محمد منير محمد منير عمدة كفر ميت بشار
الأربعاء 02-04-2014 | PM 10:13

بلد العمدة يوسف كما يسمونها حتى الآن، أو كفر ميت بشار التابع لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، والعمدة يوسف هو جدى (رحمه الله)، الذى تولى مسئولية العمدية منذ أن كان فى السابعة عشرة من عمره، إلى أن توفى فى ديسمبر عام 1996 عن عمر يناهز الـ78، وكنت دائماً أعتبره عمدة استثنائياً بمواقفه التى لا تزال عالقة فى ذاكرتى، بحب واحترام أهل القرية له حتى بعد وفاته، فحتى الآن يحرص أهالى القرية على عاداتهم وتقاليدهم، ومنها الترجل عن ركوب الحمار إذا مر أحدهم من أمام دوار العمدة.. ثم يركبه ثانية بعد أن يمر من أمام الدوار. ومن المواقف التى لا أنساها ضابط الشرطة الذى دخل القرية ليلاً دون أن يمر على العمدة ليستأذنه فى البحث عن رجل متهم فى قضية ما، وكانت النتيجة أن أمر «الغفر» ومعهم بعض المزارعين، بالقبض على الضابط، وبالفعل أحضروه بالإضافة إلى جنديين كانا معه، وجميعهم مقيدون بالحبال، فى صندوق سيارة الشرطة، وأذكر يومها أن عبدالهادى الغفير لم يكن ماهراً فى القيادة، ومع ذلك قاد سيارة الشرطة ونزل بها فى الترعة، حتى أوشك الضابط والجنديان على الغرق، لكن الغفر بمساعدة أهالى القرية تمكنوا من إنقاذهم بعد أن تغطت وجوههم بطين الترعة، بعدها أمرهم جدى بوضعهم فى غرفة التليفون حتى الصباح، وأصر أن يأتى مدير الأمن بنفسه لاستلام الضابط ليتعلم أن للقرية كبيراً لا بد من احترامه، وقال لمدير الأمن وقتها «إزاى ناسى يحسوا بالأمان لما ضابط ياخد واحد منهم.. لو فيه مجرم الضابط يجيلى وياخد واجبه وأنا أسلمه للداخلية بنفسى». وموقف آخر لرجل ضربه ابنه وكانت واقعة تحدث للمرة الأولى فى القرية فطلب جدى من الغفر أن يحضروه، وبعد أن ضربه بنفسه، أمر الغفر أن يربطوه من قدميه ويديه ثم يضعوه فى الترعة أمام الدوار التى كانت مياهها منخفضة، وأمرهم أن يقفوا على مقربة منه لينقذوه فى حال وقع حتى لا يغرق، وقال لهم «عايز كل أهل البلد يعرفوا إنه ضرب أبوه وهذا عقابه يقعد نهار كامل فى الترعة». وعندما صدر قانون العمد والمشايخ لتصبح العمدية بالتعيين عام 1994، قرر جدى ألا يتقدم بأوراقه للداخلية، وقال لوالدى (رحمه الله) وقتها «أنا نفسى أشوف عمدة من الشباب.. البركة فى الشباب يا بنى»، وكان هذا القرار صادماً للعائلة التى لم تخرج العمدية من بيتها على مدار ما يزيد على قرن من الزمان، ولأهل القرية أيضاً، التى لم يتقدم أحد منها بطلب التعيين، ولم يتراجع جدى عن قراره كعادته دائماً، وظل العمدة يوسف عمدة رغماً عنه باختيار الناس، وظل كفر ميت بشار بلا عمدة رسمى منذ وفاة جدى حتى عام 2006. المشهد نفسه تكرر فى قرى عدة أخرى ظلت بلا عمدة رسمى، لأن إرادة المصريين هى التى كانت تنتصر فى النهاية لمن يشعرون أنه يستحق أن يجلس على مقعد العمدية، فلا تتلاعبوا بإرادة المصريين وتأكدوا أنها لو خالفت إرادتكم، فأنتم الخاسرون. كلمة أخيرة للشاعر مصطفى صادق الرافعى: أنا مِصْرِىٌّ بنانى من بنى هرمَ الدَّهرِ الذى أَعْيا الفنا فى دِفَاعِى وجِهَادِى للبلاد لا أَمِيلُ لا أَمَّلُّ لا أَلِيْن لكِ يا مصرُ السَّلامة وسَلاماً يا بلادى

تعليقات الفيس بوك

المقالات الاكثر قراءة

عاجل