Home      الرئيسية   

 Articles   مقالات

 Interviews    مقابلات

 Donation for kaldu.TV  تبرعات للقناة الكلدانية

 من نحن   About Us

Archives الأرشيف  

kaldu.org  كلدو

    Contact Us اتصلوا بنا  

  Links  دليل

    February 20 , 2010  

 

 

 

 نينوى والموصل المسيحية

الحلقة ال 21 ـ

ما يحدث لمسيحيي الموصل بعد 2003

  الشماس يوسف حودي


وانا اتكلم عن هذا الموضوع لابد ان ابين ان مسيحيي الموصل ونينوى والعراق في تناقص مستمر منذ حوالي 0014عام ، اي منذ الفتح الاسلامي للعراق ، وقد استمر التناقص بعد حرب تحرير العراق عام 2003 بسبب سيطرت قوى متعصبة واخرى قادمة من خارخ العراق بتسميات مختلفة ، حيث بدأ التهديد لمسيحيي العراق ومنهم مسيحيي الموصل .

وكانت نسبة مسيحيي الموصل 90% من سكان المدينة والبقية من اليهود وعبدة الاوثان . وهذا النقص خلال هذه المدة الطويلة تطرقت له في حلقات سابقة نتيجة دخول الاسلام الى المدينة مع العلم أن المدينة سلمت للفاتحين بدون قتال حيث فضل اهالي المدينة الفاتحين العرب على الفرس او الروم اللذان كانا باستمرار يتصارعان للسيطرة على المدينة واستمر النقص نتيجة الشروط المجحفة التي كانت تطبق من قبل الحكام مدى القرون الماضية وكان وضع المسيحيين وعددهم في مد وجزر حسب الحكام الذين يسيطرون على المدينة وكذلك الغزواة الكثيرة التي كانت تمر بها المدينة .

وكانت الموصل ضمن العراق ذا التسمية الحديثة قبل الحرب العالمية الثانية تحت سيطرة الدولة العثمانية وكانت الدولة العثمانية تعترف بهم وبنشاطهم في الموصل والدولة العثمانية ، وبعد انسحاب العثمانيو ن من المدينة نهاية الحرب العالمية الاولى وتأسيس الحكم الملكي ومطالبة الحكومة التركية بعد سقوط الدولة العثمانية وتفكيكها بالموصل لان كان دخول العراق من قبل الحلفاءبعد الهدنة بدون قتال حيث كانت الحرب قد انتهت والحلفاء جنوب الموصل اي ان الموصل دخلها الحلفاء بقيادة الدولة البريطانية عنوة لقد عمل الاهالي ومنهم مسيحيي الموصل على بقاء الموصل ضمن العراق بعد الاستفتاء الذي اجريّ حسب طلب تركيا من مجلس الامن وكان باشراف دول الحلفاء المنتصرة بالحرب ، حيث استفسرت اللجنة المكلفة بالاستفتاء أهالي الموصل بالانضمام الى العراق أم البقاء ضمن الدولة التركية الحديثة .

حيث جرى نتيجة الاستفتاء الذي جرى لاهالي الموصل ومنهم صوت المسيحيين ووجهائهم ورجال دينهم ومنهم البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني توما بطريرك الكلدان الذين كانوا يشكلون أغلبية مسيحيي الموصل عام 1925 آنذاك وكان ذلك زمن الملك فيصل الاول وقد كتب الشاعر الموصلي اسماعيل احمد فرج قصيدة حول الموصل كلماتها موجودة في الحلقة ال15 وقد لحنها له المرحوم الاستاذ حنا بطرس وقد كرم الملك فيصل الشاعر ب 100 ربية والملحن بساعة ذهبية ،أما نسبة مسيحيي الموصل أنذاك فكانت تزيد عن 10% وعند تشكيل اول مجلس بلدي للمدينة كان عدد أعضاءه ستة نصفهم من المسيحيين حيث كان واحدا يمثل الكلدان والاخر السريان الكاثوليك والاخر السريان الارثدوكس .

