قصص وأخبار جرت في عمان‏

- أبو سليمان محمد بن عامر المعولي الأفوي بیشتر...
322 /
201

صحار نهار تسع عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر [خمس و عشرين بعد الألف‏] (675)، فاستقام بينهما القتال من أول النهار إلى [144] الليل، و انفصل القتال.

ثم بعد ذلك بيوم أو بيومين هبطت النصارى من المراكب بما عندهم من آلة الحرب، و كانوا يجرون قطع القطن قدامهم ليتلقوا بها ضرب البنادق. و كان عندهم مدافع تسير على عجل من الخشب في البر، و عليها ستور من خشب. و كان في جانب الدار برج محمد بن مهنا و فيه عسكر كثير، فجرت عليها النصارى القطن و ضربوه بمدافع حتى أنهدم البعض منه، و خرج القوم منه، و دخلت النصارى. فعلم محمد بن مهنا بذلك، فندب قومه، فوقع بينهم القتال على البرج بالليل، فقتل عند ذلك علي بن ذهل، و قتل محمد بن مهنا الهديفي [ليلة أحد عشر من ربيع الأخر سنة خمس و عشرين بعد الألف‏] (676). و أقام بعد ذلك [145] سلطان بن حمير بن محمد بن حافظ النبهاني و أخوه كهلان بن حمير و بنو عمه مهنا بن محمد بن حافظ و عسكرهم في الحصن بعد ما قتل محمد بن مهنا الهديفي. فلما علم الأمير عمير بن حمير أن سيد القوم قد ندب قومه إلى القتال و كان القتال بينهم في النخل.

ثم طلع عمير بن حمير بمن معه من تلقاء [جامع‏] (677) البلد فلم يمنعه أحد، فقتل عند ذلك سلطان بن حمير، فانكسر القوم،

____________

(675) الزيادة بين معكوفتين [...] من الأزكوي، كشف الغمة، ص: 341

(676) الزيادة بين معكوفتين [...] من الأزكوي، كشف الغمة، ص: 342

(677) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (ت: 2)

202

فصاروا شتاتا متفرقين. فمنهم من قتل، و منهم من أحرق، و منهم من أسر و منهم من رجع و منهم من خرج ذاهبا على وجهه، لا يدري أين يتوجه و إلى أين يذهب. و على هذا جميع أهل البلد باجمعها من أولها إلى أخرها. و أقام [النصارى‏] في حصن صحار، و رجع الأمير عمير إلى بلدة سمائل مسرورا.

وفاة مخزوم بن فلاح‏

و كان مخزوم بن فلاح متوليا على حصن ينقل، و قبض منهم رجلين، و أمر عبدا له ليقتل واحد منهم، فسل عليه السيف ليضربه فاستجار به فلم يجره، فضربه ضربة واحدة، ثم عاد ليضربه الثانية، فاستجار به فلم يجره، فلما أراد أن يضربه ضربة ثالثة استجار به ثالثة فأهوى عليه ليمسك فيه، و العبد قد أهوى إليه بالسيف فضرب به‏ (678) مخزرم، و أقام ستة أيام بجراحه، و مات منه.

و أما الرجل فإنه سحبه العبد يظنه ميتا و به رمق الحياة، فمر به رجل من أهل البلد، فقال: من يعينني على مواراة هذا الرجل، فنطق الجريح، فقال:" إنني حي"، فحمله على كتفه، و أدخله [147] البيت، و عوفي من جراحه، و عاش بعد ذلك زمانا،" وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ".* و كان هذا بعد أن دخلت صحار بثلاثة أشهر [رجب 1025 ه/ يوليو 1616 م‏].

____________

(678) في الأصل: بن مخزوم‏

203

نهاية دولة بني نبهان الأولى: (1026 ه/ 1617 م)

فلما علم نبهان [بن فلاح‏] بموت أخيه ركب من مقنيات إلى ينقل، و جعل فيها وزيرا، و رجع إلى مقنيات، و أقام في الملك بعد خروجه من بهلاء إلى الظاهرة ثلاثة أشهر. ثم إن نبهان بن فلاح خرج من مقنيات إلى ينقل، و ترك بعض عساكره في حصن مقنيات، و كانوا قد ملوه من كثرة جوره و بغيه، فعزموا على إخراجه من مقنيات. فتوجه رجل إلى الأمير عمير بن حمير و سيف بن محمد لينتصر بهما [إذ هما المنظوران بعمان و إليهما أمر الخوف و الأمان‏] (679).

فسار الأمير [عمير بن حمير و] سيف بن محمد بمن معهما من القوم، و دخل حصن مقنيات بلا [148] منع و لا قتال، و أقاموا مدة أيام، ثم ركب بعض قومهما إلى ينقل، فعلم بذلك نبهان بن فلاح، فخاف منهما نبهان على نفسه. فركب هو و أربعة من عسكره بلا زانة و قصد إلى دار أخواله الريايسة، و ذلك يوم اثنتي عشرة ليلة خلت من شهر صفر سنة ست و عشرون بعد الألف [1026 ه/ 19 فبراير 1617 م‏].

و أقام الأمير عمير بن حمير و سيف بن محمد بينقل أياما.

ثم إن عمير بن حمير وهب البلاد لأهلها، يأكلونها هنيئا مريئا، و رجع إلى مقنيات. ثم أرسل إلى أهل مقنيات فسألهم عما كان‏

____________

(679) الزيادة بين معكوفتين [...] من السيابي، عمان عبر التاريخ، ج 3، ص: 166

204

يأخذ عليهم نبهان. فقيل: انه كان يأخذ نصف غلة النخل و ربع الزرع، فاقتصر عليهم الأمير عمير بن حمير بعشر الزرع، و أما أموال السلطان لمن [149] أقام بالحصن. و جعل في الحصن عمير بن محمد بن أبي سعيد (680)، و رجع الأمير عمير و سيف إلى بهلا، ثم إن نبهان بن فلاح أخذ جنودا من أخواله آل الريس، و وصل بهم إلى الظاهرة، و دخل فدا، و أقام فيها مدة أيام، ثم جاءه واحد ممن كان له مصاحبا من أهل ينقل من قبل، فقالوا له:

" نحن ندخلك البلد، و نثبت قدمك و نشد عضدك، و ننصرك على القوم، و نستفتح لك الحصن". فسار بقومه و دخل ينقل ليلة النصف من ربيع الآخر سنة ست و عشرين سنة بعد الألف [1026 ه/ 22 ابريل 1617 م‏]، و حكم مقابض البلاد من أولها إلى آخرها إلا الحصن، و كان فيه قبيلة من بنى علي‏ (681)، فتحصنوا و أحدق بهم نبهان، و استقام بينهم القتال، فخرج [150] رجل من أهل الحصن و مضى إلى [آل‏] (682) قطن بن قطن، و كان الأمير يومئذ ناصر بن ناصر، فركب معه محمد بن حمد بن محمد بن جفير و على بن قطن بن قطن، و قطن بن على بن هلال، و ناصر بن ناصر بن ناصر بن قطن بما عندهم من القوم و كان مسكنهم ببادية الشمال. فساروا حتى دخلوا ينقل، و استقام بينهم و بين نبهان بن فلاح القتال، و أشتد بينهم الطعن و النزال، و أرتفع‏

____________

(680) هو أخ الشيخ سيف بن محمد بن أبي سعيد الهنائي، أمير بهلا

(681) بنو علي هي قبيلة قحطانية تنسب إلى علي بن سودة بن علي بن عمرو بن عامر ماء السماء، و مفردها العلوي و أكثر سكناهم ولاية ينقل بمنطقة الظاهرة، انظر:

الخروصي، ملامح من التاريخ العماني، ص: 247

(682) في الأصل: الأمير قطن‏

205

العجاج فانكسر عسكر نبهان بن فلاح فمنهم من قتل، و منهم من طلب التسيار فسيروا، و منهم من مضى على وجهه. و بلغ الخبر إلى سيف بن محمد الهناوي، أن نبهان بن فلاح دخل ينقل، فخرج بعساكره ليقاتل نبهان بن فلاح. فلما كان [151] ببعض الطريق بلغه ما وقع على السلطان نبهان بن فلاح من الأمر الكائن‏ (683) و المقدرة الغالبة، فخرج بعسكره إلى بهلا.

(16) عصر الإمارات العمانية (1026 ه- 1034 ه)

و أما الأمير عمير بن حمير فإنه كان يومئذ يجمع الجموع لينتصر بهم السلطان مالك بن أبي العرب اليعربي على بنى الملك‏ (684)، فأمده بعساكر جمة. و كانت الدائرة على بنى الملك، و لبث سيف بن محمد الهناوى في بهلا، و آل عمير في سمائل، و مالك بن أبى العرب اليعربي في الرستاق، [و آل هلال‏] (685) و الجبور (686) في الظاهرة (687) [و أبو الحسن علي بن قطن الهلالي‏

____________

(683) في الأصل: الكاين باللياء المثناة

(684) بنو لمك قبيلة قحطانية تنسب إلى كندة بن عفير بن عدي بن الحارث، و مفردها اللمكي، و يكنون ولاية الرستاق، انظر: الخروصي، ملامح من التاريخ العماني، ص: 255

(685) من أهم أمراء آل هلال:

1. ناصر بن ناصر بن قطن و يحكم ينقل، و الغبي، و البريمي‏

2. قطن بن قطن يحكم ضنك‏

(686) يقص بالجبور هم آل قطن بن قطن الهلالي و أل محمد بن جفير بن جبر الجبري، و هم من بني عقيل بن عامر بن صعصعة، و قد انتهت دولتهم على يد البرتغاليين سنة 1521 م و قتل سلطانهم مقرن بن أجود و لجأ معظم أمراء بني جبر إلى عمان، لمزيد من المعلومات عن الجبور و دورهم في عمان انظر: حمدان، عبد اللطيف، التاريخ السياسي لإمارة الجبور في نجد و شرق الجزيرة العربية، مجلة كلية الآداب العدد 16 جامعة البصرة: 1980، ص: 81- 109؛ النابودة، حسن محمد. عمان الداخل من 1507 م- 1624 م التركيبة القبلية و السياسية، بحث منشور في أعمال ندوة مكانة الخليج العربي في التاريخ الإسلامي، جامعة الإمارات العربية المتحدة، العين:

1990 م، ص: 427- 431

(687) و المدن الساحلية تحت سيطرة البرتغاليين الذين اهتموا بهذه المواني بعد هزيمتهم و طردهم من هرمز على يد الفرس و الإنجليز في فبراير 1622 م، انظر: انرادي، روي فيريرا. يوم سقطت هرمز. ترجمة عيسى أمين. مؤسسة الأيام للصحافة و الطباعة و النشر و التوزيع، المنامة: 1996، ص: 114 و ما بعدها

206

في سمد الشان، و محمد بن جفير بن جبر الجبري في إبراء، و محمد بن محمد بن جفير بن علي بن هلال الهلالي في لوى، و بنو عزرة في إزكي، و اللغابر في منح، و ناصر الدين العجمي في جلفار] (688)، إلى أنه ظهر الإمام ناصر بن مرشد اليعربى، (رحمه اللّه). فاستفتح جميع عمان و دانت له كافة البلدان، و طهرها من البغي و العدوان و الكفر و الطغيان، و أظهر فيها العدل [152] و الإيمان، و سار في أهلها بالحق و الإحسان، إلى أن توفاه اللّه في دار رضوان، و من عليه و علينا بالمغفرة و الرضوان إنه كريم منان.

____________

(688) الزيادة بين معكوفتين [...] بتصرف من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 263

207

دولة اليعاربة

208

(17) دولة اليعاربة (1034 ه- 1162 ه)

و سنشرح ظهوره بعد أن بغى أهل عمان، بعضهم على بعض بالاغتصاب و النهب، و صار بعضهم على بعض كالذئاب، و انهمكوا في الهوان و العذاب، و لهم نفوس عالية و قلوب ضارية، و همم متطاولة منزوعة من الرحمة، و يطلبون لأنفسهم النعمة.

