مجلة شهرية - العدد (516)  | سبتمبر 2019 م- محرم 1441 هـ

الأفاعي أسطورة الخير والشر

تشغل الأفعى مساحة لا يمكن تجاهلها في خيال البشرية، ولا ينطبق هذا الحكم على الإنسان القديم فحسب.. فما تزال الأفعى تثير اهتمام إنسان هذا العصر، والمتتبع للعلاقة بين الإنسان والأفعى منذ بدء الخليقة يلاحظ أنها علاقة ديناميكية نشطة لم تثبت على حال واحدة.. ذلك أن تاريخ البشرية قد شهد تقلبات وتغيرات في هذه العلاقة ورموزها من عصر إلى عصر، ومن تصور حضاري لآخر، وقد تأرجحت هذه العلاقة بين معاني الخير والشر والتقديس والتحريم.. 
(المجلة العربية) ترصد العلاقة بين الإنسان والأفعى كما مثلها التراث العربي عبر عصور التاريخ المختلفة. 
الأفاعي معبودة ومالكة للخلود!
تأخذ عقيدة عبادة الأفعى أشكالاً متعددة؛ فهي إما أن تكون موجهة إلى ثعبان واحد، أو إلى عدة ثعابين، أو حتى إلى قطع بعينها من ثعبان ما، كما قد تكون هذه العبادة موجهة إلى روح أحد الآلهة، وقد تشكلت في أفعى معينة سواء أكانت أفعى حقيقية أو متخيلة، أو في شكل تماثيل معدنية أو حجرية أو كانت أفاعي حقيقية.
وترجع أشكال هذه العبادة في الأغلب إلى عبادة أفعى حقيقية، سرعان ما أصبحت خير مكان تحل فيه روح الإله.. وللرجوع إلى أصل هذه العبادة ينبغي أن نلاحظ التأثير السلبي والإيجابي للحيوان في عقلية الرجل البدائي؛ إذ إن إحساس هذا الرجل بقوة الأفعى وحكمتها على نحو ربما يفوق قدراته جعله يتوجه نحوها بالتقديس، وكذلك أغراه جمالها ونعومة جلدها وحركتها الغامضة بلا أقدام أو أجنحة، وهو أمر قد تنفرد به الأفعى دون سائر الكائنات الحية وقدرتها على الاختفاء المفاجئ ولمعان عينها وبريقها وجمالها وقوتها وقوة سمها المميت، ثم أخيراً قدرتها على استعادة شبابها بتغيير جلدها، وهو الشيء الذي من أجله نظر الإنسان البدائي إليها بوصفها مالكة للخلود.. وهذه المظاهر جميعاً جعلت الإنسان البدائي يرى في الأفعى قدرات خارقة تعد الأساس الأول لصياغة الأساطير حولها. 
وإذا كانت الأفاعي تنقسم في الطبيعة إلى سام وغير سام، فإن هذا التصنيف انعكس بدوره في تقسيم الأفعى أسطورياً إلى أفعى شريرة تشبه الشياطين والأشكال الأخرى المهولة، وأفعى خيرة تقوم على حراسة كنوز الإنسان وممتلكاته. وقد تعبد الأفعى لذاتها، وقد تعبد بوصفها ممثلة لروح الإله المعبود أو الأرواح بصفة عامة؛ ذلك أن الإله نفسه قد يظهر أحياناً في شكل أفعى ضخمة تماماً مثلما يظهر في شكل حيوان آخر له قدسية الأفعى، كما يؤكد طه الهاشمي في مصنفه (تاريخ الأديان وفلسفتها) الصادر عن دار مكتبة الحياة. 
ولقد تطور التفكير الديني لدى الإنسان الأول حتى اعتقد بقوة الروح وألّه من مظاهر الطبيعة ما شاقه وسكن إليه كالشمس والرعد والصاعقة، وهكذا اتخذ من هذه المظاهر آلهة خير وآلهة شر، ثم أخذ اعتقاده يتطور فعبد الأحجار والأشجار، فلما فطن إلى عدم جدواها أعرض عنها وعظم الروح التي توهمها فيها ورفع من شأنها، ثم صار مشركاً يعبد آلهة متعددة يتقرب إليها بالصلوات ويتقي شرها بالأضاحي والنذور. ولاحظ علماء الأديان القديمة أن هناك سببين لعبادة الحيوان: 
أولهما:
عبادته لذاته مباشرة لمنفعتها وألفتها أو قوتها، ولا يخفى أن الإنسان القديم كان يعتقد أن أرواح البشر بعد الموت تنقلب إلى حيوانات!
