مجلة لوغوس

مجلة فلسفية محكمة تصدر كل ستة أشهر عن مخبر فينومونولوجيا وتطبيقاتها

قضايا الخلاف في الفكر العربي المعاصر
Free
العدد الثاني

قضايا الخلاف في الفكر العربي المعاصر

  • 00m 00s

نقصد بالفكر العربي المعاصر تلك التيارات الفكرية التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين ، والتي كانت انعكاسًا لجملة من المتغيرات الاجتماعية والتاريخية والسياسية في العالم العربي ، فبعد تحرر أغلب البلدان العربية شهد العالم العربي سلسلة من النكبات بداية بنكبة فلسطين عام 1948 ، وفشل الوحدة بين مصر وسوريا (1958 – 1961 ) وصولاً إلى نكسة حزيران 1967 ، هذه الأخيرة التي كشفت عن مظاهر الأزمة التي يعانيها جسد الأمة العربية وفكرها ، فالمهزوم في حرب 1967 لم يكن الجيش فقط بل الأمة كلها، لقد وضعت الأزمة  بتعبير ياسين الحافظ  ² كل الإنجازات العربية على المحك وسلطت الأضواء الكاشفة على جميع جوانب الوجود العربي الراهن ، لقد كانت حرب الأيام الستة اختبارًا حقيقيًا لبنى المجتمع العربي وهياكله وحركته وسير تطوره، كانت اختبارًا  " للاشتراكية " التي نبني و" للتنمية " التي نحقق و" للمجتمع الجديد" الذي نشيد ، وبكلمة خاطفة كانت هذه الحرب الخاطفة اختبارًا " للثورات التي نصنع"، وبالنتيجة هي اختبارًا للأيديولوجيا التي توجه هذه "الثورات" وللطبقات التي نهضت بها ² (1).

لقد لحقت بالعالم العربي بعد نكسة حزيران جملة من التحولات منها ضعف الدعوة إلى الوحدة العربية ، وتنامى التيار الإقليمي ، وارتفاع أسوار القطرية لتصل إلى حد الصدام المسلح بين الدول العربية ، ويصف الجابري صدمة الوعي العربي بعد الهزيمة بمرارة تعكسها العبارات الآتية  : ² إن الشعور بالإحباط أصبح منذ هزيمة العرب عام1967 الظاهرة المهيمنة على الوعي النهضوي العربي . يتجلى ذلك واضحًا في معظم الكتابات التي تناولت بكيفية أو بأخرى التجربة النهضوية العربية ، خصوصًا منهم أولئك الذين كانوا قبل الهزيمة المنظرين " للثورة " . لقد أصيب هؤلاء كما أصيب غيرهم من الكتاب القوميين و التقدميين بـ " نكسة " على صعيد  الوعي أعمق  و أدمى من النكسة الحربية التي أصابت الجيش المصري عام 1967 . لقد انفجرت في وعيهم كل المخاوف التي كانت تشوش عليهم حلمهم الثوري و التي دأبوا على كبتها من قبل بالهروب إلى الأمام ، بتضخيم المنجزات و الأحلام معًا . لقد انفجرت هذه " المكبوتات " بعد النكسة مباشرة ... فتحولت الأيديولوجية العربية النهضوية من التنظير " للثورة " إلى التنظير " للسقوط " ² (2).

وفي إطار استجابة الفكر العربي المعاصر للواقع العربي المتأزم ، ونقده للواقع والفكر  برزت قضايا عديدة  أهمها: الهوية ، الديمقراطية ، العلمانية ، التراث .

1- قضية الديمقراطية

يقول فؤاد زكريا: ² إنه لأمر يدعو إلى الأسى العميق أن يجد المثقف العربي نفسه في أواخر القرن العشرين مضطرًا أن يخوض معركة كاد المفكرون العرب في أواخر القرن التاسع عشر أن يحسموها نهائيًا لصالح العقل والتقدم.. فهل هناك دليل على انتصار خصوم العقل وأعداء التبادل الفكري الخصب أبلغ من نجاحهم في العودة بمستوى الجدل الثقافي قرنًا من الزمن بالنسبة إلى العرب أنفسهم وخمسة قرون على الأقل بالنسبة إلى المجتمعات  المتقدمة ؟ ² (3). و من المفاهيم التي لا يزال الجدال و النقاش قائمًا حولها مفهوم الديمقراطية ،  التي شكلت إحدى اهتمامات مفكري عصر النهضة ، مثل  فرح  أنطون  و شبلي شميل وعبد الرحمن الكواكبي ، وحتى رواد الإصلاح الديني لم يرفضوا  فكرة الديمقراطية ، وإن سعوا إلى معادلتها بالشورى الإسلامية ، ولكن بعد فشل التجارب البرلمانية العربية توارى شعار الديمقراطية السياسية ليترك مكانه لشعار الديمقراطية الاجتماعية  ، غير أنه بعد هزيمة 1967 عادت الديمقراطية لتحتل موقع الصدارة ، وذلك يعود إلى إيمان الكثير من المثقفين العرب أن سبب إخفاق المشروع القومي العربي هو غياب الديمقراطية.

ويجري اليوم التركيز بشكل كبير على الديمقراطية وحتميتها لتقدم المجتمع العربي والخروج من التخلف، بل هناك من أكد أنها ² كل شيء لأنه خارج إطار الديمقراطية ليس هناك حل لأي شيء ² (4) ، وبهذا أخذت فكرة الديمقراطية أبعاد الأسطورة الخلاصية بتعبير طرابيشي ، واحتلت بذلك الموقع الذي احتلته من قبل فكرة الاشتراكية وقبلها فكرة الوحدة العربية.

