إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الشورى في الإسلام









مقدمة

5. حكم الشورى

اختلف الفقهاء في أمر الشورى: هل تعد واجبة على الحكام أم هي مندوبة فقط؟

فذهب بعض الفقهاء، إلى أن الأمر بالشورى لم يكن للوجوب، وإنما كان للندب، وأن أمر الرسول r بمشاورة أصحابه إنما كان تطييباً لقلوبهم، ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه.

ولعل الأوفق في هذا المقام، أن الشورى واجبة على الحكام، ويُستند في ذلك إلى ما يلي:

أ. إن القرآن الكريم قد أشار إلى الشورى في آيتين، إحداهما وضعت فيها الشورى إلى جانب ركنين أساسين من أركان الإسلام (الصلاة والزكاة)، حتى لكأنه يعدها بالنسبة للمسلم المؤمن إحدى صفاته، أو شرائطه الأساسية. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن سورة الشورى سميت كذلك، لأنها السورة الوحيدة التي قررت الشورى، عنصراً من عناصر الشخصية الإيمانية الحقة.

وفي الآية الثانية، وجه الله الخطاب إلى رسوله بأن يلجأ إلى الشورى، وذلك بصيغة الأمر: ]وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ[ (سورة آل عمران: الآية 159).

ب. إن الرسول r، كان يشاور أصحابه في كل ما يجد من أمور مهمة، تمس الجماعة المسلمة. وقد فهم الصحابة، أن الأمر في الشورى هو للوجوب. لذلك، كانوا حين ينزل بهم أمر، لا يبرمونه من غير شورى، وكان عمر يقول (لا خير في أمر أبرم من غير شورى). ويدل على هذا الفهم أن كلاًّ من أبي بكر وعمر، خطبا أثر تولي الخلافة، فقال الأول: (فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني)، وقال الثاني: (يا أيها الناس .. من رأي منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه، فقام رجل أعرابي فقال: والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في المسلمين من يقوّم عوج عمر بسيفه).

ومعنى التقويم في الخطبتين، هو التنبيه إلى الحق والإرشاد إلى الطريق المستقيم. وهذا ما يدل على وجوب الشورى.

وهذا الرأي، الذي يذهب إلى أن الشورى واجبة على الحاكم، هو الرأي الراجح في الفقه، فإن ظاهر الأمر يفيد الوجوب، ولا توجد قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الندب أو إلى غيره، وبناء عليه فالأمر في قوله: ]وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ[ (سورة آل عمران: الآية 159)، هو أمر على الوجوب بمقتضى القاعدة الأصولية، ولا دليل على أنه أريد به غير الوجوب. وهو أيضاً عام في رسول الله r، وغيره من المكلفين، وليست هناك قرينة لاختصاصه به.

وفي ذلك يقول العلماء: إن الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، هذا ما لا خلاف فيه.

وأنه يجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحروب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها. (وإذ أوجب الله المشاورة على رسوله r فغيره أولى، وسيرة الخلفاء الراشدين، وإجماع الأمة ناطق بذلك، وإن جهل ذلك من جهله من الفقهاء فجعلوها فضيلة لا واجبة؛ لإرضاء الملوك والأمراء).

فليس أدل على وجوب الشورى من التزام النبي r للمشاورة، وهو المعصوم بالوحي، فكان التزام غيره به أولى. وكذلك، التزام الخلفاء الراشدين طريق الشورى، في الولاية والحكم.