ثانيهما: 
احترام الحيوان المعبود بوصفه طوطماً ممثلاً الأجداد. 
ولقد عبد الإنسان البدائي الأفعى بوصفها المألوف، إما خوفاً منها على عادة الشعوب البدائية التي توجهت بالعبادة والتقديس إلى الكائنات المخيفة اتقاءً لشرها، أو اعتقاداً في أنها تتقمص أرواح الموتى والشياطين، فقدسوا التماسيح والعقارب والثعابين السامة، واللافت للنظر أنهم لم يؤلهوا جميع أنواع الثعابين، وإنما قدسوا الكوبرا أو الصل (ما يسميه العرب بالناشر) في جميع الحضارات المصرية القديمة التي أحاطت بالجزيرة العربية في عصور ما قبل التاريخ، وفي العصور التاريخية سواء الحضارة المصرية القديمة أو الهندية أو البابلية، بل إن شعوب إفريقيا وأمريكا تشترك معها في هذه العقيدة. 
لقد اتخذ المصري القديم الأفعى رمزاً طوطمياً له، جاعلاً منها المعبود الذي يحميه من الأرواح الشريرة، ويدفع عنه أذى الأعداء بتوجيه عناصر الأذى فيه إلى أعدائه... ومن هنا فإن ذكر الأفعى يرد في أساطير مصر القديمة أولاً مرتبطاً بالعين التي خرجت فكرتها إلى الوجود بوصفها عين حورس الإله السماوي، وهي عين ثالثة بالإضافة إلى عيني الإله، وكانت العين أساساً هي أفعى اليورايوس (الصل) الذي كان مثبتاً إلى أحد التيجان أو عصابة الرأس على جبهة الملك، كما يقول الدكتور صمويل كريمر في كتابه القيم: أساطير العالم القديم ويبدو أن كلاً من اليورايوس والعين قد نشآ من فكرة أن أفعى (جت القدس) وهو اليورايوس على جبهة الملك هو تجسيد الآلهة وأحد أشكال الأفعى البدائي الذي تقول الأساطير إنه أول جسد ألقي على جزيرة الأرض الملتهبة عند بداية الخلْق، ومع مرور الزمن تسللت أسطورة آسيوية تمثل صراع آلهة السماء والنور مع تنين المحيط المخيف إلى مصر الفرعونية حيث تمثلت في قصة الأفعى الضخمة المسماة (اليعبوب) عدو إله الشمس المصري. 
ويحدثنا المؤرخ هيرودوت أن أفعى في بابل كانت تعبد هناك، كما أن الإله (أيا) اتخذ من الأفعى ذات الرؤوس المتعددة شعاراً له، مثلما اتخذها الإله (مردوخ) شعاراً له كذلك بعد أن أسرت إليه الأفعى ذات الرؤوس السبعة بالطوفان فقام ببناء سفينة النجاة العظيمة، وكانت هذه الأفعى هي التي جذبت حبال السفينة وربطتها إلى الشاطئ، والمعروف أن الإله (مردوخ) كان يعبد بوصفه إله النهر ذي الأفعى العظيمة بحسب مقولة c.f.oldham وما تزال الهند من أشهر المناطق التي تحافظ على طقوس عبادة الأفعى ومعابدها منذ فجر التاريخ حتى الآن، ويقيمون لها الاحتفالات على نطاق واسع، خصوصاً في عيد يسمي (ناحابا نشامي) أو عيد الأفاعي، حيث يطلقون سراحها يومها وتعرض للبيع للجمهور، وتوجد مزارات لها تحت شجرة حيث يوضع حجر مستدير يحج الناس إليه حاملين القرابين والأضاحي والزهور والمشاعل المضيئة، وقاتل أفعى الكوبرا في الهند عقوبته الإصابة بالعقْم، أو تعريضه للدغتها ونهشه بأنيابها وإصابته بسمومها!