و سلب اللّه منهم النعمة حتى أيدهم بالإمام المشدد الهمام المجمد ناصر بن مرشد.

(1) ناصر بن مرشد اليعربي (1034 ه- 1059 ه)

[هو المؤيد ناصر بن مرشد بن مالك بن أبي العرب من ولد نصر بن زهران‏] (689)، و كان عند ظهوره اختلاف بين أهل الرستاق، [و وقعت‏] بينهم المحنة و الشقاق و سلطانهم يومئذ مالك بن أبى العرب اليعربى، فاستشار [153] أهل العلم أهل الاستقامة في الدين، أن ينصبوا لهم إماما يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر. فأمضوا نظرهم و جالوا فكرهم من يكون أهلا لذلك، و [القدوة] (690) يومئذ للشيخ العالم الفقيه خميس بن سعيد بن على الشقصى الرستاقي‏ (691). فأجمعت آراؤهم أن ينصبوا السيد الأجل،

____________

(689) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 3

(690) في الأصل: القدر و التصويب من نسخة مخطوطة (ت: 2) و (د) و (ل)

(691) هو الشيخ العلامة خميس بن سعيد بن علي بن مسعود بن عبد اللّه بن زياد الشقصي، كان رئيس العلماء في القرن الحادي عشر الهجري، و قامة إمامة ناصر بن مرشد على يديه، له من المؤلفات كتاب" منهج الطالبين في 24 مجلدا، و هو إلى عام 1070 ه/ 1656 م على قيد الحياة، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص:

149- 159.

209

فمضوا إليه، و طلبوا ذلك، و رغبوه في الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، فأجابهم إلى ذلك. فعقدوا عليه [في آخر شهر المحرم من شهور] (692) عام أربع و ثلاثين بعد الألف [1034 ه/ نوفمبر 1624 م‏]، و كان مسكنه قصرا من بلد الرستاق، فأظهر العدل و ذم الجهل، و عضده رجال اليحمد بأنفسهم، و أمدوه بأموالهم و ذخائرهم، و اجتمع رأيهم على أن يهجموا على القلعة ليلا [154]، و كان فيها بنو عمه بعد موت جده مالك، فستفتحها الإمام [و استفتح قلعة الرستاق ليلة 27 من شهر صفر سنة خمس و ثلاثين و ألف/ 28 نوفمبره 1625 م‏] (693).

فتح نخل: 1035 ه/ 1625 م‏ (694):

ثم توجه إلى قرية نخل، و كان فيها عمه سلطان [بن‏] أبى العرب [اليعربي‏]، فحاصره أياما، ثم استفتحها، و كانت فرقة من [أهلها غير] (695) تابعة للإمام، فظاهرت عليه الأعداء، فحصروه [أياما في الحصن‏] (696). ثم أتاه رجال اليحمد فنصروه، فبدد اللّه شمل أعدائه، و مضى إلى الرستاق بعد أن جعل فيها واليا.

____________

(692) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 22

(693) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 22

(694) البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 22

(695) في الأصل: من أهل عبري و التصويب من نسخة مخطوطة (ت: 2) و (د) و (ل)

(696) الزيادة بين معكوفتين [...] من الأزكوي، كشف الغمة، ص: 349

210

وفد أهل نزوى‏

ثم قدمت عليه رسل من نزوى يدعونه إلى ملكها فأجابهم إلى ذلك، فسار إليهم بجنده حتى نزل بشرجة صفر من سمد الكندى، و أقام ليلة فلم يفوا له بما وعدوه فرجع إلى الرستاق.

وفد بني رواحة في 1036 ه/ 1626 م‏ (697):

فأتى إليه أحمد بن سليمان الرواحى‏ (698) في جماعة [154] من بنى رواحة، و رجال من قبل مانع بن سنان العميرى‏ (699)، و أقاموا عنده مدة يدعونه إلى ملك سمائل و وادي بني رواحة فأجابهم. و سار في رجال اليحمد حتى وصل سمائل، فترك بعض قومه عند مانع بن سنان و مضى إلى وادي بنى رواحة.

فتح نزوى‏

و اتفق الرأي منه و من مانع بن سنان [العميري‏] (700) على السير إلى نزوى، فسار إليها، فصحبه القاضي خميس بن سعيد و نصرته عصبة من أهل إزكى‏ (701) بالمال و الحال و الرجال، فاحتوى على إزكى، ثم سار قاصدا نزوى، فالتقاه أهلها بالكرامة

____________

(697) البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 22

(698) في الأصل: الرويحي و التصويب من نسخة مخطوطة (ت: 2)

(699) هو مانع بن سنان بن سلطان العميري ملك سمائل تولى الملك بعد وفاة الأمير عمير بن حمير بن سلطان العميري الذي كان حيا في عام 1025 ه/ 1616 م. بايع الإمام ثم خان ففر إلى مسقط مع البرتغاليين ثم استقر في دبا و يتردد على صحار قتل بالحيلة.

(700) الزيادة بين معكوفتين [...] لاستكمال المعنى‏

(701) ورد في نسخة مخطوطة (ب) أهل نزوى‏

211

، و أدخلها في حال السلامة، و كان محله العقر (702)، فأقام فيها العدل و الإنصاف بعض الشهور. ثم اجتمعت آراء بنى [أمبو] (703) سعيد (704) و هم رؤساء العقر [156] أن يخرجوه منها.

فلما كان يوم الجمعة خرج الإمام للصلاة بالجامع، و خرجوا إلى الصلاة، فأتى الإمام من كان له محبا، فأخبره بما أضمروا، فتحقق الإمام ذلك خبرهم، و أمر بإجلائهم من البلد و نهى عن قتلهم و البطش بهم، فأخرجوا منها كرها، فتفرقوا في البلدان و التجأ جمهورهم إلى مانع بن سنان، و كان مانع قد عاهد الإمام، و حلف له على إتباع الحق، فنقض العهد، و فرقة ألتجأت إلى الهناوى‏ (705) ببهلا، و وازره على حرب الإمام، فاستقامت الحرب بين الإمام و الهناوى. و أمر الإمام بتأسيس حصن في عقر نزوى، و كان قديما، قد بناه الصلت بن مالك، فقام الإمام ببنائه.

فتح منح:

و جاء إليه أهل منح [157] يدعونه إلى إقامة العدل فيهم، فتوجه إلى منح، و افتتحها، فأظهر العدل فيها، و ظاهر أهلها بأموالهم و أنفسهم، ثم رجع إلى نزوى.

____________

(702) العقر من أهم الأحياء في سفالة نزوى حيث بها حصن نزوى و قلعتها و بها السوق و الجامع الكبير

(703) في الأصل: [بني بو سعيد] و الصواب ما أثبتناه‏

(704) بنو أمبو سعيد: قبيلة عمانية عدنانية و هم من بني نافع ينتسبون إلى سامة بن لؤي بن غالب القرشية، لهم رياسة عقر نزوي و زعامة سفالتها، انظر: السيابي، إسعاف الأعيان، ص: 23- 24

(705) يقصد بالهناوي هو سيف بن محمد بن أبي سعيد و هو زعيم لبني هناة.

212

فتح سمد الشأن:

ثم أتاه أهل سمد الشأن، و كان المالك لها على بن قطن الهلالى، فوجه الإمام جيشا. يتقدمهم الشيخ الفقيه مسعود بن رمضان‏ (706) [النبهاني‏]. فافتتحها.

فتح إبراء:

ثم أتى أهل أبراء (707)، و كان المالك لها محمد بن جفير بن جبر (708)، فجيش عليها الإمام فافتتحها، و دانت له سائر الشرقية، ما خلا صور و قريات، فإنهما كانت في أيدي النصارى.

محاولة فتح بهلاء:

ثم إن الإمام جهز جيشا و سار على الهناوى ببهلا، فوصل إلى قاع المرخ‏ (709). فخان بعض جيشه، فرأى الرجوع أصلح، فرجع إلى نزوى.

____________

(706) هو الشيخ العلامة مسعود بن رمضان بن سعيد النبهاني (توفي حوالي:

1050 ه/ 1640 م) تولى القضاء و قيادة الجيش في بعض الأحيان للإمام ناصر بن مرشد رثاه جملة من شعراء عصره كالشاعر محمد بن عبد اللّه المنحي و ابن قيصر، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 489.

(707) في الأصل: إبرى‏

(708) في حقيقة الأمر أن ثمة لغط بين اسم محمد بن جفير بن جبر الذي كان أميرا علي إبراء، و محمد بن محمد بن جفير بن علي بن هلال الهلالي الذي كان أميرا على لوي و أسرته الترك ثم قتلته في عام 1033 كما أشرنا أعلاه، أما محمد بن جفير بن جبر الجبري‏

(709) يقع قاع المرخ بين تنوف و مفرق طريق الحمراء

213

فتح وادي فدا:

فجعل يجمع الجيوش [158] و العساكر، فاجتمع له جمع كثير، فسار بهم قاصدا إلى [منطقة] الظاهرة، و افتتح بهم وادي فدى‏ (710)، و أمر ببناء حصنها. و نصره أهل العلاية من ضنك‏ (711) و كان مقدمهم خميس بن رويشد (712) العالم و رجال الفياليين‏ (713)، و استقام أمره بها على رغم القالين، ثم خرج الإمام يطوف على البلدان التي ملكها حتى وصل إلى سمد الشأن.

هجوم محمد بن جفير الجبري على نخل:

و رجع إلى الرستاق، و معه بنو ريام إلى أن أقبل جند محمد بن جفير إلى قرية نخل، فدخلوها و احتووا عليها ما خلا الحصن، فنهض عليهم الإمام بجيش عرمرم، و نصره رجال المعاول.

فما لبث جند محمد بن جفير فيها [إلّا] (714) ليلة أو ليلتين حتى ولوا الأدبار.

____________

(710) وادي فدى من أهم أودية منطقة الظاهرة و يجري من سلسلة جبال حجر عمان و يصب في الربع الخالي و به عدد من القرى منضمنها ضنك.

(711) في الأصل: ظنك‏

(712) هو الشيخ الفقيه خميس بن رويشد بن خميس المجرفي الضنكي تولى القضاء و الولاية في عهد الإمام ناصر بن مرشد في منطقة الظاهرة و مات في عصره و رثاه ابن قيصر، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، 144

(713) الفيالين: قبيلة عربية تقطن ضنك لكنها في وقتنا الحاضر قبيلة قليلة العدد و يكاد نقول معدومة و كان لهم رياسة المنطقة و من علمائهم المشهورين نعمان بن زاهر بن سيف الفيلاني.

(714) الزيادة بين معكوفتين من نسخة مخطوطة (ت: 2)

214

فتح أرض السر:

ثم رجع الإمام [159] إلى الرستاق فأقبل إليه الشيخ خميس بن رويشد يستنصره على الظاهرة. فجهز الإمام جيشا عرمرما (715) و سار عنده حتى نزل بالصخبرى، و نصره أهل السرور (716)، و رجال الضحاحكة (717) بالمال و الرجال، و مضى قاصدا حصن الغبى‏ (718)، و فيه جمهور آل هلال، و معهم البدو و الحضر. فاستقامت بينهم الحرب، و كانت وقعة عظيمة، قتل فيها [أخو] (719) الإمام جاعد بن مرشد (720). ثم تولى إلى عبري فاستفتحها، و أقام الإمام ليلتين، و رجع إلى الصخبرى، و حصر حصن الغبى‏ (721) حتى فتحه اللّه له، و ولى فيه خميس بن رويشد.

