السبيل - صحيفة يومية أردنية

الإثنين، 28 آذار 2016 م -  18 جمادى الآخر 1437 هـ

عز الدين القسام وراشد الخزاعي

alt
جمال الشواهين

جرائم العدو الإسرائيلي اليهودي لا تتوقف، وتُقترف على مدار اللحظة، وهي على شتى الأنواع والأشكال، وأكثرها إهانة لأمة العرب والمسلمين عموماً، استمرار تدنيس المقدسات والاعتداء عليها اقتحاماً وهدماً، وتحويلها إلى مراكز لهو وإزالتها كلما كان ذلك ممكناً.
آخر جرائم هذا العدو الغاشم هي هدم ضريح الشهيد عز الدين القسام في مدينة حيفا أول من أمس الأربعاء، ومعه كل مقابر المسلمين المجاورة.
المقابر اليهودية بالعالم محصّنة ومصانة، وليس هناك من يقدر على الاقتراب منها بالسوء وليس الهدم، وقد حدث مرة في دولة أوروبية شرقية أيام الحكم الشيوعي، قيام بلدية العاصمة فيها بشق طريق رئيسي وإستراتيجي، وبموجب التخطيط فإنّه سيمرّ من مقبرة يهودية، فثارت ثائرة الدنيا وجيّشت كل وسائل المنع، فما كان من البلدية إلاّ أن أنشأت جسراً فوق المقبرة، لتظل على حالها حتى اليوم.
وحدها حرمات المسلمين التي تنتهك دون أن يتحرك ساكناً، وليس هناك من بقي في وجوههم ماء الحياء لقليل من الخجل.
في مصر يرفضون ترشيح مَن أحد والديه تمتّع بجنسية أجنبية، باعتبار ذلك ضمانة لحاكم وطني خالص الولاء، ويدركون أنّ اليهود يعتبرون اليهودي من كانت أمه يهودية، وحتى لا يقع المحذور بالخيانة والتبعية يشددون على مصرية المصري تماماً لتكون خالصة في حالة تولّي المسؤولية، ومن أجل الولاء الكامل للأمة. ويدركون أنّ دولة خلافة بني العباس إنّما انهارت بعد تعدد الأخوال من ترك وبرامكة. غير أنّ الحال ليس نفسه في غيرها، ولا هو على ذات السوية من المسؤولية والشك فيها.
ما ورد أعلاه لقول أكثر من معنى، غير أنّ المهم منها للقول أنّ عز الدين القسام عربي سوري من بلدة جبلة الساحلية، تعلّم بالأزهر، وعاد منها إلى دمشق مقاوماً للاستعمار الفرنسي ومناصراً للثورة الليبية والجزائرية ومحارباً للاستعمار البريطاني وانتداباته على فلسطين وشرق الأردن.
وأنّه تمكّن من تشكيل فرق ثوار عديدة حيثما حلّ، ولما استقرّ به الحال في فلسطين اتّخذ من مسجد الاستقلال في مدينة حيفا مقرّاً له إلى جانب الفقراء، مطلقاً منه المقاومة والثورة ضد الانتداب البريطاني والمشروع الصهيوني.
ولأنه عالِم وليس مجرد رجل دين، بدأ اتصالاته لدعم ثورته، وكانت مع الملك فيصل وأمين الحسيني الذي فضّل المفاوضات على الثورة، وغيرهما ممن كانوا في ذاك الزمان، إلاّ أنّ أحداً منهم لم يمدّ يد العون.
وقد لجأ مرة إلى جبال عجلون مع عدد من الثوار، وكانوا في حماية الأمير راشد بن خزاعي الفريحات، الذي أمدّهم بكل ما يلزم ويقدر عليه، وقد استمر الأمير راشد الخزاعي بدعم القسام إلى أن تمّت محاصرته، حيث غادر إلى السعودية، وجراء ذلك انطلقت ثورة جبل عجلون عام 1937.
ويمكن القول، إنّ راشد بن خزاعي الفريحات كان الأمير الوحيد من العرب الذي وقف إلى جانب عز الدين القسام.
في ذات العام 1937 حاصرت قوات بريطانية يهودية عز الدين القسام وخمسة عشر ثائراً من رفاقه في قرية يعبد الفلسطينية، وطلبت منهم الاستسلام، غير أنّ الشيخ المجاهد القسام أمر بالقتال حتى الشهادة، وقد دارت معركة استمرت طوال أكثر من ساعتين استشهد فيها القسام ورفاقه يوسف الزيباري وسعيد عطية ومحمد خلف، وأصيب الباقون ووقعوا أسرى قوات الانتداب.
بعد هذه المعركة انطلقت عدة ثورات أخرى وفي أكثر من مكان، غير أنّ قوات الانتداب والذين إلى جانبهم تمكّنوا من إخمادها كلها.
اليوم تهدم قوات الاحتلال المجرمة ضريح القسام في حيفا ليس لشق طريق وإنّما انتقاماً، ليس منه وحسب، وإنّما من كل ما هو مسلم وعربي أيضاً، ومع ذلك ينام السادة الزعماء بالعسل مذ استشهد وحتى الآن.