العمل النقابي في فلسطين ما بين النجاح والاخفاق بقلم:أ. مؤيد عامر
تاريخ النشر : 2017-02-07
العمل النقابي في فلسطين ما بين النجاح والاخفاق.
بقلم ا مؤيد عامر
أ‌. تنمية مستدامه
كان العمل النقابي التعاوني في فلسطين ما بين افراد المجتمع, موجود ما قبل تاسيس ما يسمى بالجمعيات التعاونية او العمل النقابي الذي ظهر ما بعد الثورة الصناعية في اوروبا , حيث كان هذا العمل قائم على اساس ما يسمى في حينه (العونة او الفزعة ) اي ما قبل ايجاد المسميات الجديده مثل التكافل الاجتماعي والتعاون الاجتماعي والعمل النقابي ولكن بشكل مختلف .
ان الشعب الفلسطيني العظيم ليس ككل الشعوب فمذ نشاته وحتى اللحظة مورس بحقه كل انواع الاضطهاد والظلم وبكل اشكاله عبر أستعمار أرضه تاره والوصاية تارة اخرى والاحتلال الاستيطاني الكولينيالي التوسعي تارة اخرى ,والذي ما زال قائما حتى يومنا هذا. لقد كان دافعا اساسيا لايجاد اي شكل من اشكال التعاون والتكامل والتكافل لسد الفجوة الكبيرة الناتجه عن تغيب دور كل من الاحزاب والحكومات التي كانت في حينه لا تستطيع الاعلان عن نفسها او تبني اي عمل اجتماعي تعاوني وخاصة اتجاه عائلات الشهداء والمعتقلين والجرحى .
ان التنظيم النقابي الفعلي قد بدأ في عام 1920، وتبلور عام 1925، حيث تشكلت جمعية العمال العرب الفلسطينية، وارتبط ميلاد الحركة النقابية الفلسطينية الرسمية ارتباطا مع واقع الصراع مع المشروع الصهيوني.
وقد استفادت الحركة النقابية الفلسطينية من قانون الجمعيات العثماني الذي كان معمولاً به، والذي يسمح لثمانية أشخاص فأكثر أن يؤلفوا فيما بينهم جمعية لرعاية مصالح الأعضاء المنتسبين إليها، ورفع مستواهم مادياً وثقافياً واجتماعياً. وكان القانون يشترط أن ينص دستور الجمعية "ألا تتدخل في الشؤون السياسية والدينية".
وقد اخذت على عاتقها الحركة النقابية الفلسطينية القيام بدور مهم في حماية العمال والدفاع عن مطالبهم الاقتصادية،في ظل ما سمي في حينه العمالة الفلسطينية داخل الخط الاخضر وخاصة العمل في مجال الزراعة والبنيان وبعض المصانع في اسرائيل , ووجود اجحاف بحق العمال الفلسطينيين مقابل العمال اليهود , وناضلت من أجل تشريعات خاصة بحماية العمال، وكذلك نهضت بدور آخر في الصراع مع الغزو الصهيوني عبر المشاركة الفاعلة في انتفاضات وثورات الحركة النقابية الفلسطينية حتى عام النكبة 1948. وكان نشاط الحركة النقابية الفلسطينية وراء التشريعات المتعلقة بالعمال والتي صدرت عام 1927..
إعلان تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية
في 28/مايو 1964تم عقد اول اجتماع من اجل الاعلان عن تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية ,وعقد المؤتمر في 28/ مايو 1964 في القدس وبحضور عربي كبير وتم اعلان نشأة منظمة التحرير الفلسطيني وتشكيل اول مجلس وطني ضمن في عضويته ما يقارب 419 عضوا ,وقد أكدت المنظمة منذ إنشائها عام 1964، أهمية التنظيم النقابي، وحاولت بقيادة رئيسها آنذاك، أحمد الشقيري، تطبيق خطة للتنظيم الشعبي تُفتح بموجبها مكاتب سياسية في المدن ذات الكثافة السكانية الفلسطينية، في مختلف أنحاء العالم العربي. وأقر المجلس الوطني في دورته الثانية المنعقدة في القاهرة من 31 مايو/أيار، إلى 4 يونيو/حزيران 1965، قانوناً لتنظيم شعبي يشكل الأداة القادرة على حشد الفلسطينيين بكلّ طاقاتهم وكفاءاتهم لتحرير فلسطين. وهو ليس بحزب؛ وإنما وعاء، يضم قوى الشعب الفلسطيني العاملة، ليكون المنطلق الصحيح للعمل الجاد في سبيل تحرير فلسطين.
ومن ذاك اليوم تم انشاء العديد من الاتحادات ومنها
1- الاتحاد العام للمراة الفلسطينية والذي تم انشأؤه بعد اكثر من محاوله في عام 1968 وكان يهدف الى تنظيم المراة الفلسطينية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية في حينه وتمثيلها في جميع مؤسساتها وايضا العمل على توعيتها وتقديم الدعم لها كونها تشكل رافعه اساسية للعمل النضالي والاجتماعي الفلسطيني .
