| |
 
تخطي ارتباطات التنقل
الرئيسية
نبذة عن المجلة
كلمة رئيس التحرير
للاتصال بنا
خطة النشر
دور القوات المسلحة في مكافحة الكوارث

شهد عديد من مناطق العالم سلسلة من الكوارث الطبيعية المتكررة، التي تسببت في خسائر بشرية واقتصادية فادحة، وبالرغم من التقدم الحضاري والتقني الذي تشهده البشرية خلال الوقت الراهن، فإن معدل الكوارث في ازدياد, سواءً الطبيعية منها أو البشرية، ولا تقوى مقومات هذا التقدم على إيقاف حدوث هذه الكوارث التي تلعب التغيرات المناخية, وزيادة سخونة درجة حرارة الكرة الأرضية, والعوامل البشرية الدور الأكبر في حدوثها.
  وقد تفاوتت هذه الكوارث ما بين كوارث سريعة الحدوث, وطبيعية مثل: الأعاصير, والزلازل, والفيضانات الموسمية, والبراكين أو صناعية مثل: الحرائق, والتفجيرات، وكوارث بطيئة الحدوث مثل: الجفاف, والتصحر, وغيرها. ومهما كانت هذه الكوارث أو مسبباتها, فإنه تبقى الآثار السلبية التي تحدثها هذه الكوارث على حياة الملايين من البشر, سواءً في الجوانب الاقتصادية, أو الاجتماعية والنفسية وهي الأهم, والجديرة بمنعها أو التقليل منها بقدر الإمكان. وقد كانت الجهود المبذولة للتخفيف من آثار هذه الكوارث تنصب فقط على التعامل مع الكارثة وتسخير جميع الإمكانات لمواجهة آثارها بعد وقوعها، إلا أن تكرار مثل هذه الكوارث, وتزايد شدتها, ومستوى تأثيرها، أدى تدريجياً إلى اعتراف العلماء, والمتخصصين, وأصحاب القرار بضرورة بذل الجهود الدائمة للتخفيف من الخسائر البشرية, والاقتصادية, والاجتماعية, والنفسية, والبيئية لهذه الكوارث، وذلك من خلال التعاون الدولي في هذا المجال، إلى جانب ضرورة تضافر جهود المؤسسات, والمنظمات, وهيئات المجتمع المدني داخل الدولة الواحدة للتخفيف من الخسائر التي تحدثها هذه الكوارث.  وفي هذا السياق, بدا الدور المهم للقوات المسلحة في مواجهة كثير من الكوارث التي حدثت على مستوى العالم، خاصة أنها تمتلك من الإمكانات, ما لا تملكه الأجهزة الأخرى في الدولة مثل الدفاع المدني، ووزارات الصحة, والداخلية, وغيرها من المنظمات الحكومية والأهلية لمكافحة هذه الكوارث والتصدي لها. وقد سلطت أحداث العيص الأخيرة في منطقة المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية الضوء على ضرورة إيجاد تعاون وثيق بين جميع الأجهزة والمؤسسات الوطنية المدنية, والقوات المسلحة لدرء أخطار الكوارث المتوقعة، وبضرورة الاستفادة من القدرات الفنية والإمكانات الموجودة بالقوات المسلحة في حالة ضعف إمكانات, وتجهيزات الأجهزة الحكومية وأجهزة الدفاع المدني عن احتواء مثل هذه الكوارث. ويقوم هذا الموضوع بإلقاء الضوء على الكوارث والتعريف بأنواعها وآثارها، والدور البشري في حدوثها، والتكلفة الاقتصادية لها، ووضع هذه الكوارث في الدول النامية، والجهود الدولية للتخفيف من هذه الكوارث، والتركيز بشكل أوسع على دور القوات المسلحة في مكافحة هذه الكوارث, والمتطلبات اللازمة لنجاح القوات المسلحة في القيام بهذا الدور الذي لا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن أهمية دورها الأصيل في الحروب والدفاع عن الوطن، لأنه في كلتا الحالتين يكون الهدف الأسمى هو الحفاظ على الأرواح, والممتلكات, وحفظ الأمن, والاستقرار.
أولاً: مفهوم الكوارث وأنواعها وآثارها:
أـ تعريف الكارثة: تتعدد التعريفات والمفاهيم التي تقدمها الكتابات عن الكارثة، ومع ذلك هناك شبه إجماع على أن الكارثة هي كل ما يؤثر في حياة الإنسان, ويضر بها بشكل مبالغ فيه، سواءً كانت من صنع الطبيعة, أو ناتجة عن تدخل الإنسان، ومن ثم, فإنها تؤدي إلى إحداث خسائر بشرية ومادية، ما يتطلب تكاتف جهود جميع جهات المجتمع مدنية وعسكرية لمواجهتها. وتعرف كل من المنظمة الدولية للحماية المدنية, وجامعة الدول العربية الكارثة بأنها “حادثة كبيرة تنجم عنها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وقد تكون طبيعية من فعل الطبيعة (سيول، زلازل، عواصف)، وقد تكون كارثة مردها فعل الإنسان, سواءً كان هذا الفعل إرادياً أو غير إرادي, عمداً أو بإهمال، وتتطلب لمواجهتها معونة الوطن أو المساعدات الدولية”. والملاحظ أن جميع التعريفات على اختلافها تتفق على ملامح معينة للكارثة تتمثل في الآتي:
• صعوبة التنبؤ بحدوث الكارثة ومن ثم حدوثها بشكل مفاجئ.

• إحداثها لخسائر جسيمة في الجوانب البشرية والمادية والبيئية.

• أن الكارثة قد تكون طبيعية ليس للإنسان دخل فيها، وقد يتسبب فيها الإنسان إما عمداً أو عن طريق الإهمال والخطأ.

• إذا حدثت الكارثة في بلد ما, فإنها غالباً ما تتجاوز قدرات الشعب وأجهزة الدولة المنكوبة، ما يتطلب التدخل لمساعدتها إقليمياً ودولياً.
ب ـ أنواع الكوارث: تصنف الكوارث عموماً إلى نوعين بحسب المتسبب في حدوثها، وذلك على النحو التالي:

• كوارث طبيعية (لا دخل للإنسان فيها): وتتمثل في الزلازل، والبراكين، والفيضانات، والانزلاقات، والأمطار الشديدة، الرياح, والعواصف المدمرة.