ومنذ زمن بعيد قدس الإغريق الأفعى، ويقال إن الملك سيكروس أول ملوك أثينا كان على هيئة نصف رجل ونصف أفعى كما يقول: edith hamilton.. ومن عادات قبيلة الأماكسوما في غينيا الجديدة أن تقام طقوس التطهير لقاتل الأفعى؛ إذ يتحتم على قاتلها أن يرقد في ماء جار لمدة عدة أسابيع، وفي هذه الأثناء لا يستطيع أي إنسان أن يؤذي حيواناً أياً كان نوعه ثم يحمل جسد الأفعى القتيل ويكفن ويدفن بجوار حظيرة مواشي. 
ويحتفظ المتحف البريطاني بتماثيل للأفاعي البرونزية وعملات حكت صورة أفعى الكوبرا على أحد وجهيها. 
الأفاعي حارسة تتقمصها روح الأجداد 
تشتمل العقيدة الروحية على جانبين أساسيين يكمل أحدهما الآخر: 
الجانب الأول: يتعلق بقدرة الروح على الانفصال عن الجسد في حالة الحياة وبعد الموت. 
والجانب الثاني: يتعلق بامتلاك الأشباح والكائنات الأخرى لقدرة روحانية خاصة بحيث يصبح لها تأثير خاص في حياة الإنسان.
لا غرو بعد ذلك أن تقوم علاقة الإنسان بهذه الكائنات على تقديسها والسعي لكسب رضاها، شأنها في ذلك شأن علاقته بالظواهر الكونية التي لها تأثير مباشر في حياته. 
ها هم البدائيون المتوحشون يتحدثون إلى الحيوانات الحية والميتة في وقار ويؤدون لها واجبات التقديس والتبجيل ويطلبون العفو منها عندما تقضي الضرورة بصيدها أو قتلها، لاعتقادهم بأنها تتقمصها روح ما؛ هي روح الأجداد. 
ومن الأمثلة الدالة في هذا المجال أن قبائل (الثاكلو) في المكسيك يتصورون أن أرواح الأشراف تتقمص بعد الموت الطيور الفخمة، في حين تحل أرواح العوام في الحشرات.. 
كذلك تتصور بعض قبائل وسط أفريقيا أن روح الرجل الصالح تمنح الحياة، أما روح الرجل الشرير فتمنحها للأفاعي، وفي مالاجاش ينظر للأفاعي بوصفها مخلوقات تتقمصها روح الأجداد.. ولذلك فهي مخلوقات تثير الشفقة والعطف.
وفي جنوب أمريكا اعتقد الناس قديماً أنهم ينحدرون من سلالة الأفاعي، أيضاً نجد في منطقة شاسعة من أوروبا الأفاعي تحظى باحترام كبير بزعم أنها من الممكن أن تكون امتداداً لعبادة الأجداد!
ويعتقد الساميون اعتقاداً مشابهاً في حلول الأرواح في أجساد الحيوانات والطيور.. وتصور الروح في شكل الطير أو الحيوان لا يختص بالعرب وحدهم، بل شاركهم في ذلك كثير من الشعوب البدائية.. وقد اعتقد قدماء المصريين أن الجن والأرواح تتجسد في أجساد الحيوانات؛ فقد تجسد الإله (بتاح) في العجل أبيس، والإله (أوزوريس) في جسد تيس، والإله (باستت) في هيئة قطة، والإله (ست) في صورة حمار وخنزير أفعى، وفي أحد النصوص الفرعونية التي ترجع إلى عهد الدولة الحديثة يقولون إن أرواح كل الآلهة تسكن أجساد الحيات، وأن الحية هي الصورة الأرضية للإله الأكبر (أتوم) كما يقول الدكتور محمد الجوهري في كتابه (علم الفلكلور) وقد انتشرت الأفاعي المقدسة في مصر إلى درجة أنها في العصور القديمة أصبح اسم كل إله يخصص برسم أفعى، مثل الصقر الذي اعتبر مخصوصاً بكلمة الإله في الكتابة المصرية القديمة، بل أكثر من هذا صورت الإلهة الصغيرة الطيبة (إلهة الحصاد) على شكل أفعى!