وتتكرر المطالبة بالديمقراطية كثيرًا في أدبيات التيارات العلمانية على اختلافها والذين لم يفهموا من الديمقراطية تلك العملية الانتخابية بين السلطة والمعارضة، الأغلبية والأقلية ، والتي تهدف إلى تمييز الفائز لإدارة سلطة الدولة فحسب، ولكنها كذلك علاقة بين قوى المجتمع المختلفة. فالديمقراطية لا يمكن أن تكون نظامًا للحكم بدون أن تكون نظامًا للمجتمع (5).

أما أتباع التيار الإسلامي فقد انقسموا إلى موقفين، موقف متشدد رافض للديمقراطية لأنها ليست من الإسلام في شيء فلا يصح إطلاق كلمة ديمقراطية على نظام الدولة الإسلامية ، والسبب في ذلك ² أن سيادة الشعب تتعارض مع حاكمية الله ، وأن اعتبار الشعب مصدر السلطة والتشريع هو نوع من الجاهلية ، لأن حق التشريع ليس ممنوحًا لأحد من الخلق ، وهو خالص لله وحده ، أما الحريات فالديمقراطية تطلقها بغير قيد أو شرط ، وذلك يتعارض مع الالتزام الإسلامي، فضلاً على أنه باب لفساد كبير، والديمقراطية ترسي قاعدة تعدد الأحزاب، بينما ليس في الإسلام سوى حزب الله وحزب الشيطان فقط ، والديمقراطية تساوي بين الناس حيث لا فرق بين مؤمن وكافر أو فاسق ² (6).

إذن أصحاب هذا الموقف المتشدد رفضوا الديمقراطية لأنها تتعارض مع حاكمية الله التي نادى بها سيد قطب ومن قبله أبو الأعلى المودودي ، وقصد بها قطب ² قيام مملكة الله في الأرض وإزالة مملكة البشر وانتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد ورده إلى الله وحده .. وسيادة الشريعة الإلهية وحدها وإلغاء القوانين                 البشرية ² (7).

أما أصحاب الموقف الإسلامي المعتدل فيقبلون بالديمقراطية، ويدافع عنها محمد الغزالي في قوله: ² الديمقراطية مثلاً ليست دينًا يوضع في صف الإسلام ، إنها تنظيم للعلاقة بين الحاكم والمحكوم ، ننظر إليه لنطالع كيف توفرت الكرامة الفردية للمؤيد والمعارض على سواء ، وكيف شيدت أسوار قانونية لمنع الفرد أن يطغى ولتشجيع المخالف أن يقول ملء فيه لا .. لا يخشى سجنًا ولا اعتقالاً ² (8). وينتقد الغزالي من يرفض الديمقراطية لأنها فكرة غربية دخيلة ويقول: ² إن الاستبداد كان الغول الذي أكل ديننا ودنيانا، فهل يحرم على ناشدي الخير للمسلمين أن يقتبسوا بعض الإجراءات التي فعلتها الأمم الأخرى لما بليت بما ابتلينا به ؟ ² (9) .

ويرى يوسف القرضاوي أن جوهر الديمقراطية هو أن يختار الناس من يحكمهم ويسوس أمرهم ، وأن يكون لهم الحق في محاسبة الحاكم إذا أخطأ وعزله ، وألا يساق الناس إلى اتجاهات لا يرضون عنها ، وهذا لا يتعارض مع الإسلام بل هو من صميمه (10).

والى الرأي نفسه يذهب فهمي هويدي  ، حيث يؤكد أن جوهر الديموقراطية متفق مع جوهر الإسلام ، إذا رجعنا إليه في مصادره الأصلية ، واستمددناه من ينابيعه الصافية ، من القرآن والسنة ،وعمل الخلفاء الراشدين ، لا من تاريخ أمراء الجور وملوك السوء (11).

وحاول أصحاب هذا الموقف المقاربة بين مفهوم الديمقراطية ومفهوم الشورى، وقد رفض بعض المفكرين هذه المقاربة بدعوى أن الشورى في الإسلام غير ملزمة ، فالحاكم يستشير أهل الحل والعقد ولكنه ليس مجبرًا على الالتزام برأيهم. أما محمد جابر الأنصاري فيحاول تجاوز هذا الجدال إلى أمر أهم حيث يقول: إننا لا نختلف مع أصحاب الخطاب الإسلامي المعاصر في أن الشورى شيء جيد لكن لابد أن ننتقل إلى مسألة أهم و هي تقنين الشورى وتحديد من هم أهل الحل و العقد ، و كيفية تأسيس مجالس الشورى ، و أن نكف عن البحث فيما إذا كانت الشورى ملزمة أم معلمة(12) .  

ويتوقف دعاة الديمقراطية عند المعوقات التي تعرقل إحلال الديمقراطية في المجتمعات العربية، ومنها غياب التأسيس النظري أو الفلسفي للديمقراطية ² فلا يعقل أن تظل الممارسة السياسية في بلادنا حركة تجريبية متعثرة ، بل ينبغي تأصيل أبعادها بالفكر القادر على تعيين الحدود و صياغة الأسئلة ، وبلورة المواقف ، وذلك بالصورة التي تكشف ملامح الطريق ، و تمكن من معرفة مواقع أقدام الفاعلين والممارسين ، وهو الأمر الذي يؤسس المبادئ الفكرية الكبرى الناظمة للعمل السياسي و المطورة لآفاقه و أدواره في  صناعة التاريخ²  (13).

