توحيد المصطلحات العربية ضالّة الترجمة العربية المتخصّصة
محمد سنوسي
(الجزائر)
المــــلــخــــص:
توحيد المصطلحات العربية ضالّة الترجمة العربية المتخصّصة
عرفت البشرية التطور على مر العصور، وتيسرت لها وسائل المعرفة مما مكّن الإنسان من تطوير العلوم على اختلافها وتقاطعها وبذلك مشى الإنسان نحو ما يعرف بالتخصص بخطى ثابتة، فنحن نحصي اليوم المئات من التخصصات في شتى المجالات، والتخصص في العلم أدى بالضرورة إلى التخصص في اللغة كونها الوسيلة التي يعبر بها الإنسان عن أفكاره وينقلها للآخر، سواء كان متخصصا أم من العموم. هذا ما أدى إلى ظهور لغات التخصص (Les langues de spécialité) التي ترتكز بدورها أساسا على مصطلحات مجال التخصص.
وباعتبار الترجمة جسرا يقرب بين مختلف الشعوب والفئات التي تتفاعل فيما بينها من أجل تبادل الخبرات والمعارف إضافة إلى التواصل مع بعضها البعض في شتى المجالات والتخصصات، انتقلت بدورها من مجرد عملية لنقل النصوص بين اللغات إلى علم قائم بذاته يحمل جميع المقومات النظرية والتطبيقية والبيداغوجية. فشهدت بدورها التخصص وبروز ما يدعى الترجمة المتخصصة (La traduction spécialisée) التي تشتغل في حقل لغات التخصص.
وبما أن المصطلح (Le terme) يشغل حيزا كبيرا في الترجمة المتخصصة، قد يجد المترجم العربي نفسه أمام مشكلة التعدد المصطلحي في الوطن العربي والذي يولّد صعوبة في نقل المكافئات إلى اللغة العربية كما أنه يطرح مشكلة الدقّة في الترجمة المتخصصة. هذا ما يدعو الهيئات والمؤسسات القائمة على اللغة العربية في الوطن العربي إلى ضرورة توحيد المصطلحات La normalisation terminologique في جميع الميادين والمجالات العلمية وخاصة التقنية.
فما هو الدور الذي قد يلعبه توحيد المصطلحات العربية في الدفع بعجلة الترجمة المتخصصة العربية وتسهيل مهمة المترجم العربي المتخصص؟
سنحاول من خلال هذا البحث الإجابة على هذه الإشكالية بعرض حال لواقع التوحيد في الوطن العربي، ثم نمر إلى ذكر بعض المشاكل والتحديات التي تواجهها الترجمة المتخصصة في ظل هذا الواقع مع عرض بعض النماذج التطبيقية، لنختم بعد ذلك بتحديد الآفاق واقتراح بعض والحلول إن وجدت.