أحمد فضل شبلول ينال جائزة الدولة للتفوق في الآداب

بين الشعر والرواية والبحوث شاعر وروائي مصري يرسّخ تجربة مختلفة على مدى عقدين.
الثلاثاء 2019/06/25
بعد ستين كتابا وما زالت الرحلة متواصلة

كشفت مصر مؤخرا عن الفائزين بجوائز الدولة في مختلف فروعها الأدبية والعلمية والفنية، حيث توّجت ثلة من المبدعين والباحثين المصريين على عطائهم، في خطوة تكريمية هامة لأسماء بذلت للثقافة والإبداع والعلم الكثير، ويمثل تتويجها تتويجا للعمل الدؤوب وثمرة للمثابرة.

القاهرة - لم تكن تلك المرة هي الأولى التي يتقدم فيها الشاعر والروائي أحمد فضل شبلول للحصول على جائزة الدولة للتفوق في الآداب، فقد سبق أن رشحه أتيليه الإسكندرية، ولكنه لم يفز بها في العام الماضي، فأصرّ مجلس إدارة الأتيليه على إعادة ترشيحه هذا العام، ففاز بها عن مجمل أعماله في الشعر والرواية وكتب الأطفال وأدب الرحلات والدراسات الأدبية والنقدية والتي بلغت أكثر من 60 كتابا حتى الآن.

وجاء في مبررات ترشيح أتيليه الإسكندرية لأحمد فضل شبلول أنه يعد من أنشط شعراء جيله تأليفا ومشاركة في المؤتمرات والندوات والمتلقيات الأدبية والثقافية داخل مصر وخارجها، وفاز بجائزة الدولة التشجيعية في شعر الأطفال عام 2007 عن ديوانه الأول للأطفال “أشجار الشارع أخواتي” وأعقبه بخمسة دواوين شعرية للأطفال، آخرها ديوان “أحب الحياة” الذي صدر عن دار الهلال 2017، فضلا عن كتبه ودراساته الأخرى في مجال أدب الأطفال ومنها “تكنولوجيا أدب الأطفال” وهو البحث الفائز بجائزة المجلس الأعلى للثقافة عام 1999 ثم طبعه في كتاب بعد ذلك صدر عام 2000، بالإضافة إلى كتابه الذي أصبح مرجعا في شعر الطفولة “جماليات النص الشعري للأطفال” وكتابه “أدب الأطفال في الوطن العربي.. قضايا وآراء” ومعجمه “معجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين” وغيرها من الإصدارات سواء في مجال الطفولة أو في مجال الكتابات الأدبية العامة من شعر ودراسات أدبية ونقدية، وأدب رحلات.

كما اختير أحمد فضل شبلول عضوا في اللجنة العلمية الدائمة لمؤتمر “ثقافة الطفل بين الواقع وتحديات المستقبل” بسلطنة عُمان. واختير من قبْل مُحكّمًا في عدد من المسابقات والجوائز المحلية والعربية في أدب الأطفال وصحافتهم، ومنها “جائزة نادي دبي للصحافة”.

كما أُعدّت رسائل علمية ما بين ماجستير ودكتوراه عن أدب أحمد فضل شبلول آخرها رسالة الماجستير للطالبة السعودية فاطمة القرني بكلية الآداب جامعة الطائف السعودية “بنية العلامات في أدب الأطفال عند أحمد فضل شبلول”.

بوابة الدخول إلى عالم الرواية
بوابة الدخول إلى عالم الرواية

الرواية والشعر

أخيرا ولج الشاعر أحمد فضل شبلول عالم الرواية فأصدر روايته الأولى “رئيس التحرير.. أهواء السيرة الذاتية” التي تركت أثرا كبيرا فور صدورها وكتب عنها أكثر من 30 ناقدا وكاتبا وأديبا من أنحاء الوطن العربي، وأصدر عنها الناقد المغربي مصطفى شميعة كتابا بعنوان “رئيس التحرير.. سيرة الرواية ورواية السيرة.. دراسات في ضوء مفاهيم النقد الحديث” يضم معظم ما كُتب عن تلك الرواية، فاختار عشر دراسات قيّمة وعشر مقالات مهمّة وخمسة حوارات مرجعية حول الرواية أجريت مع مؤلفها أحمد فضل شبلول في منابر إعلامية مختلفة.