وكانت نسبة المسيحيين في الموصل تتراجع تدريجيا وكان أكثرها عام 1960 بعد حركة عبد الوهاب الشواف حيث كانت الاغتيالات مستمرة مما اضطر الى مغادرة نصف مسيحيي الموصل معظمهم الى بغداد أو المدن والقرى المجاورة ، واستمر هجرة المسيحيين من الموصل والعراق في السبعينات وبعدها بسبب الحروب التي خاضتها الحكومات المتعاقبة ومنها حكومة صدام حيث كانت مع الاكراد ثم ايران وبعدها الكويت والحصار للعراق والخدمة العسكرية الطويلة كلها ادت الى هجرة المسيحيين الى خارج العراق . أما بعد عام 2003 والاحتلال الاجنبي بقيادة أمريكا للعراق ودخول الصراعات الدينية والاثنية بين مختلف شرائح الشعب العراقي ودخول الارهابيين الى العراق لمساندة كل طائفة لحليفتها وكذلك القاعدة وتأسيس ما يسمى دولة العراق الاسلامية كلها أدت الى الهجرة سواء كانت الى المناطق الامنة ام الى خارج العراق .

وكذلك الاغتيالات التي شملت مسيحيي العراق والموصل جيث استشهد العشرات وشمل ذلك رجال الدين حيث الاباء بولس اسكندر بقطع رأسه ومنذز السقى ورغيد كني وشمامسته الثلاثةبعد قداس الاحد في 03 : 06 : 2007 بعد قداس الاحد خارج كنيسة الروح القدس في حي الاخاء بالساحل الايسر ، وثم المطران بولس فرج رحو الذي خطف بنفس المكان بعد صلاة درب الصليب بعد مقتل مرافقيه الثلاثة في 13 : 03 : 2008 ومن ثم عثر على جثته بعد اسبوعين من خطفه ، والارهاب المنظم لمسيحيي الموصل عام 2008 حيث غادرها خلال اسبوعين حوالي 4002 عائلة بعد ان قتل اكثر من 14شخص خلال الاسبوعين اللذين سبقا النزوح ، ولا زال الاغتيال والتهجير مستمر والغرض من ذلك اخلاء المدينة من سكانه الاصليين المسيحيين .

وقد تطرق الى هذا الموضوع الكتاب في بعض الصحف والمجلات ومواقع الانترنيت ، وسوف اسرد بعض هذه الكتابات التي تخص موضوعي هذا ، وقد كان عدد المسيحيين في العراق حوالي المليون من عدد نفوس العراق البالغ حوالي 24 مليون قبل الاحتلال اي بنسبة تقرب من 4% اما الان فاقل من هذا العدد والنسبة بكثيرويمكن ان يكون النصف واليكم جانب مما كتب في موقع ميدل ايست اونلاين حول مسيحيي الموصل والعراق .


