تعايش وتمازج
مقبرة الجنود البريطانيين في "البارهوس" في حي المعلا، تجاورها كنيسة صغيرة لا يرتادها أحد على الأرجح، وهي مغلقة على الدوام بحسب سكان الحي الذي تقع فيه.
أما الكنيسة الملاصقة تماما لمسجد أبان الشهير وسط عدن، فلا يفصل بينها وبين المسجد سوى عدة أمتار في تكرار للمشهد ذاته  في بقية كنائس عدن، حيث تجاور كل منها مسجدا في دلالة على تفرد المدينة بالتسامح الديني والعرقي الذي امتازت به دون غيرها .
 كاميرا "العربي" حاولت الدخول إلى إحدى الكنائس الأربع في عدن، ولقاء القائمين عليها، غير أن الخوف والهلع الذي أحدثه الهجوم الأخير على دار للمسنين في حي الشيخ عثمان وأودى بحياة 17شخصا بينهم 4 عاملات من الجنسية الهندية، حال دون تمكننا من الحديث مع رهبانها وقساوستها.

قيل لنا من وراء الجدر بأن الخوف عائد للوضع الأمني غير مستقر حتى الآن في عدن، على الرغم من حالة الهدوء النسبي الذي تسود المدينة منذ أحداث المنصورة قبل أيام .
لم يسمح لنا بالتصوير أو الحديث مع القائمين على تلك الدور، تفهمنا الأمر، ورجعنا قافلين الى بقية الكنائس في عدن علنا نجد فيها من يتمكن من الحديث معنا.

تاريخ مسيحيي اليمن
من القبائل اليمنية الشهيرة التي اعتنقت المسيحية في اليمن بداية القرن الرابع، قبيلة الغساسنة وقبيلة الحارث بن كعب الذي آمن بالمسيح ودافع عن إيمانه بشدة بوجه الجماعات التي كانت تضطهد المسيحيين في الجزيرة العربية سواء من اليهود أو من الوثنيين.
وقبل أن يموت أوصى الحارث بن كعب بأن يعود قسم كبير من ممتلكاته إلى الكنيسة من أجل استخدامها في نشر الإيمان المسيحي.
كما اعتنقت المسيحية جماعات يمينية أخرى، ومنها قبيلة الفرسانيون التي كانت تقطن مدينة المخا، وقبيلة بني الصدف وقبيلة بني الحارث بن عمر الذين كانوا يسكنون حضرموت.
بالرغم من معاناة المؤمنين بالمسيح في اليمن، إلا أن الإنتشار المسيحي عرف ازدهارا ملموساً خلال سيطرة الأحباش أو الإثيوبيين على اليمن، الذين اهتموا ببناء الكنائس الكبيرة والأديرة في مختلف المدن اليمنية كصنعاء وعدن ،وفي بعض الجزر كجزيرة الفرسانيين التي قطنتها قبيلة بني تغلب المسيحية. وكانت مدينة نجران الأكثر أهمية كمرجع كنسي للمسيحيين في اليمن.
ومنذ سيطرة الفرس على اليمن حتى ظهور الإسلام وانتشاره بدأت المسيحية بالانحسار.

حال المسيحيين اليوم
ترجح بعض المصادر أن أقلية يمنية تعود في أصولها إلى العرق الهندي قطنت اليمن منذ مئات السنين، ما زالت تعتنق الإيمان المسيحي ولكنها لا تتمتع بالحقوق الوطنية والشخصية التي يكفلها الدستور، ما خلا حق الإنتخاب وممارسة شعائرها الدينية داخل دور عبادة مخصصة لها.
وفيما يخص الشعائر الدينية وأماكن العبادة، توجد في مدينة التواهي بعدن الكنيسة الكاثوليكية(الأنجليكانية) أو كنيسة المسيح، وهي كنيسة قديمة يعود بناؤها إلى خمسينيات القرن العشرين إبان الوجود البريطاني في عدن. وتتبع هذه الكنيسة المجمع الكنسي في لارنكا بقبرص، لكنها ومنذ إعادة افتتاحها عام 1995 ماتزال تدار مؤقتاً من قبل الإدارة "الإنجليكانية " في دبي بدولة الإمارات، ويوجد في الكنيسة مركز طبي كنسي ملحق بها يقدم الخدمات الصحية للسكان المحليين.

وحتى فترة قريبة ظلت الكنيسة المعمدانية في مدينة "كريتر" بعدن أكبر الكنائس، ولكنها ألغيت وتحول مبناها إلى منشأة حكومية. كما توجد في المعلا بعدن مقبرة نصرانية تضم رفات كثير من المسيحيين وتشرف كنيسة المسيح بالتواهي على هذه المقبرة. وتخلو المحافظات الشمالية من أية كنيسة، لكن الأجانب المسيحيين يقيمون صلواتهم يوم الأحد بانتظام في بيوت خاصة.
وبوجه عام فالنصارى اليمنيون يمنعون من القيام بحملات التبشير. وتشير بعض المصادر، في هذا السياق، إلى تعرض الرسائل الخاصة برجال الدين المسيحيين للمراقبة بانتظام، قبل الحرب الأخيرة. وقد تعرضت كنيسة المسيح لعملية تفجير بعبوة ناسفة في الأول من شهر يناير 2001، على يد أشخاص محسوبين على جماعات جهادية، أحدثت أضرارا مادية في مرافق الكنيسة .
التعليقات