“نور على نور”، إنجاز متفرد يفخر به المعهدالعالي العربي للترجمة، ذلك أنه يحوي قبسات من الذكر الحكيم تُبرز القيم الإنسانية في الدين الإسلامي، مُتُرجمة إلى خمس لغات أجنبية حية. وتتجلى أهمية الكتاب أكثر ما تجلى حين يبرز إلى النور في المرحلة الدقيقة التي نعيشها، إذ أضحى فيها حوار الثقافات والحضارات حاجة ملحة تقتضيها سجية الإنسان العاقلة وطبيعته المحاورة، وتستلزمها المتغيرات والتحولات الدولية المتسارعة التي يشهدها العالم. ولا يخفى على أحد أنّ الحوار ليس ترفاً عقلياً نملأ به أوقات فراغنا، إنما هو سلوك سامٍ يتيح للبشر أن يتفاعلوا وأن يتواصلوا من أجل أن يسيروا جميعاً يداً في يد إلى أفق من التناغم والتعايش.

وهكذا، نتبيّن أهمية الرؤية الاستشرافية التي ينطلق منها هذا الكتاب، وهي أنّ التحديات المستقبلية للإسلام تتمثل في ضرورة واستعجالية إبراز إنسانيته المترسخة في أعماقه وفي تاريخه وفي تقاليده، ذلك أنّ جوهر الحضارة الإسلامية يكمن في قيمها وتفاعلها مع التعددية الثقافية. هو ذا المعنى الأصلي والمنبع الأساسي الذي علينا أن نستلهم منه جميعاً، وهو ذا دورنا ورسالتنا التي يتعين علينا تبليغها لكافة الأمم والشعوب.

وإبرازاً لبعضٍ من ملامح الذوق الفني الإسلامي الرفيع، يستخدم الكتاب أسلوب المنمنمة الأصيل. ورسوم المنمنمات، كما يذكر التاريخ الفني، ساهمت بقوة في التعريف بعادات وتقاليد المجتمع الإسلامي العربي وغير العربي عبر أحقاب الزمن المتوالية. وقد جاء الاستخدام الجميل للحرف العربي ضمن النص المقدّس ليفصح بيسر وحميمية عن أسرار وتأثير مبنى الكلم القرآني ومعناه السامي في النفس والعقل والخيال. ومن هنا، يمتزج نور القيمة الروحية بجمالية الرسم، بما يزيد من تأثير الكتاب في القارئ.