اعداد: علا الحاذق

بعد حياة زاخرة بالاعمال الابداعية والقصص العظيمة التى ملأت فراغًا كبيرًا في حياتنا الأدبية..توفي الكاتب الكبير عبد التواب يوسف عن عمر يناهز السابعة والثمانين على إثر أزمة صحية ألمت به منذ حوالي شهر.

يعد من أبرز المعنيين بكتابة أدب الأطفال في الوطن العربي .. أثري المكتبة العربية ب 951 عملا..ومن أحدث أعماله كتاب “توشكى”.

هو صاحب أرقام قياسية في إنتاجه الأدبي, الذي يضم 595 كتابا للأطفال طبعت في مصر, و125 كتابا للأطفال طبعت في البلاد العربية, و40 كتابا للكبار, ومن أشهر كتبه “خيال الحقل” الذي طبعت منه ثلاثة ملايين نسخة.

موهبة الأديب الراحل عبد التواب يوسف الفذة؛ مكنته من تقديم هذا الانتاج الغزير المتميز في أدب الأطفال، وهو أصعب انواع الأدب على الإطلاق.

2015-635790530341765067-176_main
نشأته وتاريخه

الكاتب الكبير من مواليد الفشن بمحافظة بني سويف في 10 أكتوبر عام 1928 في قرية “شنرا” وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدينة بني سويف.

في طفولته.. كان يستأجر الروايات والكتب ليقرأها ثم يعيد حكايتها على أصدقائه من الأطفال، فقد عاش طفولته في قرى مصر وعبّر عن ذلك في قصصه، وأعماله الإبداعية.

أنهى في الجامعة دراسة البكالوريوس في العلوم السياسية.

أذيع له أول عمل للأطفال من خلال برنامج (بابا شارو) في 19 من ديسمبر عام 1950م، ومنذ ذلك الحين كتب آلاف البرامج للأطفال قدمت في كافة الإذاعات العربية.
وعمل يوسف مشرفا على برامج الإذاعة المدرسية بوزارة التربية, بعد تخرجه في الجامعة, ثم رأس قسم الصحافة والإذاعة والتليفزيون بهما, وتفرغ للكتابة للأطفال منذ عام 1975.

جوائز عالمية

401

من أبرز الجوائز التي حصل عليها جائزة معرض بولينيا الدولي عن كتاب “حياة محمد في عشرين قصة”, الذي طبعت منه سبعة ملايين نسخة, جائزة أحسن كاتب للأطفال 1998, وجائزة الدولة في أدب الأطفال 1975م, مع وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى, جائزة الدولة التقديرية في أدب الأطفال 1981م, مع وسام الجمهورية من الطبقة الثانية, جائزة اليونسكو العالمية في محو الأمية عام 1975, الميدالية الذهبية من اتحاد الإذاعات العربية.جائزة منظمة الثقافة العربية، وجائزة المجلس العالمي لكتب الأطفال، وجائزة الملك فيصل العالمية في الآداب
اسلوبه الأدبي

ومن شدة تواضع “عبد التواب يوسف “أنه كان يرفض لقب رائد أدب الأطفال في الوطن العربي..ويقول مقاطعًا: أنا لست رائدًا ولا أحب هذه التسمية، فالرائد الحقيقي هو كامل كيلاني، وقد سرت على درب هذا الرجل، وأنا أعده أهم من “أندرسون” لأنه قام بابتكار 10 قنوات لثقافة الأطفال، ففي المرح ألف قصصًا حول جحا، وقام بتأليف قصص دينية، فألف قصصًا عن السيرة النبوية في 30 كتابًا، وأضاف العلوم، لكنه بالنسبة للوقت الذي كان فيه كانت فقط عبارة عن (أحياء)، اهتم بالحيوانات والنباتات فقط، فلم تكن هناك فيزياء وكيمياء وتقنية كما هو الحال في عصرنا، وأنا أؤمن هنا بمقولة شهيرة “لبرنارد شو” حيث يقول: “إنني لا أشبه شكسبير لكنني أقف على أكتافه”.لذلك فقد طورت بعد كامل كيلاني وبيني وبينه50 عامًا.