____________

(715) في الأصل: جيش عرمرم‏

(716) في نسخة مخطوطة (ت: 2) و (ل) [و نصره أهل السر]

(717) قبيلة عمانية تسكن في قرية الصخبري بمنطقة الظاهرة، و لا نجد لها ذكر في وقت الحالي‏

(718) الغبي: قرية من قرى ولاية عبري بمنطقة الظاهرة، كانت حاضرة المنطقة، لكن أصابها الجفاف و التدمير بسب الحروب بين القبائل، بها قبر الإمام المحتسب شبيب بن عطية العماني.

(719) في الأصل: أخ الإمام‏

(720) هو جاعد بن مرشد بن مالك اليعربي من أحفاده الإمام سلطان بن مرشد بن عدي بن جاعد بن مرشد

(721) يقع حصن الغبي في الجهة الغربية من المدينة، و هو حصن قديم كان يمثل السمة البارزة في المدينة، و كانت الغبي حاضرة منطقة الظاهرة لكنها انحسر دورها بعد تدمير فلجها، انظر: القلاع و الحصون في عمان. مكتب نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء مسقط: 1994، ص: 186

215

و جعل بقرية بات‏ (722) واليا من أهل الرستاق‏ (723)، و جعل معه محمد بن سيف الحوقاني‏ (724) و أمرهما بفتح ما بقى من [160] قرى الظاهرة، و رجع الإمام إلى نزوى.

فغزاهما آل هلال، و كانوا بناحية الأفلاج‏ (725) من ناحية ضنك فالتقاهما الواليان بالدير، ففضا جمعهم و أخذوا إبل قطن بن قطن لينتصروا بها عليهم، و حاصروا حصن قطن بن قطن. فركب قطن بن قطن إلى الإمام، ففدى إبله بتسليم حصنه فأنعم له الإمام برد الإبل، و سلم الحصن. فأقام به الإمام واليا.

ثم توجه الولاة إلى حصن مقنيات‏ (726) فحاصروه، و كان به وزير من قبل [الجبور] (727). فجيش الجبور بنى هلال من بدو و حضر و أولاد الريس و نهضوا إلى مقنيات، فظنوا أنهم لا طاقة لهم [161] بها، فقصدوا و الى بات، فخاف الولاة عليه الغلبة [لقلة الماء]، و لأنه عليه المعتمد. فسار المسلمون من مقنيات إلى بات، و لم تشعر بهم الجبور، فوقع القتال بينهم، ثم رجعت الجبور إلى مقنيات، فسار إليهم المسلمون فوقع بينهم القتال من صلاة الفجر إلى نصف النهار. فشق ذلك على المسلمين، و كثر

____________

(722) بات: قرية من قرى ولاية عبري، بها أثار مشهورة، انظر: القلاع و الحصون في عمان، ص: 164

(723) محمد بن على الرستاقي‏

(724) هو الفقيه محمد بن سيف بن سالم الحوقاني من قادة الإمام ناصر بن مرشد و ولاته، تولى الحوقاني ولاية منطقة السر و الجو بالظاهرة و تولى صحار و صور.

(725) مجموعة من القرى تسمى الأفلاج و تقع بين ضنك و عبري على الطريق العام.

(726) مقنيات: قرية من قري ولاية عبري، كانت مركزا حضاريا لدولة بني نبهان الثانية بها الحصن الأسود الذي بناه السلطان فلاح بن محسن بن سليمان.

(727) في الأصل: [من قبل الوزير من قبل الجبور]

216

القتل في البغاة حتى قيل، إنهم عجزوا عن دفن القتلى، فكانوا يجعلون السبعة و الثمانية في خبة (728) واحدة، و ثبت اللّه المسلمين.

فتح بهلاء:

فلما بلغ الخبر إلى الإمام جيش جيشا و أمّ به الهناوي ببهلا، و كان دخوله بهلا ليلة عيد الحج، فحاصره شهرين إلا ثلاثة أيام. [162] ثم أقبلت الجبور لنصرة الهناوي، فالتقتهم جحافل الإمام، فاتققلوا قتالا شديدا، و قتل من جيش الجبور قاسم بن مذكور الدهشمى و أناس كثير. فرجع الجبور و بقى الهناوى و من معه محصورين حتى سلم الحصن و خرج منه جميع رجاله و آله حربه و ماله، و بقى الحصن خاليا، فأقام الإمام به واليا و رجع إلى نزوى.

مصالحة ابن سنان العميري للإمام:

تم توجه الإمام قاصدا إلى سمائل لمحاربة مانع بن سنان العميري. فلما سمع مانع بن سنان بإقبال الإمام إليه لم يمتنع منه و صالح الإمام على ألا يخرجه من حصن، بل يكون تابعا للحق فتركه الإمام. ثم عزم الإمام على بنيان حصن سمائل القديم، فأسس بنيانه [163] و شيد أركانه، و جعل فيه واليا، و رجع إلى نزوى.

____________

(728) الخبة: هي الحفرة و يقصد هنا القبر

217

استيلاء الإمام على حصن مقنيات:

ثم جهز [الإمام‏] جيشا إلى مقنيات و سار إليها. فلما وصلها وقعت بينهم الحروب، فنصره اللّه عليهم، فما لبثوا حصنهم دون ثلاثة أشهر، و أفتتح الإمام الحصن، و جعل فيه محمد بن على بن محمد واليا.

فلم يزل سعيد [بن مسعود] الخيّالي‏ (729) و جماعته مسرّين البغض للإمام، يكاتبون الجبور حتى أدخلوهم قرية الصخبرى، و قتلوا رجلا من الضحاحكة و ناسا من شراة الإمام و غيرهم.

و حصل فيها جيش الإمام في الحال، فوقعت فيها وقائع‏ (730) كثيرة، منها وقعة بالعجيفة، و هي وقعة شديدة، و وقعة منها بالغابة، و وقعة بالمطهرة و وقعة بالزيارة (731)، و وقائع شديدة حتى كاد [164] ركن الإسلام [أن‏] يتضعضع، و كثير من القوم أدبروا عن الوالي، و ما بقى عنده إلا قليل، و هو في حومة العدو، و الجموع مشتملة عليه، حتى كاد أن يوهى عزمه من الخوف فبقى في حصن الغبي محصورا، و الوالي فيه محمد بن سيف. و تصحح الخبر عند الوالي محمد بن على في مقنيات، فجيش الجيوش و قصد ناصرا لمحمد بن سيف بحصن الغبي، فدخل البلد من غير علم الأضداد، ففرق شملهم في سائر البلاد، فمنهم من دخل‏

____________

(729) سعيد بن مسعود الخيالي، أحد زعماء منطقة الظاهرة، كان مؤيد لبني هلال و الجبور، و لا نجد له تعريف لا له و لا قبيلته الخياليين، و لم نعلم أحد من الأعلام العمانية لهم ذكر في قبيلته، و لعلها دخيلة أتت من الأحساء على أثر انهيار دولة بني جبر شأنهم في ذلك شأن الجبور و بني هلال‏

(730) في الأصل: وقايع بالياء المثناة

(731) يرد في الأصل: الزيارة باليا و في نسخ المخطوط مرة الزيارة و مرة الزبارة بالباء

218

الضجرى و منهم من هرب في الفيافي، و منهم من قصد ينقل، و هي في ملك ناصر بن قطن بن جبر، و نصر اللّه المسلمين.

هجوم ابن سنان العميري على نزوى:

ثم إن مانع بن سنان كاتب سيف بن محمد الهناوي بالكتمان و نكث العهد [165] و خان، و جيش الجيوش، و دخلا نزوى، و لم يخلو أهلها من الخديعة و العصيان، بل كان ذلك سرا بينهم، فظاهرتهم على ذلك بعض القبائل، فدخلوا نزوى و احتووا على العقر، و ما بقى للإمام سوى الحصن، و داروا به شد مدار، و كادوا لكثرتهم أن يهدموا عليه الجدار، حتى [جاءته‏] (732) النصرة من إزكي و بهلا، و معهم بنو ريام، فدخلوا على الإمام، فسر بقدومهم، فتفرقت عنه جيوش أعدائه و قتل من قتل منهم.

فحينئذ اشتد عزم الإمام، و قوى سلطانه، فأشار على الإمام ذوي الرأي بهدم حصن مانع بن سنان، فعلم مانع بتجهيز الجيش إليه فأنهزم من حصنه إلى فنجاء، و جاء الجيش فهدم الحصن [166]، و قصد مانع بن سنان مسقط (733)، ثم سار إلى لوى مع محمد بن جفير.

حملة الإمام على حصن بلاد سيت:

ثم وجه الإمام الجيش إلى بلاد سيت. و ذلك أن سيف بن محمد الهناوي لما خرج من بهلا بنى حصنا ببلاد دسيت، و كان‏

____________

(732) في الأصل: [جاءتهم‏]

(733) في الأصل: مسكد، فصوبت في المخطوط كاملا

219

قائد الجيش عبد اللّه بن محمد بن غسان‏ (734)، مؤلف كتاب" خزانة الأخبار في بيع الخيار"، فلما نزل الجيش إلى بلاد سيت خرج الهناوي من الحصن هاربا، فأمر الوالي بهدم حصنه فهدم.

ثم أتى الهناوي إلى الإمام يطلب منه العفو و الغفران، و دانت للإمام جميع القبائل من عمان.

فتح ينقل:

ثم جهز الإمام جيشا عظيما، و سار فيه بنفسه و الشيخ خميس بن سعيد الرستاقي، قاصدا ناصر بن قطن إلى ينقل، فحصرها أياما و افتتحها [167] و جعل فيها واليا و رجع إلى الرستاق.

فتح الجو:

ثم جهز جيشا قويا و أمر عليه الشيخ عبد اللّه بن محمد بن غسان النزوى، و أمره أن يقصد الجو، و صحب الجيش الشيخ خميس بن رويشد الضنكي و حافظ بن جمعة الهنوي، و محمد بن على الرستاقي، و محمد بن سيف الحوقاتي، فأتاها و فتحها، و جعل فيها محمد بن سيف [الحوقاني‏] واليا.

____________

(734) هو الشيخ العلامة عبد اللّه بن محمد بن غسان بن محمد النزوي الخراسيني الكندي، من علماء وقادة و ولاة الإمام ناصر بن مرشد، عرف بالوالي الأكبر، له من المؤلفات" خزانة الأخبار في بيع الخيار" مات في حياة الإمام ناصر بن مرشد في حوالي عام 1050 ه بين مكة و المدينة بعد إداء فريضة الحج. فرثاه ابن قيصر، و محمد بن عبد اللّه المنحي، انظر: ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 81؛ البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 379.

220

فتح لوى بالباطنة:

ثم قصد بالجنود متوجها إلى قرية لوى. و ذلك أن الجبور اختلفوا فيما بينهم، و قتل محمد بن جفير و وقعت بينهم العداوة (735)، فنزل عبد اللّه [بن محمد بن غسان‏] (736) بالجامع منها، و دارت عساكره بالحصن، و كان مالكه سيف بن محمد بن جفير الهلالي. أما إخوته و وزراؤه فقد التجوا إلى النصارى بصحار، و كان مانع بن سنان العميري [168] يومئذ بها. و كانوا يغزون جيش الإمام المحاصرين لحصن لوى بالليل، و يمدون جماعتهم بالطعام و آلة الحرب. ثم كاتب أبناء محمد بن جفير [الوالي‏] يسعون في أنواع الصلح، فعلم الوالي أنها خديعة. فجهز الجيوش لهم، و أمرّ على محمد بن علي [الرستاقي‏] فسار محمد بن على بمن معه، فهجم عليهم قبل الفجر، و هم بالموضع المسمى المنقل مما يلي الجنوب من الحصن على ساحل البحر.

فدارت بينهم رحى‏ (737) الحرب، و اشتد بينهم الطعن و الضرب.