ميدل ايست اونلاين
الموصل ـ من سحر الحيدري( تتكلم عن وضع مسيحيي الموصل )
مسيحيون يهجرون العراق تفادياً تهديد العنف وآخرون منهم يبحثون عن الماوى في مناطق الريف حول الموصل. تم تهديدهم بسبب معتقدهم المسيحي، بسبب لباسهم المميز، وبسبب نجاحهم في العمل والتجارة. وتم اغتيالهم بسبب الجدل حول الرسوم الكارتونية. هربوا الى كل مكان يجدون فيه الحد الادنى من الامان والسلامة مثل كردستان العراق، سوريا، او مناطق الريف خارج المدينة.
يستطيع مسيحيو الموصل رواية القصص المروعة واحدة تلو الاخرى. كانوا يوما من الطبقات الوسطى المتمركزة في هذه المدينة الشمالية، هرب الآلاف منهم تاركين بيوتهم تحت تهديد المسلحين. تم تفجير كنائسهم وقتل قساوستهم بينما تعرض الكثير منهم الى التهديدات واالاختطافات.
ان قصة مسيحيي الموصل لا تختلف عن قصص الملايين من العراقيين الذين يعيشون في دولة الخوف. لكن دينهم يجعلهم مقصودين ومستهدفين بشكل خاص في مدينة لا حضور فيها لحكومة ولا دور للقانون فيها حيث يسمح للعصابات الاجرامية والمسلحين الاسلاميين مثل جماعة القاعدة بالاعتداء والقتل دون خوف من العقاب.
وقالت إلهام صباح، المحامية المسيحية التي ترتدي الحجاب بسبب خوفها من القتل "اصبحت الحياة صعبة في الموصل. المسلحون يهددون النساء المسيحيات.انهم يقومون بحرقهن او قتلهن اذا رفضن ارتداء اللباس الاسلامي مثل ما تفعل النساء المسلمات". وأضافت "امامنا خيار واحد هو ترك الموصل والجحيم الذي خلقه المسلحون".
وتعتبر الموصل عاصمة محافظة نينوى وهي موطن المسيحيين من الكلدان والاشوريين، والكنائس الارمينية والكاثوليكية منذ اكثر من مائة عام، الا انهم الان طردوا خارجها بالجملة. وقال جوزيف كساب الذي هو اصلا من الموصل ويشغل الان منصب المدير التنفيذي للجمعية الكلدانية الاميركية "المسيحيون هم الاضعف الان في العراق".
واضاف "المتطرفون ناشطون بشكل فعال ويعملون على تفريغ الموصل من المسيحيين". ولا توجد احصائية دقيقة وواضحة للتنوع السكاني في العراق، لكن معظم التقديرات تشير الى وجود ما بين 800 ألف الى مليون مسيحي في العراق في العام 2003.
ويشير التقرير الصادر في 2005 عن المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة حول الاقليات غير المسلمة في العراق من ان اكثر المسيحيين هم من محافظة نينوى رغم وجود عدد لا يستهان به يعيش و يعمل في بغداد. واشارت المفوضية في تقرير لها نشر العام الماضي ان حوالي 24% من اللاجئين في سوريا التي تحادد محافظة نينوى هم من المسيحيين.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك ما يقرب من 1720 عائلة مسيحية هجرت الموصل الى الارياف الاكثر امانا خارج نينوى، والآلاف من المسيحيين من بغداد واجزاء اخرى من العراق هاجروا الى الحقول والمزارع، بحسب احد اعضاء رابطة الدفاع عن حقوق الانسان المسيحية الذي رفض الكشف عن اسمه. ويُعد المسيحيون ـ والكثير منهم مستثمرون ومهنيون ناجحون ـ من اوائل اللاجئين العراقيين.
وواجه قادة الاقلية المسيحية في محافظة نينوى المزيد من التهديدات بعد نشر الصحيفة الدنماركية العام الماضي صورا كاريكاتيرية تسخر من النبي محمد وتربط الاسلام بالارهاب. وكذلك جعل الحديث المثير للجدل للبابا بندكت السادس عشر في سبتمبر الماضي المسيحيين هدفا.
وفي منتصف اكتوبر، ادى انفجار قنبلة في منطقة اشورية في الموصل الى قتل تسعة اشخاص، وكذلك تم اختطاف القس السورياني بولس اسكندر وقطع رأسه من قبل مجموعة مسلحة. وطلب خاطفو القس فدية مقدارها250 ألف دولار مع اعتذارمن كنيسته عن التصريحات التي ادلى بها البابا، وذلك بحسب وكالة الانباء الاشورية الدولية. الا انهم قتلوه بعد يومين من اختطافه. واثار قتله موجة من الهلع بين مسيحيي الموصل. ولم تنخفض وتيرة العنف منذ الاغتيال المروع لاسكندر.
وفي شهر حزيران وبعد الانتهاء من قداس الاحد، تم اغتيال الاب رغيد غني القس الكاثوليكي لكنيسة الروح المقدسة مع ثلاثة من مساعديه الشماسين. وتم تهديد غني وتفجير الكنيسة قبل الهجوم عليه. وتم قتل الاربعة بعد ايقاف سيارتهم من قبل مسلحين. ثم قام المسلحون بوضع متفجرات في السيارة حيث استغرق وصول فرق تفكيك المتفجرات ساعات قبل اطفاء مفعول المتفجرات.