• كوارث غير طبيعية (من صنع الإنسان): ومنها الكوارث المصاحبة للحروب التقليدية وغير التقليدية (الذرية، الكيماوية، البيولوجية)، والانفجارات الشديدة، والتسرب الإشعاعي، والتسرب الكيماوي، والتسرب البيولوجي، والعمليات التخريبية، وتصدع وانفجار السدود وما ينجم عنها من فيضانات. والجدير بالذكر أن كل كارثة لها أضرارها الاقتصادية, والاجتماعية, والصحية, والوبائية الخاصة بها، حيث يعتمد حجم الضرر على كل من نوع الكارثة، وخصائص المنطقة المنكوبة (قرية، مدينة، الكثافة السكانية، البنية السكانية)، وقوة الكارثة، ومدة الكارثة، وعنصر المفاجأة، ووقت حدوث الكارثة. ج ـ المراحل المختلفة للكوارث: لقد حدد العلماء والمعنيون بمواجهة الكوارث على اختلاف أنواعها المراحل المختلفة التي تمر بها أي كارثة، وهذه المراحل هي:
• مرحلة الإنذار المبكر للكارثة، وذلك إذا كانت الكارثة من النوع الذي يمكن التنبؤ به مثل الكوارث الناجمة عن تقلبات الطقس مثل الرياح, والعواصف, والأمطار, والمد البحري. 

• مرحلة التهديد بالكوارث، وهي الفترة التي تقع فيها المنطقة أو الدولة تحت تهديد تعرضها للكارثة, سواءً كانت طويلة أو قصيرة.

• مرحلة تأثير الكارثة، وهي الفترة التي يستغرقها وقوع الكارثة، وإحداث تأثيرها في المنطقة, أو الدولة التي تقع فيها.

• مرحلة قائمة المصابين, والآثار التدميرية للكارثة، وهي المرحلة التي تتكشف فيها تأثيرات الكارثة قبل نهايتها، وتتطلب سرعة التدخل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

• مرحلة الإنقاذ، وهي المرحلة التي يكون التدخل فيها ملحاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأفراد والممتلكات، وللحيلولة دون اتساع نطاق الكارثة إذا كان ذلك ممكناً.

• مرحلة العلاج وإعادة البناء، وهي المرحلة التي يتم فيها إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الكارثة، ووضع الوسائل التي تحول دون تكرارها إذا كان في الإمكان منع تكرارها.
ويجب أن تؤخذ هذه المراحل في الاعتبار من جانب جميع الجهات المدنية والعسكرية عند التخطيط لمواجهة الكارثة، وذلك حتى تعرف كل جهة ما يجب عليها عمله خلال كل مرحلة من المراحل، وتحديد الوقت المناسب لتدخلها في مواجهة الكارثة، وما يمكنها عمله من أجل الإسهام في التخفيف من آثار الكارثة، وسرعة التغلب على آثارها المختلفة. د ـ أنواع الخسائر الناجمة عن حدوث الكوارث:  أياً كان نوع الكوارث, فإن الكوارث عادة ما تنتهي مخلفة وراءها عديداً من الآثار, التي يظل يعانيها الإنسان لفترة طويلة، ومن أهم الآثار التي تخلفها الكوارث ما يلي:
• حدوث خسائر مادية وبشرية كبيرة, خاصة في الكوارث الطبيعية, التي يصعب التنبؤ بوقوع الكارثة, ووقت حدوثها، الأمر الذي يؤدي إلى مفاجأة المنطقة بوقوع الكارثة, ما يضاعف من حجم الخسائر البشرية (رجال- نساء- أطفال)، والمادية (مبان- خدمات- بنى تحتية- مشاريع اقتصادية- ثروات حيوانية وزراعية). 

• خسائر اقتصادية نتيجة تحمل الدولة الخسائر من تدمير البنية التحتية، وهدم ما حققته من تطور, وتوفير خدمات خلال السنوات السابقة للكارثة، والتكاليف التي ستتحملها الدولة لإعادة الحياة لما كانت عليه قبل وقوع الكارثة.

• التأثير في الجوانب الاجتماعية للسكان، حيث تؤدي الكوارث إلى خلل في التركيبة الاجتماعية للمجتمع نتيجة الخسائر الاقتصادية التي قد لا يمكن معالجتها, إلا بعد فترات طويلة، ويتمثل ذلك في ضعف المقدرة الشرائية للأفراد, وارتفاع معدلات الفقر، وظهور شريحة جديدة من المشردين، وانتشار السلب والنهب في حالة حدوث فوضى أمنية مصاحبة لهذه الكارثة.

• التأثير في الجوانب السياسية بالدولة، حيث قد يؤدي وقوع الكارثة, وعدم القدرة على التعامل المناسب معها في الوقت المناسب من قبل الحكومات, إلى مشكلات سياسية داخل المنطقة المنكوبة، تتمثل في رغبة المنكوبين في محاسبة المقصرين, وإقالة الحكومات من خلال البرلمانات, ومجالس النواب التي تأخذ على عاتقها انتقاد, ومحاسبة الحكومات في مثل هذه الظروف.

