سوريون نقلوا "ساعة حمص" و"سوق الحميدية"و"بوابة حلب" إلى "المفرق"الأردنية
2013-02-19 00:00:00

لاجئون يبيعون الكرابيج والمشبك والقطايف والمكدوس السوري في "المفرق"


لم تكن مدينة المفرق التي تخاصر البادية الأردنية مقصداً للاجئين السوريين ولكنها الأقرب الى الحدود السورية مع مدينة الرمثا وأربد حيث تسكن آلاف العائلات اللاجئة التي هربت من جحيم الحرب وشبح الموت.
في هذه المدينة التي يعيش فيها أكثر من 2500 عائلة أغلبهم من حمص ودرعا. أحدثَ اللاجئون السوريون ما يشبه "الزلزال" الديموغرافي، ولذلك حينما تسأل أي أردني عن بيت للآجار مثلا تجده يقول لك بحنق وتأفف:"ما خلّا السوريين إلنا شي" فيما يرى آخرون أن المدينة شهدت انتعاشاً اقتصادياً وحيوية لم تكن مألوفة من قبل وبالذات أن المفرق كانت مدينة منسية ومهملة من مختلف الجوانب، وخلال سنة ونصف تحولت هذه المدينة الفقيرة البسيطة بأبنيتها وشوارعها إلى"مدينة" سورية بامتياز تعج أسواقها بالباعة السوريين والمحلات التي تقدم الطعام السوري والحلويات السورية والخبز السوري، وحيثما توجهت ترى أسماء سورية للمحلات والمتاجر والمطاعم من"الوردة الشامية"إلى "المطعم الشامي" و من قلعة حمص" إلى "بوابة حلب" ومن "سوق الحميدية" إلى "نجمة سوريا".


فندق للاجئين السوريين
أول ما يلفت نظرك في مدينة المفرق وجود فندق ضخم خصصه صاحبه للاجئين السوريين بأسعار منخفضة، ويُؤوي الفندق الذي أطلق عليه صاحبه الحاج "أبو علاء الدحلة" اسم فندق اللاجئين السوريين أكثر من خمسين عائلة سورية من مختلف المدن السورية تسكن كل واحدة منها في شقة فندقية مفروشة عبارة عن غرفتين ومنافع وإطلالة جميلة على وسط المدينة بأسعارمنخفضة مقارنة مع أجور المنازل المرتفعة عموماً في المفرق.

الجامع الكبير مَعلَم هام من معالم مدينة المفرق وأهم نقطة علاّم في المدينة وغالباً ما تجد داخل باحة هذا الجامع وأمام بوابته الجنوبية باعة (الكرابيج)كرابيج حلب و"المشبّك" و "العوامة" و "غزل البنات" و"البليلة" و"القطايف السورية" و"قطرميزات" المكدوس السوري الذي يتم صنعه في مخيم الزعتري أولدى العائلات السورية التي تسكن خارجه، وأنت تتأمل هذا الكرنفال السوري بامتياز لا يفوتك أن تلاحظ أن الكثير من السيارات المارة العمومية والخاصة تحمل أرقاماً وأسماءً لمدن سورية –درعا– دمشق– حماة استطاع أصحابها أن يفروا بها من جحيم الحرب الدائرة هناك لتكون عوناً لهم في التنقل.

بابا عمر في المفرق !
الظاهرة اللافتة في تأثيرالسوريين وفرض إيقاعهم الخاص على الحياة اليومية هنا هو أسماء المحلات التي تبدو وكأنها تربط اللاجئين السوريين- الذين يعيشون فيها واقعاً طارئاً - بوطنهم الأم الذي يعاني مأساة حقيقة، إذ تنتشر في أنحاء مختلفة من مدينة المفرق محلات وبقاليات أحب أصحابها أن يشاركوا في الثورة السورية بطريقتهم الخاصة فأطلقوا عليها أسماء مدن وقرى ومعالم سورية مثل (بابا عمرو- قلعة حمص- قلعة حلب- حمص القديمة- ساعة حمص- حوران- بلاد الشام ) واللافت للنظر في هذه الظاهرة أن بعض أصحاب هذه المحلات والبقاليات أردنيون، مما يدل على عمق الإرتباط الروحي والإنساني بين الشعبين الشقيقين.