ويتم خطف الكثير من المسيحيين من اجل المطالبة بالفدية لانهم رجال اعمال ناجحون بالرغم من ان الكثير منهم قد اغلقوا متاجرهم في الموصل منذ 2003. وفي احدى الحوادث التي حصلت الشهر الماضي، افاد المجلس بان داود قرياقوس هرمز فراش ، والد لخمسة ابناء، قد تم اختطافه مع سيارته في منطقة التحرير بالموصل.
وفي وقت سابق من هذا العام كان داود قد اختطف في نفس المكان وتم اطلاق سراحه بعد ان دفعت عائلته فدية مقدارها 3.5 مليون دينار عراقي اي ما يعادل 2800 دولار اميركي. واقعدت الهجمات المتكررة على الكنائس ورجال الدين المسيحيين الكثير منهم عن ممارسة اعمالهم. وبحسب لجنة الدفاع عن حقوق الانسان فإن في الموصل 23 كنيسة اغلقت الكثير منها ابوابها وصار المسيحيون يمارسون طقوسهم الدينية في الخفاء.
وقال رجل اعمال من الموصل (35 عاماً) رفض الكشف عن اسمه "الحياة في زمن صدام كانت افضل. كنت اخرج الى المجتمع بكامل الاحترام، وهذا ما لا استطيعه الان، في الماضي كان هناك قانون ونظام، ام الان فلا شيء يوقف المجرمين والمتطرفين". ويعيش هذا الرجل، الذي قضى كل حياته في الموصل، في حي يشكل المسيحيون الاقلية فيه ويقول ان اغلب اصدقائه هم من المسلمين. وترك اخوه الموصل بعد اختطاف ولده وبعد تعرضه هو الى تهديد في وقت سابق من هذا العام.
ولم يستطع العنف انهاء التاريخ الطويل من التعايش الديني والعرقي في الموصل. وقال سالم عبد الواحد، معلم مسلم من الموصل، "انا واصدقائي وزملائي نتألم كثيرا عند سماعنا نبأ اغتيال مسيحي كما لو كان مسلما". وقال كساب ولجنة الدفاع عن حقوق المسيحيين "ان المشكلة الامنية تنشأ من ضعف سيطرة الحكومة على المحافظة ككل وعلى الموصل بشكل خاص". واضاف كساب "ان المحافظة تعيش حالة من الفوضى بحيث لا يعرف من يهاجم من ولماذا".
واضاف "قد يكون المسيحيون مستهدفون من قبل المتطرفين الاسلاميين بشكل خاص، لكن هناك ايضا العصابات الاجرامية او المليشيات المرتبطة بالاحزاب السياسية تقوم باستهداف المسيحيين ايضا". وتحدث كساب قائلا "كل واحد يمكن ان يطاله العنف" واضاف بان قوات الامن "لا يمكنها عمل شيء لانها لا تستطيع توفير الامن والحماية بشكل جيد لعامة الناس. فكيف يكون بامكانها حماية الاقلية في المجتمع؟".
واستطرد قائلا ان قوات الامن "مشغولة بتوفير الحماية لنفسها ولمؤسساتها. ومن الصعب توفير الحماية لكل شخص في تلك المنطقة وهم لا يملكون الموارد ايضا". ويقول ميخائيل يوشا مدير برنامج دعم الديمقراطية الذي مقره في واشنطن والذي يقوم بالدفاع بالنيابة عن الاقليات الدينية العراقية بان الولايات المتحدة لم تعمل ما يكفي للدفاع عن حقوق الاقليات في العراق رغم ان الكثير من الجماعات الدينية الصغيرة قد ساندت الاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين التي تمت بقيادة اميركا.
