القرضاوي: علماء السعودية كانوا أنضج مني

القرضاوي: علماء السعودية كانوا أنضج مني

قال إن أزمة {الأخوان تجزرت على المستوى الفكري.. وطالب طرفي الصراع وقف التراشق
الأربعاء - 16 شهر ربيع الثاني 1437 هـ - 27 يناير 2016 مـ رقم العدد [ 13574]
أبناء الإسكندرية يعبرون عن فرحتهم بذكرى ثورة 25 يناير أمس (رويترز)

جدد الداعية المصري يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ندمه على سنوات قضاها في محاولة التقريب بين السنة والشيعة. وأعاد القرضاوي نشر مقطع مصور له خلال مؤتمر لنصرة الشعب السوري عقد في قطر، وشن هجوما حادا على المرجعيات الشيعية، واصفا حزب الله اللبناني بـ«حزب الشيطان»، منوها بموقف علماء السعودية قائلا إنهم كانوا أكثر نضجا منه في موقفهم من الشيعة.

وقال القرضاوي الذي كان يتحدث أمام حشد من العلماء والقيادات الدينية السنية متلفعا بعلم الثورة السورية إن فكرة التقريب بين المذاهب صبت لصالح الشيعة ولم يستفد السنة منها شيئا.

وأضاف القرضاوي أنه لم يعد يرى أن الشيعة يمثلون جزءا من المذاهب الإسلامية، وإنما هم مجرد فرق، متابعا بقوله إنه «بعد هذا العمر الطويل لم أجد فائدة من التقريب بين السنة والشيعة سوى تضييع السنة وتكسيب الشيعة، السنة لا يكسبون شيئا وهم يكسبون من ورائنا».

وأوضح القرضاوي أن «الشيعة يكفرون الصحابة جميعا ويكفرون سيدنا أبي بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب، وسيدنا عثمان بن عفان وسيدنا طلحة والزبير والسيدة عائشة والسيدة حفصة».

وتابع بالقول: «الشيعة يعتقدون أن الصحابة أكفر من أبي جهل والنمرود»، مضيفا أن شيخ الأزهر الراحل، محمود شلتوت، صاحب الفتوى الشهيرة بجواز التعبد بالمذهب الشيعي كان يهدف بفتواه إلى التقريب بين المذاهب، ولكن بالمقابل لم يصدر عن مراجع الشيعة ما يفيد بجواز التعبد بالمذهب السني.

وكان القرضاوي من بين أبرز الداعين إلى التقريب بين المذاهب خلال السنوات الماضية، قبل أن يوجه انتقادات إلى الأداء السياسي للتنظيمات والشخصيات الشيعية في المنطقة، ومع بدء الربيع العربي والأحداث في سوريا وجه القرضاوي نقدا قاسيا لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، معتبرا أن علماء السعودية الذين كانوا ينتقدون الحزب كانوا أعلم منه وأكثر نضجا.

ويشارك عناصر من الحرس الثوري الإيراني ومقاتلون من حزب الله اللبناني في الحرب التي يشنها جيش نظام بشار الأسد لقمع الثورة السورية التي اندلعت قبل خمس سنوات ضد نظام حكمه.

فيما بدا أبرز اعتراف بعمق الانقسام في صفوف جماعة الإخوان المسلمين بمصر، دعا يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قادة وأعضاء الجماعة إلى إجراء انتخابات شاملة في الداخل والخارج، لتجاوز أزمة «الإخوان» الراهنة، مطالبًا طرفي الصراع بوقف التراشق الإعلامي لحين إجراء الانتخابات وفق لائحة جديدة. لكن أعضاء سابقين في الجماعة قللوا من أهمية مبادرة القرضاوي قائلين لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة الجماعة تجاوزت حدودها التنظيمية وتجذرت على المستوى الفكري، لافتين إلى أن الإعلان عن المبادرة يعني بحد ذاته فشلها.

وأصدر القرضاوي، وهو واحد من القيادات التاريخية في جماعة «الإخوان»، بيانًا أمس دعا فيه أعضاء الجماعة لإجراء «انتخابات شاملة لمؤسساتها في الداخل والخارج، بأسرع وقت ممكن»، ووفق لائحة تنظيمية يجري التوافق عليها في مؤسساتها، لتعزيز ثقة الجماعة والتفافها حول قيادتها، وتطوير رؤيتها، وتفعيل أدائها، مشددًا على ضرورة وقف التراشق الإعلامي بين القيادات المتنافسة.

ومنذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الرئاسة في يوليو (تموز) 2013، على خلفية مظاهرات حاشدة ضد حكمه، اصطدمت الجماعة بالسلطات الجديدة في البلاد، وتصدعت تحت ضغط الملاحقات الأمنية لقيادتها وكوادرها، وارتباك بشأن استراتيجية مواجهة الأمر الواقع.

وألقي القبض على معظم قادة الصف الأول والثاني في جماعة «الإخوان»، وأحيلوا لمحاكمات صدرت في عدد منها أحكام بالإعدام. فيما توارت قيادات أخرى عن الأنظار خشية القبض عليها، وفر عدد منهم إلى خارج البلاد.