وكانت الفتيات يعلقن في رقابهن ما يعرف برقية (أبو فيس) المعبود، وهو أفعى الكوبرا الضخم، كذلك كانت توضع تماثيل هذا الإله في البيوت لحمايتها.. وبصفة عامة عبد المصريون الأفعى السام الكوبرا في شكلين: الأول في صورة الإلهة بوتو حامية ملك مصر، والثاني هو الصل حامي إله الشمس وزميله.
ثم بعد ذلك أصبحت العادة تحتم أن يحتوي كل معبد نموذجاً حياً من هذه الأفاعي، وتشتهر الأفاعي بوصفها حارسة الآبار وعيون المياه.. وكانت الأفعى التي سرقت أخشاب الخلود من جلجامش تقيم بجوار نبع ماء وتقوم بحراسته، كذلك كانت الأفعى هي التي تقوم بحراسة النهر والمستنقعات في الحضارة البابلية القديمة.. ومن هنا فقد كان الإله (أيا) الذي اتخذ من الأفعى ذات الرؤوس المتعددة رمزاً له يسمى إله النهر ذي الأفعى العظيمة، ولقد كان التنين (الهيدرا) الذي قتله هرقل يقوم بحراسة مستنقع ليرنا وعين المياه التي قاتله هرقل بجوارها، ولقد كان الهيدرا يسمى حارس المياه.. وفي هذا السياق أيضاً نجد الأفعى الضخمة التي كانت تحرس بئر زمزم، وتلك التي كانت تشرف على جدران الكعبة إذا اقترب منها مَنْ أراد إلحاق الأذى بها.
وتحدثنا الأساطير عن الأفعى التي ترتدي تاجاً من المجوهرات، وهو تاج ثمين لا يمكن إلا لشخص مغامر قوي أن يستولي عليه. 
وفي الهند وماليزيا وإندونيسيا تنتشر الحكايات التي تقول بامتلاك الأفاعي للحجر السحري الذي ينير لها الطريق، ومن خصائص هذا الحجر أنه يقتل كل مَنْ يحاول لمسه عنوة، وإذا وضع بعد تلاوة تعاويذ معينة عليه فوق شخص نهشته الحية، فإنه يمتص السم من جسم المصاب، ولابد للحصول عليه من الإعداد الجيد للسيطرة على الحية وهزها بعنف لاستخراجه منها. 
وكما كانت الأفعى تقوم بحراسة الإنسان وممتلكاته كانت تدافع كذلك عن القيم الإيجابية للجماعة وتطارد الخارجين على ناموس الجماعة والكون بوصفهم ممثلين للدنس، ومن ثم يصبحون في نظر هذه الجماعة مرادفين للأرواح الشريرة التي لابد من اتقاء شرها.
وقد زخرفت قصص ليالي ألف ليلة وليلة بقصص الحيات التي تجسدت فيها الملائكة أو الجان، وكانت الأفعى هي التي تقوم بحراسة بئر زمزم وتمنع عنه المعتدين وهي التي تصدت كذلك للذود عن مكة المكرمة، ويروي الثعالبي في كتابه (قصص الأنبياء المسماة بعرائس المجالس) عن تلك الحية الرهيبة التي كانت تهم بالوقوف على ذنبها في أعلى حائط بالكعبة الشريفة، كلما رأت قوة معادية لقريش تريد هدم البيت الحرام، أو كلما رأت قريش ضرورة هدمه لتجديده، ولم تتمكن قريش من هدمه لتجديده إلا بعد أن خطف الحية نسر وطار بها.
ويبدو أن خيال العربي لم ينظر للأفعى بوصفها حارسة في عالمه الأرضي المادي، وإنما امتد هذا الدور ليؤدي نفس الوظيفة في عالم مفارق هو عالم الغيبيات.
هذا هو الاعتقاد الخاص بالأفعى الحارسة، وهو اعتقاد ينشأ أساساً من الربط بين الأفاعي والجن والأرواح الطيبة أو (المؤمنة)، أما الحية الشريرة التي يتقمصها الجن الشرير فلنا فيها حديث آخر. 