واضاف "لقد اعلنت اميركا بما لا يقبل مجالا للشك بانها لا تريد ان ترفع اصبعا واحدا فيما يخص هذه القضية ". وهرب المسيحيون في الموصل وفي اجزاء اخرى من بغداد على شكل مجاميع الى ارياف نينوى التي يعتبرها الكثير من الاشوريين بانها موطنهم الاصلي. وهناك مجاميع من الاقليات الاخرى مثل التركمان، اليزيدية، والشبك يعيشون في المنطقة التي تتالف من تل كيف، الحمدانية، والشيخان الى الجنوب الشرقي، وشرق وشمال الموصل. وتحادد تلك المنطقة محافظات دهوك واربيل في كردستان العراق.
وقال يوشا "ريف نينوى هو واحة من الامان، والسبب الرئيس هو ان المجاميع تعرف بعضها البعض. حتى مع الواصلين الجدد، هناك رغبة للتعرف على بعضهم". وخلال الشهور الخمسة الماضية، بلغ عدد المهجرين في الداخل الباحثين عن مأوى لهم في ارياف نينوى عشرة آلاف عائلة بينها ألف عائلة من الشبك. وفي الموصل هناك اكثر من 90 ألف عائلة مهجرة وهو ثاني اكبر عدد لاي محافظة في البلاد، وذلك بحسب التقرير الصادر في حزيران عن منظمة الهجرة العالمية.
وبقيت المساحات الزراعية الكبيرة هي الاماكن الامنة بالنسبة للمسيحيين والاقليات الاخرى. وتسيطر عليها حكومة اقليم كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر على اربيل ودهوك. ويقول الاشوريون ان الحكومة الكردية والحزب الديمقراطي الكردستاني قد مارسوا التمييز ضدهم وصادروا اراضيهم ومنعوا الناخبين المسيحيين من حق التصويت في انتخابات عام 2005.
وتروم الحكومة الكردية ضم الكثير من سهول نينوى الى الاراضي التي تقع تحت ادارتها، الا ان الكثير من السكان يرغبون باقامة منطقة ادارية خاصة بهم هناك. وقال ناشطون في حقوق الانسان "لا يوجد حل خاص للمسيحيين بالضرورة لان اي حل يحتاج الى مناقشة كل الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية في العراق، الا ان المسيحيين يرغبون في اقليم يتمتع بالاستقلال الذاتي مع الشبك واليزيدية في سهول نينوى".
ويستند المدافعون عن اقامة منطقة خاصة يديرها الاقليات في سهول نينوى الى فقرات من الدستور العراقي الذي يضمن الحقوق الادارية للاقليات مثل التركمان والكلدان والاشوريين. واذا أقيمت مثل تلك المنطقة الخاصة التي تديرها الاقليات في نينوى، فانها ستجابه بقوة من قبل الاكراد وربما من قبل جماعات سياسية اخرى. وينظر مجلس الشيوخ الاميركي في مشروع منح 10 ملايين دولار لمساعدة الاقليات الدينية في سهول نينوى. وقد تم تمرير مشروع القرار. ومالم يتمتعوا بالامن المدعوم من قبل حكومة قوية، فان المسيحيين في نينوى يخشون انهم سيختفون جميعا.
وقال افرام عبد الاحد، احد ساكني الموصل الذي خسر مطعمه الصغير وبعض افراد عائلته بسبب العنف ضد المسيحيين "معظمنا هاجر خارج البلاد وهذا يشكل قلقا كبيرا. نحن قلقون بشأن مستقبل المسيحيين في العراق" . اكتفي بهذا المقال عما كتب عن مسيحيي الموصل والعراق .