____________

(735) أورد البطاشي أن الأتراك هجموا على صحار و أخذوها من البرتغاليين، و حملوا معهم محمد بن جفير و ذلك يوم الثلاثاء 22 ربيع الآخر 1033 ه/ 13 فبراير 1624 م، ثم قتلوه في السنة التالية 1034 ه/ 1624 م، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 26- 27؛ لكن ذكرت المصادر البرتغالية أن البرتغاليين انسحبوا عن حصن صحار في فبراير 1623 م حين احتله الفرس، و أن البرتغاليين استعادوه في يونيو أو يوليو من نفس العام، انظر: بوكسر، س. ملاحظات جديدة عن الصلات بين العمانيين و البرتغاليين من 1613- 1633. منشور في حصاد ندوة الدراسات العمانية نوفمبر 1980، ج 6، ص: 209

(736) الزيادة بين معكوفتين [...] لاستكمال الاسم‏

(737) في الأصل: رحا

221

ثم رجع محمد بمن معه إلى حصن لوى، فلم يزالوا محاصرين الحصن حتى أرسل إليهم سيف بن محمد يريد الأمان، ليخرج من الحصن، فأعطاه الوالي الأمان، فخرج بمن معه [167]، و دخل الوالي الحصن [في يوم الأثنين العشرين من جمادى الأخر 1041 ه/ 13 يناير 1632 م‏] (738)، [و كان الحصار في ستة أشهر] (739). و قد ساعد الوالي على حصار الحصن ناصر بن قطن و رجال العمور و جعل عبد اللّه [بن محمد بن غسان النزوي‏] (740) في الحصن واليا من جانبه‏ (741)، و رجع هو إلى الإمام.

حملة الإمام الأولى على مسقط:

[ثم جهز الإمام‏] (742) جيشا، و أمّر عليه الشيخ مسعود بن رمضان، و أمره أن يقصد بهم‏ (743) مسقط. فسار حتى نزل طوي الرولة من مطرح، فدارت رحى المنون بين المسلمين و المشركين فنصر اللّه المسلمين، فهدموا من مسقط بروجا باذخة و مباني شامخة، و قتل من المشركين خلق كثير. ثم إنهم طلبوا الصلح،

____________

(738) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 24

(739) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 10

(740) الزيادة بين معكوفتين [...] لاستكمال الاسم‏

(741) ذكر ابن رزيق أن الوالي هو محمد بن علي الرستاقي انظر: الفتح المبين، ص: 271.

(742) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (ت: 2) و (د)

(743) كتبت [بهم‏] في الهامش‏

222

فصالحهم الوالي على فك ما بأيديهم من الأموال التي للعمور (744) و الشيعة من صحار، فأذعنوا بالطاعة، فأمنهم على ذلك، و أخذ منهم العهود على الوفاء، و رجع إلى الإمام.

مقتل ابن سنان العميري‏

و لم يزل مانع بن سنان [170] كامن العداوة للإمام، [قادحا في ملكه في فساد الدولة فستأذن مداد بن هلوان الإمام في قتل مانع بالخديعة فأذن له‏] (745)، فكاتبه مداد ليدخله حصن لوى، فطمعه معه بلطف كلامه، و كان في لوى حافظ بن سيف [الهنوي‏] (746). و لم يزل مداد يكاتب العميري بالمودة و النصيحة، و يحلف له بالأيمان الصحيحة، لئلا تدخل في قلبه الظنون القبيحة. ففرح بذلك مانع، و استبد برأيه، [و كان مسكنه قرية دبا، فركب منها إلى صحار، فأقام بها أياما ينتظر من مداد] (747)، فجدد له مداد العهد على ما وعده. فركب إلى لوى و نزل بها بعد ما ضمن له مداد بدخول الحصن، و واعده على ليلة معلومة.

فلما كان بتلك الليلة فرق الوالي العسكر يدورون في البلاد و كأنهم يسيرون، و تعاهدوا أن يلتقوا على مانع من اليمين و الشمال. فلم يدري مانع إلا و قد أحاطت به الرجال [171] من يمين و شمال،

____________

(744) العمور قبيلة عمانية عدنانية أصلها من بطون عبد القيس، ذكر السيابي أنهم دخلوا في بني ريام و انتسبوا إليهم، انظر: السيابي، إسعاف الأعيان، ص: 69

(745) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (ت: 2) و (د) و (ل)

(746) الزيادة بين معكوفتين [...] لاستكمال الاسم‏

(747) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (ت: 2) و (د) و (ل)

223

فأخذ حينئذ قهرا، و قتل [صبرا] (748) و تفرقت جنوده، و قتل من بقى عنده.

فتح الصير (جلفار):

ثم إن الإمام جهز جيشا و جعل عليه علي بن أحمد [بن عثمان العلوي النزوي‏]، و عضده ببني عمه من آل يعرب، و أمره بالسير إلى قرية جلفار، و هي الصير، و كان المالك لها يومئذ ناصر الدين العجمي‏ (749)، و عنده عساكر من العجم، فحصرهم على بن أحمد بحصن الصير، فنصبوا آلة الحرب و قوى بينهم الطعن و الضرب، و ظاهرتهم فرقة من أهل الصير على جيش الإمام.

و كان بحصن الصير برج معتزل [عنه‏] له جدار متصل بالحصن، و فيه قوم تقاتل بالليل و النهار، و كانت غربان‏ (750) النصارى‏ (751) في البحر، تدفع بمدافعها المسلمين عن الحصن. فعزم المسلمون‏ (752) الهجوم على البرج [172]، فهجموا عليه ليلا و أخذوه قهرا و مالوا على الحصن و افتتحوه، و جعل فيه قائد الجيش واليا.

____________

(748) في الأصل: قتل علي بن أحمد و تفرقة و التصويب بين من نسخة مخطوطة (ت: 2) و (د) و (ل)

(749) الشيخ ناصر العجمي كان من سكان هرمز و هو واليا لملك هرمز و ليس تابعا للفرس حسب اسمه، انظر: سلوت، ب. ج. عرب الخليج: 1602- 1784 م. ترجمة عائدة خوري، المجمع الثقافي، أبو ظبي: 1993، ط. 1، ص: 147

(750) الغربان: جمع غراب و يقصد به نوع من أنواع السفن‏

(751) النصارى هم البرتغاليون‏

(752) في الأصل: المسلمين‏

224

فتح دبا:

ثم أقبل بعض الجيش، [الذي بجلفار قاصدا قرية دبا] (753) و فيهم رجال الدهامش و خميس بن مخزوم، و كان فيها حصن على الساحل للإفرنج‏ (754)، فدخلها بجيش نهارا، و استولى عليها، و حصروا من كان في الحصن، و بنوا فيها حصنا. فذلت دولة المشركين، و طلبوا الصلح، فصالحهم الوالي، فهبطوا من الحصن، فجعل الوالي فيه واليا، و ترك معه بعض العسكر و رجع على بن أحمد بمن معه من العسكر إلى نزوى. فاستبشر الإمام بقدومه، و بفتح الصير.

محاصرة صحار:

ثم إن الإمام [أمر] (755) والي لوى، و هو حافظ بن سيف كان معه رجال العمور شراة أن يسير إلى صحار، و يبني [173] بها حصنا، فأرسل الوالي إلى من يقربه من القرى، من بني خالد و بنى لام و العمور، فاجتمعت عنده عساكر كثيرة، و كان رجال من صحار يدعونه إلى ملكها، فمضى بجيشه [في آخر شهر محرم 1043 ه/ أغسطس 1633 م‏] (756) و بات بقرية عمق‏ (757)، و صبّح البلد ضحى، و لم يعلم به أحد من الأعداء،

____________

(753) حدث سقط في الأصل و نسخ المخطوطة الأخرى، و التكملة من ابن قيصر، عبد اللّه بن خلفان الصحاري. سيرة الإمام ناصر بن مرشد. وزارة التراث القومي و الثقافة، مسقط: ب. ت. ص: 48

(754) الأفرنج هم البرتغاليون‏

(755) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (ت: 2)

(756) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 28

(757) عمق: قرية من قرى ولاية صحار، تقع على شمالي صحار و تبعد عن الطريق العام 5 كم.

225

و صبّح البلد ضحى، و لم يعلم به أحد من الأعداء، و ذلك آخر يوم من المحرم من سنة ثلاث و أربعين بعد الألف [1043 ه/ أغسطس 1633 م‏]. فأناخ بمكان يسمى البدعة (758) من صحار.

و صال المشركون على المسلمين‏ (759)، و اشتد بينهم الطعن و الضرب، و كانت النصارى تضرب بمدافعها من الحصن، ثم تنقل الوالي من مكان إلى مكان آخر، و لم تزل الحرب بينهم و ضرب المدافع، و جاءت ضربة مدفع فاخترقت القوم حتى وصلت مجلس الوالي، و أصابت راشد [174] بن عباد، فمات شهيدا (رحمه اللّه).

فعزم الوالي على بناء حصن، فأمر بتأسيسه، فأسس في الحال [حتى تم بنائه، و أقام و نزل فيه والي الإمام حافظ بن سيف و لم تزل الحرب بينهم قائمة الليل و النهار] (760)، [و رجع الوالي إلى لوى بعد أن جعل الشيخ ناصر بن ثاني بن جمعة بن هلال الصحاريا واليا على الحصن‏] (761).

____________

(758) طمست كلمة" البدعة" في الأصل، و صححت في الهامش. و هي: حي من أحياء صحار

(759) وردت الجملة" وصال المسلمون على المشركين" عند ابن قيصر،. سيرة الإمام ناصر، ص: 50

(760) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (د) و (ت: 2) و (ل) و من ابن قيصر، سيرة الإمام ناصر، ص: 50

(761) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 28

226

الحملة الثانية على مسقط:

[ثم أن‏] (762) القاضي خميس بن سعيد الرستاقي سار بمن معه قاصدا قرية بوشر، فأرسلت إليه النصارى بالصلح فأعطاهم الصلح. ثم بعث رسله إلى مسقط، ثم ركب حتى أناخ بمطرح.

و جاءت وجوه النصارى إليه فاصطلحوا، و أمر الشيخ خميس بفك المقابض عنهم، و رخص للناس في السفر إليهم، و كف الأيدي عن القتال.

فتح صور و قريات:

ثم إن الإمام جهز جيشا [و وجهه مع بعض الولاة] (763) إلى صور، [و هو أبو العرب بن مانع بن إسماعيل المشهور، و هي بلدة شاسعة عنه بملك النصاري‏] (764) فحاصرها الجيش حتى فتحوها، و سار بعض الجيش إلى قريات، و كان بها حصن النصارى، فبنى المسلمون فيها حصنا، و فتحوا حصن النصارى، و احتوى على جميع [175] إقليم عمان ما خلا صحار و مسقط.

غزو الشيخ ناصر بن ناصر بن قطن الهلالي لمنطقتي الجو و الباطنة:

ثم [لم‏] (765) يزل ناصر بن قطن يغزو عمان بمن معه [من‏] (766) الأحساء و يأخذ من بواديها المواشي، و يكسب و ينهب في كل سنة، و يرجع إلى الأحساء. فكتب الإمام إلى و اليه محمد

____________

(762) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (د) و (ت: 2) و (ل)

(763) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام ناصر، ص: 53

(764) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام ناصر، ص: 53

(765) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (د) و (ل)

(766) الزيادة بين معكوفتين [...] من نسخة مخطوطة (د) و (ل)

227

بن سيف الحوقاني، أن يتجسس عن قدوم ناصر فإذا علم به التقاة بالجيش دون عمان، فجمع الوالي دونه العساكر من البدو و الحضر. و لما علم بقدوم ناصر تلقاه، فلما علم ناصر بجيش الإمام قصد الظفرة و دخل حصنها، و تعصب له بنو ياس، و وجه ناصر رسله إلى الوالي، يطلب الصلح. و كان قد قل على الوالي الزاد و بعدت عليهم البلاد، فصالحهم على رد ما نهبوه و [176] غرم ما أتلفوه مما كسبوه، و رجع الوالي بمن معه.