2- الاتحاد العام لعمال فلسطين والذي تاسس في عام 1963 , وكان يهدف الى تنظيم عمال فلسطين والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم وتمثيلهم في مختلف المجالات العمالية وتم انضمامه الى مؤسسات منظمة التحرير في عام 1964 وتم تمثيله في المجلس الوطني 18 عضوا وعضو واحد في المجلس المركزي الفلسطيني وقد مارس العديد من النشاطات العمالية واقام العديد من الندوات والورشات التي توضح ماهية العماله الفلسطينية ومدى الظلم الواقع عليها من قبل الاحتلال وايضا مدى التمييز في تلقي الاجور والتعويضات والتامين وكان لها دور فاعل في كشف تلك الممارسات .
3- الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين تم تاسيسه عام 1966 ضمن خطة منظمة التحرير لانشاء اتحادات شعبية وكان يهدف الى توعية الشعب الفلسطيني بقضيته العادله وايضا توعية الشعوب العربية والعالمية اتجاه قضيتنا العادله , وقد قدم العديد من المنح الدراسية والعلاجيه لابناء شعبنا وعمل على ايصال رساله ادبية ثقافية علمية وفنية للعالم .
4- الاتحاد العام للمعلمين تاسس في عام 1969 وكان يهدف الى تقديم الدعم المالي والمعنوي والسياسي لاعضائه , والدفاع عن حقوقهم وخاص المعلمين العاملين في وكالة الغوث ( الاونوروا)في حينه ومن ثم وبعد انشاء السلطة الوطنية في عام 1994 اصبح الاتحاد يقوم على الدفاع عن حقوق المعلمين وانصافهم مع باقي الموظفين العاملين في مؤسساتها .
5- الاتحاد العام للفنانين التشكيليين تاسس عام 1978
6- الاتحاد العام للفنانين التعبيريين تاسس عام 1984
7- الاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين تاسس عام 1989
8- الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين تاسس تاسس عام 1971
9- الاتحاد العام للاطباء والصيادلة الفلسطينيين تاسس عام 1968
10- الاتحاد العام للمهندسيين تاسس عام 1973
11- الاتحاد العام للفلاحين التعاونيين الزراعيين الفلسطينيين تاسس عام 1975
12- المجلس الاعلى للشباب والرياضة تاسس عام 1974
ومن هنا نرى ان عمل هذه الاتحادات لها ما لها وعليها ما عليها , كونها لعت دورا مهما واساسيا في الكثير من مراحل الثورة الفلسطينية يمكن اجمال تلك الايجابيات والسلبيات بما يلي :
*ان خصوصية الثورة الفلسطينية انعكست على التنظيمات الشعبية؛ إذ إن نشأتها في الشتات في ظروف سياسية مختلفة من دولة عربية إلى أخرى، جعلتها عرضة للتدخلات في أنشطتها، ولم يسمح لها بممارسة دورها إلا في بعض تلك الدول. كما تعرضت التنظيمات النقابية لصعوبات أخرى.
*تركُّز مفهوم دور المنظمات الجماهيرية في العمل السياسي، مما جعل معظم الاتحادات الفلسطينية تقديم القضية السياسية على القضية النقابية والمهنية، لكون هذه الاتحادات قاعدة من قواعد المنظمة، تلتزم التزاماً كاملاً بقيادتها، وبرنامجها السياسي، وميثاقها الوطني.
*هذا الامر انعكس على اداء تلك الاتحادات اتجاه اعضائها الاصليين هذا عدى عن وجود اكثر من اتحاد يحمل نفس المواصفات والاهداف ولكن كل اتحاد تابع لفصيل سياسي معين يخدم فقط اعضاء ذاك الحزب واهدافه وبرامجه .
* ممارسة النظام الانتخابي لهذه التنظيمات بمبدأ الأكثرية، لعب دورا كبيرا في تشكيل تلك الاتحادات وايجاد قيادتها بما يتلاءم مع اهداف تلك الاحزاب ورؤيتها لكيفية عملها , فالكتلة النقابية التي تحظى بأغلبية الأصوات تحتكر مقاعد الهيئة الإدارية أو القيادية كافة، ما يتيح للقوة السياسية الأكبر أن تأخذ أكثر من نصف المقاعد، وتوزع الباقي على الفصائل الأخرى من دون النظر إلى حجمها النقابي, وقد أسفر ذلك عن ارتباط معظم قيادات تلك التنظيمات بالقيادات السياسية للفصائل المهيمنة؛ ما جعل هرمها القيادي يلتفت عن مصالحها إلى مصالح الفصائل، وحال دون النمو والتطور في حركتها المطلوبة لاستقطاب الطاقات والإبداعات لأبناء المهنة الواحدة .