وقد تطرق الكاتب والباحث والمؤرخ الموصلي السيد سيار الجميل وهو من له معرفة حقيقية عن الموصل ومسيحييها ، حيث تكلم عن تناقص اعدادهم على مر الزمن وعن استشهاد المطران فرج رحو ، وعزا اسباب ذلك حاليا الى هشاشة الدولة العراقية بعد عام 2003 ، وتكلم أيضا عن التعايش الديني والحضاري بين أهالي الموصل في رد عاديات الزمن منذ القرن السادس عشر .
المدخل في الموضوع ـ المشكلة أكثر مما نتصور

منذ سنوات طوال ، كتبت مع غيري من المهتمين العراقيين عن المسيحيين العراقيين الذين يعتبرون " أقلية " اجتماعية آخذة بالتناقص المخيف في العراق ، ضمن الاقليات التي ينبغي عن ندافع عن وجودها الوطني ، فلقد كانت نسبتها في المجتمع 10% ، واليوم تناقص الى 4% . لقد عالجت في اكثر من مكان أدوارهم التاريخية والحضارية والنهضوية في العراق وكل المنطقة ، فضلا عن كونهم من العراقيين القدماء الذين قدموا على امتداد التاريخ خدماتهم وابداعاتهم للجميع .. وكانوا وما زالوا يعتزوّن بوطنيتهم العراقية واخلاقياتهم ومسالمتهم للجميع والالتزام بطقوسهم وتقاليدهم التي بقيت مستمرة بين ظهراني العراقيين لالفي سنة مضت من دون اي اضطهاد دموي كالذي نجده اليوم والذي وصل ذروته في العام 2008 بمقتل نيافة المطران فرج رحو في الموصل وتغييب غيره ، بقتل القساوسة والآباء والناس العاديين الذين لا أذية لهم على احد ابدا .. دعوني اعالج بعض الجوانب التي ازعم انها اساسية في فهم علاقة الدولة بالمجتمع ، فالمشكلة اخطر مما نتخيل ، وهي ليست اعتباطية ، بل انها مخطط لها مع اهدافها لتغيير صورة الارض في المستقبل من خلال هذا العبث بالمجتمع في الموصل واطرافها
..

هشاشةالدولة
الدولة العراقية الهشة لما بعد عام 2003 هي غير الدولة الحديدية لما قبل هذا التاريخ . وعليه ، لا يمكننا ابدا مقارنة وضعية الامس باليوم . بالامس امتهنت الدولة المجتمع كله ، وغدا كل المجتمع في خدمة الدولة ، بل وخدمة السلطة العليا بالذات والرعب منها ، بل في خدمة الذات العليا على وجه التحديد .. صحيح ان الدولة العراقية لم تتمتع بصفات دولة طبيعية ومتطورة منذ خمسين سنة ، ولكن (الدولة) العراقية اليوم مفتقدة وهشة في كل مؤسساتها ، وتسّيرها أجندة متنوعة كتلك التي اراد لها الامريكان ان تكون ، اذ ليس في مقدورها السيطرة ، حتى على العاصمة وحدها . علينا ان نكون واقعيين في الدفاع عن المصالح الاجتماعية لكل الاطياف العراقية التي لابد للدولة ان تحميها من غائلة المتوحشين والطفيليين واصحاب المصالح السياسية والمستبدين الجدد .. الدولة الحالية هي مرتهنة في العديد من قرارات لابد لها ان تصنعها او تسير على هداها ، ويا ويلها ان خرجت عنها .. هناك اجندة امريكية لا يمكن تجاوزها بفعل الاحتلال .. هناك قادة احزاب يتنمرون ، وليسوا قادة دولة يلتزمون ، والرهانات للاحزاب والتحالفات اكبر بكثير من مشروع الدولة وخدمة المجتمع ومصالحه ـ ويا للاسف الشديد ـ .. وللانصاف اقول ، بأن هناك اليوم سعي من قبل بعض العراقيين المخلصين لخدمة العراق دولة ومجتمعا ، ولكن تمنعهم خطوط حمر لا يمكنهم ابدا ان يتعدوها ، او ثقوب سوداء لا يمكنهم اختراقها بفعل تحالفات حزبية كانت ولم تزل تعبث بمصير العراق .. ولكن هناك اليوم سعي محموم للتمتع بالسلطة والنفوذ والمكاسب من قبل ما اسمي بـ " المكونات الاساسية " على حساب " الاقليات الاجتماعية " ، واكثر بكثير من السعي لتقديم الخدمات للمجتمع . ان مجتمعنا العراقي اليوم قد تمّزق اشلاء بعد ان عانى وكابد وقاسى من ويلات الماضي الصعب ، ولكن لا يمكننا ان نغفل حالات الانسحاق والارهاب والانقسامات والصراعات التي ما كان لها ان تكون ، والتي قادت الى الهجرة الى الخارج للخلاص من الموت اولا ، أو النزوح الداخلي بفعل القهر السياسي ورعب التصفيات ثانيا .. نعم ، لا يمكنها ان تتم من دون اهداف يرسمها من له مصالح معينة هنا او هناك .