و أما ناصر فانه جمع البدو من الظفرة، و عزم على الهجوم على حصن الجو، و كان فيه أحمد بن خلف [النزوي‏] (767) في ذلك اليوم واليا، و تابع ناصر كافة أهل الجو و أعانه على الوالي، و داروا على الحصن، فعلم بهم الولاة من الباطنة و الظاهرة، فأتوا أحمد بن خلف، فخرجت جيوش الأعداء منها.

ثم أقبل الوالي الأكبر [عبد اللّه بن محمد بن غسان النزوي‏] (768) من نزوى بجيشه، فأمر بهدم حصون الجو كافة، ما خلا حصن الإمام، و تفرقت الأعداء، و أما عمير بن محمد (769) فمضى مع النصارى بصحار و الباقون قصدوا العقبة من جلفار، و كانوا يقطعون الطرق و يغزون البلدان، فسارت عليهم الولاة، فقتل من قتل منهم [177]، و انهزم من أنهزم منهم، و أخذ الوالي إبلهم، و رجع إلى عمان.

____________

(767) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام ناصر، ص: 53

(768) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام ناصر، ص: 56

(769) نعتقد أنه عمير بن محمد بن جفير الهلالي و آخر معركة يشارك فيها عمير مع ناصر بن قطن حيث أعلن طاعته للإمام و شارك ضد ابن عمه ناصر بن قطن في معارك كثيرة بعد ذلك.

228

و أما ناصر بن قطن و من معه فمضى إلى الباطنة، فهجم على بلدان بني خالد و بني لام، فأخذوا و سلبوا ما على النساء من الحلي و الحلل، و رجعوا بما أخذوا إلى الأحساء. ثم إن ناصر بن قطن أتى إلى عمان ثانية، و قصد الباطنة للنهب و السلب، فجهز له الإمام جيشا، و أمر عليه علي بن أحمد و عضده بمحمد بن صلت الريامي، و على بن محمد العبري، و أحمد بن [راشد بن‏] (770) بلحسن البوشري، فمضوا إلى قرية لوى، فأقبل ناصر بن قطن بقومه، فوقعت بينهم الحرب. ثم ركب ناصر إلى مجيس فاتبعه الوالي بمن معه، ثم ركب ناصر قاصدا [178] أرض الشمال، فركب الوالي في طلبه، و كان أول من لحقه أحمد بن [راشد بن‏] بلحسن البوشري و [رجل من الرؤساء الأفاضل يقال له‏] (771) مراد و [ابن عمه السميدع‏] (772) راشد بن حسام و بعض الشراة لموضع يقال له [الخروش‏] (773)، فوقع القتل في المسلمين قبل أن يتكامل جيش الإمام فقتل المقدمون جميعا، و للّه الدوام.

و لما وصل الجيش رأوا أصحابهم صرعى، و لم يروا أحدا من جيش ناصر، [و رجعوا إلى عمان بعد أن دفنوا من وجدوه من أصحابهم في الملحمة قتيلا] (774).

____________

(770) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 58

(771) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 58

(772) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 58

(773) وردت الخريس عند ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 58

(774) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 277

229

غزو ابن حميد بلاد السر:

ثم إن ابن حميد، و هو محمد بن عثمان [الخالدي و كان من أصحاب ناصر بن قطن‏] (775) غزا بلاد السر، و كان فيها الوالي محمد بن يوسف الحوقاني، و كان بها يومئذ سعيد بن خلفان [القرشي‏] (776)، و طلب سعيد من ابن حميد المواجهة [فتوجه إليه و لم يطلب منه الأمان‏] (777)، فتواجها بمسجد الشريعة من الغبي، فسأله أن يرد ما كسبه و نهبه فأبى، [و قال: حاش وكلا] (778)، و ازداد عتوا و نفورا. فأمر سعيد [179] بأسره، فأسر و قيد في الحصن الغبي. و مضى سعيد إلى الرستاق. فأخبر الإمام أن محمد بن عثمان في الحصن الغبي، فأمر الإمام بإتيانه إلى الرستاق، فأتى به مقيدا، فأقام في الحبس سبعة أشهر، و توفى [في حبسه ليلة السابع من الشهر] (779).

معركة الشعيب بالظفرة:

ثم إن الإمام جهز جيشا و أمّر عليه سعيد بن خلفان، و عضده بعمير بن [محمد] (780) بن جفير. فساروا قاصدين إلى أخذ إبل ناصر بن قطن الهلالي، فالتقتهم بنو يأس دون الإبل بموضع يقال له الشعيب، قريبا من الظفرة، فوقعت بينهم الحرب. و كان‏

____________

(775) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 15

(776) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 278

(777) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 60

(778) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 15

(779) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 15

(780) في الأصل: أحمد، و التصويب من نسخة مخطوطة (د) و (ت: 2)، و من ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 62

230

مقدام بني يأس [صقر] (781) بن عيسى، فقتل هو و أخوه محمد، و جماعة من قومه، فطلب القوم العفو من الوالي، فعفا عنهم، و رجع [180] الجيش.

هجوم الإمام على ناصر الهلالي:

[ثم جهز الإمام جيشا آخر من الباطنة و غيرها و أمر عليهم أيضا سعيد بن خلفان و عضده بعمير بن محمد بن جيفر الجبري‏] (782) فأمرهم الإمام أن يمضوا إلى مورد يقال له دعفس‏ (783)، به إبل لناصر بن قطن، فمضوا إليه، فوجدوها سائمة، فأخذوها، ثم جعلوها أمانه مع عمير بن محمد بن جفير، و كان له أخ‏ (784) يسمى عليا، فأشار عليه‏ (785) بعض خدمه أن يدخل بها على ناصر بن قطن، فمضى بها إليه. فلم يزالوا يغزون عمان حتى خاف منهم البدو و الحضر، و التجأت البادية إلى البلدان.

ثم أقبل ناصر غازيا [و عنده ابن عمه هلال بن على بن قطن‏] (786)، و أناخ بجيشه ناحية الجنوب، و وجه أصحابه لقطع الدروب. فوجه إليه الإمام جيشا، و أمر عليه سيف بن مالك‏

____________

(781) في الأصل: سفير و في نسخة مخطوطة (ل) و في نسخة مخطوطة (ت: 2) سقر بالسين و عند السالمي صقر بن عيسى، انظر: السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 16

(782) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 16

(783) في الأصل: دعقش، و يذكر ابن قيصر أنه دعفس هو كاسمه في المعنى بل هو أتعس، انظر: ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 63

(784) عند السالمي راع، انظر: السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 16

(785) أي أشار العبيد إلى علي بن محمد بن جفير

(786) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن قيصر، سيرة الإمام، ص: 63

231

و سيف بن أبي العرب‏ (787)، و خزاما [بن عبد اللّه‏] (788). فبادرت أول زمرة من جيش الإمام على جيش ناصر بن قطن، فقتلوا جميعا [181] لقلتهم و كثرة عدوهم. و سار ناصر بن قطن إلى الأحساء، و رجع الجيش.

و أظهر اللّه إمام المسلمين على جميع الباغين، فأخرجهم من ديارهم و أنقذهم من قرارهم، و استوثق مردتهم، و أهان عزيزهم، و أقمع ظالمهم، و منع غاشمهم، و أمكنه اللّه منهم، و أعانه عليهم و أيده بنصره، و أمده بتوفيقه حتى استقام الإسلام و ظهر. و خفا الباطل و استتر، و فشا العدل بعمان و انتشر، فعم البدو و الحضر، و لم تبق إلا طائفة النصارى متحصنين في سور مسقط بعد أن نصب لهم الحرب حتى و هنوا و ضعفوا (789)، و وهى سلطانهم و تفرق أعوانهم، و كاد الموت و القتل [182] يأتي على أكثرهم‏ (790).

____________

(787) ورد في نسخة مخطوطة (ت: 2) اسم سيف بن مالك بن أبي العرب واحد فقط و يمكن أن يكون الصواب‏

(788) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 279

(789) وقع الإمام ناصر بن مرشد و القائد البرتغالي في مسقط دوم جيل إينيش دي نورونهاDom Gileanes de Noronha وقعها نيابتا عن الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي و كان ذلك في 13 شوال 1058 ه/ 30 أكتوبر 1648 م.

(790) هنالك كثير من الأحداث تجاهلها هذا الكتاب أو أنها لم تصل إلى المؤلف و كذلك الأزكوي و ابن رزيق، و قد أشار إليها ابن قيصر مؤرخ سيرة الإمام منها الصراعات و الأحداث التي تمت في صحار، و و التعاون الذي كان بين ناصر بن قطن و الشيخ خلف بن سيف بن محمد الهنائي و وساطة عبد اللّه بن محمد بن عمر بن مداد النزوي، ثم توجيه الجيش له بعد الخيان و العصيان و دور الشيخ ماجد بن ربيعة الكندي في عمل صلح بين الإمام و بين البرتغاليين: انظر: ابن قيصر، المصدر السابق، ص: 68- 79.

232

وفاة الإمام ناصر بن مرشد:

فتوفاه اللّه و جميع أهل الخير عنه راضون، و له موالون متوالون. و كانت وفاته يوم الجمعة لعشر ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة تسع و خمسين‏ (791) و ألف سنة بعد الهجرة [1059 ه/ 23 ابريل 1649 م‏] (792). و كما قال الشاعر:

فبالجمعة الزهراء مات ابن مرشد* * * لعشر من الشهر الربيع المؤخر

و كانت مدة ملكه ستا و عشرين سنة، و قبر في نزوى مع مساجد العباد و قبره مشهور (794)، داخل القبة (795)، و اللّه أعلم [و كان عمره يومئذ ستا و أربعين سنة إن صح ما قيل أنه نصب‏

____________

(791) في الأصل: 9 و 50.

(792) الصحاري، عبد اللّه بن بشير بن مسعود. لقط الأخبار في صحار. مخطوط بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي. ص: 227.

(793) لقد وجدت أبيات من قصيدة قالها العلامة خلف بن أحمد بن عبد اللّه مؤلف كتاب" مصباح الظلام" يقول فيها:

و في ضحى الجمعة الزهراء قد شجبا* * * و ثلث شهر ربيع آخر نضبا

بعام تسع و خمسين لقد ذهبا* * * من بعد ألف مضت من سالف الحقبا

(794) قبر الإمام لا يزال معروف و دفن بقربه الإمامين سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، و محمد بن عبد اللّه بن سعيد الخليلي (1337 ه/ 1920 م- 1373 ه/ 1953 م) في الجانب الغربي من قرية العقر

(795) لا يزال أثر القبة موجودا حول قبر الإمام، و قد دمرت بالقدم في عهد الإمام محمد بن عبد اللّه الخليلي و قيل دمرت عمدا في عهد هذا الإمام المذكور، و الرأي الأول هو المعتمد عليه‏

233

و هو ابن عشرين سنة] (796)، [و لم يعقب إلّا بنية واحدة و هي نصرى بنت ناصر، تزوجها الإمام سلطان بن سيف بن مالك، و توفيت ليلة الأحد و سبعة و عشرين من شهر شوال سنة ثلاث سنين و مائة و ألف للهجرة (12 يوليو 1692 م)] (797).

____________

(796) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان و ج 2، ص: 17

(797) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 163، 165

234

فصل في فضائل الإمام المكرم ناصر بن مرشد- (رحمه اللّه)

له فضائل‏ (798) مشهورة. فمنها (799):

1. أنه كان رجل نائما (800) في مسجد قصرا من الرستاق، فرأى كأن في إحدى زوايا المسجد سراجا [183] مضيئا، فلما انتبه رأى في تلك الزاوية الإمام مضطجعا، و ذلك قبل أن يعقد له.