• تأثر النواحي الصحية، حيث قد ينجم عن الكارثة انتشار الأمراض والأوبئة، ونقص الخدمات الصحية، ما يتطلب التركيز على المنطقة المنكوبة من حيث توفير الخدمات الصحية بكميات كبيرة, وعلى نطاق واسع، ما ينجم عنه عدم كفاية الإمدادات والإمكانات المتاحة صحياً في الدول ككل (أدوية ـ مواد إسعافية ـ لقاحات ـ معدات, ووسائل ومواد تطهير للمناطق الموبوءة), وغيرها من الآثار.
ثانياً: الدور البشرى في إحداث الكوارث الطبيعية:
بعد جدال واسع امتد عدداً من العقود أصبح واضحاً أن الكوارث الطبيعية, ليست من صنع الطبيعة بمفردها، وأن النشاط البشري، خاصة النشاط الاقتصادي له دور مهم في جعل هذه الكوارث أكثر حدة, وأكثر تدميراً. فهذه الكوارث إما ناجمة عن تغير المناخ ليصبح مناخاً متطرفاً، واتجاه درجة حرارة الأرض للارتفاع مثل: كوارث الزلازل, والبراكين, والأعاصير والفيضانات، وإما ناجمة عن انتشار أمراض حيوانية أو بشرية خطيرة بشكل واسع بسبب النشاط الاقتصادي الذي يركز على تحقيق الربح فقط، مثل مرض جنون البقر, أو الحمى القلاعية, أو إنفلونزا الطيور, أو إنفلونزا الخنازير, أو الإيدز.  فللإنسان دور أساسي لا يمكن إنكاره في كل الأحوال, إما من خلال زيادة النشاط الصناعي المؤثر في درجة حرارة الأرض، أو من خلال التدخل في تغذية الحيوانات, والطيور, وتغيير طبيعتها من أجل مزيد من الأرباح السريعة، أو تربية أنواع معينة قد تجلب مزيداً من الكوارث للإنسان، هذا إلى جانب غياب التنسيق بين دول العالم الذي قد يؤدي إلى تفاقم الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية مثل: كوارث الجراد في دول قارة إفريقيا، وإنفلونزا الخنازير التي تنتشر بقوة في العالم خلال الفترة الراهنة. فبالنسبة للتغيرات المناخية ودورها في زيادة الكوارث الطبيعية, ما زال اهتمام العالم منصباً على ما يجب أن تفعله الدول الصناعية, لأنها المسؤول الأول عن انبعاث الغازات الحرارية من نشاطها الصناعي بكثافة، ورغم توقيع معظم دول العالم على بروتوكول كيوتو الذي يعمل على الحد من انبعاث هذه الغازات إلا أن هناك بعض الخلافات والاعتراضات من الدول الصناعية على الالتزام بهذا البروتوكول الدولي، كما أن هناك جدلاً, ما زال قائماً, حول دور البلدان النامية في هذا المجال رغم أن شعوب الدول النامية في المناطق الريفية والفقيرة هي الأكثر تضرراً من الكوارث الطبيعية, وتغيرات المناخ.  من ناحية أخرى, نتج عن عدم احترام بعض الحكومات للقواعد الأساسية للتنمية المستدامة, والمتمثلة في عدم الاهتمام بالمباني, والمدارس, وسلامتها, ووضع قواعد الأمان لها، بحيث تحولت هذه المباني إلى أدوات قاتلة، علاوة على ترك الأفراد للإقامة في أماكن معرضة للكوارث، فمثلاً في تايلاند بنيت مجمعات الفنادق بجانب البحر، ما جعلها في مواجهة الأمواج العملاقة تماماً في الوقت الذي تم القضاء فيه على نباتات المنغروف, والصخور المرجانية على الشاطئ, ما زاد من حدة الكارثة، كما تسببت شبكات الصرف الصحي المهترئة, والقديمة جداً، والقضاء على كل المساحات الخضراء, وأفنية الأنهار الصغيرة التي تختزن مياه البحر ثم تخرجه للبحر, في مفاقمة مخاطر الفيضانات, وما ينجم عنها من كوارث، حيث ساهم ذلك في قتل عدد كبير من الأشخاص غرقاً في الأمطار التي ضربت مناطق كثيرة في العالم مؤخراً, ومنها مدينة مومباي بالهند.  وهكذا جعلت سياسات التنمية الاقتصادية والبيئية المدمرة عديداً من المجتمعات عرضة لأضرار الكوارث, وما ينتج عنها من آثار سلبية على هذه المجتمعات. ولذلك ما لم تهتم جميع دول العالم النامية منها والمتقدمة بضبط سلوكها الاقتصادي, ومراعاة البعد البيئي فيه ستزداد حدة الكوارث الطبيعية, وستزداد آثارها الاقتصادية والبشرية على الجميع. ثالثاً: حجم التكلفة البشرية والاقتصادية للكوارث الطبيعية في العالم: الملاحظ أن هناك صعوبة بالغة في تقدير حجم الخسائر البشرية والاقتصادية للكوارث الطبيعية بشكل دقيق، ولكن هناك بعض المؤشرات، حيث تشير الإحصائيات إلى انخفاض عدد الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية خلال السنوات العشرين الماضية بصفة عامة، حيث تسببت هذه الكوارث في موت نحو 800 ألف فرد خلال عقد التسعينيات فقط، وذلك في مقابل مليوني فرد في السبعينيات. ولكن مقابل ذلك تشير هذه الإحصائيات إلى ارتفاع إجمالي عدد المتضررين من هذه الكوارث خلال العقد الأخير ليتضاعف ثلاث مرات, ويصل إلى نحو ملياري فرد في جميع بلدان العالم. كما يشير تقرير الصليب الأحمر في هذا المجال إلى أن نحو80 ألف شخص ماتوا سنوياً بسبب هذه الكوارث خلال فترة التسعينيات، وأنه في عام 2003م مثلاً كان هناك نحو 700 كارثة طبيعية حول العالم, قتلت نحو 75 ألف شخص، وتسببت في خسائر اقتصادية تقدر بنحو 65 مليار دولار. كما تشير تقديرات الصليب الأحمر أيضاً إلى أن البنك الدولي فقط أنفق نحو 12,5 مليار دولار على عمليات إعادة الإعمار في مناطق ضربتها كوارث طبيعية خلال الفترة من 1980 ـ 2003م، كما يحذر الصليب الأحمر من تفاقم التكلفة البشرية والاقتصادية للكوارث الطبيعية في العالم بسبب عديد من العوامل أهمها الانتهاكات البيئية، وتغير الظروف المناخية، والنمو السكاني, خاصة في المدن، إضافة إلى العولمة.  ومن أمثلة الكوارث الطبيعية الحديثة التي صعب حتى الآن تقدير حجم الخسائر الناجمة عنها مرض الإنفلونزا الإسباني الذي ضرب العالم في الثمانينيات، وكذلك مرض إنفلونزا الخنازير والذي بلغ عدد الإصابات به ما يفوق المليون حول العالم، بجانب زيادة معدلات الوفاة الناجمة عنه، وكارثة التسونامي التي ضربت منطقة جنوب وشرق آسيا, والمحيط الهادي في ديسمبر 2004م، التي تضررت منها 12 دولة كان أكثرها تأثراً الهند، وإندونسيا، وسريلانكا، وجزر المالديف، وتايلاند، حيث قدر البنك الدولي حجم الخسائر في كل دولة من هذه الدول على حدة، وهي تقديرات تفاوتت مع تقديرات مؤسسات دولية, ووطنية أخرى بسبب طريقة حساب هذه التقديرات, ومدى تضمين مبالغ إعادة الإعمار فيها, والخسائر الديناميكية المترتبة عليها من عدمـه، حيث قدر البنك الدولي خسائر بعض هذه الدول على النحو التالي:

• سريلانكا: مقتل 31 ألف شخص, وتدمير نحو ألف منزل، وتحتاج إلى نحو 1,5 مليار دولار من أجل جهود إعادة البناء، وهذا المبلغ يعادل 7% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تم تشريد أكثر من 443 ألف شخص، كما فقد نحو 200 ألف شخص وظائفهم.