 ومن المعوقات التي تعرقل تأصيل الديمقراطية في المجتمعات العربية أيضًا غياب ثقافة الديمقراطية في المجتمع العربي ، يقول طرابيشي : ² إن الأنظمة لا تتحمل انتخابًا حرًا ، والمجتمعات لا تتحمل رأيًا حرًا .. بل حتى نحن كمثقفين نريد ديمقراطية في السياسة ولا نريدها في الفكر ولا على الأخص في الدين ² (14).                                                

وإلى الرأي نفسه يذهب علي حرب في قوله : ² الديموقراطية لم تصبح بعد في مجتمعاتنا مؤسسة ثابتة وسلوكًا متأصلاً في الحياة السياسية ، بل ما تزال مجرد آلية انتخابية شكلية ، توظف في خدمة مواقف ومصالح آنية فئوية عابرة ، فإذا ما اكتشفنا أنها تتعارض مع مصلحة هذا الحزب أو ذاك التنظيم عدنا عنها لاستخدام الأساليب الأخرى التي تتنافى مع العمل الديمقراطي روحًا وشكلاً ² (15) .

وهناك من المفكرين من أشار إلى تفشي الجهل والأمية والفقر ومحدودية الوعي السياسي لدى الجماهير العربية ، والقمع السلطوي والديني ، لكن وجود هذه المشكلات لا يعني استحالة توطين الديمقراطية في مجتمعاتنا ، بل وجود هذه المشكلات يفرض – أكثر من أي وقت مضى- النضال في سبيل تكريس مبادئ الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية ، فالديمقراطية  لا يمكن بلوغها إلا بالسعي الدائب على طريق امتلاكها .

2- قضية العلمانية

مثلها مثل الديمقراطية، كانت العلمانية على رأس اهتمامات مفكري عصر النهضة وكانت تعني أول الأمر ² فصل السلطة الروحية عن السلطة المدنية، وكان المقصود الدعوة إلى دولة قومية عربية ضدًا على الجامعة الإسلامية ، أو المطالبة بدولة إقليمية ضدًا على الإمبراطورية العثمانية ² (16)، ونادى النهضويون بالعلمانية كشرط لتجاوز التخلف واللحاق بركب الحضارة و منهم  فرح أنطون وعلي عبد الرازق .

ومثلها مثل الديمقراطية ، مازالت إشكالية العلمانية إحدى أهم المسائل التي تناقش اليوم والتي لم يجر الفصل فيها ، ولكن بعكس مفهوم الديمقراطية الذي يلقى قبولاً من قبل الكثيرين فإن هناك جدلاً واسعًا بشأن مفهوم العلمانية بل إنه  من أكثر بؤر الصدام احتدامًا في الثقافة العربية المعاصرة   ، وواحد من أكثر مفاهيم الفكر العربي المعاصر التباسًا سواء على مستوى اللفظ أو الرسم أو الجذر اللغوي²  (17) ، فأصحاب التيار الإسلامي السلفي يقفون موقف الرفض المطلق للعلمانية لأنهم يفهمون منها ² أن نستبدل بالشرائع والقواعد التي جاءت بها آيات محكمات في القرآن شرائع وقواعد وآداب وضعية ، أي في جملة واحدة : تعطيل الشرائع والقواعد والآداب الإسلامية واستبعادها من حياة المسلمين ² (18)  ، بمعنى أن العلمانية تدعو إلى التخلي عن الدين .

بينما يرى المدافعون عن العلمانية أنها شرط ضروري لمجتمع متقدم وديمقراطي وهذا ما يسعى جاهدًا عزيز العظمة إلى تأكيده في كتابه (العلمانية من منظور مختلف) حيث    يقول: ² لا استعادة لأسس الديمقراطية إلا بانفكاك الفكر والحياة عن الارتهان بالمطلق والغيب مطلق المطلق، أي أنه لا استعادة لأسس الديمقراطية إلا بالعلمانية ² (19).وإلى الرأي نفسه يذهب كمال عبد اللطيف في وصفه للعلمانية بأنها ² من المبادئ المؤسسة للاختيار الديمقراطي.. وأن العلمانية ثابت مركزي من ثوابت العمل والممارسة ² (20).

و قد  حاول المدافعون عن  فكرة العلمانية  تأكيد أن العلمانية لا تعني التخلي عن الدين ، كما أنها لا تعني نسخ تجارب الآخرين أو استعادة معطيات نظرية جاهزة ، بل نادوا بضرورة  تحليل وإعادة بناء هذا المفهوم وتأصيله وفق مقتضيات الواقع العربي الراهن، ووفق الأوضاع العالمية ، ولعل محمد أركون يعد أبرز من قام بذلك ، في دعوته لعلمانية منفتحة على كل الثقافات و الأديان وتشكيل فضاء مدني و اجتماعي ، يتساوى فيه البشر طبقًا للقوانين المدنية الحديثة . هذا الفضاء الاجتماعي المدني غير موجود حتى الآن و ينبغي أن نناضل من أجله لكي يوجد في المستقبل ، و هذا لا يعني القضاء على الدين أو محاربته كما يدعي بعضهم ، وإنما على العكس يعني احترام الدين و الحفاظ على هيبته الروحية ، و عدم  تلويثه بكل شيء (21) .