ويقول الناقد المغربي عن رواية “رئيس التحرير”، “يمكن القول إن رواية ‘رئيس التحرير’ هي رواية فضح للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي، رواية رئيس تحرير الوعي العربي، من قبضة الخوف والارتزاق، الخوف من الأنظمة الفاسدة والارتزاق بالمبادئ والاسترزاق بالمواقف. نحن أمام عمل سردي يحيل على الكثير من الأحداث والتفاصيل، يحكي عن حرقة الكاتب الصحافي بطريقة تُسائل الذات من جهة قدرتها على أن تكون في مستوى رئيس تحرير للوعي الصحافي العربي، وليس فقط رئيس تحرير مجلة ورقية. إنها بامتياز رواية لتحرير الوعي الصحافي من الكتابات الضالة المشوشة على وعينا الجمعي، وهي وإن كانت أهواء، فهي أضواء منيرة في زمن الغبن والظلام”.

ثم أصدر شبلول روايته الثانية “الماء العاشق” 2018، ثم روايته “اللون العاشق.. محمود سعيد” في العام نفسه.

وفي مجال الشعر أصدر أحمد فضل شبلول خلال مسيرته الشعرية 13 ديوانا شعريا آخرها ديوان “اختبئي في صدري” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2017.

وقد كتب الكثير من النقاد والدارسين والشعراء عن مسيرة الشاعر أحمد فضل شبلول الشعرية، فقال الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل في كتابه “تحولات الشعرية العربية” “إن في قصيدة شبلول نفسا آخر هو الذي يمثل العصب الحسَّاس لشعر شبلول كله، وهو يتمثل في هذا التماهي بين الفنان والمكان، بحيث تصبح جمالياته هي التي تشكل وعيه، وتحدد مفردات تصوره للكون، فالإسكندرية ليست بالنسبة لفضل شبلول مجرد مكان للميلاد أو الإقامة، ولكنها وعاء روحه وجسد شعره ومجلى حياته”.

ويضيف “إن الحس الوضيء والمشهد المتوسطي المفتوح على جمال الفضاء يمثلان الخلفية التشكيلية المنسكبة في كلمات الشاعر، والمحددة لإطار وعي قارئه بعالمه، بحيث لا تقوم أي صعوبة لحنية أو دلالية في اندماج هذين الأفقين في حضن واحد مفعم ببهجة التحرر، وحينئذ تتحقق شعرية فضل شبلول في أجمل تجلياتها الإبداعية”.

أحمد فضل شبلول أنه يعد من أنشط شعراء جيله تأليفا ومشاركة في المؤتمرات والندوات والمتلقيات الأدبية والثقافية داخل مصر وخارجها

وكتب عنه الشاعر الكبير الراحل فاروق شوشة في كتابه “أصوات شعرية مقتحمة” قائلا، “لم يكن أحمد فضل شبلول ـ في يوم من الأيام ـ مجرد واحد من أصوات الإسكندرية الشعرية المقتحمة‏، وإنما كان ـ بالإضافة إلى ذلك ـ واحدا من أبرز الدارسين والباحثين ـ في جيله ـ لواقعها الأدبي والثقافي‏، قبل أن يتجاوز هذه الدائرة الجغرافية الضيقة‏، لتصبح اهتماماته وشواغله باتساع العالم العربي كله”‏.‏

ومن هنا فإن إبداع أحمد فضل شبلول تجلى في مجموعاته الشعرية‏‏ “مسافر إلى الله‏” (1980)‏ “ويضيع البحر” ‏(1985)‏ و”الطائر والشباك المفتوح‏” (1998)‏ و”تغريد الطائر الآلي”‏ (1999)‏ والمجموعة المشتركة‏ “عصفوران في البحر يحترقان‏” (1986)‏ إضافة إلى الشعر الذي كتبه للأطفال في مجموعتيه‏‏ “أشجار الشارع أخواتي‏” (1994)‏ و”حديث الشمس والقمر”‏ (1997)‏.