2. و قيل إن أمه كان لها زوج بعد أبيه‏ (801)، و كان الإمام- (رحمه اللّه)- يأمرها أن تصنع طعامه قبل طعامهم لئلا تبقى بقية من طعام زوجها، من العجين فيدخل في طعامه فخالفت أمره ذات يوم، فعجنت طحين زوجها ثم خبزته و لم تغسل الوعاء. و صبّت‏ (802) طحين الإمام في ذلك الوعاء، فقيل، إن يدها لصقت بالطوبج‏ (803)، و لم تقدر أن تنزعها حتى [أتى ولدها الإمام فنزعها منه و] (804) رضي عنها.

____________

(798) في الأصل: فضايل بالياء المثناة

(799) يوجد بمكتبة السعيد محمد بن أحمد البوسعيد مكتب تحت عنوان" مجموع" يحمل رقم 1554 في هذا بعض من فضائل و كرامات الإمام ناصر بن مرشد

(800) في الأصل: نايما بالياء المثناة.

(801) هذا الزوج هو العلامة الشيخ خميس بن سعيد بن علي الشقصي‏

(802) في الأصل: ضبت، و التصويب من مخطوطة (د) و (ت: 2) و (ل)

(803) الطوبج هو ألت التي يخبز عليها الخبز

(804) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين. ص: 280

235

3. و من فضائله- (رحمه اللّه)- بعد ما عقد له، قيل كان ناس من أهل النفاق‏ (805) مجتمعين في بيت رجل منهم [بالرستاق‏] (806) يسبون الإمام بكلام قبيح فنهتهم زوجة [184] ذلك الرجل، فلم ينتهوا، فخرجت عنهم فخر عليهم سقف البيت، فماتوا جميعا.

4. و من فضائله- (رحمه اللّه) و غفر له- قيل، إن مطية (807) [لبعض الأعراب‏] (808) أكلت من طعام بيت المال، فتحرشت، فلم تزل كذلك حتى رأت الإمام فأتت إليه فوضعت رأسها على منكبه، فلم تزل كذلك حتى جاء ربها، فسأله الإمام عن حالها، فأخبره أنها أكلت من طعام بيت المال فتحرشت، فرضي له الإمام و أحله، و مسح بيده الكريمة على رأسها فبرئت مما بها.

5. و من فضائله- (رحمه اللّه)- قيل، إن جراب تمر أشبع أربعمائة رجل‏ (809)، و كذلك مورة أرز أشبعت أربعمائة

____________

(805) في الأصل: أهل التقاق و التصويب من مخطوطة (د) و (ت: 2) و (ل)

(806) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 280

(807) المطية هي الناقة أي أنثى الإبل‏

(808) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين. ص: 281

(809) الجراب هو الخصفة التي يكنز فيها النمر و يتراوح وزنها بين 44 إلى 60 كيلو جرام.

236

رجل‏ (810) [و ذلك في غزوة نخل‏] (811)، [فحسبه برهانا و إكراما] (812).

6. و فضائله- (رحمه اللّه)- و نور ضريحه و غفر له، أنه كانت ذات ليلة نائما [185] فوق سطح في أيام الحرفأتى إليه رجل يريد أن يقتله، فوقف على رأس الإمام و الإمام نائم و في يده خنجر مشحوذة، فلم يقدر أن يضرب الإمام، و أمسك اللّه على يده حتى انتبه الإمام فرآه واقفا على رأسه و في يده خنجر مشحوذة، فسأله، ما تريد، فقال، ما يسعني غير عفوك، فعفا عنه و لم يعاقبه.

7. و من فضائله- (رحمه اللّه)- أن بدويا ضلت‏ (813) له ناقة فمضى في طلبها، فبينما هو يمشي إذ رأى أثر قدم إنسان، فاستعظم ذلك القدم، فجعل يقصها حتى انتهت به إلى غابات شجر، فسمع صوتا من داخل الشجرة يقول مطيتك في موضع كذا فامض إليها و قل للإمام ناصر بن مرشد يلزم هذه السيرة، فإنها سيرة النبي- صلى اللّه عليه [186] و سلم. فمضى البدوي مرعوبا، و قصد الموضع الذي وصفه له فرأى مطيته في الموضع الموصوف، ثم مضى إلى الإمام و كان الإمام رأى في نومه، أن بدويا أتاه يبشره على سيرة النبي- (صلى اللّه عليه و سلم). فلما وصل إليه‏

____________

(810) المورة هي وحدة وزن يساوي 50 كيلوا جرام في وقتنا الحاضر حيث كانت تساوي نصف جونية و الجونية مائة كيلو جرام‏

(811) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 18

(812) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين. ص: 128

(813) في الأصل: ظلت‏

237

البدوي رآه في يقظته كما رآه في منامه، فقص عليه ما جرى عليه و بما سمع، فحمد اللّه الإمام على ذلك. و أمر للبدوي بنصف جراب من تمرا و بنصف جر حبا و ثوبا، فمضى البدوي شاكر و لفضل الإمام ذاكرا.

8. و من فضائله- (رحمه اللّه)- أنه كان يعطي نفقة له و لعياله من بيت المال، و لم تكن عندهم صفرية (814) يطبخون فيها طعامهم. فكانت زوجته تنقص من النفقة قليلا [187] حتى باعته و اشترت منه صفرية، فلما رآها الإمام. سألها. من أين لك هذه الصفرية؟ فأخبرته بما صنعته. فقال لها:

استعمليها و هى لبيت المال. و أمر وكيل الغالة (815) أن ينقص من نفقتهم قدر ما كانت هي تنقص. و اللّه أعلم.

9. و قيل. إن القاضي محمد بن عمر دخل ذات يوم على الإمام فرآه متغير الوجه. فسأله عن حاله فلم يخبره. فألح عليه. فأخبره أنه لم يكن معه شئ ينفقه على عياله سنة العيد. فذكر الشيخ محمد بن عمر (816) للوالي‏ (817) [الممجد عبد اللّه بن محمد] (818). أن يدفع له شيئا من الدراهم من‏

____________

(814) الصفرية، نوع من الآنية تستخدم للطبخ و هى عادة من الصفر و هو النحاس‏

(815) الغالة: هي الأموال التي تؤخذ من غلة النخيل و غيرها و يقصد هنا وكيل بيت المال‏

(816) هو العلامة محمد بن عمر بن أحمد بن مداد الناعبي من علماء القرن الحادي عشر المشهورين و تولى للإمام ناصر القضاء ورثاه ابن قيصر، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 470

(817) يقصد هنا بالوالي نزوي، و وكيل بيت المال‏

(818) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين. ص: 282

238

بيت المال. قيل. إنه دفع له عشرة محمديات‏ (819). و اللّه أعلم.

10. [و من فضائله و براهينه- رضي اللّه عنه- أنه منذ سكن بعد البيعة عقر نزوى لم يت من بشرها كبير و لا صغير حتى مات و الخبر شهير] (820).

11. [و من فضائله و براهينه- (رحمه اللّه)، و رضي اللّه عنه- أنه لم يفترس أيام دولته ذئب شاة بأرض عمان حتى مات، تغمده اللّه بالمغفرة و الرضوان‏] (821).

12. [و من فضائله و كراماته- رضي اللّه عنه- فمن ذلك ما قيل أن ليلة مولده رؤيت النجوم كأنها تتهاوى بعضها على بعض فارتاع الناس لذلك‏] (822).

13. [و من فضائله و كراماته- رضي اللّه عنه- قيل إن الإمام كان ذات ليلة راقدا على سطح بيته فرأت أمته كأن الناس عليهم لباس فاخر يصلون عليه، فارتاعت لذلك‏] (823).

14. [و من فضائله و كراماته- رضي اللّه عنه- و قيل أن امرءا شم الإمام فورمت رجله بالحال فمات‏] (824).

و فضائله- (رحمه اللّه)- لا تحصى.

____________

(819) هي عملة نقدية كانت تستخدم في عمان كالأشرفي، و لارية و غيرها

(820) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين. ص: 282

(821) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين. ص: 283

(822) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 17

(823) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 17

(824) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 18

239

(2) سلطان بن سيف اليعربي (1059 ه- 1091 ه)

[188] ذكر نصب الإمام سلطان بن سيف [بن مالك بن أبي العرب‏] اليعربي- (رحمه اللّه)

ثم أن المسلمين لما مات الإمام ناصر بن مرشد (رحمه اللّه) عقدوا للإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي- (رحمه اللّه)- في ذلك اليوم [قبل أن يدفن الإمام ناصر بن مرشد- (رحمه اللّه)- ضحى الجمعة لعشر ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة تسع و خمسين و ألف سنة بعد الهجرة [1059 ه/ 23 ابريل 1649 م‏]]، فأقام بالعدل و شمر و جاهد في ذات اللّه، و ما قصر و نصب الحرب لمن بقى من النصارى بمسقط، و سار لهم بنفسه حتى نصره اللّه عليهم‏ (825)، و افتتحها، و لم يزل يجاهدهم في البحر و البر (826)،

____________

(825) هاجم الإمام سلطان على مسقط في أواخر شهر ذي الحجة عام 1059 ه/ يناير 1650 م، حيث تحرك الإمام من نزوى إلى مسقط في 10 رجب 1059 ه، و حاصر مسقط حوالي خمسة أشهر و استولى عليها في 23 يناير 1659 م. و قتل و أسر عدد من البرتغاليين وفر 700 جندي كان بعضهم على السفن فهربوا إلى الهند، انظر: رميض، غانم محمد. معركة تحرير مسقط. بحث منشور في أبحاث ندوة رأس الخيمة التاريخية: 29- 31 أغسطس 1987، ص: 207- 216؛ حنظل، فالح.

العرب و البرتغال في التاريخ، ص: 517- 520.

(826) يذكر سلوت أن من أهم التقارير الأكثر تفصيلا عن سقوط مسقط عام 1650 م هو التقرير الذي كتبه أحد الكرمليين المتواجدين في مسقط آنذاك و الموجود في أرشيف الكرميين في روما

" The main source on the fall of Muscat into the hands of the Arabs are the letters of the Carmelite in the Carmelite Archives in Rome, 42 lk and 242 a, of which parts are quoted in chronicle vol. l, pp. 853- 953 and vol. 2 p. 69."

، انظر: سلوت، عرب الخليج، الفصل الرابع هامش رقم 111، ص: 413.

240

و استفتح كثيرا من بلدانهم‏ (827)، و خرب كثيرا من مراكبهم و غنم من أموالهم‏ (828)، فقيل: إنما بنى القلعة التي بنزوى من غنيمة (829) الديو (830)، و قد لبث في بنائها اثنتي عشرة سنة. و أحدث فلج البركة (831)، الذي بين أزكي و نزوى، و هو أقرب إلى إزكي، و ربما تكلم متكلم [189] في إمامته من أسباب التجارات‏ (832)، لأن له وكلاء معروفين بالبيع و الشراء، و جمع مالا، [و وجد في زمنه‏

____________

(827) هاجم الإمام سلطان بومبي في 1065 ه و 1071 ه و 1080 م، و هاجم باسين في 1084 ه، و هاجم ديو للمرة الثانية في 1087 ه

(828) يورد جيان في كتابه رواية عن القس مانويل جودنيهو قوله في رحلته عام.