وبين رافض لفكرة العلمانية ومدافع عنها يذهب البعض إلى أن مسألة العلمانية مسألة مزيفة، لا تعبر عن حاجات المجتمع العربي، فلقد نشأت في المجتمع الغربي حيث شكل رجال الدين طبقة تطمح إلى السلطة، فنصبوا أنفسهم وسيطًا بين الله والبشر ، أما الإسلام فقوامه علاقة مباشرة بين الله والإنسان، وبالتالي طرح شعار العلمانية في مجتمع يدين أهله بالإسلام غير مبرر، وغير مشروع ولا معنى له ، ولابد من استبدال شعاري الديمقراطية والعقلانية به ، وهي المطالب الضرورية والمعقولة في وطننا العربي (22).

و إلى الرأي نفسه يذهب حسن حنفي الذي يرى أن الفصل بين الدين و السياسة نمط غربي ، و التجربة الغربية أثبتت أنه كان هناك صراع بين الكنيسة و الدولة ، وحدثت حروب و مذابح ، حاول البعض إصلاح الكنيسة فلم يفلح ، و حاول البعض إصلاح الدولة فلم ينجح ، و لذا لم يبق إلا هذا الخيار ، خيار الفصل بين السلطتين ، أما الحكم في الإسلام فلم يكن أبدًا ثيوقراطيًا بل هو حكم مدني بالأساس (23) .

و كذلك برهان غليون الذي يرى أن العلمانية جاءت في الغرب نتيجة الثورة . أما عندنا فجاءت على يد الدولة قبل أن تتبناه النخبة المثقفة ، وذلك من أجل فصل الجمهور عن السلطة وتحرير الدولة من سلطة الدين ، ويرى أنه ليس من الضروري وجود فلسفة علمانية ونجاحها حتى تتحقق الديمقراطية (24).

3- قضية الهوية:

يقصد بالهوية  ما يميز الأمة ويعطيها خصائصها، ومن عناصرها اللغة والثقافة  والقيم ،  يمكن أن نختزل هذه المسألة في الفكر العربي المعاصر بالسؤال الآتي : كيف نحدد هويتنا نحن من نسكن المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي غربًا إلى الخليج العربي شرقًا، أي المعروفين باسم العرب؟ هل نحددها بالإسلام ، أم بالعروبة ؟

في واقع  الأمر أن مسألة الهوية كانت قد اقتربت من الحسم لصالح هوية عربية حتى أواخر الستينيات من القرن الماضي ، لكن توالي الهزائم بداية بنكسة 1967 جعل الإحساس بالانتماء إلى أمة عربية واحدة يتراجع لدى الجماهير ولدى التيارات الفكرية على السواء ، وانتهى الأمر إلى الدعوة إلى هويات مختلفة : إسلامية ، عربية ، عرقية ، قطرية ، إقليمية .

من دعاة الهوية الإسلامية من رأى أن الإسلام هو المقوم الوحيد لهويتنا، وأن القومية مقولة علمانية، تناقض العقيدة والدين ، وأن أواصر الجنس والأرض واللون واللغة والمصالح المشتركة إنما هي عوائق سخيفة ، وأن الحضارة الإسلامية لم تكن يومًا عربية وإنما كانت إسلامية ، ولم تكن يومًا قومية ، وإنما كانت دائمًا عقيدية ، و حاول أصحاب هذا الاتجاه تدعيم رأيهم فقالوا : إن محمدًا (صلى الله عليه وسلم ) كان في استطاعته أن يثيرها قومية عربية تستهدف تجميع القبائل العربية التي مزقتها النزاعات ، و توجيهها وجهة قومية لاستخلاص أرضها المغتصبة من الإمبراطوريات المستعمرة ، الرومان في الشمال و الفرس في الجنوب، وإعلاء راية العربية والعروبة  ، و لأنه لم يفعل ذلك ، بل أطلقها دعوة للعقيدة ؛ فليس من حق أحد أن يفعل  ذلك (25)  .

أما أصحاب الاتجاه القومي العربي فقد حاولوا التأكيد على أن العروبة هي المقوم الأساسي في تحديد هويتنا. والواقع أن مفهوم العروبة لم يظهر إلا بعد منتصف القرن التاسع عشر ، عندما بدأ الأتراك في الإعلاء من شأن العنصر التركي وإحياء النزعة القومية الطورانية ، وإتباع سياسة التتريك ، أما قبل هذه المرحلة فلم يكن هناك تقابل أو تعارض  بين الإسلام والعروبة، لا على صعيد الخطاب، ولا على صعيد الوجدان ، فمفهوم العروبة  لم يكن يتحدد بالعلاقة مع الإسلام ، بل بالعلاقة مع الآخر (الترك) ثم فيما بعد (الاستعمار الغربي) (26). إذن الدعوة إلى  هوية عربية  تم في عصر النهضة، ففي ظل التخلف وسياسة التتريك حمل بعض المفكرين لواء بعث الوعي القومي لدى العرب ، كخطوة أولى نحو تحقيق وحدتهم، وقوي هذا التيار (القومية العربية) في مرحلة الكفاح ضد الاستعمار، وستشكل فكرة الوحدة العربية بعد الاستقلال العقيدة الملهمة للعديد من الحركات السياسية وأنظمة الحكم (الناصرية، البعثية..).