الأفعى الشريرة وصراع الشر
تحتفظ أساطير الشعوب القديمة بكثير من الشواهد التي تدل صراحة على أن الأرواح الشريرة والشياطين تسكن الأفاعي.. فالأساطير القديمة تحكي عن صراع إله السماء والنور مع تنين المحيط المخيف المسمى باليعبوب عدو إله الشمس المصري، كما توضح لنا النقوش الفرعونية على جدران المعابد المصرية صورة اليعبوب وهو مقيد بالسلاسل المعدنية، وقد رقدت الإلهة النوبية سلكت عند رأسه، وقد فسر المصريون منذ القدم الصراع بين النور والظلام أو بين إله الشمس وعدوه الرهيب (الأفعى) بوصفه ظاهرة يومية يلقى فيها هذا الوحش في الماء عندما تغرق في المحيط، حيث ترفع الأفعى الضخمة نفسها مانعة أشعة الشمس من الظهور، ولكن في الصباح يتم تقطيع أجزائها إرباً، وتبدو الشمس منتصرة لأنها قتلت الأفعى العظيمة.
وتوضح النقوش القديمة هذا الصراع بتصوير الإله القط (باستت) وهو يقتل الأفعى في الصباح تحت أقدام شجرة السماء، وتعود هذه المعركة نفسها في أثناء النهار عندما تهب العاصفة فتحجب وجه السماء... ولهذا فإن أسطورة الثعبان وصراعه مع إله الشمس (رع) تظهر بالمثل في قصة صراع (حورس) الإله مع (ست) إله الشر، وشيئاً فشيئاً أصبحت الأفعى تشير إلى إله الشر ست نفسه، إذ يتمثل في أحد أشكاله بوصفه أفعى مائية متوحشة، وأصبح الخلط بين ست إله الشر القديم والأسطورة الأخيرة للأفعى كاملاً. 
وتعتقد بعض العشائر الأسترالية والداهومية والفارسية القديمة أن الأفعى هي (قوس قزح) وأن المكان الذي يلتقي فيه قوس قزح مع الأرض لا يصلح للحياة فيه، ولا تفلح محاولات زراعته أو تعميره؛ إذ إنه يكون محلا للأرواح الشريرة!
وقد عرف العرب الأرواح الخبيثة، ومنها الجن والشياطين واعتبروها في الغالب مصدراً للأعمال الشريرة كافة؛ فهي المسؤولة عن كل الظواهر الطبيعية والإنسانية التي تشذ عن السياق الطبيعي المألوف، وكانت الحيات (الأفاعي) هي الصورة المألوفة التي يسكنها الجن والشياطين غالباً، ولعل الصورة الأكثر انتشاراً في الحضارة السامية القديمة للأفعى التي تسكنها الروح الشريرة أو الشيطان هي الأفعى التي تسببت في طرد آدم من الجنة بعد أن أغوت حواء وآدم وأغرتهما بالأكل من الشجرة المحرمة.
ويروى أن الأفعى هي الوحيدة من بين الكائنات التي لدغت أبا بكر الصديق (رضي الله عنه) في غار حراء حينما لجأ إلى الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة إلى المدينة، وذلك في نفس الوقت الذي بنى فيه العنكبوت بيته على الغار، وأقام الحمام مسكناً له فوقه إمعاناً في تضليل كفار مكة المكرمة.
إن سيرة الأفعى مع الشر طويلة؛ فهي تبدأ بالتباسها بالأرواح الشريرة ثم الجن فالشياطين وهم أحد فئات الجن الشرير.
ويبدو أن الأصل في نظرة الإنسان إلى الأفعى هو الشر أو الأفعى الحارسة، فقد تكون هي والخيرة بعض فئات الجن المؤمن؛ أو هي الوجه المقابل للوجه الشرير، وقد سخر بالسحر أو بأمر الآلهة لحماية الإنسان أو المقدسات.. وعموماً فإن الأفعى يتمثل فيها كلا الجانبين: الخير والشر معاً، وهو أمر يخرج بما قيل فيها من قصص إلى عالم الوجود في غالب الأمر، وهو وجود يحتمل الشيء ونقيضه.
ذو صلة
التعليقات