الحاج ابراهيم العموش صاحب بقالية بابا عمرو التي أصبحت أشهر من نار على علم– كما يقال- في مدينة المفرق حدثنا عن سبب اختياره لهذا الاسم وما يعنيه بالنسبة له قائلاً:

عندما افتتحت بقاليتي منذ أشهركان حي بابا عمرو في حمص يتعرض لأشرس حملة من التدمير والحصار، وكنت اقرأ وأسمع وأرى على شاشات التلفاز ما يجري لهذا الحي من فظائع وجرائم يندى لها جبين الإنسانية، فلم أتردد في تسمية محلي باسم "بابا عمرو" هذا الحي الذي ضرب المثل في البطولة والصمود ومقاومة الظلم والطغيان وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه للشعب السوري، ولو كان عمري يسمح لذهبت للجهاد في سوريا نصرة لإخواننا السوريين ولكن للأسف ليس باليد حيلة.

وحول ردود فعل الناس أردنيين وسوريين حيال اختياره لهذا الاسم يقول العموش:" لاقى هذا الاسم استحسان الكثير من الأردنيين والسوريين على حد سواء وازداد الإقبال على البقالية تعاطفاً مع هذا الإسم الذي يرمز إلى الصمود والتضحية والفداء".

ساعة حمص
ساعة حمص الجديدة التي بنيت على نفقة المغتربة الحمصية كرجية حداد عام 1951 حملها اللاجئون السوريون في قلوبهم وجوانحهم لدرجة أن أحدهم أطلق اسمها على محل للمعجنات يملكه في المفرق، يقول زياد المغربل صاحب محل (ساعة حمص):

افتتحت هذا المحل كـ"باب"رزق لي كي لا أحتاج إلى الجمعيات الخيرية التي باتت تتعامل مع السوريين بمزاجية مزعجة، وقد أطلقت على محلي اسم "ساعة حمص" لكوني حمصياً أولاً اخترت رمز الساعة - ساعة "كرجية حداد المغتربة الحمصية التي كانت تعيش في البرازيل وأحبت أن تخلد ذكراها في المدينة فتبرعت ببناء ساعة عبارة عن برج في منتصف مدينة حمص وأصبحت هذه الساعة من أشهر معالم حمص السياحية منذ أكثر من ستين عاماً، وعلاوة على أهميتها السياحية والحضارية أصبحت ساعة حمص رمزاً لعاصمة الثورة السورية "حمص" وتم تصميم مجسمات لها في كل المدن السورية التي شهدت مظاهرات شعبية مثل حماة وإدلب ودمشق وحلب.

شامة على خد الثورة السورية
وهناك الكثير من معالم مدينة حمص التي يطلق عليها الكثيرون لقب عاصمة الثورة السورية لا زالت حاضرة في ذاكرة أبنائها الذين هجروها هرباً من آلة القتل والدمار ويقول صاحب محل (حمص القديمة) بري القباني:
عندما يذكر اسم بلد ما يجد الإنسان نفسه مشدوداً بخيط سري إلى المكان الذي ولد فيه وقد اخترت اسم (حمص القديمة) تعبيراً عن شوقي وحنيني لهذه المدينة ولحي باب هود- أحد أحياء حمص القديمة- الذي ولدت وترعرعت فيه وأصبحت هذه المدينة الجميلة تمثل بالنسبة لي الصلة التي تربطني بالعالم.

ويضيف القباني: أثار هذا الاسم مشاعر الحنين والارتباط لدى عدد كبير من السوريين والحماصنة على وجه الخصوص، كما أثار الغرابة لدى بعض الأردنيين، وحمص القديمة اليوم تمثل الحصن الأخير من هذه المدينة الثائرة وقد تعرضت بيوتها ومساجدها القديمة وأسواقها الأثرية لحملة تدمير منظمة لم تُبقِ منها شيئاً ولكن مع ذلك ظلت هذه المدينة بمثابة الشامة على خد الثورة السورية.


فارس الرفاعي - المفرق (الأردن) - اقتصاد



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


تعليقات حول الموضوع

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



  جميع الحقوق محفوظة © 2011 - 2018 - أحد مشاريع زمان الوصل

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
ALL RIGHTS RESERVED 2018
top