وفي حقيقة الأمر، إن القوميين اختلفوا حول تحديد مقومات الأمة العربية ، فهي عند ساطع الحصري اللغة و التاريخ فاللغة هي ² روح الأمة وحياتها ، إنها بمثابة محور القومية وعمودها الفقري ، وهي أهم مقوماتها ومشخصاتها..أما التاريخ فهو بمثابة شعور الأمة وذاكرتها ، فإن كل أمة من الأمم ، إنما تشعر بذاتها وتكون شخصيتها بواسطة تاريخها الخاص². (27)  و حاول البعض إيجاد روابط غير الروابط المعنوية التي ركز عليها الحصري ؛ لأن فكر الحصري كان مثاليًا في مضمونه ، فقد اعتقد أن تطوير البنية الثقافية القومية باتجاه اكتشاف مضمونها القومي العربي - كافٍ في حد ذاته للانطلاق باتجاه الوحدة العربية ، دون أن يدرك أن المحتوى الجماهيري لحركة القومية العربية يفرض أن تكون هذه الحركة ذات أهداف اجتماعية في الأساس ، وأنه بدون هذا الأساس الاجتماعي لا يمكن أن تخطو خطوات جادة باتجاه توحيد الواقع العربي ، وهذا ما أثبته التطور التاريخي بعد الحرب العالمية الثانية   .

لكن نزعات قومية قطرية أو محلية كانت تسعى إلى الدفاع عن الدولة القطرية و تقويتها عارضت فكرة الوحدة العربية منذ البداية ، من هذه النزعات : القومية المصرية-الفرعونية ، القومية السورية ، القومية اللبنانية الفينيقية ، والأدبيات القومية مليئة بتلك الردود السجالية ، ليس على دعاة القومية القطرية فقط بل وعلى دعاة الوحدة الإسلامية، ولعل أبرزها كتابات ساطع الحصري ، حيث يقول في كتابه (العروبة أولاً )  إن ² العرب أمة واحدة وما المصريون والعراقيون والمغاربة إلا شعوب وفروع لأمة واحدة هي الأمة العربية ²   . أما الحدود التي تفصل الأقطار العربية عن بعضها إنما هي ² مواريث عهود الاحتلال، إنها وليدة الاستعمار، حديثة وعارضة ² (28).

لكن مهما كانت الروابط التي تربط الأقطار العربية ، فهي قابلة لأن تتفكك عندما تختل العلاقات بين السلطة والشعب وينعدم التمثيل السياسي ويستبد المنتفعون بمواقع السلطة ، وهذا ما دفع بالفكر القومي في السنوات الأخيرة بعد التطبيقات السياسية التي قامت على خلفية القومية العربية والتي كانت مستبدة في أغلبها- إلى التشديد على حقوق الجماعات والأقليات والديمقراطية ومفاهيم المجتمع المدني.

وبسبب التحولات العربية والدولية بعد أزمة الخليج تعاظمت الدعوات إلى القيام بمراجعة نقدية لأسس الفكر القومي ؛ بهدف تجديده بما يجعله يستجيب فكرًا وممارسةً لمتطلبات إخراج الواقع العربي الراهن من أزمته . كما أفرزت هذه التطورات حالة جديدة من النظر إلى مسألة الهوية تقوم على اعتبار الهوية العربية مجرد وهم               حالم ، وأننا لم نحصد من ورائها إلا الخيبة والفشل ؛ ولذلك فلا أمل للعرب إلا الاندماج في منظومات إقليمية تأتي في مقدمتها الشرق أوسطية.

4- قضية التراث:

تعد قضية التراث قضية القضايا في الفكر العربي المعاصر ، و يرجع ذلك إلى أمرين : أولهما : أن التراث مشرع الأبواب على ماض ٍ مقدس ، و ثانيهما : أن التراث ملتحم بحاضر متخلف (29) .

والحديث عن التراث يحمل معه بصورة ضمنية أو صريحة كل القضايا الأخرى التي نصادفها في الفكر العربي المعاصر ، مثل : قضية الأصالة والمعاصرة ،  قضية التراث والتجديد ، قضية الهوية ، قضية التنمية ، فكل هذه القضايا مرتبطة بالموقف  من التراث بشكل أو بآخر . وفي حقيقة الأمر، إن قضية التراث طرحت في الفكر  العربي منذ تلك الصدمة الحضارية التي تولدت عن احتكاكنا المباشر بالغرب في أوائل                                                    القرن التاسع عشر ، فمنذ ذلك الحين ² أصبح الشغل الشاغل للعقل العربي هو التساؤل عما ينبغي أن يكون عليه موقفه من هذه المواجهة : هل يحتمي بتاريخه وتراثه الماضي ، ويتخذ منه درعًا و شرنقةً تدفع عنه غوائل التيار الكاسح المتدفق من بلاد غربية متفوقة ؟ أم يساير التيار الجديد أملاً في أن يكون له نصيب في ذلك التقدم المادي والمعنوي الذي حقق للحضارة الأوروبية تفوقًا ساحقًا على سائر حضارات العالم القديم ؟ ² (30).     