الموصل..برعاية..من..؟

كثيرا ما تمّت مناشدة الحكومة العراقية الحالية كي تضع ثقلها في ثاني اكبر مدينة عراقية هي الموصل والتي تعيش منذ سنوات حالات مرعبة من دون اي استجابة لكل المناشدات .. وكثيرا ما طالب مسيحيو الموصل بالاعلان عن كل حيثيات ما يحدث ، وخصوصا من كان وراء مصرع مطران الكلدان نيافة فرج رحو ، والكل ساكت لا يعلن عن اسرار ما يحدث . ان الحكومة العراقية ان لم تكن هي مسؤولة عن امن المواطنين العراقيين ، فمن يكون المسؤول اذن ؟ ان المسيحيين اسوة ببقية سكان المدينة يعانون الامرين ، وهم لا يسمعون الا الوعود والخطابات الحارة من دون اي استجابة حقيقية لوضع النقاط فوق الحروف ! اذا كانت الناس لا تعرف من يزرع الرعب في مدينة كبرى مثل الموصل .. فمن ذا الذي يصنع كل هذه الفجائع بحق السماء ؟ هل هناك اشباح جديدة اكتشفت فجأة ان المسيحيين لا يمكنهم البقاء في مدينة عرفت اسمى التعايشات بين المسلمين والمسيحيين على امتداد دهر طويل حتى يمارس ضدهم كل ؟
اذا كان المسيحيون او غيرهم في الموصل قد غدوا اوراقا يلعب بمصيرهم من قبل هذا الطرف او ذاك ، فان الكل سيكون مسؤولا عن هذا " التاريخ " الذي يصنعونه قتلا ورعبا وتهجيرا ونزوحا والعبث بمصير الجميع . اذا كانت قوى القاعدة والارهاب المحلي تريد الفتك بالقوى الاجتماعية الموصلية ، فلتعلن عن اهدافها خصوصا وان المسيحيين وغيرهم في المدينة واطرافها لا يملكون سلاحا ، ولا مليشيات ، وهم لا يطلبون الا الستر والسلم على النفس .. ان التلاحم الاجتماعي الذي يظهره كل ابناء الموصل وهم يكابدون على مدى سنوات هذا الاعصار الاصفر ، يفرض عليهم المزيد من التكاتف والتعاضد والتعاون حتى وان اختلفوا سياسيا او دينيا او عرقيا .. اذ يبدو ان مصير الموصل كله هو الهدف الحقيقي من وراء صنع هذا الاعصار . وعليه نقول ، ان من اخذ فرصته في ادارة الموصل وفشل في ذلك امنيا وخدميا ، عليه ان يغادر مباشرة ليفسح المجال امام غيره ليأخذ فرصته ، فربما كان اكثر حراكا واخلاصا ونشاطا وجرأة وقوة.


