Menu

الوثائقي الشهير "أمودو" من الداخــل

29.04.2013
الوثائقي الشهير

الوثائقي الشهير "أمودو" من الداخــل

  

"أمودو" أو السّفر، عنوان اختاره مُبدعان من نوع آخر، هما مخرج ومنتج الفيلم الوثائقي الشهير الذي حصَد عدة جوائز في عدد من المناسبات الوطنية و الدولية.

كلمة "أمودو" التي تعني "السفر" في اللغة الأمازيغـية احتضنت إبداعا من العيار الثقيل، ورافقت الفيلم الوثائقي في كلّ نجاحاته لترسم على خارطة الإنتاج والإخراج السينمائي المغربي معالمَ نجاحات مبهرة.

في مركز التصوير والمونتاج الكائن بمدينة أكاديــر، استضافنا فريق العمل على "أمودو" بدءاً الممثل بـ "حسن بوفوس" الذي استقبلنا بابتسامة وتواضع، والمنتج ومقدم البرنامج الذي يرافقنا في كل حلقات أمودو بين الأدغال وفوق الجبال رفقة الحيوانات ليكشف لنا غرائبها وأسرارها "الحسين فوزي " ثم المسؤول عن كتابة التعليقات على الصور "محمد كوكام".

انطلقنا من متحف الفنّ الأمازيغي باتجاه مبنى الأستوديو الكائن في أحد الشوارع التي لا تبعد كثيراً عن نقطة الإنطلاق، وبعد دخولنا بدأت المغامرة الشّيقة.

مررنا بعدة مكاتب في المبنى وكان كل واحد منشغلاً بمهمة ما، أما أول مكتب ندخله فقد كان مكتب المخرج الذي استقبلنا بـفرحٍ كبير - علماً أنه قد تمّ إجراء حوار صحفي سابق معه لموقعنا في تقرير للزميل " محمد أكنو" بتاريخ 20/08/2008 – والذي أطلعنا على عدد من المشاهد المميزة والعالية الجودة على شاشة مكتبه، إضافة إلى حلقة كان سيتم عرضها على القناة المغربية الثانية بعد أيام من زيارتنا.

كان من بين ملاحظات الفريق أنّ الجودة تفوق الوصف، وطريقة التعبير عن المشاهد، التعليقات الطريفة أحياناً والتي تجذب المشاهد وتسحبه إلى داخل الـفيلم الوثائقي بدون سابق إنذار، إلى جانب تقنيات التصوير المتطورة، والتي تستطيع الوصول إلى أدقّ نقطة في المشهد وتبرز أهمّيـتها بدون أي عناء. إنه الجَمع بين النّص والصورة حيثُ الإبداعُ هو حلقة الرّبط العجيبة!.

استغرقنا بضع دقائق في مشاهدة برومو الوثائقي، وبعض المقاطع من حلقات تم تصويرها بالمنتزه الوطني "تازكا" والتي تطرقت إلى الحديث عن الوسط البيئي لجبال الأطلس المتوسط الذي تشكل فيه النّسانيس (جمع نسناس وهو نوع من القردة) وأشجار الأرز، كما تنذر الحلقة بتناقص أعداد هذه الأشجار والنسانيس أيضا.

وحلقات أخرى في أيسلندا "بلد الجليد والنار"، والتي هي جزيرة لفظتها النيران وسط مياه الشمال الأطلسي، فارغة متوحشة، غريبة تثير فضول الجيولوجيين والبيولوجيين وتستهوي صناع أفلام الخيال العلمي، هي نفسها الأرض التي جعلت الكاتب الفرنسي "جول فيرن" يتخذ من أحد براكينها الخامدة منفذا لاستكشاف باطن الأرض. إلى غيرها من المقاطع التي جعلتنا نتسمّر في أمكنتنا دون أن نتكلم أو نحرك أعيننا في اتجاه آخر غير اتجاه الشاشة.

إنه بالفعل "أمودو"، دليل سياحي من نوع آخر، سلسلة اكتشافات ومغامرات تكشف اللثام عن حقائق خفية، وتصل إلى مناطق طالها الإهمال واللامبالاة لتـعبر عنها بآلات تصويرية متطورة، وتُظهر جمالها الحقيقي لتخرجه من ذاكرة النسيان.

نجاحات الفيلم الوثائقي لا تزال متواصلة، فقد حصل على تنويه من لجنة التحكيم للمهرجان الدولي لفيلم الحيوان والبيئة الذي أقيم بالرباط سنة 2011، إضافة إلى الجائزة الذهبية لأحسن مدير تصوير عن شريط "أمتضي واحة أم المخازن" بمهرجان الإعلام العربي المقام بالقاهرة سنة 2009، ثم قبل ذلك بسنة جائزة أحسن إخراج بالمهرجان الدولي للوثائقي والفيلم القصير بالدار البيضاء.. وغيرها من الجوائز الوطنية والدولية.

أخبرنا المخرج أنهم تلقوا عروضاً لأجل شراء حلقات من "أمودو"، ولكن في كل مرة لم يكن أحد مقدمي العروض يمنح الفيلم قيمته الحقيقية، ولذلك فضّل الفريق التعاون فقط مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية التي تعرضه كل خميس ليلاً على شاشتها، علماً أن مدة الحلقة الواحدة كانت 26 دقيقة لتصبح 52 لإشباع نهم المتفرج المتعطش لمعرفة كل ناحية من نواحي الوطن.

هذا وقد تكبّد الفريق في الكثير من الأحيان مشاق وصعوبات للوصول إلى أماكن نائية، وقد تُـوّج هذا العناء بنجاح بالغ في ترجمة الصورة إلى شريط أثر كثيرا في نفوس المشاهدين ونقل إليه صورة فريدة من نوعها عن المغرب بمختلف أشكاله الحضارية والتراثية.

ختمنا زيارتنا بالانتقال إلى مكتب كاتب التعليقات، تلك الغرفة المليئة بالكتب التي تتحدث عن البيئة وفي الجهة المقابلة للمكتب شاشة تلفاز يعرض عليها ما يعمل عليه، أخبرنا أنه يقضي وقتا طويلا في البحث عن المعلومات الدقيقة عما يكتبه بخصوص الصور والأشرطة المصوّرة، ليتمكن بعد ذلك من إنتاج نصّ بطريقة جذابة، تجمع بين الإبداع والدقة العلمية. حين سألناه عن تقنية التعليق على المشاهد أجاب بأنه يشاهد الصوّرة أوّلاً ثم بعد ذلك ينتقل لمرحلة كتابة النص وتعديله لكي لا يكون أطول أو أقصر من مدة المشهد.

أهدانا الفريق قبل خروجنا كتباً مصورة تحكي قصة "أمودو" وتعرض ملخصات حلقات الموسم السّابع، وخرجنا على أمل اللقاء بهم من جديد في فرصة أخرى.

إيمان ملال

الأكثر مشاهدة

مواضيع ذات صلة