والقصور في الطابع الجماهيري للاتحادات؛ فبعض فروعها لا تضم في عضويتها سوى نسب ضئيلة لا تمثِّل واقع قطاعاتها، ومعظم قواعدها لا تمارس دورها الانتخابي، أو لا تحضر المؤتمرات العامة، وهي روح سلبية تعكس ضعف البنية التنظيمية.
*وكذلك نقص معلومات الاتحادات وإحصاءاتها لقواعدها الشعبية، ما أفقدها كثيراً من ضرورات العمل الناجح.
إلى جانب افتقار التنظيمات إلى الكوادر النقابية المؤهلة والمتمرسة بالعمل الجماهيري وتقاليده النقابية؛ لحداثة تلك التنظيمات، والافتقار إلى وجود لجان متخصصة لتنظيم أعمالها وتوجيهها، وإعداد الدراسات الخاصة بأعمال المؤتمرات التي تشارك فيها.
*وفقدان الاستقلالية المالية للاتحادات، وعدم حصولها على موازنات مالية مستقلة أو كافية من الصندوق القومي الفلسطيني، ما يحول دون تَمَكُّنها من تأدية دورها بفاعلية.
*وأدى أيضاً انعكاس الانشقاقات في الساحة الفلسطينية على أوضاع الاتحادات، مثلما حدث في أعقاب عام 1974، وطرح الاتجاه نحو التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، وكذلك في أعقاب الانشقاقات عام 1983.
*وكذلك عدم الاستغلال الكامل للإمكانات المتاحة والأدوار المهمة التي يمكن أن تؤديها الاتحادات بصفتها أدوات وقنوات اتصال مع مختلف أنحاء العالم، وتعبئة الرأي العام العالمي، وحشده لمناصرة القضية الفلسطينية.
أزمة العمل النقابي.
ومن هنا نجد ان أزمة العمل النقابي الفلسطيني لم تكن وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكمات سابقه بني عليها ولم تكن انشاء مؤسسات السلطة الفلسطينية وما نتج عنه من خلط للاوراق على تلك الاتحادات بدايه لها, بل ان الاشكال جاء نتيجة عدم ايجاد قانون للعمل النقابي هذا اولا وايضاعدم القدرة ( الرغبة ) لدى اصحاب القرارعلى فصل عمل تلك الاتحادات والنقابة تحت ذريعة وجودنا تحت الاحتلال والحاجة الى بقاء تلك الاتحادات والنقابات بيدهم .
ان دخول السلطة وتشكيل مؤسساتها شكّل محطة مفصلية في العمل النقابي الفلسطيني؛ حيث أحدث شرخاً واضحاً، وقد بذلت جهود من أجل إعادة بناء وتوحيد الاتحادات الشعبية والنقابات المهنية الفلسطينية. وطرحت تصورات ومشاريع قوانين وآليات كمدخل لإعادة بنائها وتوحيدها، بما يعزز دورها الوطني اتجاه قضيته العادلة العامه وايضا دورها اتجاه اعضائه وحقه في التعبير عن حقوق ومصالح وتطلعات الشرائح الاجتماعية والفئات المهنية التي تمثلها.
ومما لا شك فيه أن أزمات العمل النقابي الفلسطيني قد تعددت وتنوعت،
وخاصة الخلط بين الحزبية والعمل النقابي؛ حيث لا يدرك أي حزب أو حركة -مهما بلغت أغلبية ذلك الحزب أو الحركة في الأطر النقابية- أن هناك فارقاً كبيراً وأساسياً بين أن يستفيد الحزب من كوادر النقابة من أجل استمالة موقفها إلى توجهات الحزب عبر نضال ديمقراطي منضبط ومحكوم للنظام واللوائح النقابية الداخلية، وبين أن يستفيد الحزب من حشد الأغلبية بهدف السيطرة وإصدار التعليمات التي تتجاهل –بصورة كلية أحياناً- طبيعة العمل النقابي وأهدافه ونظمه وخصائصه ومهماته الخاصة، بما يؤدي إلى إلغاء الشخصية المميزة والاستقلالية التي يجب أن يتمتع بها العمل النقابي في كل الأحوال والظروف.
لقد قادت هذه العلاقة القائمة على السيطرة، ذات الطابع الذاتي، إلى إضعاف الممارسة الديمقراطية والتعددية في صفوف الأطر النقابية، وتقليص عضويتها، ومن ثم إفقادها تأثيرها السياسي وزخمها الجماهيري في الوقت ذاته.
كل هذه الاسباب وغيرها تقف اليوم امام تطور العمل النقابي في فلسطين , والاهم من ذلك كله هو عدم وجود قانون للعمل النقابي الفلسطيني يمكن من ايجاد نقابات فاعله تاخذ على عاتقها القيام بمهامها النقابيه اتجاه اعضائها وقضيتها العادلة المرهونه حتى اللحظة بيد هذا او ذاك ومن اجل مطامح شخصية لا تمت للعمل النقابي بصله .