 وعلى هذا الأساس يمكن القول إن التصور الذي حمله رواد الفكر العربي في القرن التاسع عشر لمشروع النهضة كان سببًا  في ظهور مشكلة التراث ، ² إذ بدل أن ينطلق هؤلاء الرواد في تشييد حلمهم النهضوي من الحاضر ومكوناته الفعلية ، راحوا يتصورون النهضة إما قفزًا على الماضي وذلك بتخريج الرجل العربي العصري الذي لا يرجع تاريخه إلى أكثر من خمسمئة سنة من التاريخ الأوروبي ، وإما في الاعتبار القائل بأن لا يصلح آخر هذه الأمة إلا  بما صلح أولها ² (31).

لكن ومنذ السبعينيات ونتيجة التحديات الكبيرة التي واجهت العالم العربي ظهرت دراسات تراثية ، حاولت البحث عن إجابات وحلول لقضايا التخلف ، عن طريق بناء موقف جديد من التراث ، كما يظهر ذلك في أعمال  حسين مروه ، وطيب تيزيني، وحسن حنفي ،  و محمد عابد الجابري ، و محمد أركون وغيرهم ، ففي مراحل الأزمة والتحول كثيرًا ما يتخذ الأمر ² مظهر العودة إلى الماضي ، إلى الينابيع الأولى للتراث القومي عامة ، أو الديني بوجه خاص ، في محاولة لإعادة النظر ، إعادة التفسير ،إعادة التقييم ، في ضوء مقتضيات اللحظة الجديدة الحاضرة ،  وبحثًا عن مشروعية تراثية للسلوك في هذه اللحظة الجديدة ، إن الماضي لا يتحكم في الحاضر ، بل الحاضر هو الذي يتخذ من الماضي سندًا لمشروعية مشروعه  "الحاضر – المستقبل " (32)  .

من الواضح - إذن - أن مسألة التراث تكتسي أهمية كبيرة في فكر النهضة كما في الفكر العربي المعاصر، وإن حضور هذه المسألة بهذه الكيفية الشمولية في فكرنا ² إنما يجد كل مسوغاته الواقعية و المنطقية في ذلك الإطار الكبير العام الذي تنزّل فيه و لا يزال ، ذلك الإطار الذي صاغه مفكرو النهضة الأوائل في صيغة السؤال التالي : لماذا تخلفنا نحن ( العرب و المسلمين ) وتقدم الآخر ( الغرب ) ؟ فمجمل ما تطارحه المفكرون العرب منذ قرنين تقريبًا ، من قضايا ومشكلات لم يبرح إطار علاقة الآنا ، القوي                 و المتقدم ماضيًا، والضعيف و المتأخر حاضرًا ، بالآخر الذي كان في الماضي يقبع في الظلام وأصبح اليوم يعيش حالة ازدهار . إنه من المنطقي بالنسبة إلى فكر يتحرك في إطار واقعي كهذا ، أن تكون المسألة التراثية ... بتلك المكانة البنيوية الثابتة في حضورها ² (33).

لكن هل يعني ثبات قضية التراث في فكرنا العربي أنها قضية جامدة لم يطرأ على طرحها أي تغيير ؟

في حقيقة الأمر يكاد يجمع أغلب الباحثين المهتمين بمسألة التراث أن الفكر العربي حتى أواخر الستينيات من القرن الماضي كان يتجلى في ثلاثة اتجاهات، تتحدد بناءً على أساس موقفها من التراث و الحداثة ، أو الأصالة و المعاصرة  :

- الاتجاه السلفي : الذي يدعو إلى العودة إلى الإسلام في صفائه الأول.

- الاتجاه العلماني : و هو الذي يتبنى النموذج الغربي الحديث بصورة مطلقة و يدعو إلى القطيعة التامة مع التراث .

- الاتجاه التوفيقي : و هو الذي سعى إلى إيجاد نوع من التقارب بين التراث العربي الإسلامي و ما أفرزته الحداثة في الغرب .

و اللافت للنظر أن القراءات التراثية الجديدة التي ظهرت منذ السبعينيات كقراءة طيب تيزيني و محمد عابد الجابري و حسن حنفي ومحمد أركون و غيرهم ، اهتمت بإبراز جوانب القصور و الخطأ في القراءات التي قدمها فكر النهضة للتراث (34)  ، ولقد اتجه النقد الذي قدمته هذه القراءات الجديدة بالأساس إلى منزع الفصل بين التراث  و الحضارة الغربية ، وإحداث قطيعة بين هذين القطبين بشكل يصبح معه المجتمع العربي أمام خيارين متناقضين عليه أن يختار أحداهما : إما التمسك بالتراث و نبذ الحضارة الغربية ، و إما الانخراط في النموذج الحداثي الغربي و القطع مع التراث العربي الإسلامي . لقد كان على الفكر العربي أن يعيش إلى حدود النصف الأول من القرن العشرين هذه المفارقة أو هذا الانفصام الذي أحدثه طرح تيارات الفكر النهضوي لمشكلة العلاقة بين التراث و المعاصرة بتلك الصيغة المباعدة و المنفرة بين هذين الطرفين ، خاصة  وأن أطروحات التوفيق بينهما كانت هشة وتفتقد إلى كل مقومات الصمود أمام الطرحين السلفي و العلماني (35) .