• إندونيسيا: قدرت الخسائر الاقتصادية بنحو 4,5 مليار دولار، في حين لم يتم تحديد الخسائر البشرية بدقة غير أن بعض التقديرات أشارت إلى أن نحو 7700 طفل, فقدوا آباءهم، وقد شرد نحو 1,3 مليون أسرة دمرت منازلها.

• الهند: قتل نحو 11 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، وتأثر أكثر من 645 ألف أسرة بسبب الإعصار، وقدرت تكاليف إعادة الإعمار بنحو 1,2 مليار دولار، حيث دمر نحو 150 ألف مسكن 80% منها للعاملين في قطاع الصيد.

• جزر المالديف: الخسائر بلغت نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي السنوي، وكان أكثر القطاعات تأثراً قطاع السياحة، حيث فقد نحو 30% من عوائده، وأدى ذلك إلى عجز في الموازنة العامة بلغ 95 مليون دولار، وبدأت الحكومة تعاني صعوبة في دفع رواتب العاملين في القطاعات الحيوية مثل رواتب المدرسين. وهذه مجرد أمثلة لبعض التقديرات للأضرار المباشرة التي نجمت عن إحدى أكبر الكوارث الطبيعية في العالم, وهي كارثة تسونامي، والتي تتضاعف إذا أخذ في الحسبان الخسائر غير المباشرة الناجمة عن الكارثة مثل فقدان البنية الأساسية، وتأثر دخول الأفراد، ودخل الحكومات في القطاعات المختلفة، وتأثر حركة التجارة والسياحة وغيرها من الأنشطة القطاعية. ولذلك يمكن القول بأن الكوارث الطبيعية تؤدي إلى خسائر باهظة على المستوى البشري والاقتصادي, يمكن أن يطلق عليها دمار طويل الأجل. كذلك, فإن كارثة مثل كارثة الإعصار والفيضان تؤدي إلى خسائر مباشرة ممثلة في الوفيات, والمصابين, والمشردين, وانتشار الأمراض، وكذلك تدمير البنية الأساسية, والمساكن, والمرافق، وتدمير المحاصيل, وتوقف عملية الإنتاج في المنشآت الفردية, والعامة إلى جانب الآثار البيئية، كما تؤدي كارثة مثل إنفلونزا الخنازير إلى زيادة عدد الوفيات, وارتفاع تكلفة معالجة المرض, وتوفير الدواء, والأمصال، وسوف تكون تداعياتها أكثر خطورة لو تحولت إلى جائحة عالمية واسعة النطاق. وهذه الآثار كلها تؤدي بدورها إلى زيادة الإنفاق الحكومي من أجل عملية الإغاثة وإعادة الإعمار، وعلاج الأمراض، وتعطيل عملية التنمية بسبب تحويل مخصصات التنمية لعملية الإغاثة, والإعمار, والوقاية, والعلاج، كما تنخفض الصادرات, وتزيد الواردات من الأغذية والأدوية، ومن ثم انخفاض الإيرادات العامة للدولة، ويصاحب ذلك كله انخفاض الادخار وتراجع الاستثمار, وزيادة فجوة الدخول بين الطبقات. ولذلك إذا كانت هناك صعوبة في تقدير الخسائر المباشرة للكوارث الطبيعية على المستويين البشرى والاقتصادي, فإن تقدير الخسائر غير المباشرة أكثر صعوبة, بل ربما يكون أمراً مستحيلاً, خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الآثار النفسية, والاجتماعية, والإنسانية لهذه الكوارث في الأجلين القصير والطويل.
رابعاً: الكوارث الطبيعية والبلدان النامية:
الملاحظ أن البلدان النامية والأقاليم الفقيرة هي أكثر المناطق تأثراً بالكوارث الطبيعية، وقد كان ذلك واضحاً في كوارث مثل تسونامي، وزلزال إيران الأخير، وإعصار هندوراس عام 1998م، زلزال الصين الأخير, وغيرها من الكوارث، وقد لوحظ أن هذه الكوارث أدت إلى تدمير رأس المال المادي والبشري في هذه المناطق الفقيرة بصورة واسعة, وخارجة عن نطاق السيطرة، وتسببت في خفض الدخول, ونشر البطالة، وقد كان هناك صعوبة في إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها بسهولة في هذه المناطق. وربما يرجع تأثر الدول والمناطق الفقيرة في العالم بالكوارث الطبيعية مقارنة بالمناطق الأكثر تقدماً لعدة أسباب أهمها ما يلي:
• وجود البلدان النامية, والأقل نمواً بصفة عامة في المناطق المعرضة للأخطار, والكوارث الطبيعية في العالم، حيث أظهرت بعض الدراسات أن أغلب البلدان الأقل نمواً عرضة لوقوع كارثة ضخمة بها كل سنتين في المتوسط، في حين أن البلدان النامية عرضة لوقوع كارثة ضخمة بها كل أربع سنوات ونصف في المتوسط. • تركز السكان الفقراء في البلدان النامية, والأقل نمواً في الأماكن الخطرة غير المرغوبة من الأغنياء، وهي الأماكن الأكثر عرضة للمخاطر مثل المنحدرات ومخرات السيول, وضفاف الأنهار والجبال.

• عدم وجود أنظمة للإنذار المبكر في البلدان والمناطق الفقيرة مقارنة بالمناطق المتقدمة.

• تسبب الكوارث الطبيعة بسهولة في تدمير البنية الاقتصادية والمعيشية للمناطق الفقيرة والتي تكون متهالكة وضعيفة في الغالب، خاصة المساكن التي تكون في الغالب مساكن غير جيدة, وغير مطابقة للمواصفات، ومن أمثلة ذلك ما كشف عنه زلزال إيران الأخير عندما دمرت قرى بالكامل بسبب أن المساكن فيها كانت مساكن بدائية للغاية.