ضرورات..مجتمع..الموصل
ان مجتمع الموصل اليوم بحاجة الى ضبط وربط من نواح عديدة ، وارجع الى السيد رئيس الوزراء لأذكره بالاجراءات التي اعلن عنها قبل اشهر ، وتلك التي وعد بها .. ماذا حصل لها ؟ ان اهل الموصل يطالبونه بتطبيق ما وعدهم به ، ليكونوا مؤهلين للظروف القادمة , وخصوصا ازاء الانتخابات . ان هناك من يعتقد ـ والحق معه ـ ان الموصل ستشهد موجات ارهابية كبيرة من اجل زرع الرعب مرة اخرى ازاء الانتخابات القادمة . ان من الضرورات ، ومن اهم معالجات الوضع : تأسيس قوات امن وقوات درك وقوات شرطة من ابناء المدينة كي يفرضوا الاستقرار ويستأصلوا كل العصابات ومظاهر التسلح في كل شبر من ارض الموصل .. وان يعود كل النازحين والمهجّرين الى بيوتهم آمنين مطمئنين ، وتلك " ضرورة اساسية كي يشعر ابناء المجتمع كلهم بأن الدولة المركزية هي ظهيرهم وسندهم . ان " مشروع الدولة الحقيقية " لا يمكنه ان يعيش الا قويا وليس ظالما ، وان يكون فوق ميول الناس واتجاهاتهم السياسية ، وان لا يتحّزب مع هذا الطرف السياسي دون ذاك .. ان كانت " الدولة " فعلا تخدم المجتمع الذي.أتى.بها.الى.السلطة. .
ان ارادت الدولة ان تزرع ثقتها لدى ابناء المجتمع ، فعليها عدم اخفاء اية معلومات سياسية او امنية مؤكدة وردت من خلال تحقيقات قضائية .. لكي يعرف كل المضطدين في العراق من يقتلهم ومن يدمّر مصائرهم ، سواء كانوا مسلمين ام مسيحيين .. عربا ام غير عرب ، اي من ابناء كلّ الطيف العراقي .

الموصل القديمة

الموصل : اسمى تعايش ديني حضاري
ان على المجتمع مسؤوليات جماعية من نوع معين لا يعرفها العالم من دون التكاتف والتعاضد والمشاركة .. انني اناشد كل ابناء الموصل واهلها ان يكونوا كما هو دأبهم في الماضي ، حماة لاخوتهم المسيحيين المسالمين ، وان محنتهم واحدة ، وحياتهم واحدة ، ومدينتهم واحدة كما كانوا كذلك دوما منذ مئات السنين . ان اهل الموصل يعرفون حق المعرفة كم ان المسيحيين منهم ، وقد عرفهم الجميع : ابناء مخلصين ليس لهم الا حرصهم على اعمالهم ، وتفانيهم في خدمة بلادهم ، وجملة ابداعاتهم ومهاراتهم ، واعتزازهم بمدينتهم ام الربيعين .. لقد اشترك كل من المسلمين والمسيحيين الموصليين في التعايش الحضاري المشترك وابدعوا في مختلف الصناعات والعلوم والمهن والزراعة والتجارة والصحافة والفنون وكل ميادين الحياة .. كما كانوا معا على امتداد التاريخ في الوقوف صفا واحدا ازاء كل التحديات التاريخية التي عرفوها منذ قرون طوال من الزمن .. وليسوا بحاجة الى ان اّذكرهم بوقوفهم صفا واحدا ايام الحصارات والحروب والكوارث التي تعرضوا لها منذ القرن السادس عشر الميلادي وحتى اليوم . كما انهم ليسوا بحاجة الى ان أذكرهم كيف حمى ابناء الموصل كل النازحين المضطهدين من الارمن ، وجعلوهم جزءا منهم .

واخيرا .. ليقف كل ابناء المجتمع جنبا الى جنب
في مثل هكذا كوارث ونكبات تلم بالمجتمع ، على ابناء ذلك المجتمع ان يكونوا صفّا واحدا في مواجهة كل التحديات والمخاطر .. وان يكونوا اذكياء جدا في التعامل مع الازمات .. وان يقف كل الاقوياء الى جانب كل الضعفاء في المجتمع. ان المسيحيين الذين نزحوا من قلب مدينتهم الموصل لابد ان يصبروا ويثبتوا حتى يرجعوا بسلام ومحبة الى بيوتهم وشوارعهم وكنائسهم ومدارسهم وكلياتهم واسواقهم ودوائرهم في مدينة الموصل .. وان عليهم هم انفسهم وبمعيتهم كل من يعايشهم من اهلهم وجيرانهم المسلمين في الموصل ، ان يفوّتوا الفرصة على كل من يترصدهم ، او من يريد العبث بهم واللعب بمصيرهم .. وان يكونوا يدا واحدة لتجاوز هذه التحديات .. مع تحقيق كل الامنيات المشتركة.

 

 

******************************************