يوازي هذا الإبداع الشعري ويجاوره دراساته الأدبية والنقدية عن أصوات من الشعر المعاصر، وقضايا الحداثة في الشعر والقصة القصيرة، وجماليات النص الشعري للأطفال، وأدباء الإنترنت أدباء المستقبل، ومن أوراق الدكتور هدَّارة، وأصوات سعودية في القصة القصيرة، ونظرات في شعر غازي القصيبي، وأدب الأطفال في الوطن العربي، بالإضافة إلى جهوده في المعجمية العربية التي تمثلت ـ حتى الآن ـ في إصدار معجم الدهر، ومعجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين، ومعجم أوائل الأشياء المبسط‏.‏ وفي ختام القائمة يجيء كتابه‏‏ “بيريه الحكيم يتحدث”، وهو تبسيط لبعض أعمال توفيق الحكيم للأطفال‏.‏

إنجاز إبداعي

تجربة ثانية في عالم الرواية
تجربة ثانية في عالم الرواية

هذا الإنجاز الإبداعي والبحثي الذي حققه أحمد فضل شبلول في عقدين متتابعين من الزمان، إذا اعتبرنا عام ‏1980‏ بداية الانطلاق الحقيقية لصوته مع صدور مجموعته الشعرية الأولى، يكشف عن مدى الجهد والجلد والدأب والمعاناة في مسيرته‏، وعن كدحه المستمر في دوائر متداخلة من الانشغال الإبداعي والبحثي‏، والعودة من هذا الكدح بصيد وفير يفوق بكثير ما حققه أي من أبناء جيله ـ في الإسكندرية أو في غيرها ـ خلال هذه الحقبة من الزمان‏.‏

وقال عنه الناقد الراحل الكبير الدكتور محمد زكي العشماوي في كتابه “شعراء الإسكندرية وتجاربهم الإبداعية”: ألخص رؤيتي في ديوان “شمس أخرى بحر آخر” للشاعر أحمد فضل شبلول في كلمات فأقول لقارئ هذا الديوان “حسبك أن تقرأ قصيدة أو قصيدتين حتى تشعر أنك في حضرة شاعر مرهف الحس، رحب الخيال، خفيف الظل، صافي النبعة، صادق النبرة، ولأنه كذلك تراه يتنكَّب السبل المطروقة والقوالب المألوفة. يترفَّع عن المبتذل في اللون واللحن، وفي المبنى والمعنى، لا يتصنّع ولا يتكلّف أو يهوِّل عليك بالضجيج والصخب. بل هو شاعر يبثّ شعوره بالحياة بثًّا أشبه ما يكون برذاذ المطر يتساقط في سُكنة الليل على البقاع العطشى فيؤنسها ولا يزعجها ويحييها ولا يجرفها”.

ويقول عنه الشاعر الكبير أحمد سويلم “حينما نتحدث عن شبلول، فنحن أمام روافد كثيرة لطاقته الإبداعية، وأحسبه الشاعر الوحيد الذي تحيّز إلى مخاطبة الحاسوب، وحاول أن يتحاور مع الأرقام، ويقرِّب لنا هذا العالم الغامض الجاف في صورة إبداعية متفردة. ولكنه على الرغم من ذلك يخبئ في داخله شعوره بالتوجس والخوف من هذا الجهاز المتوحش الذي يمكنه أن يجمِّد مشاعر الإنسان بما يحمله من الجليد والحديد”.

الإنجاز الإبداعي والبحثي الذي حققه أحمد فضل شبلول في عقدين، يكشف عن مدى الجهد والمعاناة في مسيرته

وقال الناقد الكبير الراحل الدكتور محمد مصطفى هدارة عن ديوان “ويضيع البحر”، “تابعت خطى الشاعر أحمد فضل شبلول في كتابات سابقة، وعندما جاءني ديوانه ‘ويضيع البحر’ وأقبلت عليه أقرأ ما فيه، استبان لي أمر على جانب كبير من الأهمية، وهو ظهور البحر لأول مرة في ديوان متخصص ينعش عقل الشاعر ووجدانه وقلبه، بحيث نقول إن أثر البحر عندما نحاول أن نفتش عنه في القصة السكندرية وفي الشعر السكندري نراه قد بدا شامخا، قويا، في هذا الديوان. فهذا الديوان كله، من أوله إلى آخره، كتب في عشق الإسكندرية، في عشق حضارتها، في عشق تاريخها، في عشق حبات رمالها، في عشق شاطئها وبحرها، في عشق كل ذرة فيها”.