• عدم وجود تأمين على الممتلكات أو الأرواح في المناطق الفقيرة مقارنة بالبلدان المتقدمة، وانخفاض الوعي التأميني لدى المجتمعات في المناطق والبلدان الفقيرة، وكذلك وجود قطاع تأمين غير قادر على تغطية المخاطر الواسعة الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

• عدم وجود مخصصات كافية في الموازنات لمواجهة مثل هذه الكوارث في البلدان الفقيرة مقارنة بالدول المتقدمة، وهو ما يعمق حجم وآثار الكارثة عندما تضطر حكومات البلدان النامية إلى سحب مخصصات الاستثمار, والتنمية لمواجهة عمليات الإغاثة, والإنقاذ, ما يعطل عملية التنمية, ويزيد عمق الكارثة.
• ضعف المدخرات لدى السكان الفقراء, وصعوبة حصولهم على الائتمان, واعتمادهم بالدرجة الأولى على الخدمات العامة, ما يجعلهم أقل قدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية كغيرهم من السكان الأغنياء، ويزيد من تأثرهم بالكوارث ضعف مهاراتهم, وانخفاض مستويات التعليم لديهم, ما يجعلهم عرضة أكثر لفقد وظائفهم, ويصعب حصولهم على وظائف غيرها عند حدوث الكارثة. • انتشار الفساد في البلدان والأقاليم الفقيرة، ما يجعل هناك فرصة أكبر لإنشاء مبان ومرافق عامة غير مطابقة للمواصفات تكون غير قادرة على مواجهة الكوارث الطبيعة مثل الزلازل، أو الأعاصير، أو الفيضانات.
والجدير بالذكر أن تقريراً لمنظمات اقتصاد التأقلم مع الطبيعة إيسا “ECA” ومجموعة من المنظمات والمؤسسات غير الحكومية والصادر في سبتمبر لعام 2009م, أشار إلى أن التغيرات المناخية الراهنة ستجعل الدول النامية هي الأكثر عرضة للتهديدات, والكوارث الطبيعية, وفقدان ما بين 1%ـ 12% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030م، في حين ستخسر بعض الدول نحو 19% من الناتج المحلي الإجمالي.
خامساًً: الجهود الدولية في مواجهة الكوارث الطبيعية:
في الغالب تحتاج البلدان التي تتعرض إلى كوارث طبيعية إلى مساعدة البلدان الأخرى للتعامل مع هذه الكوارث, خاصة البلدان النامية, التي تكون الكوارث أكبر من قدراتها للسيطرة عليها أو التعامل معها، بل أحياناً ما تعجز أكبر دول العالم عن التعامل مع هذه الكوارث, كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2005م عندما ضرب إعصار كاترينا عدداً من الولايات، وفي الغالب تلجأ هذه البلدان إلى إعلان حالة الطوارئ, وتسمية هذه المناطق بمناطق منكوبة, أو مناطق كوارث, وطلب المساعدة من البلدان الأخرى. وفي الغالب تتدفق المساعدات على هذه البلدان في إطار علاقاتها الثنائية مع الدول الأخرى, أو من خلال المؤسسات الدولية. ويحكم تجارب الدول في هذه الحالة الأمور السياسية، بل قد تكون هذه الكوارث فرصة لعودة التواصل أو الوفاق السياسي بين بعض الدول, كما حدث في حالة قبول إيران لمساعدات أمريكية عندما ضربها الزلزال في عام 2004م، وكذلك عندما قبلت الهند مساعدات باكستان أو العكس في عامي 2004م، 2005م. وإلى جانب ما سبق, تتكاتف جهود الأمم المتحدة, ومؤسسات التمويل الدولية, والمانحون لتقديم مساعدات للدول التي تتأثر بهذه الكوارث، وذلك من خلال المواد الغذائية, والأدوية, والمساعدات الفنية, والقروض, والمساعدات المالية، بل وفرق الإنقاذ من القوات المسلحة وأجهزة الدفاع المدني، ولتعدد القنوات التي تقدم من خلالها هذه المساعدات يصعب حصرها، ففي حالة كارثة تسونامي قدم البنك الدولي مساعدات للدول المتضررة، وكذلك بنك التنمية الآسيوي, والبنك الياباني للتنمية إلى جانب المساعدات الفردية التي قدمتها الدول. وتشير البيانات إلى أن البنك الدولي قدم نحو 40 مليار دولار لتمويل 550 مشروعاً لمواجهة الكوارث الطبيعية منذ عام 1980 حتى عام 2005م.  وقد تركزت الجهود التي قام بها البنك الدولي في مواجهة عديد من الكوارث الطبيعية في إعادة سبل, وأسباب المعيشة, والحياة للمتضررين من هذه الكوارث، وذلك بتقديم القروض لهم لبناء مساكنهم, وإعادة حصولهم على فرص العمل والتشغيل. ولكن الملاحظ أن الجهود الدولية لمواجهة الكوارث الطبيعية ما زالت لها فاعلية محدودة في هذا المجال بسبب عديد من العوامل أهمها ما يلي:
• تأخر المجتمع الدولي في تقديم المساعدات للدول المتضررة، حيث إن مردود المساعدات في حالة الكوارث عندما تقدم في الوقت المناسب يكون كبيراً مقارنة لو قدمت هذه المساعدات متأخرة.

• أن بعض المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي لا تصل إلى المناطق المنكوبة بالفعل في كثير من الأحوال بسبب عدم توافر البنية الأساسية لهذه المناطق أو بسبب سوء الإدارة المحلية, وعدم قدرتها على التعامل مع الكارثة.

• أن المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي تكون أقل بكثير مما تتطلبه عملية الإنقاذ والإغاثة, وإعادة الإعمار, ما يؤخر تغلب هذه المناطق على آثار هذه الكوارث.

• أن بعض المساعدات لا يتحقق الهدف منها, لأن مؤسسات المجتمع المدني في هذه المناطق المضارة من الكوارث, لا تقوم بدورها باعتبارها أكثر الجهات معرفة بحجم الكارثة ودرجة تأثر الفئات المختلفة بها.
وفي ضوء ما سبق, ركزت المؤسسات الدولية جهودها على استخلاص الدروس المستفادة من تعامل المجتمع الدولي مع الكوارث الطبيعية، حيث خرجت بعدة دروس من تعامله مع الكوارث المختلفة, كان أهمها ما يلي:
• أن تركز جهود المجتمع الدولي على إعادة إحياء أسباب المعيشة للسكان في المناطق المتضررة من الكارثة أفضل بكثير من مجرد تقديم مساعدات عينية كالغذاء, والدواء, والخيام، حيث نجحت جهود البنك الدولي, على سبيل المثال, في الهند في مساعدة الصيادين في استئناف عملهم من خلال تزويدهم بالمراكب, وأدوات الصيد.

