شاعر مطبوع ، مقدم في العلم بالشعر والحفظ له ، قدم بغداد ، فاتصل بالبرامكة ، وانقطع إليهم وعمل لهم كتاب كليله ودمنة بشعر ، فحسن موقعه منهم ، ويقال : إنه قلب الكتاب في ثلاثة أشهر إلى الشعر ، وهو أربعة عشر ألف بيت , وذكر حمدان ابنه أنه كان يصلي ولوح موضوع بين يديه ، فإذا صلى أخذ اللوح ، فملأه من الشعر الذي يصنعه ، ثم يعود إلى صلاته ، وعمل أيضا قصيدة ذات الحلل ذكر فيها مبتدأ الخلق وأمر الدنيا وأشياء من المنطق ، وغير ذلك وهي قصيدة مشهورة ، وله مدائح في هارون الرشيد ، وفي الفضل بن يحيى بن خالد ، وقيل : إنه كان جميل الطريقة ، حسن التدين ، متألها , قرأت على الحسن بن علي الجوهري ، عن أبي عبيد الله المرزباني ، قال : أخبرني محمد بن العباس ، قال : حدثنا محمد بن موسى البربري ، قال : حدثنا حماد بن إسحاق ، قال : ألزم يحيى بن خالد البرمكي أبان بن عبد الحميد دارا لا يخرج منها حتى ينقل كتاب كليلة ودمنة من الكلام إلى الشعر فنقله ، فوهب له عشرة آلاف دينار ، قال : ويقال : إن كل كلام نقل إلى شعر ، فالكلام أفصح منه إلا كتاب كليلة ودمنة , قال المرزباني : وأخبرني محمد بن يحيى ، قال : حدثنا القاسم بن إسماعيل ، قال : حدثني محمد بن صالح الهاشمي ، قال : حدثني ابن لعبد الحميد اللاحقي ، قال : أحب يحيى بن خالد أن يحفظ كتاب كليلة ودمنة ، فاشتد عليه ذلك ، فقال له : أبان بن عبد الحميد أنا أعمله شعرا ليخف على الوزير حفظه ، فنقله إلى قصيدة عملها مزدوجة عدد أبياتها أربعة عشر ألف بيت في ثلاثة أشهر ، فأعطاه يحيى بن خالد عشرة آلاف دينار ، وأعطاه الفضل خمسة آلاف دينار ، وقال له جعفر بن يحيى : ألا ترضى أن أكون راويتك لها ؟ ولم يعطه شيئا ، قال : فتصدق بثلث المال الذي أخذه , وكان أبان حسن السريرة ، حافظا للقرآن ، عالما بالفقه ، وقال عند وفاته : أنا أرجو الله وأسأله رحمته ، ما مضت علي ليلة قط لم أصل فيها تطوعا كثيرا قلت : وأول قصيدته هذه : هذا كتاب أدب ومحنه وهو الذي يدعى كليلة ودمنه