إن هذا النقد الذي وجه للقراءات السابقة للتراث يعني أن أصحاب القراءات الجديدة حاولوا تقديم مقاربة مختلفة للتراث  ، فكيف تجلت هذه المقاربة ؟

في واقع  الأمر أن أغلب القراءات التي قدمت للتراث في العقود الثلاثة الأخيرة  ركزت على ضرورة الربط أو الوصل بين التراث وواقع العصر ، و هذا ما عبر عنه أصحاب هذه القراءات من خلال عناوين مؤلفاتهم (التراث و الحداثة ) ، ( التراث و التجديد ) ، ( التراث و الثورة ) . هذا التوجه الجديد في دراسة التراث سعى                       إلى² الخروج بقضية التراث من كونها قضية الماضي ذاته ، أو بكونها إسقاطا للماضي على الحاضر ، إلى كونها قضية الحاضر نفسه من جهة كونه  حركة صيرورة تتفاعل في داخلها منجزات الماضي وممكنات المستقبل تفاعلاً ديناميًا صاعدًا. ² (36) ، فالقضية ليست مجرد دراسة أكاديمية للتراث ، بل هي دراسة تجعل من دراسة التراث جزءًا من مهام إنجاز النهضة المنشودة .

وتجدر الإشارة إلى أن ما يميز الدراسات التراثية الجديدة  ليس جدة طرحها لمسألة التراث مقارنة مع الدراسات السابقة فحسب ، بل كذلك المنهج الذي اتبعته و الذي يتميز بالانفتاح على مكتسبات الفلسفات و العلوم الاجتماعية و الإنسانية التي اعتمد عليها أصحاب هذه الدراسات في ² تنظيم التفكير في مخزوننا التراثي العربي و إعادة تأويله وتفسيره ² (37) . فلقد حاول كل من طيب تيزيني و حسين مروه اعتماد الفلسفة المادية التاريخية و المادية الجدلية بوصفها الطريقة الأنسب في التعامل مع التراث ، بينما تبنى حسن حنفي المنهج الفينومنولوجي ، في حين تبنى الجابري و أركون المنهج الابستيمولوجي. 

ولعل من المفيد الإشارة إلى أن انطلاق أصحاب الدراسات التراثية من منطلق جديد في دراسة التراث ، بعيدًا عن ذلك  الانفصام الذي أحدثه فكر النهضة بين التراث والحداثة ، لم يمنع من ظهور تمايزات بينهم تصل في بعض الأحيان إلى التناقض ومنها:

التمايزعلى مستوى التأريخ للتراث ، ويمكن في هذا المستوى التمييز بين نظرتين:

الأولى: تربط بداية التراث بظهور الإسلام ، أما ما كان قبل الإسلام فيفقد وفق هذه النظرة دلالته ومعناه ، ويصبح الإسلام بداية الوجود العربي ، ومن أصحاب هذه النظرة حسن حنفي ومحمد عابد الجابري .

الثانية: ترجع نشأة التراث إلى ما  قبل الإسلام  ، وتوقف هذه النظرة نشأة الثراث العربي الإسلامي على تبلور العرب في بناء اجتماعي وثقافي، يجد تحققه الأول فيما يسمى بالعصر الجاهلي ، ويصبح حينها الإسلام – تاريخًا وتراثًا – حلقة وإن كانت حلقة فاصلة ضمن حلقات أخرى سابقة وتالية .ويمكن إدراج طيب تيزيني و حسين مروه ضمن هذه النظرة (38) .

ومنها كذلك التمايز على مستوى تكوين التراث : وُيميز في هذا المستوى بين نظرتين:

  الأولى: تنطلق من مفهوم معين للتراث يصبح معها هذا الأخير تكوينًا دينيًا ، يرتكز على العقيدة و الشريعة ، أو تكوينًا فكرياً قائمًا على الدين و متصلاً به اتصال النتيجة بالسبب ، فتصور التراث يتمحور حول الكتاب و السنة  ، محوري الحضارة              و مركزها ، و لعل أهم رموز هذه النظرة حسن حنفي .

الثانية : ترى في التراث تكوينًا فكريًا أقرب إلى الفهم العلماني، و يتخطى هذا المفهوم الحدود الدينية ، لينطوي أحيانًا على ما يناقض الدين كالنزعات الإلحادية ، و من أصحاب هذه النظرة حسين مروه .

الهوامش

 (1) الحافظ (ياسين): الهزيمة والأيديولوجيا المهزومة ، دار الحصاد ، الطبعة الثانية ،  دمشق ، 1997 م ، ص121.

(2) الجابري( محمد عابد) : إشكاليات الفكر العربي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية ، الطبعة الرابعة ، بيروت ،  2000 م ،ص 132، 133.

(3) زكريا (فؤاد ) :  خطاب إلى العقل العربي، الكتاب العربي،  الكتاب السابع عشر ، الكويت ، 1987 م ، ص93.

(4) هيكل (محمد حسنين): السلام المستحيل والديمقراطية الغائبة، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة السابعة ، بيروت ، 1997 م ، ص261.

(5) طرابيشي (جورج ): في ثقافة الديمقراطية ، دار الطليعة ، الطبعة الأولى، بيروت 1998 م ،            ص 17.

((6) هويدي ( فهمي) : الإسلام والديمقراطية ( مقال ضمن كتاب الحركات الإسلامية والديمقراطية  دراسات في الفكر والممارسة) ، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت ، 1999 م ، ص45 نقلاً عن كتاب نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور لأبي الأعلى المودودي.

 (7) قطب (سيد): معالم في الطريق، دار الشروق ،الطبعة العاشرة ، بيروت ، 1983 م ، ص68.

(8)  الغزالي (محمد) : دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين، دار الوفاء، الطبعة الثانية، المنصورة  1989 م ،ص185.

(9) المرجع نفسه، الصفحة نفسها .