• أن إمساك المجتمعات المتضررة من الكوارث بزمام الأمور في عملية الإغاثة, وإعادة الإعمار أفضل بكثير من ترك الأمر للمؤسسات, والهيئات الدولية، حيث إن ذلك يساعد على بناء قدرات هذه المجتمعات في مجال التعامل مع هذه الكوارث، ويزيد مشاركة الفئات المهمشة في عملية التنمية, ويحقق الفاعلية للمساعدات المقدمة من الخارج.

• أن تتم عملية إعادة البناء على أسس تحقق زيادة قدرة هذه المجتمعات على التعامل مع الكوارث الطبيعية في المستقبل, وليس مجرد إعادة البناء, كما كان عليه قبل الكارثة حتى لو تأخرت عملية إعادة البناء والتعمير بعض الوقت.

• أن تتجاوز الجهود الدولية مجرد تقديم المعونات, والمساعدات لمواجهة الكوارث الطبيعية وتقليل آثارها على الفقراء إلى التعامل مع تحديات الفقر، وإعادة بناء المجتمعات المضارة على أسس سليمة اقتصادياً واجتماعياً. • أن دور القوات المسلحة الوطنية في مواجهة الكوارث الطبيعية يكون أكثر فاعلية، وذلك لما لدى هذه القوات من معدات وإمكانات، ولاتسام عملها وجهودها في هذا المجال بالانضباط, والجدية, وعدم وجود فرص للممارسات الفاسدة.
سادساً: دور القوات المسلحة في مواجهة الكوارث الطبيعية:
أ ـ دور القوات المسلحة في الكوارث من واقع التجارب الدولية: من واقع التجارب الدولية تبين أن المهام التي تقوم بها القوات المسلحة في الكوارث والظروف الاستثنائية المختلفة تتمثل في الآتي:

• في جميع الكوارث
اتخاذ الإجراءات المناسبة لتأمين الأهداف الحيوية, والكباري, والجسور, والمخزون الإستراتيجي من البترول, والطرق التي تشكل محاور مهمة وإستراتيجية. تقديم الدعم والمساندة للدفاع المدني بالإمـداد, والتموين العسكـري حسب الإمكانات المتيسرة, وما تم تنسيق التعاون بشأنه، وفي أعمال الإنقاذ التي تتطلب معدات ثقيلة وآليات, وفرق المهندسين, والأفراد. المساهمة في نقل فرق التدخل ومعداتها بـراً أو جـواً إلى منطقـة الكارثة. الإمداد بالمساعدات الفنية, والمعـدات, والإمدادات المتيسرة لإعــادة تشغيل المرافق العـامة، وإصلاح الأضـرار التي لحقت بالطــرق والجسور بفعل الكارثة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. إنشاء المستشفيات الميدانية المجهزة بالأطقـم الطبية, والمعــدات, والأدوية لإسعاف الضحايا بموقع الكارثة.
• في كوارث الطائرات
وضع الخطط اللازمة للتعامل مع حوادث الطائرات بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، في إطار نصوص الملحق الثاني عشر للاتفاقية الدولية للطيران المدني, ووفقاً للإمكانات المتاحة. المساعدة في البحث عن الطائرة المفقودة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. تقديم المساندة البحرية المناسبة لإنقاذ ضحايا حـوادث الطائرات التي تسقط في البحر.
• في الكوارث البحرية
القيادة, والسيطرة, ومواجهة الحوادث البحرية, وتنسيق عمليات مكافحـة الحريق, والبحث والإنقاذ, وانتشال الضحايا, ونقل المصابين. مراقبة حركة الملاحة البحرية, وحظر الدخول إلى منطقة الحـادث لغير المعنيين. المساعدة في نقل فرق التدخل الأخرى, ومعداتهم بحـراً إلى مواقع الأحداث عندما يتطلب الموقف ذلك. إخطار جهات البيئة, والجهات المسؤولة عن محطات تحلية المياه عند حدوث حادث بحري ينتج عنه تسـرب نفطي أو تلـوث للشواطئ بالمـواد البترولية, لاتخـاذ الإجراءات, والتدابير اللازمة حيال ذلك.
• في كوارث السيول
تقديم المساندة البحرية المناسبة في حالة تفاقم كارثة السيل في المناطق الساحلية, وجرف ممتلكات المواطنين إلى البحر عند طلب ذلك.
• في مخاطر منشآت النفط
تقديم المساندة البحرية المناسبة لمواجهة مخاطر منشآت النفط المطلة على البحر، أو أحد أرصفة شحن المواد البترولية، أو في إحدى الجزر البحرية، أو في منشآت المرافئ البحرية.
• في مخاطر المواد الخطرة
التدخل لمواجهة الحادث الكيماوي, والإشعاعي, والبيولوجي, إذا كان جسيماً أو يهدد هدفاً حيوياً. تأمين عبور سفن المواد الخطرة لحين خروجها من المياه الإقليمية. رصد الدخول غير المشروع عن طريق البحـر لمهربي نفايـات المواد الخطرة. التعامل مع حوادث المواد الخطرة (الكيميائية- الإشعاعية- البيولوجية) التي تحدث داخل المياه الإقليمية. التعامل مع الحـادث البحــري الذي ينتج عنه تسرب إشعاعي أو كيماوي, وكذلك إخطار الجهات ذات العلاقـة.
• في مخاطر الأجسام المتفجرة
اتخاذ الإجراءات المطلوبة في مجال إبطال, وإعـدام, وإزالة الأجسام المتفجرة, والقنابل التي لم تنفجر حسب متطلبات الحالة عند طلب ذلك. التعامل مع الأجسام الغريبة العائمة التي يتأكد من كونها متفجرة.
• في الحروب
تبليغ الإنذار عن جميع الأعمال العدائية المحتملة إلى وزارة الداخليـة. القيام بالأعمال الفنية المتعلقة بالكشف, وقياس نسب التلوث, وفتح محطات التطهير, والتعامل مـع المخاطـر الإشعـاعية, أو الكيميائية, أو البيولوجية، بالتنسيق مـع الجهات الفنية المختصة.
• في مخاطر انهيار القوى الكهربائية.
إمداد دوائر الكهرباء والماء بالإمكانات المتاحة من وحدات الإضاءة المتنقلة, ومولدات الكهرباء المخصصة للطوارئ، والفنيين المختصين.
• في الطوارئ الطبية
وضع الخطط المناسبة لرفـع كفاءة المستشفيات العسكـرية, وزيـادة قدرتها الاستيعابية لاستقبال الحالات المصابة. إقامة المستشفيات الميدانية، ودعمها بالأطقم, والمستلزمات الطبية. تقديم المساندة الجوية أو البحرية المناسبة لإجلاء المصابين إذا دعت الضرورة لذلك.
• في الإخلاء للطوارئ
المساهمة بأعمال النقل, والإخلاء, وإقامة معسكرات الإيواء للمشردين. تقديم المساندة الجوية أو البحرية المناسبة في حالات صدور أمر بإخلاء الجزر البحرية إذا دعت الضرورة لذلك.
ب ـ الإمكانات التي ترفع قدرة القوات المسلحة على التعامل مع الكوارث: القوات المسلحة في أي دولة هي سياج الأمن للوطن, وعماد الدفاع عنه براً, وجواً, وبحراً، وعلى أكتافها تقوم حماية المنجزات الوطنية, وتحقيق الأمن, والأمان, والاستقرار للوطن، ويتم تشكيل القوات المسلحة, وتقسيمها, وتدريبها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية, وهي حماية الوطن والذود عنه من أي اعتداء خارجي, والمحافظة على الحدود البرية, والمياه الإقليمية, والمجال الجوي له، علاوة على تدخلها في حالة فشل أجهزة الأمن المدنية في السيطرة على الأوضاع الأمنية الداخلية. وتمتلك القوات المسلحة عديداً من القدرات والمهارات التي تمكنها في حالة الكوارث من الوجود, والسيطرة على الأوضاع, والتعامل معها بأقصى سرعة, وبشكل منظم ومنضبط. ومن بين الإمكانات والقدرات التي تمتلكها القوات المسلحة, وتمكنها من القيام بدور مهم في مواجهة الكوارث والمساهمة في التخفيف من آثارها ما يلي:
• وسائل النقل الجوي السريعة وغير المتاحة لأجهزة الدفاع المدني، حيث أثبتت المروحيات دورها المهم في المراحل الأولى لعمليات الإغاثة في الدول التي وقعت بها الكوارث، وذلك في حالة تضرر الطرق, سواءً من جراء السيول, أو الزلازل أو البراكين.