1076 ه/ 1663 م:" و لم يكتف- أي سلطان بن سيف- بإجلائنا عن بلاده بل اجترأ على اقتفاء أثرنا حتى بالبلاد التابعة لنا إذ حاصر منبسة، و عاكسنا في بومبي و أسرت سفنه سفنا برتغالية كثيرة"، انظر: جيان، الممسيو. وثائق تاريخية و جغرافية و تجارية عن أفريقية الشرقية. ترجمة يوسف كمال، ط. 1، القاهرة: 1927، ص: 251- 252

(829) كانت حملة الإمام سلطان بن سيف على ديو في شعبان 1079 ه/ مايو 1659 م و أشار إلى هذه الحملة عبد الاله بن علي الوزير في كتابع" تاريخ طبق الحلوى و صحاف المن و السلوى" حيث قال:" و في هذه الأيام غزى صاحب عمان إلى بندر الديو و هي مصالحة للفرنج و طرقه من طريق البحر الزخار، و استغفل من فيه من التجار فانتهت ما فيه من الرعائب و شحن به بطون المراكب و انقلب إلى بلاده"، انظر: الوزير، عبد الاله بن علي. تاريخ طبق الحلوى و صحاف المن و السلوى. تح: محمد عبد الرحيم جازم، مركز الدراسات و البحوث اليمني، صنعاء: 1985، ص: 247.

(830) هي شبه جزيرة ديو الواقعة في الساحل الغربي للهند

(831) هي بركة الموز

(832) أهتم الإمام سلطان بالتجارة، و ذلك نابع من كسب إعادة مكانة عمان و موقعها الاستراتيجي و ذلك لملئ الفراغ الاقتصادي الذي أحدثه انحسار السيطرة البرتغالية على المنطقة و ليظهر باستطاعة العمانيين أن يملأ هذا الفراغ، و خصوصا كان على مسرح الأحداث قوى أوروبية تطمع في ملأ هذا الفراغ السياسي الذي أحدثه اندحار البرتغاليون من المنطقة، و لهذا سعى أن تبادر الحكومة العمانية بالتجارة الخارجية و ذلك خدمة للخزانة العمانية لا تجارة خاصة كما يفهم البعض، و بناء على ذلك كانت هنالك اتصالات أوروبية بعمان من أجل التبادل التجاري و تسهيلها.

241

كثير من الفقهاء] (833) و اعتمرت عمان في عهده و زهرت، و استراحت الرعية في عصره و شكرت، و رخصت الأسعار (834)، و صلحت الأسفار، و ربحت التجار، و سدت الأثمار.

و كان متواضعا للرعية، و لم يكن محتجبا عنهم، و كان يخرج للناس في الطريق في غير عسكر، و يجلس مع الناس و يحدثهم، و يسلم على الكبير و الصغير، و الحر و العبد، و لم يزل كذلك قائما مشمرا حتى مات (رحمه اللّه) و غفر له. و قبر حيث قبر الإمام ناصر بن مرشد (835). و كانت وفاته ضحى الجمعة و سادس عشر ذي القعدة سنة تسع و خمسين و ألف من الهجرة [1059 ه] (836). و قال [190] الناسخ: لعل هذا غلط، لأن تاريخ موت الإمام‏

____________

(833) الزيادة بين معكوفتين من الأزكوي، كشف الغمة، ص: 366، من أمثال العلماء الشيخ ابن عبيدان، و الشيخ خلف بن سنان الغافري، و الشيخ سعيد بن أحمد بن محمد الخراسيني و الشيخ سعيد بن أحمد بن مبارك الكندي و غيرهم، انظر: الخراسيني، عبد اللّه بن محمد بن عامر. فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم. تحقيق محمد بن صالح ناصر و مهنى بن عمر السواجيني، مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، مسقط: 1995 م، ج 1، ط 1، ص: 246- 247

(834) و بنى الإمام سلطان بن سيف سوق إزكي و هو السوق الذي خارج من سور حصن اليمن و خارج حجرة النزار و هو مع المسجد الذي بسوق صنصرة في سنة 1079 ه/ 1668 م، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 79

(835) قبر ناصر بن مرشد في نزوى مع مساجد العبّاد غربي محلة العقر.

(836) وفاة الإمام سلطان بن سيف كان في ضحى الجمعة و سادس عشر ذي القعدة سنة و تسعين و ألف للهجرة، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 162، المعولي، محمد بن عبد اللّه بن سالم. ديوان المعولي. وزارة التراث القومي و الثقافة، مسقط:

1992، ص: 105؛ و يرى السالمي أن وفاة الإمام سلطان كان في 16 ذي القعدة 1091 ه، انظر: السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 51

242

ناصر بن مرشد 59 و ألف، و ربما أراد المؤرخ مكان الخمسين ستين‏ (837)، و اللّه أعلم.

(3) بلعرب بن سلطان اليعربي (1091 ه- 1104 ه)

فصل في عقد الإمام لولده بلعرب بن سلطان بن سيف‏

فقد عقد لبلعرب هذا، و لم تزل الرعية له شاكرة و لفضله ذاكرة، و كان جوادا كريما، و عمر يبرين [جبرين‏] و بنى بها حصنا

بنيت بيت العلى يا ابن الإمام على هام‏* * * الأعادي محل السبعة الشهب‏

في عام سبعين مع عشر و تسعة أعوام‏* * * و ألف مضت في سالف الحقب‏

فدم و عش و أبق و اسلم ما بدا قمر* * * مؤيدا في البرايا يا أبا العرب‏

(838)، و انتقل إليها من نزوى [و نصب فيها مدرسة للعلماء و المتعلمين، و رغبهم ببذل المال و أكل الفواكه، فنالت العلم بكرمه الطلبة، فغدا من كان متعلما فقيها عالما (839)، و من كان لا أديبا، أديبا شاعرا متصرفا بالعربية] (840).

____________

(837) لم يوفق الناسخ في تصحيح تاريخ وفاة الإمام سلطان، و كان الأولى أن يقول مكان الخمسين تسعين.

(838) بنى الإمام بلعرب حسن جبرين عام 1089 ه/ 1678 م قبل أن يتولى الإمامة بثلاث سنوات و هذا التاريخ قرأته على أحد مداخل الحصن في الطابق الثالث على فوة درج مقوس و كتبت عليه ثلاثة أبيات شعر يوضح تاريخ بناء الحصن ثم اطلعت عليه في كتاب قصر جبرين و كتاباته للدكتور إيروس يلديسيرا، من منشورات وزارة التراث القومي و الثقافة ط. 1، مسقط: 1994، ص: 79، و الأبيات هي:

بنيت بيت العلى يا ابن الإمام على هام‏* * * الأعادي محل السبعة الشهب‏

في عام سبعين مع عشر و تسعة أعوام‏* * * و ألف مضت في سالف الحقب‏

فدم و عش و أبق و اسلم ما بدا قمر* * * مؤيدا في البرايا يا أبا العرب‏

و يبلغ طول الحصن 43 مترا، و عرضه 22 مترا و يبلغ طول السور الشرقي 72 و الجنوبي 65 مترا، و الشمالي 30 مترا و مدخله من الشمال و يبلغ أرتفاع الحصن 22 مترا، انظر: القلاع و الحصون في عمان، ص: 132 و ما بعدها

(839) يذكر مهنا بن خلفان البوسعيدي أن العالم المغربي عمر بن سعيد بن محمد بن زكريا الجربي هو الذي حث الإمام بلعرب على نشر التعليم في عمان، انظر: نص الخطاب في كتاب لباب الآثار للسيد مهنا بن خلفان بن محمد البوسعيدي، ج 1، ص: 148- 151؛ كذلك انظر: السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 87 و ما بعدها.

(840) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 293.

243

ثم وقعت بينه و بين أخيه سيف بن سلطان فتن‏ (841)، و أصاب كثيرا من أهل عمان، من فقهائهم و مشايخهم أهل الورع و الزهد و العلم عقوبات كثير إلى أن تلفت نفوسهم من إتباع السفهاء و اقتفاء آرائهم و قبول كلمتهم.

ثم إنه خرج من نزوى، و قصد ناحية الشمال‏ (842) [191]، ثم رجع إلى نزوى، فمنعه أهل نزوى [من‏] دخولها، فسار إلى يبرين، و اجتمع أكثر أهل عمان، و عقدوا الإمامة لأخيه سيف بن سلطان. و أحسب أن الأكثر دخل في الأمر تقية، و أحسب أن بعضا عوقب بتركه الدخول في العقد، و أخرج سيف أخاه و أخذ كافة حصون عمان، و لم يبق إلا حصن يبرين، فسار إليه و حاصره و وقع بينهم الحرب‏ (843)، حتى مات بلعرب في الحصار [في ليلة

____________

(841) ليس لدينا معرفة عن الأسباب الداعية إلى قيام سيف بن سلطان على أخيه بلعرب و عزله، إلا أننا نتكهن أن السبب هو مصالحة الإمام سلطان للبرتغاليين في عام 1083 ه/ 1672 م و وقد أشار إلى هذه المصالحة المؤرخ اليمني عبد الاله بن علي الوزير في كتابه تاريخ طبق الحلوى و صحاف المن و السلوى، ص: 294 فهل الإمام بلعرب جدد الاتفاقية في عام 1101 ه/ 1689 م، كما تذكر المصادر الهولندية و التي تنعتها بأنها في صالح البرتغاليين و أنها أثارت بنود الاتفاقية المعارضة في عمان بقيادة سيف بن سلطان، انظر: سلوت، عرب الخليج: 1602 م- 1784 م، ص: 216.

(842) في الأصل: سمايل و التصويب من مخطوطة (ل) و (ت: 2) و (ب) و (د)

(843) في 30 رجب 1104 ه/ 6 ابريل 1693 م وجه سيف بن سلطان رسالة إلى أخيه بلعرب بن سلطان و هو محاصر في حصن يبرين يذكر فيها أنه أتي برجاله إلى يبرين و يطلب منه و من أصحابه إلى الخروج، و يمهله ثلاثة أيام و يحدد له يوم الخميس و الثاني من شعبان، و من قوله:" فإني لك محب مشفق ناصح و دود و صادق صفي محق أمين، و ستجد من ثمرة ذلك إن أجبتنا لما تريد إن شاء اللّه- و أنت قد جربي ما

244

الأحد و ثاني و عشرين ليلة خلت من شهر شعبان سنة أربع سنين و مائة و ألف للهجرة (9 مايو 1693 م)] (844)، [و قيل: إنه لما اشتد عليه الحصار و تعذر له الانتصار توضأ، فصلى للّه ركعتين، و سأل ربه أن يميته، و هو راض عنه، فاستجاب اللّه دعاؤه، فمات من ساعته‏] (845)، فطلب أصحابه الأمان ليخرجوا من الحصن فأمنهم سيف، فخرجوا من الحصن‏ (846). و أحسب أن بعضا من أهل العلم لم يزالوا متمسكين بإمامته حتى مات‏ (847)، و يرون أن سيف بن سلطان باغ على أخيه.

(4) سيف بن سلطان اليعربي (1104 ه- 1123 ه)

و استولى سيف بن سلطان [بن سيف بن مالك‏] [192] على كافة عمان. فلم يزل مقيما منصفا بينهم رادا قويهم عن ضعيفهم، و هابته القبائل من عمان و غيرها، من الأمصار، و حارب النصارى في جميع الأقطار، و أخرجهم من ديارهم،

____________

جربت، و رأيت ما رأيت، و قد كلفني الدهر ما يسونني فيك، و قلبي حازن عليك" لكن الإمام رفض ذلك و بقى محاصرا حتى وفاته في 22 شعبان من نفس العام، انظر الرسالة في: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 405- 406.

(844) الزيادة بين معكوفتين [...] من البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 163.

(845) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 294.

(846) و دفن الإمام داخل الحصن في الطابق الأرضي على يسار مدخل الحصن و بقرب الفلج و على جدرانه الثلاثة كتابات من جهاته الثلاث لكن هذه الكتابات مشوهة تقرأ مقطعة، و على رأسه شاهد حجري صغير أسود اللون تتكون من عدد من الأسطر، لكن قراءته بها صعوبة و اللّه المستعان، لمزيد من المعلومات انظر: بلديسيرا، إيروس.

