي أو الكردي هي أقل من الآخرين بالوصول ليس إلى منصب رئيس الجمهورية فقط وإنما أي منصب آخر. إذاً فما معنى وجود المادة الثالثة في الدستور والتي تجرح مشاعر المسحيين وتنتقص من مواطنيتهم. على العموم نؤكد على ضرورة إلغاء المادة الثامنة من الدستور لأنها تكرس الاحتكار، وإلغاء المادة الثالثة من الدستور التي تميز بين المواطنين على أساس ديني وهو ما يتعارض مع بنود أخرى في الدستور وكذلك مع شرعة حقوق الإنسان. ونؤيد إقامة نظام ديمقراطي علماني يوفر فرصاً متكافئة لجميع المواطنين.

Back to the Main Page