 • وسائل النقل البحري التي يمكن أن تعزز جهود الإغاثة، حيث إنها تعتبر أكثر فاعلية من النقل الجوي والبري, وخاصة للمناطق القريبة من المسطحات المائية، أو في حالة كوارث غرق العبارات. 

• المستشفيات العسكرية المتنقلة، والأطقم الطبية المدربة، والتي يمكن للقوات المسلحة نشرها سريعاً في المنطقة المنكوبة لمساعدة السلطات المحلية, وأجهزة الدفاع المدني التي لا يمكنها بمفردها التعامل مع الكارثة وتبعاتها.

• المهارات والإمكانات المبتكرة المتوافرة لدى سلاح المهندسين العسكريين، حيث يمكن للفرق المدربة في هذا المجال من إعادة تشغيل شبكات الطرق, والهاتف, والمياه, والكهرباء، وإصلاح الجسور, وغيرها في زمن قياسي، وكذلك المساهمة بوسائل مبتكرة في عمليات البحث والإنقاذ, ما يعمل على التخفيف من الآثار السيئة للكارثة.

• وحدات تنقية المياه المتنقلة لدى القوات المسلحة، والتي يمكنها إصلاح أنظمة المياه التي أتلفتها الكارثة في أسرع وقت, وتوفير مياه الشرب النقية للناجين من الكارثة، أو إيجاد مصادر بديلة آمنة للمياه في حالة الكوارث التي تؤدي لتلوث المياه.

• مراكز الاستشعار عن بعد, وأنظمة التحكم والمراقبة المتوافرة لدى القوات المسلحة، والتي يمكن من خلالها التنبؤ إلى حد ما بوقوع الكوارث, أو اتجاه تطورها بعد وقوعها، أو إمكانية حدوثها مرة أخرى.
ونظراً لتعدد وضخامة الكوارث التي تتعرض لها بعض الدول في الوقت الراهن, وصعوبة السيطرة عليها من قبل الحكومات, والأجهزة الوطنية, وأجهزة الدفاع المدني بمفردها، لذا كان هناك أهمية كبرى لتضافر جهود جميع الجهات المدنية والعسكرية في الدولة, والعمل على إزالة الحدود الفاصلة بين هذه الجهات من أجل مواجهة هذه الكوارث. وقد أثبتت تجارب الدول التي مرت بالكوارث الدور المهم الذي لعبته القوات المسلحة في الحد والتخفيف من آثار الكوارث، لذا كان من الضروري الاستعانة بالقوات المسلحة, والعمل على استغلال إمكاناتها في عمليات الإغاثة والإخلاء لمنكوبي الكوارث خلال المراحل المختلفة لحدوث الكوارث. ولذلك في حالة الكوارث الطبيعية أو البشرية ينبغي أن تكون لدى السلطات المحلية, أو وزارة الداخلية, أو أي هيئه وطنية المبادرة دائماً لطلب الدعم الفني والإغاثي من القوات المسلحة بشكل رسمي، وذلك عندما تقرر هذه الجهات أن حجم الكارثة أكبر بكثير من قدراتها، كما يجب أن يكون لدى القوات المسلحة في أي دولة خطة مسبقة لكيفية التعامل مع الكوارث بأنواعها, ومراحلها المختلفة، ومن واقع التجارب الدولية تتمثل الجهود والمهام التي يمكن أن تقوم بها القوات المسلحة في مواجهة الكوارث الطبيعية فيما يلي:
• إقامة جسر جوي, أو بري, أو بحري للإسراع بعمليات الإغاثة، يتم من خلاله توفير عدد كاف من المروحيات, ووسائل النقل السريعة, والإسعاف الطائر. 

• عمليات الإنقاذ والإغاثة لمنكوبي الكوارث، من خلال الوصول السريع للمناطق المعزولة أو الموبوءة، أو الواقعة تحت تهديد الكارثة.

• توفير المأوى البديل, ونصب, وإقامة الخيام, وتوفير الأغطية، وذلك لاستيعاب المشردين, والمهجرين, والنازحين بسبب الكارثة.

• عمليات النقل البحري, والبري, والجوي للمرضى, والجرحى, والنازحين من منطقة الكوارث، للمساهمة في التئام, وجمع شمل الأسر الذين شردتهم الكارثة، إضافة لنقل معدات الإيواء, وكل ما يلزم لاحتواء الكارثة.

