الاعتداء على السفارة الأمريكية بتونس

مثلت التعويضات المقترحة من الجانب التونسي إلى الجانب الأمريكي بخصوص الاعتداء على السفارة الأمريكية بتونس سنة 2012 موضوع جدال كبير شغل العديد من التونسيين.

وكان المئات من المحتجين التونسيين قد أقدموا يوم 14 سبتمبر 2012على التظاهر والاعتداء على مقر السفارة الأمريكية بتونس احتجاجًا على بث الفيلم المسيء للرسول "براءة المسلمين"، وقد أدى الاعتداء إلى مقتل أربعة من المعتدين وإصابة العشرات خلال مواجهات مع الشرطة، بعد إحراق ونهب السفارة الأمريكية والمدرسة الأمريكية.

واعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الاعتداء إخلالاً جسيمًا من الجانب التونسي بالتزاماته وفق مقتضيات الاتفاقية الدولية خاصة اتفاقية فيينا لسنة 1961 التي تنص على وجوب تعهد الدولة المضيفة بحماية مقرات وممتلكات البعثات الدبلوماسية المعتمدة في بلادها.

وتلقى مكتب مجلس البرلمان التونسي مطلع هذا الأسبوع مشروع قانون يتعلق بالتعويض للسفارة الأمريكية على خلفية الهجوم الذي تعرضت له في شهر سبتمبر من سنة 2012 وما خلفه من أضرار.

وأبرمت الحكومة التونسية يوم 15 مايو 2015 اتفاقية تعويض مع الحكومة الأمريكية وتم إرفاقها بمشروعي قانونين قُدما للبرلمان للمصادقة عليهما؛ النص الأول سمُي "مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على مذكرة التفاهم المبرمة في تاريخ 15 مايو 2015 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية حول تسوية الوضعية المترتبة عن الأحداث التي جدت في تاريخ 14 سبتمبر 2012 (مشروع القانون تحت عدد 67 لسنة 2015)".

في حين سمّي مشروع القانون الثاني "مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على مذكرة التفاهم المبرمة في تاريخ 8 أبريل 2015 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية حول المدرسة الأمريكية بتونس المسماة Americain cooperative school of tunis (مشروع القانون تحت عدد 77 لسنة 2015)".

وأبرمت مذكرة التفاهم بين ممثل الحكومة التونسية الطيب البكوش وزير الخارجية ووممثلي الولايات المتحدة الأمريكية السفير جاكوب والس وأيضًا مدير المدرسة التعاونية الأمريكية بتونس.

وتطالب الولايات المتحدة الأمريكية تونس بمبلغ مالي قدره 12.882 مليون دولار أمريكي تعويضًا عن أضرار السفارة، وقرابة 5.495 ملايين دولار تعويضًا عما لحق بالمدرسة التابعة لها من تخريب، واعتبرت السفارة الأمريكية في مذكرة شفوية وجهتها للخارجية التونسية في 19 مايو 2013، أن المبالغ المطلوبة هي التكلفة التي قدرتها لحجم الخسائر.

وقدمت السفارة الأمريكية مقترحًا يقضي بالتخلي عن الغرامة المالية في التعويض، والبالغ إجمالاً ما يناهز 18 مليون دولار، لقاء تفويت تونس لقطعة الأرض المقامة عليها المدرسة الأمريكية، والمقدرة بنحو 22848 مترًا مربعًا، وقدرت وزارة أملاك الدولة التونسية قيمة الأرض التي تطالب بها أمريكا، بـ12.337.929 دينار تونسي أي ما يعادل نصف قيمة التعويض المالي (قرابة 9 ملايين دولار).

وطالبت كتلة الجبهة الشعبية (يسار) بأن يتم التصويت على مشروعي التعويض في جلسة عامة للبرلمان عوضًا عن صدور الموافقة عليها من مكتب المجلس.

فيما اعتبر تونسييون أن تنازل دولتهم عن قطعة أرض لدولة أجنبية يمثل انتهاكًا لسيادة الدولة، وطالبوا الحكومة بالتراجع عن مشروعي قانوني التعويض.

واعتبر القيادي في حركة نداء تونس - أحد الأحزاب الأربعة المكونة للائتلاف الحاكم في تونس - أن "المشروع لا يمثل انتهاكًا لسيادة الدولة، وإنما يأتي في سياق تعويض للسفارة عما طالها من تخريب تقع المسؤولية في وقوعه على الدولة التونسية".

وشهدت السفارات الامريكية في العديد من الدول العربية هجمات متزامنة وقعت في سبتمبر 2012 ، كان أولها في 11 سبتمبر ببنغازي (مقتل السفير الأمريكي في ليبيا) والقاهرة، وفي 13 سبتمبر في صنعاء والأردن ولبنان والعراق وتونس والسودان والجزائر بالإضافة إلى الهند.