قصر جبرين و ط. 1، ص: 93 و ما بعدها.

(847) و رثاه الحبسي بقصيدة ميمية انظر: ديوان الحبسي، تحقيق عبد العليم عيسى، وزارة التراث و الثقافة، مسقط: 1982 م، ص: 509 و ما بعدها.

245

و ابترهم من قراهم، و أخذ منهم بندر ممباسة (848) و الجزيرة الخضراء و زنجبار، و بته، و كلوة، و غيرها، و هذه البلدان من ناحية بر الزنج [بأرض السواحل‏] (849).

و عمر عمان كثيرا و أجرى فيها الأنهار، و غرس الأشجار و النخل و جمع مالا جما، قيل: الأصول التي صارت بعمان مقدار [ثلث أصولها] (850)، و الأفلاج التي أجراها، سبعة عشر فلجا حدثا [منهن‏] (851) أفلاج مسفاة الرستاق، و فلج [الكوثر من‏] الحزم، و فلج الصائفي [بالرستاق‏]، و فلج الهوب، و أفلاج [جملة] (852) جعلان [193]، و [فلج‏] البزيلى [من الظاهرة] (853) الذي عند البدو، [و فلج البرزمان‏] (854) و غيرها كثير.

و غرس في نعمان‏ (855) من ناحية بركاء من الباطنة [من نخلة] المسيلى ثلاثة آلاف نخلة و من النارجيل ستة آلاف، [غير الذي غرسه ببئر النشاوة و الراضة و المنذرية، و أشترى أموال‏

____________

(848) حول فتح ممباسا، انظر: العمانيون و قلعة ممباسا، سلسلة تراثنا رقم 9، وزارة التراث القومي و الثقافة، مسقط: 1985 م.

(849) الزيادة بين معكوفتين [...] من مخطوطة (ل) و (د)

(850) في الأصل: ثلثها له، و التصويب من مخطوطة (ل) و (ت: 2) و (ب) و (د)

(851) في الأصل: غير، و التصويب من مخطوطة (ل) و (ت: 2) و (ب) و (د)

(852) الزيادة بين معكوفتين [...] من مخطوطة (ل) و (ت: 2) و (د)

(853) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 295

(854) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 295

(855) النعمان قرية من قرى ولاية بركاء و تقع إلى الغرب من بركاء و على بعد 4 كيلومتر، و تبعد عن الطريق العام بحوالي 2 كيلومتر، بها بيت النعمان بناه الإمام سيف بن سلطان، و عهد آلبوسعيد، أصبح ملكا للإمام أحمد بن سعيد، انظر: القلاع و الحصون في عمان، ص: 110

246

بني لمك و أموال بني عدي من وادي السحتن‏] (856)، و له غير ذلك أموال كثيرة من المصنعة و كافة الباطنة لا تحصى. و ملك إماء و عبيدا، سمعت، قيل: إن عددهم ألف و سبعمائة نفر [و ملك من الخيل عدد لا يحصى، و قيل أن عدد جيشه الذي دخل به الهند ستة و تسعون ألف‏ (857) عنان من الفرسان‏] (858).

و كان شديد الحرص على المال، و غرس [أشجار مجلوبة] (859) من البحر، و أشجارا في الجبل، مثل الورس و الزعفران [و البن‏] (860)، و جلب له ذباب النحل.

و قويت عمان به، و صارت خير دار. و قيل: ملك من السفن أربعة و عشرين مركبا، و قيل: ثمانية و عشرين، فالكبار خمسة (861)، الملك و الفلك و الرحماني، و كعب راس [194] و الناصري، و البواقي كبار، لكن ليس مثل هؤلاء (862). فوصف الملك فيه ثمانين مدفعا، و بعض المدافع عرم أصله من ورائه ثلاثة أشبار و عرم دفته مقدار ثلاثة أذرع، و علوه سبع قامات دون الدقالة (863)

____________

(856) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 295

(857) أشار راشد بن سعيد الحبسي في ديوانه إلى مثل هذا العدد من الخيل في قصيدة سماها" الخيلية و انظر: ديوان الحبسي، تحقيق عبد العليم عيسى، وزارة التراث و الثقافة، مسقط: 1982 م، ص: 85 و ما بعدها.

(858) الزيادة بين معكوفتين [...] بتصرف من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، 106

(859) في الأصل: الأشجار من البحر و التصويب من مخطوطة (ل) و (ت: 2) و (ب) و (د)

(860) الزيادة بين معكوفتين [...] من مخطوطة (ل) و (ت: 2) و (ب) و (د)

(861) في الأصل: كتبت 5

(862) في الأصل: هاولاء

(863) الدقالة: جمع دقل و الدقل هو صارية و هو عبارة عن عمود من الخشب الصلب تشد في وسط السفينة يمد عليه الشراع و يحفظ توازن السفينة.

247

، و أوصافه لا تحصى، و أما الفلك أعرض منه، و ربما طوله مثله إلا أنه أسخف‏ (864) منه، و الأواخر دون ذلك بقليل. و قيل:

رأس المال الذي بيد وكيله بمسقط سبعة و خمسون لك محمدية، و لا تحصى أوصاف أشيائه.

و توفى في الرستاق، و قبره في القبة (865) التي فوق القرن غربي قلعة الرستاق و كانت وفاته ليلة الجمعة ثالث رمضان من سنة ثلاث [195] و عشرين سنة و مائة و ألف [1123 ه/ 15 أكتوبر 1711 م‏]، و اللّه أعلم.

____________

(864) سخف: تعني رقيق، و كل ما رق فقد سخف، انظر: ابن منظور، لسان العرب، ج 9، ص: 145 مادة" س خ ف"

(865) ذكر ابن رزيق أن القبة بناها ولده سلطان بن سيف و أن الوهابية أهل نجد هدموها، انظر: ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 295

248

(5) سلطان بن سيف اليعربي (1123 ه- 1131 ه)

ثم عقد لولده [سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي‏]. فقام و استقام و جاهد الأعداء في البر و البحر، و حارب العجم في مواضع شتى، و أخرجهم من بلدانهم، و دمرهم في أوطانهم من البحرين‏ (866) و القشم و لارك و هرموز (867)، و ملك البلدان التي بقرب ذلك‏ (868)، و بنى حصن الحزم‏ (869) بالجص و الحجر، و أنتقل من الرستاق إليه، و أنفق ما ورث من أبيه من المال، و اقترض كثيرا من أموال المساجد و الوقوفات ألوفا و لكوكا، و لم تتحرك عليه حركة من أهل عمان و لا غيرها، و ربما ذلك بقية بقيت له من هيبة أبيه.

و مات في حصن الحزم الذي بناه‏ (870)، و قبره في البرج الغربي النعشى‏ (871)، و كانت [196] وفاته يوم الأربعاء في شهر

____________

(866) كان استيلاء الإمام على البحرين في عام 1717 م و بني فيها قلعة عراد، و نظم الحبسي قصيدة سماها البحرينية ذكر فيه افتتاح الإمام سلطان البحرين و يهنئه بالنصر و يرثي بعض المشايخ الذين استشهدوا بها، انظر: ديوان الحبسي، تحقيق عبد العليم عيسى، وزارة التراث و الثقافة، مسقط: 1982 م، ص: 60 و ما بعدها.

(867) تقع جزر قشم و لارك و هرمز في مدخل الخليج العربي‏

(868) غزا الإمام سلطان لنجة الواقعة على الساحل الفارسي و كان حاكمها شجاع الدين العجمي، و سبب ذلك أن أهل لنجة أستولوا على سفينة عمانية و نهبوها و رفضوا إعادتها، انظر: ابن رزيق، الشعاع الشائع، ص: 285

(869) الحزم قرية من قري ولاية الرستاق، تقع أسفل الرستاق تبعد عنه بحوالي 20 كم، و على بعد 25 كم من الساحل، و كان الإمام سيف أجرى فلج الحزم و سماه فلج الكوثر، و شيد الإمام سلطان حصن الحزم و يوجد في الحصن كتابة على أحد الأبواب تؤكد اسم باني الحصن و هو الإمام سلطان و تاريخ البناء في عام 1120 ه/ 1708 م، و نعرف أن هذا التاريخ كان والده يحكم عمان إلّا إذا كان ثمة غلط في قراءة التاريخ، انظر: القلاع و الحصون في عمان، ص: 138

(870) و رثاه الشاعر الحبسي بقصيدة ميمية، انظر: الديوان، ص: 514 و ما بعدها

(871) في مخطوطة (ت: 2) تعقيب من الناسخ حول مكان دفن الإمام سلطان فقال:" أنه لا في البرج الغربي بل أنه دفن تحت جسار الفلج و بنت عليه قبة و دفن ولده سيف فيها عنده" المخطوط، ص: 57

249

جمادى الآخر لخمس ليال خلون منه سنة إحدى و ثلاثين و مائة و ألف [1131 ه/ 25 ابريل 1719 م‏] [و كانت إمامته سبع سنين و تسعة أشهر، و بموته انتقض الشر في عمان و جرت فيهم العصبية و الحمية] (872).

____________

(872) الزيادة بين معكوفتين [...] من السالمي، تحفة الأعيان، ج 2، ص: 121

250

(18) ذكر اختلاف اليعاربة بعد سلطان بن سيف‏

(1) رغبة القبائل في تنصيب سيف بن سلطان:

أرادت القبائل الذين في قلوبهم الحمية و العصبية أن يكون مكانه ولده سيف، و هو صغير لم يراهق، و أراد أهل العلم [و بنت الإمام سيف بن سلطام‏] (873) أن يكون الإمام المهنا بن سلطان بن ماجد بن مبارك‏ (874)، و هو الذي تزوج بنت الإمام سيف أخت سلطان هذا (875)، إذ هو فيما عندهم أهل لذلك، فإنه ذو قوة عليها، و لم يعرفوا منه ما يخرجه من الولاية، و لم تجز الإمامة للصبى على حال، كما لا تجوز إمامته للصلاة، فكيف يكون إمام مصر يتولي الأحكام و يلي الأمور و الدماء و الفروج. و لا يجوز أن يقبض ماله، فكيف [197] يجوز أن يقبض مالا آل إليه، و مال الأيتام و الأغياب، و من لا يملك أمره [فكيف أن يملك أمور غيره‏] (876).

(2) دور الشيخ عدي بن سليمان الذهلي:

____________

(873) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الشعاع الشائع، ص: 286

(874) ذكر ابن رزيق أن مهنا بن سلطان هو ابن الإمام سلطان بن سيف بن سلطان و أخو لسيف الصغير، و هذا خطأ من ابن رزيق لأن مهنا ليس ابنا لسلطان بن سيف، انظر: قصيدة الرثاء للحبسي في ديوانه، ص: 514، و كذلك قصيدته في مدح و تهنئته بالإمام، ص: 111.

(875) هي السيدة شيخة بنت سيف بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربية، تزوجها قبل مهنا الشيخ مرشد بن عدي بن جاعد بن مرشد بن مالك اليعربي، فولدت له الإمام سلطان بن مرشد، و بعد طلاقها أو موته تزوجها مهنا بن سلطان بن ماجد بن مبارك بن أبي العرب بن سلطان، فولدت له عدد من الأولاد من بينهم سيف بن مهنا اليعربي.

و ماتت السيدة شيخة في يوم السبت 8 رمضان 1131 ه/ 26 يوليو 1719 م بعد تنصيب زوجها مهنا إماما، و كانت من أهم المعارضين لبيعة ابن أخيه داعمة رأى العلماء في ذلك، انظر: البطاشي، إتحاف الأعيان، ج 3، ص: 164، 165

(876) الزيادة بين معكوفتين [...] من ابن رزيق، الفتح المبين، ص: 301