• تقديم عمليات الإسعاف, والمعالجة, والرعاية الصحية من خلال إقامة المستشفيات الميدانية في أرض الكارثة, أو بالقرب منها.

• عمليات التنسيق والتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وخاصة جهات الدفاع المدني, ووزارة الصحة، وجهات الإمداد والتموين، وغيرها من الجهات المشاركة في جهود مواجهة الكارثة وتداعياتها.

• تأمين المعلومات والبيانات الدقيقة عن الكارثة, واتجاهات تطورها، وحجم الخسائر الناجمة عنها، وذلك للمساهمة في اتخاذ القرارات السليمة اللازمة للتعامل السريع مع الكارثة.

• القيام بعمليات الإمداد, وتأمين الغذاء والدواء للمنكوبين, جراء الكارثة, ولجميع الفرق والطواقم المساهمة في مواجهة الكارثة.

• توفير مياه الشرب من خلال إصلاح الشبكات التي دمرتها الكارثة، وتوفير أنظمة دائمة أو بديلة لتوزيع وتخزين مياه الآبار والينابيع.

• المحافظة على الأمن, وتأمين المواطنين من أعمال السرقة, والسلب, والفوضى التي قد يقوم بها ضعاف النفوس, والخارجون عن النظام أثناء الكارثة.

• إرشاد وتوجيه لجان ومواطني الإغاثة والمنكوبين, وأهاليهم إلى أماكن الإغاثة والسلامة.

• القيام بأعمال التوعية, والتثقيف, والإرشاد للابتعاد عن الأوبئة, والمخاطر الناجمة عن السيول عبر وسائل الإعلام المختلفة.

• إعداد الخرائط والخطط اللازمة التي تساعد على تقدير الموقف في المنطقة المنكوبة من الكارثة، للخروج بقرارات سليمة, وسريعة تلبي احتياجات سكان المنطقة المنكوبة.

• المساهمة في إعادة البناء لما خلفته الكوارث من حيث إعادة البنية التحتية للطرق والكباري مرة أخرى, والعمل على إصلاح ما أتلفته الكارثة.
ج ـ شروط نجاح القوات المسلحة في أداء دورها في مواجهة الكوارث:  لكي تقوم القوات المسلحة بأداء الأدوار المناطة بها في الحد والتخفيف من آثار الكوارث, فلا بد أولاً من وجود تعاون بين القوات المسلحة بأفرعها المختلفة (القوات الجوية، البرية، البحرية) للقيام بهذا الواجب الوطني، وأن يكون هناك متابعة وإشراف مباشر من قيادات القوات المسلحة على المستويات المختلفة، كلاً فيما يخصه للتخفيف من آثار الكارثة وتداعياتها، هذا إلى جانب ضرورة توافر العناصر الآتية:
• وجود قوات مسلحة خاصة مدربة على أعلى المستويات للقيام بعمليات الإغاثة, والإنقاذ, والإمداد, والتموين في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية.

• التدريب المستمر للأفرع المختلفة للقوات المسلحة على الظروف المختلفة, والاستثنائية المصاحبة للأنواع المختلفة من الكوارث، مثل الزلازل, والبراكين, والسيول، والتلوث الكيماوي، والتسرب الإشعاعي، والنووي, والبيولوجي, وغيرها من الكوارث، والتدريب على كيفية مواجهة هذه الظروف والتعامل معها.

• الاستفادة من خبرات القوات المسلحة في مواجهة الكوارث في الدول الأخرى المعروفة بالكوارث، حيث يكون لدى القوات المسلحة في هذه الدول رصيد من الخبرات والمهارات التي يمكن نقلها, والاستفادة منها.

• توافر المعلومات المختلفة اللازمة لرفع القدرة لدى قادة أفرع القوات المسلحة على اتخاذ القرارات السريعة لمواجهة الكوارث بأنواعها المختلفة.

• الانتشار الواسع لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة في المناطق, والمحاور العسكرية, بما يحقق الجاهزية, والاستعداد في حالات الطوارئ، وفي الظروف الاستثنائية للكوارث.

• توافر غرف عمليات مجهزة بأحدث وأدق الوسائل التكنولوجية، التي يمكن من خلالها تلقي البلاغات السريعة, وإعطاء الإشارات, وتحريك القوات المعنية بمواجهة الكارثة، ومتابعة سير الأحداث أولاً بأول في المنطقة المنكوبة.

• وجود علاقات تنسيقية بين قادة القوات المسلحة بمستوياتها التكتيكية والإستراتيجية, وبين المحافظين, ورؤساء المجالس البلدية, والمواطنين, ومنظمات المجتمع المدني في حالة وقوع الكارثة.

• إلمام أفراد وقادة القوات المسلحة بالأوضاع الجيولوجية, وجغرافيا المناطق المختلفة بالدولة, ودراسة طبوغرافيتها، ومعرفة أماكن التركز السكاني, وكثافته في هذه المناطق.

• توافر روح التعاون بين المواطنين, وأفراد القوات المسلحة في حالة وقوع الكوارث، حيث أن هذا التعاون يساهم بقوة في توفير البيانات والمعلومات الدقيقة عن التطورات الخاصة بالكارثة أولاً بأول، وكذلك المعلومات حول حجم الأضرار البشرية والمادية الناجمة عنها، والاحتياجات المطلوبة لمواجهتها. 

• وجود مستشفيات عسكرية متنقلة مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية لخدمة مصابي الكوارث, ووجود وسائل مبتكرة وحديثة لسرعة إنقاذهم، ووجود أطقم طبية للعمل بهذه المستشفيات الميدانية.

• توافر عدد كبير من المروحيات التي يمكن من خلالها المحافظة على وجود جسر جوي, ودعم عمليات النقل الجوي داخل مسرح العمليات (المناطق المنكوبة)، وإعادة بناء البنية التحتية للطرق.
والخلاصة, أن الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية, لن تتوقف, ولا يمكن لأي جهة في العالم أن تمنع حدوثها، ولكن هناك كثير من الآليات والجهات التي يمكن أن يكون لها دور بارز في تخفيف حدتها, وتقليل الخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها، على الأقل في الأجل الطويل، ومن بين هذه الجهات القوات المسلحة، وذلك لما يتوافر لديها من معدات وأفراد مدربين، وبما تتمتع به من سرعة انتشار, وانضباط, وقدرة على التعامل مع الظروف الاستثنائية، وهو ما أثبتته تجارب كثير من دول العالم التي عانت مثل هذه الكوارث.

إعداد: د. حنان رجائي