وتشكل تياران داخل الجماعة، الأول يقوده محمود عزت نائب المرشد، الذي أنيط به القيام بأعمال المرشد بعد إلقاء القبض على الدكتور محمد بديع (مرشد «الإخوان»)، وتيار آخر يقوده القيادي محمد كمال عضو مكتب الإرشاد وخلفه كوادر الجماعة الشابة.

وكشفت المساجلات العلنية بين قادة الاتجاهين عن أن الخلاف تمحور حول شكل إدارة الصراع السياسي الحالي، فبينما تمسك عزت ومجموعته بضرورة الإبقاء على «الحراك السلمي» للضغط على النظام القائم، ترى مجموعة كمال أن المظاهرات التي تقابل بإجراءات أمنية صارمة أثبتت عدم فعاليتها، مما يعني ضرورة نقل الصراع لدائرة «الردع»، وفق ما بات يعرف في أدبيات مجموعة كمال بـ«فقه النكايات».

ونجحت مجموعة كمال في إجراء انتخابات داخلية في عام 2014، أفرزت انتخاب لجنة لإدارة الجماعة، لكن عزب ومجموعته لم يعترفوا بشرعية تلك الانتخابات، وانشقت الجماعة على خلفية هذا الخلاف، حيث أعلنت بعض المكاتب الإدارية ولاءها لمجموعة كمال فيما أعلنت أخرى الولاء لعزت.

وسعت قيادات تاريخية داخل الجماعة على مدار الشهور الماضية إلى رأب الصدع الذي تجاوز الغرف المغلقة. وقال أحمد بان القيادي السابق في الجماعة إن المبادرة الحالية سبقتها محاولات أخرى قيادات بارزة في الجماعة لكنها باءت بالفشل.

وأشار بان، وهو باحث متخصص في شؤون الجماعات المتشددة، إلى أن الإشكالية التي تواجه جهود الوساطة، ومن بينها مبادرة القرضاوي الحالية، أنها لا تدرك طبيعة الأزمة داخل الجماعة.. فالأزمة لم تعد تنظيمية وإنما أصبحت أزمة فكرية.

وأضاف بان أن المبادرة الحالية تواجهها أيضًا صعوبات عملية، من بينها الجهة المنوط بها وضع اللائحة الجديدة للجماعة، وإمكانية قبولها من طرفي الصراع، بالإضافة لإمكانية إجراء الانتخابات، في ظل الأوضاع الأمنية التي تواجه الجماعة في الداخل.

ويتفق ماهر فرغلي الباحث في شؤون الجماعة المتشددة، مع ما ذهب إليه بان، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تباينًا خطيرًا يهيمن على طرفي الصراع؛ هناك جناح يرى ضرورة الحفاظ على التنظيم، فيما يندفع الآخر خلف خطاب القصاص.. على هذه الأرضية فشلت كل لجان المصالحة السابقة، وأتوقع أن تفشل المبادرة الحالية.

وأوضح فرغلي أننا «أمام حالة من التشرذم الإخواني، سينتهي عاجلاً أم آجلاً بانقسام الجماعة إلى قسمين؛ أحدهما مؤيد لبقاء التنظيم، والآخر مؤيد للرؤية الداعشية لإدارة الصراع مع الدولة، مهما عقدوا لجان مصالحة، ورغم دعوات الانتخابات التي دعا لها القرضاوي».

وسعى القرضاوي الذي لا يملك بحسب بان سوى «تأثير معنوي» لا سلطة فعلية، إلى دعم مبادرته بحشد أسماء قيادات أعلنت دعمها، وقال في بيانه إنه ومن بين من أيّد هذه الرؤية، «أحمد الريسوني (المغرب)، الشيخ محمد الحسن الددو (موريتانيا)، عبد الرزاق قسوم (الجزائر)، علي محيي الدين القره داغي، محمد صالح عثمان رئيس هيئة علماء السودان (السودان)».

كما أكد أن من بين مؤيدي الرؤية «عبد الوهاب الديلمي (اليمن)، عبد المجيد النجار (تونس)، نور الدين الخادمي (تونس)، الشيخ جلال الدين العمري أمير الجماعة الإسلامية بالهند، الشيخ سلمان الندوي (الهند)، عبد الغفار عزيز (باكستان)، الشيخ عبد الهادي أوانج (ماليزيا)، عمر فاروق (تركيا)، الشيخ سالم الشيخي (ليبيا)، محسن عبد الحميد (العراق)، جمال بدوي (مصر)، مروان أبو راس (فلسطين)».

وتوافقت لجنة التحكيم التي ترأسها القرضاوي على إعادة الانتخابات على كل المستويات القيادية، مع عدم ترشح أي من أطراف الأزمة الحاليين في الداخل والخارج، لكن مصادر أكدت أن جبهة عزت رفضت المقترح.

وقالت المصادر إن عزت «المنتشي بقدرته على العودة للمشد من جديد بعد أن تمكن من إقناع عدد أكبر من المكاتب الإدارية بالانحياز إلى جانبه، لن يقبل التراجع الآن»، مشيرة إلى أنه يعتزم أن يقوم بما سمته المصادر «هجومًا مضادًا» خلال الأيام المقبلة.


اختيارات المحرر

فيديو