ويقول عنه الناقد الدكتور السعيد الورقي، أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، “قدم أحمد فضل شبلول في ديوانيه الأولين شعرا له عمق الفكر وبساطة التوصيل‏، مصحوبا ـ إلى حد ما ـ ببعض الابتكارات في الصياغة التي جاءت نتيجة امتزاج الشاعر لديه بالكون‏، وسعيه إلى أن يكون خالق رموزه وصوره‏، ونتيجة لاتحاد التجربة الروحية والميتافيزيقية والكيانية والمادية ـ وهكذا عرفنا شبلول شاعرا يحدث أثرا بلا ضوضاء ـ ويتابع شبلول الطائر، وجدانيته الحسية في ديوانه الجديد ‘تغريد الطائر الآلي’ ولكن من خلال مفردات كونية جديدة تنهل من علوم الكمبيوتر والطبيعة والكيمياء والفضاء وسائر العلوم المادية الأخرى،‏ إلى جانب الطبيعة والإنسان،‏ فكأنه بهذا يقدم الطبيعة إزاء المعرفة‏، والفن في مقابل المادة التكنولوجية‏”.‏

لهذه الأسباب اختارت لجنة فحص الأعمال المتقدمة للحصول على الجائزة تصعيد أحمد فضل شبلول في قائمتها القصيرة، والتي بلغت أربعة كتّاب على أن يتم تصويت اللجنة العليا للمجلس الأعلى للثقافة على كاتبين فقط من الأربعة للحصول على الجائزة كان شبلول واحدا منهما.

أعلنت مصر أخيرا عن جوائزها السنوية في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والتي باتت تحظى باهتمام إقليمي بعدما أضيفت لها في العام الماضي جائزة جديدة تمنح للمبدعين العرب. وفاز بجائزة النيل للمبدعين العرب في الفنون أو الآداب أو العلوم الاجتماعية، وهي الأرفع والأعلى قيمة، المعماري الفلسطيني-الأردني راسم بدران.

وتبلغ قيمتها 500 ألف جنيه (نحو 30 ألف دولار) إضافة إلى ميدالية ذهبية. وعلى المستوى المحلي فاز بجائزة النيل في فرع الفنون الفنان التشكيلي أحمد نوار، وفي فرع الآداب وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور، وفي فرع العلوم الاجتماعية رئيس جامعة القاهرة ووزير التعليم العالي الأسبق مفيد شهاب.

وفي جوائز الدولة التقديرية والتي تبلغ قيمتها 200 ألف جنيه (نحو 12 ألف دولار) فاز في فرع الفنون المخرج المسرحي فهمي الخولي ومخرج الأفلام الوثائقية هاشم النحاس والمعماري عبدالحليم إبراهيم، بينما فاز في فرع الآداب أستاذ النقد والبلاغة محمد عبدالمطلب والكاتب المسرحي محمد أبوالعلا السلاموني والشاعر محمد الشهاوي. وفي فرع العلوم الاجتماعية فاز أستاذ الفلسفة المعاصرة وعلم الجمال سعيد توفيق وأستاذة القانون التجاري سميحة القليوبي وأستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا محمد أحمد غنيم، بينما حجبت الجائزة الرابعة.

وفي جوائز الدولة للتفوّق والتي تبلغ قيمتها 100 ألف جنيه (نحو ستة آلاف دولار) فاز في فرع الآداب الكاتب أحمد فضل شبلول والشاعر فؤاد طمان. وفي فرع الفنون فاز أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة إبراهيم الدسوقي والمعمارية ابتسام فريد، وفي فرع العلوم الاجتماعية فاز أستاذ التاريخ جمال شقرة وأستاذ الآثار الإسلامية عاطف منصور وأستاذة الإعلام هويدا سيد علي. كما أعلن المجلس الأعلى للثقافة جوائز الدولة التشجيعية التي تمنح في ثمانية فروع وتبلغ قيمتها 50 ألف جنيه مصري (نحو ثلاثة آلاف دولار) وتمنح للشبان دون أربعين عاما.

14