(10) القرضاوي (يوسف): من فقه الدولة في الإسلام، مكانتها، معالمها، طبيعتها، موقفها من الديمقراطية والتعددية والمرأة وغير المسلمين ، دار الشروق ،الطبعة الأولى، القاهرة ، 1997 ، ص 132.

(11)  هويدي : الإسلام والديموقراطية ، ص55.

 (12) الشريفي (أحمد): جدل النهضة والتغير ، حوارات في الفكر العربي المعاصر ، حوار مع محمد جابر الأنصاري ، أزمنة للنشر و التوزيع ،  الطبعة الأولى ، عمان ، 2002 م ، ص 98.

 (13)  عبد اللطيف (كمال ) : من سؤال العلمانية إلى إعادة بناء المجال السياسي في الفكر العربي          ( مقال ضمن كتاب إشكالية الخطاب العربي المعاصر) دار الفكر ، الطبعة الأولى ، دمشق 2001، ص 51.

(14) طرابيشي: في ثقافة الديمقراطية ، ص 17، 18.

(15) حرب (علي ) : نقد النص (النص والحقيقة 1 ) المركز الثقافي العربي  ، الطبعة الثانية ، بيروت ، 1995 م ، ص125.

(16) الجابري: الخطاب العربي المعاصر(دراسة تحليلية نقدية) ، مركز دراسات الوحدة العربية ، الطبعة السادسة ، بيروت 1999م .ص80.

 (17)  عبد اللطيف : من سؤال العلمانية إلى إعادة بناء المجال السياسي في الفكر العربي ، ص 12.

(18) سيف الدولة (عصمت): عن العروبة و الإسلام ، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت ، 1986 م ، ص284.

(19) العظمة (عزيز): العلمانية من منظور مختلف، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت ،  1992 م ، ص339.

(20) عبد اللطيف ( كمال ) :  التأويل و المفارقة ، نحو تأصيل فلسفي للفكر السياسي العربي، المركز الثقافي العربي ، الطبعة الأولى ، بيروت ، 1987 م ، ص 79 . 

 (21) أركون(محمد) : من أجل مقاربة نقدية للواقع ،  مقابلة مع محمد أركون ، أجرى الحوار هاشم صالح ، مجلة المستقبل العربي ، العدد 101، السنة العاشرة ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1987 ، ص 9 . 

(22) الجابري: وجهة نظر نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر،مركز الدراسات الوحدة العربية ، الطبعة الثانية ، بيروت ، 1994 ، ص102- 104.

(23)  الشيريفي : جدل النهضة والتغير حوار مع حسن حنفي ، ص 48 ،49.

(24) غليون ( برهان ) : نظام الطائفية من الدولة إلى القبلية، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، بيروت ، 1990 م ، ص105، 106.

(25) قطب : معالم في الطريق، ص 27 ،28

 (26)  الجابري ( محمد عابد ) : مسألة الهوية، العروبة والإسلام... والغرب، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت ، 1997م ، ص36 وما بعدها ، وانظر كذلك غليون: المحنة العربية، الدولة ضد الأمة، ص60 ، 61.

(27) الحصري (ساطع): أراء وأحاديث في الوطنية والقومية (ضمن كتاب الأعمال القومية لساطع الحصري ،القسم الأول ، سلسلة التراث القومي) ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1985 م ، ص22.

 (28) الحصري ( ساطع ) : العروبة أولا، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت 1985 م ، ص15.

 (29)  جدعان (فهمي ) : نظرية التراث ( دراسات عربية وإسلامية أخرى ) الشروق للتوزيع والنشر  الطبعة الأولى ،عمان  ،  1985 م ، ص 13 .

(30) زكريا: خطاب إلى العقل العربي، ص24.

(31)  بوقربة  (عبد المجيد): التراث وإشكالية النهضة في الخطاب العربي المعاصر ( مقال ضمن كتاب قضايا التنوير والنهضة) مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت 1999  ص188.

(32) العالم (محمود أمين ): الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي المعاصر، دار الثقافة                    الجديدة ، القاهرة ،1986  ، ص72.

(33)  الحببيب (سهيل): وصل التراث بالمعاصرة (قراءة نقدية في طرح الماركسيين العرب) ، مكتبة علاء الدين ، الطبعة الأولى ، تونس ، 1998 ، ص7 ، 8.

(34)  إن توجيه أصحاب القراءات الجديدة النقد للقراءات السابقة لا يعني أنهم لم يوجهوا النقد لبعضهم البعض ، فالجابري مثلاً يعد القراءات الماركسية و التي من ضمنها قراءة طيب تيزيني قراءات سلفية ، كما أن أركون يوجه نقدًا لاذعًا للخطاب الإسلامي المعاصر ممثلاً في بعض رموزه كأنور الجندي ، وقس على ذلك حسن حنفي و طيب تيزيني و غيرهم ، فكلهم يحاولون دحض قراءات غيرهم ، لإثبات أن قراءاتهم  هي الأصوب .

(35) المرجع  نفسه ، ص13، 14.

(36) مروه (حسين ): تراثنا .. كيف نعرفه ، مؤسسة الأبحاث العربية ، الطبعة الثانية ، بيروت 1986  ، ص322.

(37) الحبيب: وصل التراث بالمعاصرة ، ص22.

(38) رفعت (سلام): بحثًا عن التراث (نظرة نقدية منهجية) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة 1990  ، ص19.

المؤلف:

يومتن عليجة