يطلقون عليه في كثير من الدول العربية لقب: ” عمدة كتّاب الأطفال العرب”.. وقد أشاد به كثير من المثقفين والشخصيات العربية والعالمية.. فقال عنه” ديسان رول ” رئيس الهيئة الدولية لكتب الأطفال: ” إن مكتبة عبد التواب يوسف هي أكبر مكتبة أطفال موجودة في بيت في كل العالم، ومؤلفاته ينطبق عليها نفس الشيء”.. وقالت عنه د. سهير القلماوي: ” إن هناك كثيرين يكتبون للأطفال. لكن القليلين فقط هم الذين أنتجوا أدبا حقيقيا، وعبد التواب يوسف في طليعتهم كما وكيفا.”

وتفرد عبد التواب، بأسلوب ابتكره لنفسه في الكتابة للأطفال، ولم يسبقه إليه أحد، وهو أن يتصور نفسه بين الأطفال ويتحدث إليهم، الأمر الذي يجعل القارئ مشاركًا بالتفكير والرأي في القصة التي يقرأها.

وفي حين أن الأقلام التي سطرت في مجال أدب الأطفال قليلة، والكتب الصادرة لهم كذلك، بسبب حداثة هذا اللون من الأدب وقلة التقدير الأدبي والمادي للمشتغلين به، وفق رأيه، إلا أنه اختار أن يسبح هو الآخر في ذلك العالم المنطوى البعيد، كونه يؤمن بأن العناية بأدب الطفل سمة حضارية تعني التعامل مع علم المستقبل، والتخطيط له.

وأورد أن افتقار الإبداع لدى بعض كُتّاب الأطفال، هو العائق الذي يقف أمام كثرة الإنتاج الأدبي، فبعض الكتاب يكتفون بإعادة صياغة جديدة لحكايات قديمة وحسب، كما يعتقد.

اتخذ “عبد التواب يوسف” في الكتابة للأطفال منهجًا مستقلًا، أبرز ملامح هذا المنهج هو التركيز على القيم الإسلامية، يقول في ذلك: منهجي في الكتابة للأطفال يبدأ بترسيخ العقيدة ثم تحبيب القرآن الكريم لهم، فحفظ الأطفال لآيات القرآن ترتقي بهم لأسلوب القرآن الراقي والمعجز.

و”قد ركزت في قصصي على الطيور والحيوانات التي ذُكرت في القرآن الكريم ومجموعها 30 طائرًا وحيوانًا. وبدأت بقصة عن الحوت فقلت “أنا حوت يصل وزني إلى 75 طنًا، مع أن بيضتي لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة”. وكان هذا أسلوبي، الدمج بين المعلومة العلمية والدينية في آن واحد”.

في عام 2002، كتب “عبد التواب يوسف” رسالة إلى الكاتب الراحل أنيس منصور يعرفه فيها بنفسه، وبأدبه، ويلفت الانتباه إلى شخوصه الكارتونية ويصحح خطًأ ما وقع فيه، نشر “منصور” رسالته في عموده “مواقف” الذي كان يكتبه في الأهرام، ورد عليه قائلا: اعذرني يا أيها الصديق فأنا لست متابعا تمامًا لكتب الأطفال وعالمهم، ففي أسرتنا أطفال أراهم بعض الوقت وأنشغل بهم لحظات‏.‏ ويعود كل شيء إلى ماكان، أعود أنا إلى عالمي من الكتب والقراءة والتوالد المستمر لعلامات الاستفهام والتعجب التي تلتف وتطير حول دماغي وتفسد النوم والطعام وتشوشر البال وتطلق دخانا أسود في عيني وطنينا في أذني‏.‏

وأعرف أن أدباء الأطفال هم شهداء الأدب‏..‏ فرغم جهودهم الهائلة فإن الأطفال وحدهم وبعض الآباء هم الذين يعرفونهم‏..‏ ولم أعد طفلا ولست أبا‏.‏ لكن من المعجبين بك أديبا حرصت على سماع قصصك في الإذاعة وبعض قصصك المكتوبة.

ورغم ما أنتج “عبد التواب” عن الأطفال وللأطفال، يعتبر نفسه قارئًا شغوفًا لا كاتبًا، ففي أحد حواراته الصحفية، يقول: أراني قارئاً أكثر مما أنا كاتب، وخلال أسفاري اقتنيت آلاف الكتب حتى أصبحت لديَّ مكتبة يقول من زارها من الإنجليز والأمريكيين إنها أكبر مكتبة للأطفال موجودة في بيت في العالم.

وقد اضطر إلى أن يشترى شقة أودع بها 30 ألف كتاب للأطفال واستبقى لديه بالبيت 10 آلاف، وأودع في مكتب ابنه 5 آلاف كتاب وأغلب هذه الكتب لأعظم كتاب الأطفال في العالم.